الأربعاء  25 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

منظمة العمل الدولية تعقد جلسة استماع للعاملين والعمال

2018-03-07 10:14:07 AM
منظمة العمل الدولية تعقد جلسة استماع للعاملين والعمال
وفد منظمة العمل الدولية (الصورة من وزارة العمل الفلسطنية)

الحدث المحلي

عقدت بعثة منظمة العمل الدولية برئاسة "فرانك هغمان – Frank Hagemann" نائب المدير الإقليمي، ومدير فريق العمل اللائق للدعم الفني للدول العربية، صباح هذا اليوم جلسة استماع لشهادات العمال والعاملات من مختلف قطاعات العمل، ومنها العاملين والعاملات في المستعمرات الإسرائيلية، والعاملين في إسرائيل دون حصولهم على تصاريح دخول إليها، وعمال تعرضوا لإصابات عمل تركت إعاقات وجراح غائرة في أجسادهم؛ وقلبت حياتهم رأساً على عقب.

كما استمعت البعثة لعرض الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين "شاهر سعد"، لحالة العمل والعمال في فلسطين، واستمعت لشهادات ذوي عمال لقوا حتفهم خلال وجودهم في سوق العمل الإسرائيلي.

من الجدير ذكره هنا أن البعثة تزور الأراضي العربية المحتلة عام 1967م (الضفة الغربية وغزة والجولان)، لتقصي حقيقة أوضاع العمال في هذه الأراضي؛ وهي مكلفة بإعداد تقرير محايد عن الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في الأراضي المحتلة، وتقديمه لمدير عام منظمة العمل الدولية، وزيارات هذه البعثة متواصلة للأراضي العربية المحتلة منذ عام ١٩٧٨م من القرن الماضي.

 

أولاً - عرض الأمين العام لحالة العمل والعمال في فلسطين.

حيث أوضح أن الأوضاع العامة التي يعايشها عمال وعاملات فلسطين، بما فيها أساليب التعامل معهم من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي تتصف بالقسوة والمناهضة السافرة لمعايير ونظم العمل السارية على مستوى العالم؛ وتتسم بالإنتاج المستمر للانتهاكات الفظة والقاسية لحقوق العمال، بدءاً من حرمانهم من الوصول الحر والآمن لأماكن عملهم، مروراً بإجراءات تفتيشهم المذل داخل المعابر الحدودية العسكرية، وانتهاءً بملاحقتهم بمشاركة الكلاب البوليسية واعتقالاهم أو قتلهم، حيث قام الجيش الإسرائيلي مؤخراً بتكليف شركات أمن خاصة مهمتها الإشراف على هذه المعابر، إذ يقوم موظفي تلك الشركات بإجبار العمال والعاملات على خلع ملابسهم بالكامل لدواعي التفتيش الأمني والتدقيق، ما يتسبب بتأخيرهم عن الوصول المناسب لأماكن عملهم وبالتالي طردهم من عملهم، كما يقوم جنود الاحتلال في كثير من الأحيان بمصادرة وتمزيق تصاريح العديد من العمال يوميا، الأمر الذي يتسبب بحرمانهم من الالتحاق بعملهم أو العثور على فرصة عمل جديدة.

يحدث ذلك في ضوء تلاشي فرص العمل من سوق العمل الفلسطيني، وهي حقيقة تقود مباشرة إلى رفع نسب البطالة ومعدلات الفقر، ما ينذر بوقوع كارثة اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة في التاريخ الفلسطيني.

وتابع (سعد) حديثه قائلاً: "في ضوء ما تقدم يوجد لدينا أكثر من 400000 عاطل عن العمل، معظمهم من الخريجين والخريجات؛ أي أن هناك 320000 أسرة فلسطينية تعيش تحت خط الفقر الوطني، وهذه حقيقة تقدم تفسيراً لبواعث ارتفاع عدد العاملين في إسرائيل والمستعمرات بنسبة 15% خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2018م مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017م، ليصل إلى 128.8 ألف عامل وعاملة في إسرائيل".

وأوضح (سعد) للوفد الأممي بأن هذه الزيادة تعد واحدة من أدوات تحكم إسرائيل وهيمنتها على الاقتصاد الفسطيني، وجعله تابعاً لإقتصادها بالكلية، وهو الذي يعاني أصلاً من الضعف والهشاشة القصوى، ولا يستطيع الاستجابة لاحتياجات القوى الفلسطينية التي تطلب العمل، كما أن 95% من المنشآت الاقتصادية في الضفة وغزة فاقدة للقدرات التشغيلية الحقيقية.

