الحدث- علاء صبيحات
"دخل ضابط العدد كالمهرّج في ساعة العدد إلى غرفتنا.. بحركات بهلوانية تهدف لإضحاك الأسيرات، فضحكت هذه المرة إحدى الأسيرات التي تعاني من مشكلة نفسية.. فجرّها جراً نحو العزل الإنفرادي وبقيت هناك 10 أيام" هذا ما أفادته الأسيرة المقدسيّة المحررة منذ أيام قليلة فقط سحر النتشة عمّا حصل أمام أعينها.
وأضافت النتشة خلال لقاء مع "الحدث" "يدخلون إلى غرف الأسيرات منتهكين حرُمات الليل ويعلنون حالة التفتيش، تتكرر هذه الحالة بشكل أسبوعي تقريبا فيخرجوننا إلى قفص في ساحة السجن حيث البرد قاتل، ويعيدوننا للغرف ثم يكررون الفعلة مرات كثيرة في ذات الليلة، لكننا نكون سعيدات لأننا نرى السماء ليلاً وهذا ما لا يعرفونه.. رغم أننا نمرض لأيام عديدة بعدها نتيجة الخروج والدخول من الدفء إلى البرد أكثر من مرة".
يتضح الألم كلما قابلتَ أسيرة محرّرة كالمقدسية المحرّرة حديثا من سجون الاحتلال سحر النتشة، وفتحت لك قلبها، فمن حجب الحرية القطعيّ إلى البوسطة التي تَمنع عنها كل شيء حتى شربة الماء أو دخول الحمام لساعات، تبدأ بتكبيلها من يديها ورجليها وجرها جراً نحو البوسطة، ثم فتح تكييف الهواء (الساخن) في درجات الحرارة العالية، أو على درجات الحرارة الباردة إذا كان الشتاء قد أعلن فصلا آخر من العذاب على من وقعن في أسر فاقدي الإنسانية.
سحر النتشة أم لـ6 أبناء ولها 12 حفيداً اعتقلت وحوكمت في المرة الأولى 4 أشهر، لكنها لم تكن كافية في البداية، فتم استدعاءها من غرفة الأسر لمحكمة ثانية، وصفت سحر لـ"الحدث" تلك اللحظة قائلة "كنت في الأسر منذ 15 يوما فقط وكنت قد حوكمت أصلا، فاخترعوا لي تهمة أخرى وبدأت حالة الذعر والإحساس بالعذاب الذي لم يبدأ بعد.. فالكابوس الذي لم ينتهي أصلا سأبدأ بالشعور به من جديد، بدأت معاناتي النفسية بالإضافة للتعذيب في البوسطة حتى حوكمت بشهر إضافي".
"كان لي داخل السجن 16 أختاً كل واحدة من مدينة وكل واحدة ملحمة أسطورية بذاتها"، إحداهن كما قالت سحر وقعت ذات مرة داخل السجن فكسرت يدها من المفصل، تركوها لألمها أكثر من 3 ساعات قبل أن يرسلوها للفحص، وبعد طول انتظار تم إرسالها للعيادة ودخلت مرحلة المماطلات وحبات المسكّن، ليثبت فيما بعد أنها بحاجة لعملية جراحية لوضع "براغي" البلاتين داخل يدها.
"مزَّقت قلبي هذه الفتاة ابنة الثلاثة وعشرين ربيعا، بكَت هي حتى أدمت قلبي، كان ألمها لا يوصف حتى أنها صارت تصرخ (بدي إمي)"، مع العلم أنها متزوجة ولها أبناء إلا أنها بدت منهكة جدا وليست بحاجة لاكثر من الحنان، كما قالت الأسيرة المقدسية المحرّرة.
تابعت النتشة لـ"الحدث" "غرفة السجانات بجانب غرفة الأسيرات، تبدأ السجانات بالصراخ واللهو والمزاح بعد منتصف الليل فيما بينهن دون أي مراعاتٍ لكوننا نائمات، كانت تشرق الشمس دون أن نذوق طعم النوم".
الكلمة التي تقولها المقدسية داخل السجن ولأنها مقدسية، يصبح لها أبعاد ومقاييس وتعامل خاص، فتُهدَّد بكل شيء من مصادرة هويتها الزرقاء وحتى العزل الإنفراي كما أوضحت الأسيرة المحرّة لـ"الحدث".
وأضافت سحر "كوني أسيرة من القدس كنت أعاني وأخواتي المقدسيات من أضعاف الألم والتعذيب والإهانات، هُدّدت خلال سجني بسحب هويتي المقدسية، وخلال خروجي هُدّدت أن لا أفتح فمي مع أحد وأن "أنتبه لهويتي الزرقاء".
عدد الأسيرات المقدسيات
وكانت وزارة الإعلام الفلسطينية قد أحصت عدد الأسيرات الفلسطينيات المقدسيات، وذكرت الحكم الصادر بكل واحدة منهن وبيّنت في إحصائها عدد القاصرات منهن والأمهات.
وبحسب ما نشرت وزارة الإعلام فإن مجموع الأسيرات المقدسيات 19 أسيرة منهن 4 أسيرات قاصرات، وهن أصغر أسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال منار الشويكي وعمرها 16 عاما ومحكومة 6 سنوات، بالإضافة للأسيرة نورهان عوّاد ابنة الثمانية عشرة ربيعا والمحكومة بالسجن 13 عاما ونصف وغرامة مالية قيمتها 30 ألف شيقلا، كذلك الأسيرة مرح باكير 17 عاما ومحكومة بالسجن ثماني سنوات ونصف وغرامة مالية قدرها 10 آلاف شيقلا، والأسيرة ملك سلمان وعمرها 17 عاما ولم تحكم بعد.
أما الأسيرات المقدسيات من الأمهات بحسب وزارة الإعلام فأولهن إسراء جعابيص محكومة 11 عاما، والأسيرة منال دعنا المحكومة 15 شهرا، والأسيرات أماني الحشم وسميحة أبو رميلة وفدوى حمادة وهن جميعا موقوفات حتى الآن دون حكم.
بالإضافة لما سبق فإن باقي الأسيرات المقدسيات وعلى رأسهن صاحبة أعلى حكم بين الأسيرات في الأسر حاليا وهي شروق دويات، المحكومة 16 عاما وغرامة مالية قيمتها 80 ألف شيقلا، والأسيرات عطايا أبو عيشة المحكومة 5 سنوات وآية الشوامرة المحكومة 9 أشهر واستبرق يحيى غير المحكومة وبيان فرعون وجيانة حناوي وعائشة الأفغاني وجيهان حشيمة وأسيل حسونة(وهن موقوفات حتى الآن) لا زلن يعانين من ظلم السجّان .
وفيما يلي رسم بياني يوضح عدد الأسيرات الفلسطينيات المقدسيات وأوضاعهن في سجون الاحتلال: