الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث"| " زوجي ما بيعرف" ... مَن تجرؤ على ذكرها أمام القاضي؟

2017-11-22 08:09:42 PM
متابعة
صورة تعبيرية

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

كانت تخبئ خلف ثغرها الباسم حكاية كباقي الحكايات التي ترقد بصمت أسفل "وسادات" معظم نساء بلادي، فقد تكون هي الأجرأ بينهن في سرد تفاصيل تلك الحكايات المغلفة بوشاح أسود محكم الحياكة لا منفذ له. فكم عدد النساء اللواتي أوصدن الباب أمام تلك الحكايات المغلقة؟

 

 من تحاول إزالة ذاك الوشاح توسم بـ"المطلقة" لتبدأ جولة مجابهة المجتمع بألونها المفضلة، بعد أن اتسعت خطوات أقدامها الواثقة لتقف أمام القاضي الشرعي داخل المحكمة، معلنة بذلك انتهاء بضعة أشهر زوجية وفيها من التفاصيل ما قد تنحّت عن ذكره أمام من حضر الجلسة "العلنية"، واكتفت أمام زوجها بذكر جملة "مجتمعية" بمضمونها الصريح: "زوجي غير قادر على إقامة العلاقة الزوجية بيننا ..أريد الطلاق".

 

جملة تقع في دائرة "الأسر المجتمعي" وقد يصنفها البعض بـ "العيب" لتخطيها عادات وتقاليد كانت سببًا في منع بعض النساء من التفوّه بتلك العبارات والتي تختلف كلماتها من امرأة لأخرى، ولكنها تتشابه في المضمون ذاته.

 

إحداهن قالت لي: "قلت للقاضي إنني ما زلت بنت ...". وبكت. وذلك بعد زواج لم يدم سوى أسبوع واحد.

 

" النساء اللواتي يرددن هذه الجملة أمام القاضي عددهن قليل جدًّا ولا يكاد يذكر، فقد نجد حالة أو ثلاث حالات سنويًّا فقط من النساء القادرات على تجاوز المانع الثقافي وتبيان سبب عدم مقدرتهن على مواصلة الحياة الزوجية وبشكل صريح". هذا ما قالته القاضية خلود الفقيه لـ"الحدث"، هي قاضية في المحكمة الشرعية في مدينة رام الله منذ العام 2009.

 

أضافت: "المحكمة لا توثق الإحصائيات بناءً على أسباب الطلاق، وإنما تعداد حالات الطلاق فقط، وتقع ضمن إطار قضايا النزاع والشقاق".

 

المحامي عماد الفقيه، أكد قول القاضية الشرعية، وقال: "عدد النساء اللواتي يطلبن الطلاق بسبب عدم مقدرة الزوج على أداء واجباته الزوجية من المعاشرة الجنسية قليل جدًّا، ومعظم القضايا تتركز بشكل أكثر على الضرب والشتم".

 

" زوجي ما بيعرف"

مجتمعيًّا يقال: "زوجي ما بيعرف" ويليها صمت مبرر .. وقانونيًّا وشرعًا لوصف ذات الحالة الزوجية "تفريق العلة" وتتبع بالتفاصيل.

 

"زوجي ما بيعرف"، "أنا لسى بنت ..." جمل تعبيرية ترددت على لسان اللواتي حاورن مراسلة "الحدث"، وفي هذه الجمل ما يكفي لتبيان حالة تعيشها إحدى النساء بصحبة زوجها، وقد وصفت إحداهن هذه الحالة بـ"المستحيلة"، متسائلة في ذاتها، كيف سأكمل حياة دون إقامة علاقة زوجية كما أحلّ الشرع وما حدده القانون؟.

 

قالت القاضية الفقيه: "في قانون الأحوال الشخصية في الضفة الغربية، تعدّ هذه العبارة التي ترددها النساء سببًا من أسباب الطلاق، أي في حال كان الزوج لا يستطيع القيام بواجبه وممارسة الحياة الجنسية مع زوجته، وهو شيء أساسي في الزواج".

