السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا عمد الاحتلال تشويه منفذ عملية أرائيل ولم يفعل ذلك مع الشهيد جرار ؟

2018-02-09 10:15:18 PM
لماذا عمد الاحتلال تشويه منفذ عملية أرائيل ولم يفعل ذلك مع الشهيد جرار ؟
الشهيد أحمد جرار وعبد الحكيم عاصي

 

خاص الحدث

 

من المعروف أن قسم الإشاعة هو قسم مهم في معظم مراكز المخابرات في العالم، ويعتبر في بعض الدول خاصة الديكتاتورية هو الأهم في تركيبة المؤسسة المخابراتية، في حال "إسرائيل" فإن قسم الإشاعة في المخابرات مهمته معقدة ومركبة ومستمرة.

 

لجأ الإسرائيليون للإشاعة منذ بداية الاحتلال وحتى قبله، أسطورة الإسرائيلي المرعب كانت سببا من أسباب اللجوء، ولكنها ليست السبب الرئيسي، فالسبب الرئيسي كان هو الفعل القتالي الإسرائيلي، واعتمدت إسرائيل في بدايات الاحتلال إشاعات تلامس أساسيات هواجس الشرقي، كما ولجأت لتشويه الحالة الوطنية وشخوصها.

 

ما يهمنا في الأمر هو اعتماد المخابرات الإسرائيلية على الإشاعة في عملها الأمني وما هي أهدافها وما الطرق التي يتم بث الإشاعة من خلالها.

 

تتشارك المخابرات الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل التواصل الإجتماعي والعملاء في بث الإشاعة، بداية يتم دراسة جدوى إطلاق إشاعة والأهداف التي من الممكن أن تحققها، وبإيعاز من مؤسسات الرقابة يتم نشر بعض المعلومات عن قضية معينة، وهنا يتعامل الإعلام كجسر عبور للإشاعة، وأحيانا ينخرط بنفسه في هذا العمل الأمني، وتعمل وسائل التواصل الإجتماعي بالتزامن على ضح كم من المواد التي تتساوق مع الإشاعة وتؤكد على على أنها "حقيقة"، بينما يقوم العملاء بتمرير الإشاعة مجتمعيا، وهنا لا بد من التأكيد على أن بعض الصحفيين والكتاب الفلسطينيين جزءا لا يتجزأ من هذه العملية لجهل في إدراكهم للمعاني المترتبة على بعض الأفكار التي يتم طرحها في المواد الإعلامية وفي الندوات وفي النقاشات العامة.

 

علينا أن ندرك أن ضابط المخابرات ليس فقط رجل يأتي ليعتقل أو ليشغل عملاء، ضابط المخابرات قد يكون صفحة فيس بوك أو حساب انستغرام، ضابط المخابرات قد يكون مزحة بين اثنين في شارع من شوارع رام الله أو الخليل، وقد يكون خبر رئيسي في وسيلة إعلام وقد يكون تحليل في صحيفة. وليس من المعقول أن نتصور كل هذه الحالة الأمنية دون معرفة ما إذا كان الخبر أو المزحة أو التحليل مصدره قسم الإشاعة في المخابرات الإسرائيلية.

 

ما هي مهمات قسم الإشاعة ؟

أولا: تشويه بعض الحالات أو الظواهر الوطنية، ويتم ذلك من خلال التشكيك في الظاهرة ككل أو القائمين عليها، نسمع كثيرا أن بعض المتظاهرين يخرجون للمواجهات بأجر مدفوع، أو أن بعض الأشخاص منتفعين من حالة معينة. هذا الطرح يطرح في استجوابات المعتقلين وأيضا في بعض المضامين الإعلامية العبرية وكذلك في الأحاديث العامة التي في الغالب مصدرها مشبوه، وهكذا يشترك كثير من الناس دون علمهم في الترويج لما تريد المخابرات الإسرائيلية أن توصله.

 

ثانيا: التمويه وهذه مهمة أمنية بحت تكمن أهدافها في تشويش المعلومات لدى المتلقي، والتمويه عن عمل أمني على أرض الواقع، ومن الأمثلة على ذلك أن تعلن المخابرات الإسرائيلية من خلال وسائل الاعلام أن منفذي عملية معينة يشتبه بهم أنهم ينتمون لحركة فتح، بينما تكون المعلومات الحقيقة لدى المخابرات أنهم ينتمون لحماس أو لتنظيم آخر، تعامل المجموعة المنفذة مع هذه المعلومة بشكل إيجابي يوقعها في فخ الأمان، وأحيانا يتم التمويه جغرافيا؛ بحيث تعلن وسائل الاعلام الإسرائيلية أن التوقعات تشير إلى منفذي العملية من الخليل وأن معلومات عن أن نشاط حماس في الخليل متزايد، والرصد الحقيقي يكون لمجموعة في منطقة أخرى.

