الأحد  22 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة"الحدث"| وزارة الصحة الفلسطينية تخالف القانون... والطفلة إنعام لا زالت تعاني

وكيل وزارة العدل : " على وزارة الصحة تشكيل اللجنة فوراَ وتطبيق القانون"

2018-01-02 12:28:47 PM
متابعة
الطفلة إنعام العطار من قطاع غزة

 

والد الطفلة : "أحضرنا المتبرع وهو خال الفتاة، وقالوا لنا انتظروا قرار اللجنة "

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

 

أوصدت أمام طفولتها كل الأبواب، ولم يكن لها منفذ سوى من زرع الحقول الغزية بيديه طوال سنوات ماضية، وهو ذاته من تربطه صله الدم بها وتلقبه بـ"الخال"، غير أنه وبفعل "قانوني" لم يتمكن هذا المزارع من غرس بذرة هي أشبه بالفاصوليا البنية المائلة للحمرار (كلية) في جوف ابنة أخته الطفلة إنعام العطار... وفي هذه البذرة حياة لإنعام (12)عاماَ، التي تعاني منذ طفولتها من فشل كلوي.

 

 

فكيف تُرجح الكفة للقانون أمام إنقاذ حياة طفلة؟

"أجريت الفحوصات اللازمة قبل عدة أسابيع وأظهرت النتائج تطابقاَ بفصيلة الدم وتحاليل الأنسجة، وبذلك يمكنني التبرع بكلية لإنعام". هذا ما أكده لـ"الحدث" خال الطفلة خالد العطار.

 

أضاف :"ماذا ينتظرون؟ قبل 20 يوماَ، أجريت فحوصات طبية في مستشفى الشفاء وعلى مدار 25 يوماَ، ومن ثم حصلنا على تقرير طبي لإنعام من المستشفى الرنتيسي وكتب بالتقرير (نموذج رقم 1)، وتم تسليم الملف الطبي وباليد للدكتور بسام البدري وهو مدير دائرة العلاج في الخارج وكتب عليه (عاجل)، ومنذ تلك اللحظة لم يحدث أي شيء، وصحة الفتاة تزداد سوءاَ".

 

"هم يماطلون في العلاج رغم توفر المتبرع بحسب مطلب وزارة الصحة، وقيل لنا انتظروا موافقة اللجنة".هذا ما قاله والده الطفلة باسل العطار.

 

إذا بحسب ما أشار خالد العطار وهو خال الفتاة فإنه مر على عمر الفحوصات التي أجراها قرابة 20 يوماَ ودون أي تحرك يذكر حتى هذه اللحظة لاسيما وأن الحالة الصحية لإنعام تزداد سوءاَ عن ذي قبل، وما قيل للعائلة سوى " انتظروا قرار اللجنة بخصوص المتبرع".

 

عن أي لجنة يتحدثون؟

"منذ تاريح اقرار قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية أي قبل 8 أشهر وحتى اللحظة لم يتم تشكل اللجنة وفق ما جاء في القانون، ويتوجب على وزير الصحة تشكيل اللجنة فوراَ وتطبيق نصوص القانون على أرض الواقع". هذا ما أكده لـ"الحدث" وكيل وزارة العدل محمد أبو سندس.

 

قال أبو سندس : "هناك تقصير في هذا الجانب لاسيما وأن وزارة الصحة كانت تقول بأننا بحاجة ملحة لهذا القانون، فلماذا لم يتم تهيأة البنية التحتية لزراعة الأعضاء البشرية وتنفيذ نصوص القانون بشكل فوري".

 

يذكر أن قرار قانون رقم (6) لعام 2017 بشأن تنظيم نقل وزارة الأعضاء البشرية قد صدر بتاريخ 4/4/2017، حيث جرى العمل عليه ولمدة زمنية تتراوح ما بين (3-4) شهور بحسب ما أوضح أبو سندس.

 

قال :"ما بين المدة المستغرقة في إعداد مذكرة السياسة التشريعية وما بين صدور القانون كان يتوجب على وزارة الصحة تهيئة البنية التحتية لزراعة الاعضاء البشرية لانها تعلم ان هناك قانون يسن على أرض الواقع".