 

استرق النظر قليلاً إلى المادة رقم (133) من قانون الأحوال الشخصية لعام 1976م، وستجد هذه المادة معنونة بـ "التفريق، العلة المجيزة لطلب فسخ الزواج" وقد جاء فيها بشكل واضح وصريح:

 

"للمرأة السالمة من كل عيب يحول دون الدخول بها، أن تراجع القاضي وتطلب التفريق بينها وبين زوجها، إذا علمت أنَّ فيه علة تحول دون بنائه بها كالجب والعنة والخصا ولا يسمع طلب المرأة التي فيها عيب من العيوب كالرتق والقرن".

 

وعليه، فإن الزوجة تطلب الطلاق في حال لحقها ضرر من زوجها، وللقاضي أن يأمر الزوج بالتطليق إنْ ثبت الضرر، فإنْ امتنع فيجوز للقاضي أن يطلق الزوجة، على أن يكون الضرر بالغًا على الزوجة، لاسيما أنَّ الزوجة لا تستطيع العيش بهكذا وضع، ولا يمكن العلاج ولا الإصلاح.

 

في السياق ذاته، قالت القاضية الفقيه لـ"الحدث": "في حال وقع الضرر على الزوجة، ولم تستطع إكمال الحياة الزوجية بسبب المعاشرة ، فيحق لها وفق الشرع والقانون رفع قضية (نزاع وشقاق) ضد زوجها، ويطلب الأمر إحضار تقرير طبي يثبت عدم مقدرة الزوج على المعاشرة، وإنْ ثبت ما قالته الزوجة عليها المكوث سنة كاملة لتمكن الزوج منها لاعتبار أنَّ الأمر مرتبط بالحالة النفسية أو العضوية للزوج وفي كلتا الحالتين يمكن العلاج".

 

واستكملت حديثها: "وبعد عام، إنْ عادت الزوجة وقالت: (تم الأمر على ما هو عليه) تحصل على حكم الطلاق من المحكمة".

 

وهنا قد يتساءل البعض: هل كل النساء يستطعن العودة مجددًا إلى المحكمة والحصول على الحرية بعد عام من تسابق الفرص بين الطرفين؟

 

"معظم قضايا الطلاق، والتي يكون سببها عدم معاشرة الزوج لزوجته تنتهي دون الحاجة لفحص طبي ودون مماطلة، ولكن أحيانًا يتطلب الأمر تقريرًا طبيًّا في حال تم استكمال القضية". هذا ما أكده المحامي الشرعي عماد الفقيه لـ"الحدث" موضّحًا إحدى الحالات التي اطلع عليها، وكان موكّلاً بها.

 

قال الفقيه: "الأسبوع الماضي تزوجت الفتاة وبعد مرور 33 يومًا على زواجها ادعت بأنَّ زوجها وبصريح العبارة (لم يدخل بها)، فقامت برفع قضية نزاع وشقاق وحصل الطلاق بطريقة ودية دون اللجوء إلى فحوصات طبية لإثبات ذلك".

 

وأشار المحامي الفقيه خلال حديثه إلى أنَّه في حال قد ادعت الزوجة قبل الدخول بها بأنَّ زوجها (لا يعرف) على حدّ وصفها، فعليها رفع دعوى الخلع في المحكمة، وعليها في هذه الحالة ارجاع ما قد قدّم لها من قبل الزوج، أما إنْ حصل الزواج والدخول فعليها رفع دعوى نزاع وشقاق.

 

"قال لي لا أستطيع .. طلبت الطلاق"

قالت إحداهن لـ"الحدث" وقد رفضت ذكر اسمها بعد أن أزالت ذاك الوشاح الأسود وحصلت على الطلاق: "يوم الدخلة .. وصل للمنطقة الحساسة في جسدي ثمَّ توجّه للحمام وقال لي: لا أستطيع".

 

أكملت حديثها باكية: "شعرت حينها بأنَّ لديه مشكلة عضوية، ووجهت إليه عدة أسئلة بهذا الخصوص وكانت الإجابة الانكار والهروب مكابرة .. فكيف للرجل أن "لا يعرف" في نظر زوجته هو انتقاص لرجولته، وما كان عليه سوى اللجوء لأصدقائه واحتساء المنشطات الجنسية ولكن ..".