أخذين بعين الاعتبار أن العمال الذين يعملون في إسرائيل حالياً من الممكن أن يصبحوا عاطلون عن العمل في حال قررت إسرائيل إغلاق الحدود بوجوههم، ما سيتسبب برفع نسب البطالة في الضفة الغربية من 27% إلى 32%.

وتابع (سعد) حديثه قائلاً: "إن الفجوة الكبيرة في الأجور بين الضفة الغربية وإسرائيل دفعت الشبان للعمل في الأخيرة، تاركين خلفهم فرص عمل بأجور منخفضة في مناطق الولاية الفلسطينية، كالفرص المتوفرة في مجال الزراعة والبناء، وهكذا يتحول العمال الفلسطينينون إلى عمال غير مهرة في قطاع الخدمات الإسرائيلي، ويمكن الاستغناء عنهم في أي لحظة، حيث أن متوسط الأجر اليومي في سوق العمل المحلي يتراوح حول (98) شيكل، وفي سوق العمل الإسرائيلي يتراوح حول (216) شيكل، وفي قطاع غزة يتراوح حول (64) شيكل، وهذه حقائق تسهم في مساعدة أرباب العمل الوطنيين التهرب من الالتزام بالحد الأدنى للأجور، حيث تشير الأرقام الوطنية بهذا الخصوص إلى أن (38.1%) أي ما يعادل (134000) عامل وعاملة من مستخدمي القطاع الخاص يحصلون على (1030 شيكل) شهرياً في الضفة الغربية و (770 شيكل) شهرياً في قطاع غزة".

 

ثانياً – شهادات العمال والعاملات من مختلف قطاعات العمل

 

العاملة (س . ع) من محافظة أريحا

وهي عاملة في إحدى المستعمرات الإسرائيلية المقامة في منطقة أريحا والأغوار، حيث قدمت للحضور شرحا مكثفاً عن الضغوط التي تتعرض لها العاملات في تلك المستعمرات؛ وهن اللواتي يعملن في مختلف مجالات العمل سيما قطاع الزراعة حيث تعمل فيه 500 امرأة، بينما تعمل في قطاع الصناعة 60 امرأة، وفي قطاع صناعات البحر الميت تعمل 50 امرأة، وهناك 120 امرأة يعملن كخادمات في بيوت المستوطنين.

ونوهت العاملة الشاهدة إلى أن العاملات في تلك المجالات يتعرضن لمضايقات شتى تتراوح من الانتهاكات اللاخلاقية مروراً بظروف العمل التي تنزلق لمستويات الاستعباد، وصولاً لحرمانهن من حقوقهن بالكامل، ومنها العمل لساعات طويلة، وتلق أجر منخفض يقل عن الحد الأدنى للأجور المعمول به في إسرائيل.

واستكملت الشاهدة حديثها بالقول: ينمو مؤخراً ميل متسارع لدى الشباب سواء الخريجين أو ممن ما زالوا على مقاعد الدراسة؛ للعمل في المستعمرات المجاورة لأريحا بسبب المغريات الكثيرة المقدمة لهم من المستوطنون ومنها الأجر المرتفع مقارنه بنظيره الفلسطيني المتسم بتدنيه الشديد، حيث يعمل طلاب المدارس طيلة يومي الجمعة والسبت، ومن الجدير ملاحظته هنا أن العديد ممن يعملون في المستعمرات، وبعد أن يحصلوا على شهاداتهم الجامعية يفضلون الاستمرار في العمل داخل المستعمرات على فوزهم بوظيفة ما، بسبب ارتفاع الأجور الإسرائيلية كما تمت الإشارة إلى ذلك من قبل.

 

الشاهدة أ.ق

هناك العديد من العاملات في قطاع حياكة الملابس من منطقة جنين، يغادرن منازلهن الساعة الثانية فجراً، ليتمكن من الحصول على دور على معبر باقة الغربية، حيث يمكثن على الحاجز نفسه ثلاثة ساعات أو أكثر، ليصلن أماكن عملهن الساعة السادسة صباحاً، وجزء منهن يضطررن للمبيت في أماكن العمل لتقليل المصاعب التي تعترضهن أثناء الذهاب والآياب من وإلى العمل.

رغم ذلك لا تتم معاملتهن من قبل أرباب العمل الإسرائيليين بشكل لائق، فيتم حرمانهن من حقوقهن كافة؛ كحقهن في الحصول على التأمين الصحي والعمل لساعات طويلة، ومنحهن أجور تقل عن الحد الأدنى للأجور الإسرائيلي، وحرمانهن من باقي الحقوق الاجتماعية الأخرى.

