الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحليل الحدث | المكارثية الإسرائيلية: عندما يعتذر الشاعر عما كتبه في عهد!

2018-01-28 09:33:04 AM
تحليل الحدث | المكارثية الإسرائيلية: عندما يعتذر الشاعر عما كتبه في عهد!
الأسيرة الطفلة عهد التميمي

 

تحليل الحدث- عصمت منصور

 

قارن الملحن والشاعر والكاتب الإسرائيلي يونثان جيفن بين الطفلة الفلسطينية عهد التميمي والطفلة اليهودية التي ذهبت ضحية المحرقة أنا فرانك وهو ما أثار موجه من الاحتجاجات ضده من كل الجهات وهو ما اعتبر خطيئة لا تغتفر مهما كانت دوافعها أو كون مطلقها صهيوني بامتياز ولا يشكك للحظة بالمشروع الصهيوني.

 

وقال الشاعر الإسرائيلي في قصيديته: 

فتاة جميلة

في السابعة عشرة

فعلت شيئا مفاجئا

عندما غزا ضابط إسرائيلي متباه منزلها

مرة أخرى صفعته

في هذا الجو ولدت

وكانت هذه الصفعة لخمسين عاما من الاحتلال والإذلال

وفي اليوم الذي ستروى فيه قصص النضال

ستكون عهد التميمي ذات الشعر الأحمر

مثل داوود الذي صفع جالوت

وعلى نفس الخط مع جان دارك وهانا سينز وآنا فرانك

 

فيما لم يصمد الضابط السابق في وحدة جولاني أكثر من أسبوع قبل أن يعود إلى القطيع العنصري ويعبر عن اعتذاره عن المقارنة الجريمة التي ارتكبها وهذا أن دل على شيء إنما يدل على:

 

المجتمع الإسرائيلي لا يقبل كسر احتكار دور الضحية ومقاربة معاناة الفلسطينيين بمعاناة اليهود وبالتالي إسقاط أوصاف النازيين على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

 

ولا يقبل أيضا أن إسرائيل تعيش فترة من أشد فتراتها إنغلاقا على الذات وتضيقا على الرأي الأخر والفاشية.

 

الهجوم الذي تعرض له جيفن والذي أطلق شرارته وزير الجيش أفيغدور ليبرمان بمنع اسماع قصائده الملحنة في إذاعة الجيش وانتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي ولم يتأخر عن الالتحاق به سياسيون من مختلف ألوان الطيف يدلل على الفاشية الإسرائيلية الداخلية وهيمنة الأفكار الاكثر تطرفا وأن هناك أدوات ردع لا يتردد في إطلاق عنانها لمواجهة أي صوت نشاز يحاول أن يشق الاجماع المقدس حول المقولات الإسرائيلية ومسوغات وجودها واحتلالها.

 

إسرائيل سنت في السنوات الأخيرة مجموعة كبيرة من القوانين التي تقيد الإعلام وتسهل عملية السيطرة عليه ولجمة وكذلك ضد استقلالية المحكمة العليا وآلية اختيار القضاة فيها وضمان تمثيل المستوطنين والمتدينين واليمين المتطرف في هيأتها بما يكرس هيمنه الخطاب اليمني المتطرف وقبضته على أهم مفاصل ما يطلق عليه الديمقراطية الإسرائيلية والتعددية.

 

ثمار هذه القوانين التي تعبر عن التحولات الجذرية التي تشهدها إسرائيل يمكن تلمسها ليس في فقط في كم التشريعات الهائلة المعادية للعرب ولا في تقيد الأصوات المعارضة وتهميش ومعاداة المنظمات المناهضة للاحتلال مثل صندوق إسرائيل الجديد وكاسرو الصمت وإخراجها عن القانون شعبيا وبالمقابل تحويل قاتل مثل أزاريا الذي أعدم عبد الفتاح الشريف في الخليل إلى بطل وتبني غلاة المستوطنين واحتضانهم بل أيضا من خلال اخماد الانتقاد الداخلي ومحاصرة المنتقدين وارهابهم ومعاقبتهم.

 

بالمحصلة، ليبرمان لا يختلف عن مكارثي.

وجوزيف مكارثي كان نائب جمهوري في الكونغرس الأمريكي من ولاية ويسكنسن في الفترة ما بين عام 1947 إلى عام 1957ومع بدايات عام 1950، وأصبح مكارثي من أشهر الشخصيات العامة في فترة بلغت فيها شكوك المعادين للشيوعية أوجها لتأثرهم بالتوترات الناتجة عن الحرب الباردة وقد ذاعت شهرته نتيجة ادعائه بدون دليل أن هناك عدد كبير من الشيوعيين والجواسيس السوفيت والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية وفي النهاية أدي نهجه إلى ضعف مصداقيته وتعنيفه رسمياً بواسطة مجلس الشيوخ الأمريكي وقد ظهر مصطلح المكارثية عام 1950 في إشارة إلى ممارسات مكارثي وتم استخدام هذا المصطلح بعد ذلك للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجة ضد المثقفين. وقد كتب راي برادبري روايته "فهرنهايت 451" ردا على مكارثي في اضطهاده للمثقفين وممارسته الإرهاب الثقافي ضد الكتاب والمثقفين في أمريكا.

 

وإسرائيل اليوم في ملاحقتها لكل من يختلف معها لا تختلف عن الولايات المتحدة في عهد ملاحقة الشيوعية.

 

والمؤسف أن مجتمع كامل ينكفئ دون أن يوجد بداخله تيار أو رمز يتصدى لهذا الوحش العنصري.