 

كانت تقلب قميصه المخطط خلسة لتجد ذات الحبوب المنشطة. وكما تفعل باقي النساء "تصمت"، فقد يكون هذا منفذًا للعلاج في بعض الأحيان، ولكنه تناول الحبوب، ولم يحدث أي تغيير في تلك الليلة .. وبقيت "صامتة".

 

مرَّت الشهور، والحال على ما هو عليه، ولم توصد الزوجة أبواب الحوار مع زوجها، وهنا بدأت حكاية النهاية: "زوجي هل لديك مشكلة ما؟ ... نعم لدي مشكلة عضوية، ولم أصارحك بها قبل الزواج حتى لا نترك بعضنا البعض". ورغم ذلك استقرت بقربه لمدة 7 أشهر.

 

قالت: "لم يكن هذا سببًا أساسيًّا للطلاق فقد كان يعنفني أيضًا، ورغم ذلك وقفت بجانبه وعلمت بأنَّ وضعه الصحي يحتاج للعلاج النفسي، وتوجهنا إلى طبيب نفسي، وإذا به يقول لي: "لن أذهب ..لست مجنونًا".

 

وقد نتعثَّر هنا أيضًا، بتفكير خاطئ يعتقده البعض بأنَّ الطبيب النفسي هو طبيب لـ "المجانين"، وقد صعب عليها استكمال الحياة الزوجية ... وهنا طلبت الطلاق.. وقالت بأعلى صوتها أمام الحضور في الغرفة: "زوجي ما بيعرفش ..بدي أطلق، زوجي بيضربني  .. بدي أطلق، زوجي لا يمنحني حقوقي الزوجية .. بدي أطلق ... أيكفي أيها القاضي؟

 

"قلت أمام القاضي أنَّ زوجي شاذ"

تسلّقت تلك الصور والذكريات القديمة لتقف عند ناصية الحب، وتقول ماذا فعلت؟

 

قد يتردد على مسمع البعض "زوجي شاذ جنسيًّا ..وحصلت على الطلاق مباشرة". فهل كان لهذه الجملة وقع على مسمع القاضي؛ لكي تحصل على طلاق بشكل مباشر؟

 

قال المحامي عماد الفقيه لـ"الحدث": "في هذه الحالة عليها رفع دعوى نزاع وشقاف، وفي حال كون القاضي لديه قناعة بما استمع من أقول الزوجة، فلن يطلب من الزوج فحص طبي لإثبات الشذوذ الجنسي لديه، وعلى الزوجة في هذه الحالة حلفان اليمين، فلا شهود على هذه الحالة، وبعد الإجراءات والحلفان تحصل على طلاق".

 

القاضية الشرعية خلود الفقيه قالت: "الشذوذ ليس سببًا للطلاق في القانون، وإنما هو مسبب لحدوث خلافات ما بين الزوجين وتصبح الحياة مستحيلة بينهما، خاصة أنَّ الزوجة تقيم معه وتسبب لذاتها الضرر".

 

واستكملت حديثها: "وهنا إذًا الشذوذ ليس السبب الأساسي للطلاق، وإنما تظهر مشاكل جانبية ناجمة عن الشذوذ، وهي المسبب للطلاق، وهنا ندخل في باب دعوى النزاع والشقاق، وهذا الباب يضم القضايا التي قد تستجد مع مرور الزمن وتسبب الخلافات الزوجية، ولذا لا نأخذ الشذوذ وحده وبشكل منفرد كمسبب للطلاق.

 

وردًّا على بعض النساء اللواتي يعتقدن بأنَّ التلفظ بجملة "زوجي شاذ" قد يمنحهن الطلاق بالقانون وبشكل مباشر، قالت القاضية لـ(الحدث): "نحن لا نستند للأقوايل فقط، أقاويل الناس تظلم القضاء والقاضي ذاته، ولا يوجد ما يسمى بـ(شذوذ) في القانون، وهو يوضع ضمن باب النزاع والشقاق، غير أنَّ ذكر طبيعة المشكل هو أمر لا يهم والأهم هو الإجابة عن سؤال واحد، وهو: هل هناك إمكانية لاستمرار الحياة الزوجية؟

