الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث| نتائج تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين لعام 2017

2018-03-27 09:42:38 AM
متابعة الحدث| نتائج تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين لعام 2017
مؤتمر إطلاق نتائج التقرير السنوي العاشر حول "واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2017"

 

الحدث- محمد غفري

عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، يوم الاثنين 26 أذار 2018، مؤتمرا لإطلاق نتائج تقريره السنوي العاشر حول "واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2017" بالتزامن في كل من رام الله وقطاع غزة، وذلك تحت شعار: "النزاهة في الحكم سداد.. وإدارة المال دونها فساد".

سبب الفساد في فلسطين

أظهر التقرير السنوي العاشر "واقع النزاهة ومكافحة الفساد" في فلسطين عام 2017، استمرار البيئة السلبية المؤثرة على بنية السلطة الوطنية وأعمالها، ما زاد من التحديات أمام تحصين نظام النزاهة الوطني. إذ استمر الاحتلال وسياساته العدوانية إلى جانب استمرار تأثير الانقسام وعدم إتمام المصالحة الفلسطينية على الحياة العامة للمواطن الفلسطيني، وما زاد من سوء الأوضاع استمرار سياسة تقليص التمويل والمساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية، وتراجع إضافي لدور المجلس التشريعي بالتوازي مع ضعف دور السلطة القضائية والرقابة والمساءلة على إدارة المال والشأن العام مع تباطأ وتلكك في تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية وأجندة السياسات الوطنية المعلنة من قبل الحكومة، وانغلاق الحكومة وضعف اشراكها لمؤسسات المجتمع ما عكس تردد الإرادة السياسية في مكافحة الفساد. هذه الاوضاع وغيرها انعكست في زيادة تردي الأحوال الاقتصادية للمواطنين وخاصة في قطاع غزة، ما أدى الى تفشي مظاهر الفساد في الغذاء والدواء والتنافس على الوظائف.

تطورات إيجابية

وبالرغم من استمرار البيئة غير المواتية لمكافحة الفساد، بيّن التقرير الصادر عن مؤسسة أمان، ووصل لـ"الحدث" نسخة منه، أن عام 2017 لم يخلُ من بعض الممارسات الإيجابية كتبني الحكومة "لأجندة السياسات الوطنية، والتي حملت شعار (المواطن أولا) كوثيقة رسمية التزمت بمبدأ تعزيز المساءلة والشفافية في ترشيد إدارة المال والشأن العام.

من جهة ثانية، طرأ تحسن على منظومة المساءلة في بعض الجوانب كان أبرزها إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، فيما عطلت حركة حماس إجراءها في القطاع، بينما نشرت النيابة العامة في غزة الدليل الإجرائي للعاملين في دائرة الشكاوى فيها والذي ينظم استقبال شكاوى الجمهور.

من جانب آخر، شهد نظام النزاهة الوطني تحسنا في بعض الجوانب كقيام ديوان الموظفين العام بإعداد الخطة الاستراتيجية الوطنية للخدمة المدنية 2017 – 2022" واستكمال "بطاقات الوصف الوظيفي" لعدد من الوظائف العامة وتحديد الوظائف الحساسة التي تستدعي التدوير الوظيفي عليها باستمرار.

فيما يتعلق بمبادئ الشفافية طرأ تحسن على شفافية بعض المواقع الإليكترونية الحكومية ومضمون ما تقدمه من معلومات وخدمات للمواطنين، وظهر ان معظم الوزارات في الضفة وغزة لها مواقع إلكترونية يسهل الوصول إليها، وهي متاحة باللغة العربية. أما في الجانب المتعلق بإدارة المال العام فقد طرأ تحسن تمثل باعتماد البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية بهدف توزيع المساعدات لأكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة والفقيرة ودون ازدواجية.

تحديات تتراكم منذ أعوام سابقة

على الرغم من التحسن في بعض الممارسات والاجراءات إلا أن تحديات جمة بقيت ماثلة امام تفعيل نظام النزاهة الوطني، بعضها استمرار لتحديات من أعوام سابقة كعدم اعتماد الخطة الوطنية الشاملة لمكافحة الفساد وخطة الترشيد والتقشف التفصيلية، وعدم إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، والمحلية في قطاع غزة، إضافة الى استمرار شلل المجلس التشريعي الذي ترافق مع استمرار التراجع في دور السلطة القضائية.

