الحدث- عصمت منصور
نشرت صحيفة ذا ماركر الاقتصادية الإسرائيلية تحليلا لما أسمته الانقلاب الاقتصادي في السعودية الذي يقوده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جاء على النحو التالي:
بدت أصداء المضادات التي اسقطت الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على مطار الرياض الدولي ضعيفة مقارنة بأصداء الدراما الكبرى التي حدثت في ذات اللحظة في المملكة باعتقال أربع وزراء وعشر امراء بينهم الملياردير الوليد بن طلال ووزير الاقتصاد عادل الفقيه وقائد الحرس الوطني متعب بن عبد الله بالإضافة الى تغيرات في قادة الجيش بينهم قائد الاسطول السعودي عبد الله السلطان.
السلطات السعودية اكتفت بنشر خبر افاد ان الاعتقال بهدف التحقيق من قبل اللجنة الخاصة بمحاربة الفساد واستهدف اشخاصا فضلوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة.
وكالات الانباء العالمية والعربية بدأت بتناقل الاشاعات والاخبار حيث اجمع معظم المحللين ان ما يدور مفهوم ضمنا وأنها خطوات ضرورية يقوم بها ولي العهد الجديد محمد بن سلمان الذي يبلغ من العمر 32 عاما تمهيدا لتحوله الى الملك والحاكم الفعلي في الفترة الزمنية القريبة لا بل ان هناك من يعتقد ان هذا سيحدث خلال أيام معدودة.
هنا من الجدير الإشارة الى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المملكة في السنوات الأخيرة.
خلال عشرات السنين عرفت المملكة السعودية على انها دولة ريعية تعتمد على انتاج النفط وعائداته الضخمة التي مكنت العائلة المالكة من شراء الولاءات بالمال بشكل صريح ومباشر داخل المملكة والقصور الملكية بدءا من المواطن البسيط وصولا الى المؤسسات الدينية وهو ما رسخ معادلة واضحة غير مكتوبة: العائلة المالكة تتكفل باحتياجات المواطنين وعدم دفع ضرائب وجمارك وضمان مستوى حياة جيد مقابل الولاء وعدم المطالبة بحقوق سياسية وتحدي حكم العائلة المالكة.
ظهرت خلال سنوات وبسبب الازمات التي مرت بها المنطقة بداية سنوات التسعينات التي شهدت حرب الخليج الاولى وظهور موجات الجماعات المتطرفة التي قادها أسامة بن لادن ازمة اقتصادية واخذ العالم في الاستغناء عن النفط السعودي والبحث عن بدائل له ما أدى الى تضعضع صيغة الدولة الريعية وساد شعور بقرب نهاية الطفرة.
المسمار الأخير في نعش الدولة الريعية تمثل في كشف الأمير محمد بن سلمان عن رؤيته التي اطلق عليها اسم "رؤية السعودية 2030 "التي تعتمد على تقليص الاعتماد على النفط كمصدر دخل أساسي وتطوير اقتصاد مؤسس على المعرفة وتطوير القطاعات الأخرى المهمشة في السعودية وتحديدا النساء، الى جانب تطوير مكثف لقطاع الهاي تك والصناعة والسياحة وخصخصة شاملة لممتلكات الدولة وبقراتها المقدسة مثل الصناعات النفطية والمواصلات العامة وشن حرب على الفساد.
الأمير بن سلمان اعطى مقابلات منذ اعلان رؤيته لكل وسائل الاعلام الممكنة والتي قال فيها بوضوح انه سيطبق السياسة التتشرية في بلاده.
التتشرية ستعتبر في السعودية هزة عنيفة اجتماعية واقتصادية ليس فقط للانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الحديث بل لان التتشرية ستعني إدارة قائمة على الموضوعية في كل المستويات وإقامة رقابة صارمة ومحاسبة على شكل الإدارة.
اقتصاد تتشري تعتمد على اعتبارات مهنية ونوعية والدفع جانبا الاعتبارات الأخرى التي شكلت أساس العلاقة والتشريع في المملكة مثل التعينات على أسس عائلية وتوازنات داخلية وقبلية وغض النظر عن تجاوزات المقربين.
اليوم الوضع مختلف جدا والأمير بن سلمان ليس ولي عهد فقط بل ممثل نخبة من الجيل التقني ممن يفكر ويتصرف بشكل مختلف كليا في كل مجالات الحياة ويعبر عن نفسه ليس بالأعلام والخطابات الطويلة واللفظية الجامدة مثل التي تسود في الاعلام السعودي بل عبر إعلانات قصيرة وخطابات مكثفة. عبارات حادة ومختصرة وغير خاضعة للرقابة يتم نشرها بسرعة البرق عبر التويتر والفيس بوك.
الأمير سلمان الذي يرى تاج الحكم ينتقل اليه يدرك اكثر من غيره ان أبناء جيله يمكنهم مساعدته في تحقيق رؤيته السعودية 2030 وإخراج الجيل القديم خارج اللعبة.