 

شهادة المواطنة "هبة عبد الرحمن ياسين" شقيقة العامل الشهيد "محمد عبد الرحمن ياسين"

شقيقي محمد كان يعمل في مدينة يافا، وجرب كل أنواع الدخول لإسرائيل فتارة بوساطة تصريح رسمي، وتارة عن طريق التهريب، وحاول عشرات المرات شراء تصريح عبور لإسرائيل من سماسرة محليين، مرة نجح ومرات عديدة فشل في ذلك، رغم دفعه للقيمة التي كان يطلبها السمسار، وفي غير مرة قام بتوكيل محامي ليحل له هذه المشكلة، وبعد حصوله على التصريح اللازم بمساعدة المحامي لم يجدد له لأن عمره أقل من 35 عاماً، وعندما كان يتمكن من الوصول إلى يافا كان يعمل كالمطاردة بسبب ملاحقة الشرطة الإسرائيلية للعمال الفلسطينيين من غير حملة التصاريح، فكان ينام في العراء وتحت الشجر في عز البرد، وعلى جوانب الطرق وداخل المقابر أو في البيوت المهجورة.

قام بذلك لأنه بحاجة لعمل ولديه مهارة كبيرة في عمل الجبص والدهان، وتعرض لاعتداءات الشرطة والجيش الإسرائيليان أكثر من خمسة عشر مرة، وكان يلقى به بعد أن يفقد وعيه إلى اقرب نقطة من حدود الضفة الغربية مع أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م، ومن هناك ينقله الناس للمشفى.

بتاريخ 27/11/2017م انفجر المخزن الذي كان ينام فيه برفقة اثنين من العمال العرب، ومات ثلاثتهم، بينما لم يتحمل رب العمل الإسرائيلي أي مسؤولية، وهو الذي تحوم حوله شبهات بأنه من تسبب بتفجير وحرق مخزنه؛ للحصول على تعويض من التأمين الإسرائيلي.

 

ثالثاً - بيع تصاريح الدخول إلى إسرائيل من قبل السماسرة

كما قدم (الأمين العام) لبعثة تقصي الحقائق، شرحاً مفصلاً عن ظاهرة بيع تصاريح الدخول لإسرائيل بالمال للعمال الفلسطينييين؛ وهي في الأصل متاحة بالمجان، ضمن عملية استغلال بشعة يتعرضون لها، وهذا تدبير يتم بتواطوء بين سماسرة فلسطينيين وإسرائيليين، علماً أن السمسار يحصل على 1000 شيكل  مقابل اي تصريح لمدة شهر لا يخول حامله المبيت في إسرائيل، ويحصل على 3500 شيكل مقابل كل تصريح لمدة شهر يخول حامله المبيت في إسرائيل.

 

رابعاً - إصابات العمل القاتلة في سوق العمل الإسرائيلي

كما بين الأمين العام "شاهر سعد" أمام لجنة تقصي الحقائق، أن 66% من إصابات العمل في سوق العمل الإسرائيلي هي من نصيب الفلسطينيين، وهذا مؤشر على أن أرباب العمل الإسرائيلين غير مكترثين بتوفير معدات ووسائل الصحة والسلامة المهنية، التي تسهم فيما لو وفرت بتخفيض إصابات العمل الناتجة عن استهتارهم بحياة العمال الفلسطينيين، وعدم معاملتهم على قدم المساواة مع العمال الإسرائيليين أو العمال الأسيويين الوافدين إلى سوق العمل الإسرائيلي.

وهذا تصرف إجرامي مبيت ناتج عن عدم توفير وسائل ومستلزمات السلامة والصحة المهنية لعمالنا داخل ورش العمل والمصانع الإسرائيلية، وهذا مقطع يتصدر واجهة المشهد المأساوي لوضع العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي، وأصبح المتسبب الرئيس لتعاظم إصابات العمل القاتلة في صفوفهم؛ وهو نابعاً من تعمد أرباب العمل الإسرائيليين عدم الالتزام المسبق بشروط ووسائل الصحة والسلامة المهنية.

وهذه حقيقة، تابع (سعد) حديثه قائلاً: " تدفعنا لاتهامهم علنا بقتل عمالنا وعاملاتنا عمداً وعلانا وفي رابعة النهار، وبدون خجل أو وجل أو ذرة من حياء، ضاربين بعرض الحائط كل العهود والمواثيق الدولية التي تحفظ للعامل حقه من رب عمله ومشغله، وهذا ما يجعلهم بنظرنا وبنظر عمال العالم قتلة ومجرمون يستحقون الملاحقة القانونية".