فوضى في إصدار القوانين

فعلى صعيد القضاء والتشريع كانت أبرز التحديات عدم إنجاز عملية الإصلاح بعد إصدار الرئيس مرسوما بتشكيل "اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة" بالإضافة الى استمرار حالة الفوضى والتسرع بإصدار قرارات بقانون في ظل غياب المجلس التشريعي، جاء جزء منها ضمن المناكفات السياسية بين حركتي فتح وحماس في كل من الضفة وغزة، أو بسبب تدخل المصالح الشخصية لبعض المتنفذين، بالإضافة الى تشريعات وممارسات رسمية حدت وقيدت من دور الإعلام في عملية المساءلة.

تراكم في عدد التقارير غير المصدرة صعّب من المساءلة الفعلية على إدارة الشأن العام

كما وتجلى القصور في نظم المساءلة في عدم وجود وحدات شكاوى حتى نهاية عام 2017 على المواقع الالكترونية لوزارة المالية والتخطيط ووزارة الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين. بالإضافة إلى استمرار عدم إصدار وزارة المالية والتخطيط التقارير المالية بانتظام، وبشكل خاص عدم إعداد الحساب الختامي على الموازنة العامة لموازنات عامي 2014، 2015، ما انعكس سلبا على عملية المساءلة الفعلية عما تم إنفاقه وصعّب من التحقق من مدى الالتزام بقوانين الموازنات المقرة.

تعيينات دون شفافة أو منافسة عادلة.. ورواتب أعلى مما يتقاضاه الرئيس

أما التعيينات في الوظائف العليا فقد استمرت دون شفافية او منافسة عادلة، مع تجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص، حيث لم تنشر إعلانات التوظيف في الصحف، ولم تعقد مسابقات للتعيين، ولم تنجز بطاقة الوصف الوظيفي وتمت التعيينات دون رقابة من جهة رسمية مستقلة في كل من الضفة والقطاع.

أدى استمرار غياب تحديد الدرجات الوظيفية ورواتب ومكافآت رؤساء المؤسسات العامة غير الوزارية إلى تعمق فجوة الرواتب حيث وصلت رواتب ومكافآت بعض رؤساء هذه المؤسسات الى أعلى مما يتقاضاه رئيس دولة فلسطين.

كما واستمرت ظاهرة الموظفين المفروزين للعمل لدى الفصائل الفلسطينية او شخصيات وطنية او منظمات وجمعيات غير حكومية مع تلقي رواتبهم من وزارة المالية، وضمن سياق ضعف النزاهة والشفافية في الوظيفة العامة حظي بعض موظفي العقود بامتيازات ورواتبَ عالية وبشكل مخالف لقــــــانون التعاقد، مع عدم تناسبها ومعدل الرواتب في فلسطين.

تحديات في مجال الشفافية

واحتوى تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2017 على تفصيلات توضح استمرار الضعف في مجال الشفافية وعدم الالتزام بمبادئها، نتيجة لضعف الإرادة السياسية نحو الانفتاح على المجتمع، كرفض رئاسة الوزراء التوقيع على " تعهد الشفافية" المعد من ائتلاف المؤسسات الاهلية الدولية، والذي ينص على ضرورة تحلي الحكومة بالشفافية فيما يتعلق بالاستعراض الدوري لمدى التزامها في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد واشراك المجتمع المدني في عمليات الاستعراض.

كما وتجلت أبرز التحديات في مبادئ الشفافية في عدم إصدار قانوني الحق في الحصول على المعلومات والأرشيف الوطني، واستمرار حجب الاتفاقيات العامة الموقعة بالنيابة عن الفلسطينيين، بالإضافة إلى حجب بعض المعلومات والقرارات أو عدم نشرها في الوقت المناسب، كتوقف نشر قرارات مجلس الوزراء عبر صفحته الإلكترونية منذ نيسان 2017، كما وأدت محدودية نشر المعلومات العامة عبر المواقع الإلكترونية لدى بعض الجهات الرسمية إلى قصور واضح في توفير المعلومات حول الخدمات التي تقدمها تلك الجهات كوزارة شؤون القدس التي لا يوجد لها موقع الكتروني.