 

واستكملت حديثها موضحةً صعوبة قضايا الطلاق: "أنا أصدر حكم الطلاق كقاضٍ في محكمة، يتم تدقيق ملف الطلاق أيضًا من محكمة الاستئناف والمكونة من ثلاةث قضاة وجوبًا وبنص القانون، وهنا أيضًا يمر الملف بمرحلة أخرى للطعن في القرار بين الأطراف، وفي حال لم يعجبهم قرار الاستئناف، يحق لهم تقديم الطعن مرة أخرى أمام المحكمة العليا المكونة من خمسة أعضاء، والطلاق ليس بالأمر الهيِّن كما يعتقد البعض، وهو لا يتم حسب أهواء القاضي".

 

وانهت حديثها قائلة: "نحن كقضاة لا نوزّع الطلاقات ...هذا ليس بدورنا ..ونحن ندعو للصلاح".

 

"الطلاق وهو أسهل القضايا"

في عام 2012م تم إصدار تعليمات بتسهيل أمور رفع دعاوى النزاع والشقاق ما بين الزوجين، ومنذ تلك اللحظة أصبح الطلاق من أسهل القضايا التي تعالج في المحكمة؛ وعمل ذلك على زيادة نسبة الطلاق بحسب ما ذكر لـ"الحدث" المحامي الشرعي عماد الفقيه، إذ أصبح القاضي يعتمد في حلّ قضية النزاع والشقاق على حاسة السمع، ويعتمد ما ذكر على لسان كلا الطرفين، ويقال في هذه الحالة وضمن المفهوم القانوني بأنّ القاضي "يتسبب" في الحكم مع الاستماع للزوجة دون الحاجة لوجود شهود لما قالته.

 

في محكمة رام الله، وقبل بضعة أيام جاء شاب في مقتبل العمر وفي صحبته فتاة أحلامه حسب ما وصفها، وإذا به يعقد قرانه (كتب الكتاب) يوم الأربعاء ويطلق زوجته (طلاق دون الدخول) في اليوم الثاني دون ذكر الأسباب. إذًا هذا يؤكد القول بأنَّ الطلاق أصبح أسهل القضايا وأسرعها.

 

قال المحامي الفقيه: "الضرب والشتم هما من أكثر القضايا الشائعة والمتسببة بالطلاق، حيث يمكن للزوجة أن تحصل على الطلاق بعد الاستماع لشهادتها وحلف اليمين دون الحاجة لوجود أيِّ شاهد يثبت الضرب أو حتى توفر أيّ تقرير طبي يدلل على تعرضها للضرب".

 

بعد عام 2012م، أصبحت الزوجة هي من تؤدي حلف اليمين بعد الإدلاء بشهادتها أمام القاضي، وذلك دون الحاجة لوجود شهود، فمن سيثبت بأنَّ "الزوج لا يعرف" كما تقول بعض النساء، لذا فقد يكتفي القاضي بالاستماع إلى أقوالها، وبعد إجراءات وفق القانون تحصل على الطلاق بحسب طلبها طالما لم تعالج الأمور بعد عام وفق ما جاء به القانون.

 

وفي السياق ذاته، استكمل المحامي الفقيه حديثه: "قبل عام 2012م، وقبل وضع تعليمات جديدة في ذلك الوقت، كان الزوج هو من يقوم بحلفان اليمين على أقواله، والزوجة بدورها هي من تقدم (البينة)، واليوم الأمر قد اختلف كليًّا فالزوجة هي من تقوم بالحلفان على أقوالها".

 

قد يتساءل البعض هنا عن حالات مشابهة والتي يحكم بهاء بناءً على قناعة القاضي، وسماع ما تسرده الزوجة أمامه.

 

قالت إحداهن أمامي وفي المحكمة الشرعية في رام الله : "أريد الطلاق .. زوجي شاذ جنسيًّا".

 

لم يكن وقع الكلمة صادمًا بالنسبة لي فقط، فمن كان يحضر الجلسة هو أيضًا تعثّر أمامها، حتى أنَّ البعض قد فرّ هروبًا من القاعة حتى لا تتلطخ أذنه بتفاصيل قد يجهلها البعض. فلماذا الغرفة مليئة بالحضور؟ ومن هم لا يمتّون صلة ولا قرابة بالزوجين؟ يحملون قصصًا قد تكون متشابهة ...