ومن نافلة القول، استكمل (سعد) حديثه قائلاً:  "التذكير بأن هذا الجرم الإسرائيلي الجديد عمق من مأساوية حياة العمال المثقلة بالعذاب الذي يكابدون يومياته على الحواجز وداخل ورش العمل من أجل الحصول على لقمة عيش شريفة؛ لكنها محفوفة بمخاطر الموت الذي يتربصهم من لحظة مغادرتهم بيوتهم في ساعات الصباح الأولى حتى عودتهم إليها فيما لو حالفهم الحظ بالعودة؛ والنجاة من الموت وبطش الجنود المرابطين على الطرق، نعم إنها ظروف ويوميات حياة لا تطاق وتدمي القلب وتدمع العين؛ وتجبر كل صاحب ضمير حي في هذا العالم على التضامن مع عمالنا وعاملاتنا وعدم تركهم فريسة سهلة لجشع واستغلال أرباب العمال الإسرائيليين".


خامساً - العمال الفلسطينيين في المستعمرات الإسرائيلية

كما عرض (الأمين العام) أمام البعثة الأممية، اهم المقاطع المأساوية لظاهرة (العمل في المستعمرات الإسرائيلية) بقوله: "على الرغم من محاولات اسرائيل الترويج لظاهرة العمل في المستعمرات الإسرائيلية على إنها شكل من أشكال التعايش إلا أن عمال هذه الفئة يمكن وصفهم بأنهم الأكثر ضعفاً لأنهم عرضة لاستغلال وتجبر المشغل الإسرائيلي، بسبب عدم وجود أي نوع من القوانين الناظمة لعلاقة ذلك المشغل بالعامل الفلسطيني".

وتعد هذه الفئة من بين العمال الفلسطينيين العاملين، الأكثر تعرضاً لخطر الاسغلال، بسبب حرمانهم من أي حقوق عمالية وفي مقدمتها الحق في التأمين الصحي، ويعود أصل هذه الظاهرة داخل المجتمع الفلسطيني إلى تعاظم حجم القوى العاملة بما في ذلك الخريجين، مقابل ضمور فرص العمل داخل السوق المحلي؛ وتلاشي قدرته التشغيلية للعمالة المتجددة والمتزايدة سنوياً، فهناك ما لا يقل عن 45000 عامل جديد يدخلون سوق العمل الفلسطيني سنوياً, وإذا ما افترضنا بأن الحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص قاما بتشغيل 6000 طالباً للعمل منهم, - وهذه قدراتهم المسرح بها - يبقى مصير الـ 29 الآخرين مجهول، وللأسف فأن أكثرهم يذهبوا للعمل في المستوطنات أو في إسرائيل دون تصاريح، ومنهم من هاجر إلى خارج الوطن، ومنهم من يعتبر عاطلاً عن العمل.

 

سادساً - الحواجز العسكرية

كما استعرض (سعد) أمام البعثة مزيداً من الأرقام التي تعكس حقيقة الكارثة التي يجسدها انتشار الحواجز العسكرية فوق الطرق الفلسطينية، وهي عبارة عن (96) حاجزاً من بينها (57) حاجزاً داخلياً منصوبة في عمق الضفة الغربية، بعيداً عن الخط الأخضر، بالإضافة إلى الشوراع التي يحظر على الفلسطينيين المرور منها أو استعمالها تحت أي ظرف من الظروف.

وهناك (39) حاجزاً من بين الحواجز الثابتة تعتبر نقاط فحص أخيرة قبل الدخول إلى إسرائيل رغم أن معظمها يقع على بعد كيلومترات إلى الشرق من الخط الأخضر، لكن قبل الدخول إلى القدس.

 

سابعاً - البطالة

كما عرض (سعد) أمام البعثة الأممية مسببات هذه المعضلة الآخذة في التفاقم والتي تعود جذورها لسياسة الإغلاقات العسكرية المحكمة؛ وتقييد حرية عبور الفلسطينيين من وإلى إسرائيل؛ وخفضت عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل من 110,000 عامل وعاملة، إلى (50,000) عامل وعاملة نظاميين، وكانت نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ذلك الوقت تقترب من حدود الــ 24%  فقط، لكن نسبة البطالة حسب التعريف الموسع لها وصلت إلى 31% في الربع الأول من عام 2018م، علمًا أن عدد المشاركين في القوى العاملة في فلسطين وفقاً لأرقام جهاز الاحصاء بلغ حوالي (1,253,600) خلال الفترة نفسها، منهم (812,200) شخص في الضفة الغربية وحوالي (441,400) شخص في قطاع غزة.