أما في قطاع غزة، فلم تنشر معظم الوزارات تقاريرها السنوية وخططها الاستراتيجية ولم يقم ديوان الرقابة المالية والإدارية في غزة بنشر أي من تقارير التدقيق على الحساب الختامي أو التقارير الرقابية أو السنوية الأخرى وذلك لخشية النظام القائم في قطاع غزة من استخدام ما ينشر كمادة للمناكفات السياسية.

نفقات عامة لا تتناسب مع مع أولويات شعب تحت الاحتلال

على صعيد إدارة المال العام، ادى التردد في تنفيذ خطط وسياسات الترشيد والتقشف الى ظهور نفقات عامة لا تتناسب مع أولويات شعب تحت الاحتلال، كاستمرار استئجار وشراء وبناء المباني الحكومية الجديدة، وبناء قصر الضيافة الرئاسي، وتحويله لمكتبة عامة، ودفع رواتب وعلاوات لموظفين في شركة طيران غير موجودة عمليا. اما في قطاع غزة فظهرت عدة ممارسات عكست سوءاً في إدارة المال العام كتخصيص أراضي الدولة في "تل السكن التاريخية كتعويضات للموظفين، بالإضافة إلى إهدار المال العام في شركة مياه الساحل.

كما واجهت خطة الترشيد تحديات تمثلت بالخلل في بنية قطاع الامن واستمرار مقاومة التدوير وتحويل الفائض من أفراد الأجهزة الأمنية الى أجهزة أخرى، عدا عن وجود إشكاليات تتعلق بعمل مؤسسة الادارة المالية العسكرية المركزية.

430 بلاغا وشكوى لهيئة مكافحة الفساد

وعن واقع قضايا الفساد في عام 2017، فقد ورد إلى هيئة مكافحة الفساد 430 بلاغا وشكوى (حتى تاريخ 6/12/2017) تابعت نيابة مكافحة الفساد 38 قضية منها، أي ما نسبته 9% من إجمالي القضايا التي وصلت إلى هيئة مكافحة الفساد. وحولت النيابة 21 قضية الى محكمة جرائم الفساد، وتعاملت مع 42 قضية مدورة من أعوام سابقة.

اعفاءات جمركية مُنِحَت خلافا للقانون

ورصد التقرير حالات فساد خلال العام منها: منح إعفاءات جمركية على شراء سيارات لمتنفذين خلافا للقانون، كشكل من أشكال المحاباة لدى أفراد مقربين من الطبقة السياسية، وتم تقديم شكوى رسمية للنائب العام بوجود شبهات فساد مالي وإداري في بيع أراضي الكنيسة الأرثوذكسية، بينما استمرت ظاهرة الفساد على المعابر في قطاع غزة، وظهرت بعض حالات اختلاس في قطاع المؤسسات الاهلية، إضافة الى شبهة فساد في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

كما واستمر انتشار حالات الجرائم الاقتصادية في الضفة والقطاع، تمثلت بإعلان كل من وزارة الاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية عن ضبط يومي لمنتجات غير صالحة للاستخدام البشري ما أظهر عدم فعالية مكافحة هذه الظاهرة بسبب تشتت الجهود نظرا لعدم وجود هيئة واحدة مختصة بالموضوع، بالإضافة إلى أن الأحكام العقابية غير رادعة في معظمها لمرتكبي تلك الانتهاكات والجرائم وعدم نشر أسماء الأصناف والأشخاص المتورطين ليتم معاقبتهم مجتمعيا.

قضايا تحت الضوء: الرقابة على الخدمات العامة، مجلس الشراء العام، الأخطاء الطبية وبنية قطاع الامن

سلط التقرير الضوء على بعض القضايا لما لها من أهمية تحتاج إلى متابعة فورية والتي تمثلت بضعف الرقابة والمساءلة على الخدمات العامة التي يديرها القطاع الخاص كضعف دور مجلس تنظيم قطاع الكهرباء والمياه، وعدم انشاء "هيئة تنظيم قطاع الاتصالات"، إلى جانب استمرار عدم تمكين "مجلس سياسات الشراء العام" للقيام بالرقابة والإشراف على جميع عطاءات الأشغال العامة والمشتريات.