 

"دعوى طلب الفسخ من الزوج"

أما الزوج، فيحق له فسخ عقد الزواج إذا تبين بالتقارير الطبية بأنَّ لدى زوجته عيبًا جنسيًّا يضر به، وتسمى هذه الحالة شرعًا "رفض القرن"، أي ما يدور ي دائرة الأمراض المنفرة والتي تلحق الضرر بالجسد، وهنا يشترط للحصول على الطلاق أنَّ الزوج لم يكن يعلم بوجود ذاك المرض أو العيب، أو أنه علم ولم يقبل به.

 

"لا نأخذ بكلام الزوج حينما يقول: "زوجتي كانت سليمة ومرضت .. لا أريدها". هذه الحالة توصف بـ (طارئة بعد الزواج)". هذا ما قالته القاضية الشرعية خلود الفقيه عند سؤالها عن دعوى فسخ العقد لدى الزوج، وهل يردد عبارة مشابهة لمضمون ما تردد النساء، "علاقتي الزوجية أشبه بالبرود ..أريد فسخ عقد الزواج".

 

لنسترق النظر مرة أخرى لقانون الأحوال الشخصية، حيث تضمنت المادة رقم (117) نصًّا واضحًا يظهر حق الزوج في طلب فسخ عقد الزواج لوجود علة بزوجته، وجاء فيها: "للزوج حق طلب فسخ عقد الزواج إذا وجد في زوجته عيبًا جنسيًّا مانعًّا من الوصول إليها كالرتق والقرن أو مرضًا منفِّرًا، بحيث لا يمكن المقام معها عليه بلا ضرر، ولم يكن الزوج قد علم به قبل العقد أو رضي به بعده صراحة أو ضمنًا".

 

أما المادة (118) من القانون ذاته، فقد أوضحت في مضمونها بأنَّ المحكمة لا تستمع للزوج في حال أراد فسخ عقد الزواج بزوجته لمجرد إصابتها بمرض مفاجئ بعد الدخول.

 

وجاء في المادة: "العلل الطارئة على الزوجة بعد الدخول لا تسمع فيها دعوى طلب الفسخ من الزوج".

 

وعن السؤال في معرفة ثبوت العيب المانع لدى الزوجين، أوضحت المادة (119) بأنَّ العيب المانع من الدخول في المرأة أو الرجل يثبت بتقرير طبي تقدمه القابلة أو الطبيب ومؤيَّد أيضًا بشهادتهما.

 

 "طلاق فيس بوك"

قالت الفقيه: "منذ ثلاث سنوات، معظم قضايا النزاع والشقاق المسجلة في المحكمة كانت بفعل خلاف على مواقع التواصل الاجتماعي، فلم نعد نستمع بوجود حالة أو حالتين فقط، وإنما العدد قد ازداد بشكل ملحوظ".

 

أضافت: "أريد تسميتها بـ( الظاهرة) فلم تعد (حالة)، فهي ظاهرة تتفشى بشكل أسرع مع تطور مواقع التواصل الاجتماعي، فهي عمدت على إنهاء العلاقات الزوجية بين الشريكين، لا سيما أنَّ كلاً منهما يجلس لساعات طويلة مستخدمًا تلك المواقع للحديث وبناء علاقات غير شرعية، وقد تقع ضمن إطار الخيانة الزوجية".

 

وهنا يؤكد المحامي الشرعي عماد الفقيه بأنَّ المحكمة لا تقوم بتوثيق أسباب الطلاق، وإنما بتبيان العدد، وعليه وبالعودة إلى التقرير الصادر عن ديوان قاضي القضاة لعام 2014، فقد تبيّن بأنّ نسبة الطلاق في فلسطين كانت قد وصلت قرابة 40%، وتشكّل قضايا النزاع والشقاق على خلفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي ما نسبته 14%. إذًا هكذا النسبة في عام 2014، فكيف هو عام 2017؟

 

حاولت مراسلة صحيفة (الحدث) التواصل مع مكتب قاضي القضاة في مدينة رام الله عدة مرات للحصول على أرقام تفيد بنسب الطلاق والزواج في فلسطين لعام 2017، ولكن جوبهت بالرفض، لا سيما أنَّ  قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، قد أصدر تعليماته بحسب ما ذكر مكتبه بعدم تقديم أي أرقام حول نسب الطلاق لعام 2017 إلا بعد انتهاء العام وصدور التقرير السنوي.