 

إذاً بحسب ما أشار وكيل وزارة العدل محمد أبو سندس، فإنه ومنذ مرور 8 أشهر على إصدار قرار بقانون رقم (6) لعام 2017 بشأن تنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية، لم يتم تشكيل اللجنة الفنية التي تقرر في مسألة الموافقة على الزراعة والمتبرع وفق ضوابط وإجراءات محددة.

 

وعليه، لم تشكل اللجنة بعد، ولم تجرى عملية إنعام رغم توفر المتبرع، ووزارة الصحة من جانبها تقدم الوعود بعد مطلبها بتوفير متبرع ومن الدرجة الأولى للعائلة، وهذه حكاية أخرى.  

 

هل حدد القانون درجة المتبرع؟

بعد عدة مناشدات قُدمت لوزارة الصحة الفلسطينية بخصوص زراعة الكلية للطفل إنعام، طلبت بدورها وزارة الصحة من عائلة الطفلة بتوفير متبرع وصف بـ"القانوني" وعلى أن يكون المتبرع من الدرجة الأولى للعائلة وعندها سيتم تغطية التكاليف المالية للعلاج. وهذا ما أكده والد الطفلة باسل العطار.

 

وتأكيداّ على ذلك، قالت  مديرة التحويلات الطبية في وزارة الصحة الفلسطينية أميرة الهندي: " وفق القانون، على المتبرع بالكلية بأن يكون من أحد أقرباء المريض ومن الدرجة الأولى، ووزارة الصحة لا تقبل بغير ذلك بناءَ لما جاء في القانون".

 

لنتوقف هنا عند المادة 22

لنسترق النظر قليلاَ إلى ما نصت عليه المادة رقم (22) من قرار بقانون رقم (6) لعام 2017، والذي يتحدث عن تنظيم نقل وزارة الأعضاء البشرية.

 

جاء في هذه المادة وبنص واضح وصريح ما يلي :

- لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي لزراعته في جسم إنسان آخر، إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع فيما بين الأقارب من الفلسطينيين.

 

- استثناء مما ورد في أحكام الفقرة (1) من هذه المادة، يجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المريض بحاجة ماسة لعملية الزرع بشرط موافقة اللجنة، وفقاَ للضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القرار بقانون.

 

إذا وبحسب هذه المادة، لم تحدد درجة المتبرع وكتب ( الأقارب من الفلسطينيين). غير أنه هناك استثناء لمن هو بحاجة ماسة لعملية الزرع ولم يجد متبرع من الأقارب، لاسيما وأن الموافقة على ذك قد تتم من قبل اللجنة، واللجنة لم تشكل بعد.

 

إذاً هل يموت من ليس له أقارب أو لم تطابق فصيلة دمه زمرة دم المريض؟

 

في ذات السياق، قال وكيل وزارة العدل محمد أبو سندس لـ"الحدث": " عندما تحدث عن الأقارب لم يتحدث عن درجة القرابة، وطالما أنه ذكر الأقارب فالأمر ليس محصوراَ بالدرجة، وعليه يجوز لأي متبرع من العائلة أن يتبرع بأعضاءه البشرية".

 

وأضاف بالاستناد إلى ذات المادة وبالبند الثاني : "إذا لم يجد المريض أحد من المتبرعين الأقارب، يصح في هذه الحالة أن يتبرع أحد من غير الأقارب ولكن بعد موافقة اللجنة، ودون مقابل مادي".

 

مديرة وحدة الشؤون القانونية في وزارة الصحة أروى التميمي قالت لـ"الحدث": " أحدهم يتبرع لاخر ولا تربطه به صلة قرابة، فلا منطق ولا لوجيك بصدق هالحكي، إلا ما يكون تلقى مقابل ذلك. أما عندما تكون المتبرعة أم لـ ابنها هنا منطق يعقل ويدلل على استمرارية حياة الابن".

 

أضافت :"جميع المحددات التي وضعت في القانون هي لمنع حدوث تجارة الأعضاء، وكما يحدث في الهند ومصر، غير أن التبرع من حي إلى حي يحتاج إلى محددات كثيرة، وأن كان المتبرع هو الخال فهو من الدرجة الثانية وعليه اثبات ذلك من خلال البلدية".