كما ولفت التقرير أيضا الى تعطل إقرار نظام التأمين الصحي ونظام المساءلة عن الأخطاء الطبية، ما أدى الى إضعاف المساءلة عن الأخطاء الطبية وانهيار "نظام التأمين الصحي الفلسطيني" وألحق الضرر بموازنة الصحة، فضلا عن استمرار الخل في بنية الاجهزة الأمنية والمتمثل في ارتفاع عدد الضباط ما أثر سلباً على قدرة الأجهزة الأمنية في أداء واجباتها، نظراً لأن الجنود والرتب الدنيا في صف الضباط هم عماد العمل وتنفيذ الواجبات، كما أن ارتفاع عدد الضباط يشكل عبئاً على الموازنة العامة ويسبب تضخم فاتورة الرواتب للأجهزة الأمنية.

توصيات تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد

وعلى ضوء ما ورد خرج التقرير بعدد من التوصيات على اصعدة مختلفة، فعلى صعيد تعزيز نزاهة الحكم والإدارة العامة للحكومة، طالب ائتلاف امان في تقريره السنوي جميع الاطراف السياسية في الضفة والقطاع الاسراع في تنفيذ إنهاء الانقسام وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بعملها في قطاع غزة وحل مشكلة الموظفين العالقة، إلى جانب مطالبة السيد الرئيس والحكومة الفلسطينية بضرورة إحياء وتفعيل السلطة التشريعية والدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بأسرع وقت، بالتوازي مع تبني خطة انتقالية لإصلاح منظومة العدالة وتوحيد الجهاز القضائي وخطة وطنية شاملة من أجل "ترشيد النفقات العامة"، إلى جانب مطالبة مجلس الوزراء بإقرار بطاقات الوصف الوظيفي للفئات العليا والخاصة والمصادقة عليها، واتخاذ التدابير التي تضمن جدية القطاع العام في التعامل مع مدونة السلوك واخلاقيات الوظيفة العمومية.

أما على صعيد تعزيز شفافية إدارة المال العام فأوصى ائتلاف أمان الحكومة بفتح ملف عدم شفافية الاجراءات المالية مع الجانب الإسرائيلي الذي يتلاعب بالأموال الفلسطينية، وضرورة نشر جميع الاتفاقات التي توقعها الحكومة نيابة عن الفلسطينيين، فضلا عن المطالبة بأن تقوم كل الجهات الرسمية بإعداد تقاريرها ونشرها واتاحتها للجمهور في وقت معقول ودون تأخير، بالإضافة إلى مطالبة مجلس الوزراء والرئيس بإنهاء والمصادقة على قانون الحق في الوصول الى المعلومات.

وفيما يخص تعزيز المساءلة في إدارة الشأن العام أوصى التقرير الحكومة الفلسطينية بالتشاور مع أصحاب العلاقة من اجل إعداد قانون خاص بالامتياز وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، إلى جانب تشكيل وتمكين المجالس التنظيمية والرقابية للخدمات العامة التي يديرها القطاع الخاص، واعتماد الأنظمة المالية والإدارية للمؤسسات (العامة) الحكومية غير الوزارية وإعادة النظر برزمة الامتيازات الممنوحة لموظفي المراتب العليا في مؤسسات السلطة التي تعتبر أساسا في تشكيل فجوة الرواتب، مع مطالبة السيد الرئيس والحكومة بتعديل قانون مكافحة الفساد بالنص على إلزامية نشر (الافصاح) إقرار الذمة المالية لرئيس السلطة الفلسطينية والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي وكبار موظفي الدولة في الجريدة الرسمية دوريا.

أخيرا وعلى صعيد تعزيز جهود مكافحة الفساد شدد التقرير على ضرورة قيام الحكومة بتبني وإقرار "الخطة الوطنية الشاملة عبر القطاعية للنزاهة ومكافحة الفساد"، وإصدار النظام الخاص المنصوص عليه في قانون مكافحة الفساد لحماية المبلغين عن الفساد وحمايتهم من الادعاء المضاد والإجراءات الانتقامية والكيدية، الى جانب وضع نظام او لائحة لتنظيم إجراءات انتقال الوزراء والنواب ومأموري الضرائب والجمارك للعمل في القطاع الخاص، فضلا عن أهمية استجابة الحكومة لملاحظات فريق استعراض تنفيذ فلسطين لاتفاقية الأمم المتحدة.