 

ثالثا: إرباك المجتمع الفلسطيني من خلال معلومات تؤكد في غالبيتها أن فصائله أو سلطته غير قادرة على فعل شيء وأن إسرائيل هي اللاعب الوحيد والقوي.

 

رابعا: إحباط الفلسطيني من خلال التركيز على اللقاءات التطبيعة مع فلسطينيين وعرب، بحيث يشعر الفلسطيني أن حباله العميقة تنفك من حوله وأن ترك وحيدا.

 

خامسا: تشكيك المعتقلين بالحالة الوطنية وبقيادتهم.

 

قسم الإشاعة ما بعد عام 2015

 

مع تصاعد العمليات الفردية وازدياد وتيرتها، بحيث أصبحت المظهر الممثل لحالة الفعل النضالي الفلسطيني، عملت المخابرات الإسرائيلية على تشويه هذه الحالة وتشويه المشاركين فيها، مستفيدة من عدة عوامل، اهمها:

 

أولا: أعمار منفذي العمليات، بحيث تروج المخابرات كثيرا لمسألة أن منفذي العمليات صغار السن وأنه يتم استغلالهم من أطراف أخرى، وكذلك من خلال التأكيد من أنهم يعانون من مشاكل أسرية مستفيدين من صغر أعمار المنفذين، ومن المهم معرفة أن المخابرات تستغل فكرتنا عن صغار السن وما يعرف بمصطلح "المراهقة"، هذه المصطلح الذي يعني في مجتمعنا الإنحراف والتخبط وعدم التوازن وهي فترة بحسب وعينا الجمعي، مليئة بالمشاكل والإضطرابات بين الفرد وأسرته.

 

ثانيا: نوعية المنفذين، من الملاحظ زيادة وتيرة الفتيات المنفذات لعمليات فردية، تستغل المخابرات الإسرائيلية فكرتنا عن المرأة الشرقية والضغوط التي تتعرض لها، والمخارج التي تلجأ لها في حال المشاكل الأسرية المستعصية، للتأكيد على ان منفذة الهجوم تعاني من مشاكل عائلية.

 

ثالثا: عدم وجود تاريخ نضالي ملحوظ لهؤلاء المنفذين على الأصل على المستوى الإجتماعي، وبالتالي فإنه من السهل تصديق أي إشاعة بحقهم عن الدوافع وراء عملهم.

 

رابعا: الأدوات المستخدمة في العمليات الفردية، تستغل المخابرات الإسرائيلية استخدام هؤلاء المنفذين لأدوات بسيطة للترويج أن أفعالهم نتيجة لحظة ضغط أو غضب وأن الأمر غير مخطط له بشكل يوحي أن المنفذ يتعامل مع القضية بشكل سياسي وأمني مسبق.

 

خامسا: علينا ان نعترف أننا لا نستطيع حصر كل العوامل التي تسفيد منها المخابرات، وهنا علينا التأكيد أن المخابرات تستقي شكل الإشاعة من خلال دراسة كل حالة.

 

عبد الحكيم عاصي وقسم الإشاعة

 

تعلم جيدا المخابرات الإسرائيلية أن توجيه إشاعات باتجاه شخص منظم فصائليا ومعروف بانتماءه السياسي هي مسألة معقدة ولا تحقق أهدافها جيدا، السبب بسيط، أن المعروف بتاريخ حزبي أو نضالي منتمي لأيديولوجيا تؤهله للقيام بعمل ضد إسرائيل بعيدا عن تعقيدات الواقع ما تحت سياسي، ولذلك فإنها في حال تنفيذ مجموعة أو شخص من مجموعة منتمي لتنظيم تستخدم الإشاعة أما لعمل تمويه أمني مرادف لعملية أمنية أو لتشويه الفصيل الذي ينتمون له وأهدافه من هذه العملية، فمثلا يروج الاعلام الإسرائيلي أن حماس تسعى لتنفيذ عمليات في الضفة لتقويض سيطرة السلطة، بينما تحافظ على هدوء في غزة للحفاظ على حكمها.

 

وبناء على سبق فإن إسرائيل تستخدم الإشاعة الموجهة ضد شخص نفذ عملية بشكل فردي باتجاه شخصه، خاصة إذا كان من غير المعروفين في مجتمعه، وهذا كان المدخل للمخابرات الإسرائيلية لمحاولة تشويه عبد الحكيم عاصي منفذ عملية أرائيل، ليكون عبرة للأفراد الذين ينوون تنفيذ عمليات وكذلك لتفكيك الحاضنة الشعبية من حوله، وأيضا لتشويه عمله وشخصه والحالة الأكبر التي ينتمي لها (العمليات الفردية)، الأمر الذي لم تستخدمه ضد الشهيد أحمد جرار المعروف مجتمعيا والمنتمي لعائلة لها تاريخ نضالي.

 

إن تساوقنا في نشر الإشاعات حول منفذي العمليات الفردية هو انخراط في قسم الإشاعة الإسرائيلية دون علمنا، وبذلك نصبح  وسائل ضابط المخابرات الإسرائيلي دون علمنا.