 

ثامناً - الفقر

وعرض (سعد) أمام البعثة الأممية مسببات هذه المعضلة المزاملة لمعضلة البطالة، وتعد الابن الشرعي لها، حيث يقع 20% من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة - أي خمس السكان - تحت خط الفقر الوطني، وتعد هذه المشكلة من المعضلات الكبرى التي لم تتمكن السلطة الفلسطينية من التغلب عليها منذ تأسيسها لغاية الآن، بناء عليه، دعا الاتحاد في غير مرة ومناسبة إلى معالجة معضلة الفقر بشكل جذري وإستراتيجي أي ليس من خلال زيادة المدفوعات الحكومية للشرائح المجتمعية، بل من خلال خطط إستراتيجية ثاقبة محورها الاهتمام بقطاعات التنمية الاقتصادية، والبدء بتشييد مشروعات البنية التحتية، وتقديم قروض ميسرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم القطاع الزراعي وزيادة الاهتمام بالبحث العلمي وتحسين مستويات التعليم والصحة .

 

تاسعاً- حصار قطاع غزة

وعرض (سعد) أمام البعثة الأممية تبعات استمرار حصار قطاع غزة، الذي أكمل عامه العاشر، دون أي بارقة أمل في الأفق تدل على أن الاحتلال الإسرائيلي سيغير ويبدل في سياساته الظالمة نحو غزة، لذا فإنني أطلب من بعثتكم الموقرة ومن منظمة العمل الدولية، مساعدة شعبنا في مسعاه لرفع الحصار عن غزة، وكف يد الاحتلال الإسرائيلي عن قوارب الصيادين، الذين يبيتون فوق المياه بانتظار السمك، الذي لا يأتي أبداً، ليعودوا بشباك خالية من أي صيد، لأن السمك غادر بحر غزة خوفاً من بطش جنود الاحتلال الذين يتربصون السمك والصيادين معاً.

لقد تفاقم هذا الوضع بعد أن قلص الاحتلال الإسرائيلي مساحة الصيد من 12 ميلاً بحرياً إلى أربعة أميال، إن ما يحدث في غزة اليوم يرقى لمرتبة الأساطير، بل هو الأسطورة بعينها، بسبب تحمل الإنسان الفلسطيني في غزة لكل هذا الضغط الناتج عن الحصار، والحروب التي لا تتوقف وما تخلفه من تدمير وتهجير وإعاقات، إنه لأمر فريد فعلاً ويستحق منا أن نمنحه ما يستحق من إدانة للمجرم ومناصرة الضحية، ومن ثم تضامن جاد وفعال يؤدي إلى رفع الحصار عن شعبنا في غزة وتسريع عملية إعادة إعماره وتوفير فرص عمل لشباب وشابات غزة.

وتابع سعد حديثه الموجه لبعثة تقصي الحقائق، قائلاً: "إن الحديث عن الوجع الفلسطيني لا معنى له دون الحديث عن قطاع غزة المحاصر منذ عقد كامل من الزمن؛ وأضيف لهذا الحصار ثلاثة حروب دامية أزهقت أرواح آلاف الشهداء والجرحى، وتركت جراحاً مفتحة في أجساد أطفالنا وشبابنا وكهولنا ونسائنا، ودمرت آلاف المنازل والمصانع، وأضافت عشرات آلاف المواطنين لطوابير طالبي العمل، كما دمرت الحرب الأخيرة في عام 2014م، البنية التحتية في قطاع غزة تدميراً كاملاً، وقتلت وشردت عشرات آلاف الأبرياء، وأضاف هذا البؤس بؤساً جديداً للذي قبله والذي تسبب به حصار قطاع غزة المفروض منذ عقد كامل من الزمن، ما تسبب بزيادة نسبة الفقر في قطاع غزة إلى حدود الـ 51% وتعدت البطالة حد الـ 40 % ".

وفي نهاية اللقاء طالب (سعد) من البعثة الأممية أن يكون تقريرها لهذا العام مختلفاً عن ما سبقه من تقارير، لأنه يمتلك الدافعيات الكافية لتطوير موقف منظمة العمل الدولية لتطلب من إسرائيل تغيير وتبديل سياساتها تجاه العمال الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة، وتجاه الصيادين في بحر غزة الذين ضاق بهم الحصار ذرعاً وأصبحو بحاجة فعلاً لتوسيع نطاق مناطق صيدهم والبحث عن السمك ضمن مسافات جديدة داخل البحر.