 

"على أرض الواقع، لا تكاد تكون موجودة تجارة الأعضاء في فلسطين". هذا ما أكده وكيل وزارة العدل محمد أبو سندس.

 

إذا في هذه الحالة وبمطلب قانوني، يتوجب على وزارة الصحة معالجة الموضوع بشكل فوري، وبتشكيل اللجنة كما جاء في القانون، وتطبيق بنوده على أرض الواقع، بجانب توفير المراكز الصحية لزراعة الأعضاء ومنح التراخيص لها بما يتفق مع أحكام القانون.

 

قال أبو سندس معقباَ على مسألة توفير المراكز الصحية لزراعة الأعضاء : "تشير احصائيات وزارة الصحة الفلسطينية بأن هناك مئات الملايين من الشواقل التي تصرف لتغطية عمليات زراعة الأعضاء البشرية، وقد تكون التكلفة حينها تتجاوز 500 مليون شيقل سنويا، وفي حال تم زراعة الأعضاء في مراكز وكوادر فلسطينية متخصصة ستقل التكلفة حينها وستوفر الحكومة مبالغ لاستغلالها في خدمات أخرى وفي تطوير زراعة الأعضاء البشرية".

 

النجار: المشكلة في القانون وما في حل

"المشكلة في القانون ولا يوجد حل". هذا ما أكده لـ"الحدث" المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار.

 

أضاف : "في حالة الطفلة إنعام، وإذا لم يتوفر لديها متبرع من الأقارب يمكنها شراء الكلية من خارج فلسطين وليس من داخلها".

 

قبل إقرار قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية، كان يتم شراء الخدمة أي الكلية من الخارج بحسب ما ذكرت مديرة وحدة الشؤون القانونية أروى التميمي.

 

وأضاف النجار : "كنت دائما أتحدث مع مسؤول زراعة الكلى عن حالات لا تجد متبرعاَ، وكان يقول لي : هكذا هو القانون والأخلاقيات الطبية وعليه أن يكون المتبرع من الدرجة الأولى للمريض".

 

واستكمل حديثه : "عندما كنت أشغل منصب مدير عام التحويلات صدمت بعدة حالات حينها كان يبحث المرضى عن متبرعين من الأقارب للدرجة الأولى أي (أخ، أخت، أم، أب) وكانوا لا يجدون.. ماذا يفعلون ؟ ما العمل إذا؟ هل يموت المريض".

 

وبالحديث عن البند الأول من المادة (22) للقانون، قال النجار : "المادة منحت المرضى مساحة واسعة في البحث عن المتبرعين من الأقارب الفلسطينيين وبالتالي لم تحدد بدرجة القرابة، ويحق لابن العم وغيره أن يتبرع".

 

هذا القانون، هو تطبيق للقانون الأساسي الفلسطيني، وقد وضع بحسب وزارة الصحة للحد من تجارة الأعضاء، وهو في ذات الوقت يحافظ على حياة الإنسان وتطبيقاَ لما جاء في الدستور الفلسطيني.

 

قال أبو سندس : "في حال تجاوز أحد نص من نصوص القانون يعاقب بعقوبة مغلظة جدا، سواء كان مريضاَ أو طبيباَ أو حتى مركزاَ صحياَ يقوم بنقل الأعضاء البشرية خلافاَ لما جاء في قانون زراعة الأعضاء البشرية".

 

هل يمكن للعائلة اللجوء للقضاء؟

وعند سؤال وكيل وزارة العدل محمد أبو سندس عن أحقية العائلة بتقديم شكوى ضد وزارة الصحة استنادا إلى ما نص عليه القانون: أجاب "اه ممكن".

 

القضاء قد يكون منفذا مؤقتا. ولكن من سيعيد الحياة إلى إنعام، ومن سيمحي من ذاكرتها جملة ترددها بخوف: "بخاف أحرك رقبتي، كيف أحركها يا أمي..ممكن أموت إذا صار نزيف في أي لحظة".