 

"5 حالات طلاق خلال ساعة في محكمة بيرزيت". هذا ما قاله المحامي عماد الفقيه مؤكدًا تزايد أعداد ونسب الطلاق في فلسطين، لا سيما أنَّ حالات الطلاق قد ازدادت بعد عام 2012م.

 

أضاف: "كان لدي العديد من الملفات والتي تضم حالات طلاق بفعل ما ينجم عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل خاطئ ومدمر للحياة الزوجية، بخاصة أنَّ كلا الطرفين قد يكتشفان خيانة بعضهم بعضًا، ومن هنا تستشف المحكمة قيام الزوجة برفع قضية نزاع وشقاق ضد الزوج؛ لما تسبب لها من ضرر نتيجة الخيانة عبر الفيس بوك".

 

وعن كيفية التعامل مع هذا التطور التكنولوجي الجديد، قالت القاضية خلود الفقيه: "لا نتعامل مع الرسائل التي ترسل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فالمحكمة لا تأخذ بها، غير أنَّ هذه القضية تقع ضمن إطار رفع دعوى نزاع وشقاق، وضمن مضمون الدعوى يتم تناول جوانب أخرى أدت في نهاية المطاف إلى عدم قدرة الزوجة على العيش مع زوجها".

 

ومع ازدياد حالات الطلاق بفعل مواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام الخاطئ لها، أوضحت القاضية الشرعية خلود الفقيه بأنَّ هناك أسبابًا أخرى تطغى على الحياة الزوجية وتسبب الطلاق.

 

قالت: "بعض قضايا الطلاق تنجم عن عدم التفاهم بين الزوجين، وبنشأ ذلك بعد تدخل الأهل والمحيط بطريقة سلبية، حيث يطلب الطرفان الطلاق لمجرد تدخل الأهل في حلِّ مشاكلهم، رغم وجود بوادر للإصلاح فيما بينهم".

 

أضافت: "وقد يحصل الطلاق بعد أسبوع أو شهرين فقط من الزواج، حينها يتكشف الطرفان انعدام التوافق الفكري فيما بينهما، وقد يكون ذلك ناجمًا عن الافتقار للوعي في اختيار بعضهما بعضًا، بخاصة أنهما لم يحصلا على الوقت الكافي للتعارف قبل عقد القران (كتب الكتاب)".

 

إذًا، تعددت أسباب الطلاق، ولكن ما أشار إليه بعض القضاة والمحامين في المحاكم الشرعية أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي قد حصدت النصيب الأكبر من حالات الطلاق.

 

التقرير السنوي الصادر عن ديوان قاضي القضاة لعام 2016 أوضح بأنَّ معدلات الطلاق (بعد الدخول) قد ازدادت بنسبة 48%، بينما وصلت نسبة الطلاق (قبل الدخول) ما نسبة 52%.

 

ويبدو أنَّ محكمة جنين الشرعية قد تكالبت عليها ملفات الطلاق بشكل أوسع من باقي المحافظات الشمالية، حيث أوضح التقرير الصادر في عام 2016 بأنَّ محكمة جنين قد سجّلت حوالي (570) حالة طلاق مجتمعة وقد ضمَّ هذا الرقم حالات طلاق (بدخول) قرابة (258) حالة، بينما سجل قرابة (312) حالة طلاق قبل الدخول.

 

محكمة رام الله الشرعية سجَّلت قرابة (395) حالة للطلاق خلال عام 2016، بينما أقل المحاكم تسجيلاً لحالات الطلاق في العام نفسه هي محكمة الظاهرية الشرعية، حيث سجّل فيها (46) حالة طلاق فقط (طلاق بدخول وبدون).