الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

18 أديبا و شاعرا فلسطينيا تحت حد "الردة"

2014-12-02 01:49:54 PM
 18 أديبا و شاعرا فلسطينيا تحت حد
صورة ارشيفية
  الحدث- ياسمين أسعد

"يسألني طفلي ما معنى "ملعون" بابا.. للمرة الأولى لا أملك إجابة لسؤاله"، بتلك العبارة الممزوجة بالعجز بدأ الأديب والشاعر "ناصر رباح" حديثه عن إدراج اسمه في البيان الصادر عن ما يسمى بـ"تنظيم داعش" ووصفه بالملعون، واصفاً حالة معقدة من الأفكار المشوشة التي باتت تأسره منذ اللحظات الأولى التي علم فيها بهذا التهديد.
على الجبهة المقابلة سَخِرَت المدونة "سحر موسى" المدرج اسمها هي الأخرى، من البيان والجهة الصادرة عنه، رافضةً إبداء أي اهتمام بما جاء فيه. وبين نيران القلق وأنغام السخرية، تتوسع فوهة الضياع وتمتزج عواطف الخوف والصمت مع نقيضها المتحدي، ليُختم مشهد ما يحدث بعبارة قالها ثالث هو الدكتور، إبراهيم إبراش وهو يتنبأ: "غزة في طريقها للهاوية.. والأسوء لم يبدأ بعد والبيانات التهديدة للفتيات والأدباء محاولة مبدأية لاثبات الذات".    
 
ويرى المتخصص في العلوم الاجتماعية ووزير الثقافة الأسبق، د. ابراهيم إبراش في لقاء خاص مع "الحدث"، أن الجماعات السلفية الجهادية موجودة في غزة منذ وقت طويل، أمثال عبد اللطيف موسى وجماعة دغمش، وغيرها من الجماعات المتطرفة التي لم تكن تسمى بداعش ولكنها باتت تتبنى أفكار التنظيم وتعلن ولاؤها، وبالتالي تحول اسمها لـ"داعش"، لنرى اليوم حقيقةً أن أعلام التنظيم ترفع في العديد من بيوت غزة".
 
 وحول تبعات التواجد الفعلي لهذا التنظيم أكد د.ابراش أن "السيء لم يبدأ اليوم والأسوء قادم فعلاً ليشمل كل الجوانب الحياتية، فالمشاهدات تؤكد تزايد جماعة "داعش" في غزة، ولكن حركة حماس لا تعترف بذلك لألا تظهر وكأنها لا تملك السيطرة على القطاع، فهي لا تنكر وجود الجماعات السلفية ولكنها تنكر"التنظيم"، والحقيقة أن "داعش" الآن تتحرك باسم الحركات الجهادية السلفية لتحمل في القريب العاجل اسم التنظيم، تماماً كما حدث مع أنصار بيت المقدس في سيناء الذي تحول لـ "داعش" قبل شهرين.
 
وأضاف إبراش لـ"الحدث": " كلما تفاقمت الأوضاع السيئة في غزة، كلما تساقطت عناصر من الفصائل الأخرى لتنضم لـ"داعش"، تعبيراً عن الاحباط ومحاولة لاثبات الوجود، فترفع البيانات التهديدية للفتيات والأدباء، ونخشى من تطور الوضع مع مرور الأيام".
 
وحول دور الجهات المسؤولة في غزة ومسؤولياتها قال الوزير الأسبق للثقافة إبراهيم إبراش: إن سيطرة حماس في غزة يشجع ظهور التوجهات الدينية المتطرفة، ويجد المناخ المناسب لذلك، وهذا يتطلب من الأجهزة الأمنية أن تقوم
بدورها، لكن يبدو أن حماس غير معنية بمواجهة داعش، الأمر الذي يسهل هذا التغلل والانتشار الواسع لمثل هذة الثقافة، فالأمر مرتبط بالجوانب الثقافية والسياسية".
 
وطالب بدوره تشكيل شبكة حماية مجتمعية، مشكّلة من منظمات حقوق الإنسان وفصائل العمل الوطني في غزة لتقديم الدعم لكافة الفئات المستهدفة وخاصة الكتاب والمثقفين وتوجيه الرأي العام باتجاه تلك الظاهرة، و"بالأخص الحكومة القائمة في غزة ففعلياً حماس هي من تحكم ومن واجبها تقديم الحماية لهؤلاء الكتّاب".  
 
وكان قد صدر بيان باسم "تنظيم الدولة الاسلامية، ولاية غزة، يهدد 18 كاتب وكاتبة في غزة بتطبيق حد الردة عليهم في حال لم "يتوبوا" خلال ثلاثة أيام. وجاء هذا البيان الثاني، ليؤكد على فكرة وجود البيان الأول الذي صدر قبل
أيام، ويتوعد الفتيات في غزة بضرورة الإلتزام باللباس الشرعي وإلا كان العقاب حليفهم.   
 
من جهته عبّر الكاتب ناصر رباح المدرج اسمه ضمن القائمة في حديثه لـ"الحدث"، عن استياءه الشديد من الصفات السيئة للأدباء في البيان، والذي وصفه بـ"الملعون" قائلاً: "ما يحدث انحدار أخلاقي وضعف في حقوق الإنسان، المواطن، والقيم الثقافية، ويأسرني الشعور الغاضب، فنحن في مدينة بلا أمن ولا شرطة، والموضوع أكبر من مجرد شعراء، خاصة أن التفجيرات تزايدت في كل مكان".
 
وأضاف رباح: "حماس تترك داعش تعمل ما يحلو لها وتترك الأمور غامضة وغير مسؤولة أبداً"، مؤكداً أنه وخلال ساعات سيجتمع نادي الكتّاب ونأمل بخطوات جيدة ومعقولة للرد على هكذا بيان".     
 
في الإطار ذاته ولكن بتعبيرٍ صارم، تحدّتْ المدونة سحر موسى البيان قائلة: " إنها حركة سخيفة، وليس لها أي قيمة، ولن أعطيها من إهتمامي أكثر مما تستحق، لكن مع ذلك، فإن الشخص غير المسؤول والذي قام بنشر المقال السخيف المنسوب لداعش يجب أن يحاسب"
 
وأضافت سحر لـ"الحدث": "ليس من حق أحد ولو على سبيل "يعمل جو" أن يرهب الآخرين سواء بتهديدهم أو بوصمهم بصفات سيئة "
 
وأكدت أنها غير متسامحة تجاه ما ورد بالبيان أو الجهة المسؤولة عنه، "أطالب الجهات المسؤولة بأن تقوم بدورها تجاه من قام بذلك، المسألة ليست مزحة، ولها تأثيرها السيء على حيواتنا الخاصة، وهذا أمر لا أقبله لي أو لأي شخص آخر سواء ذكر اسمه أو لم يذكر".
 
بدوره، عبر الشاعر والكاتب خالد جمعة أحد الأدباء المدرجين في البيان: "أن الأمر مقلق حقاً سواء داعش موجودة أو غير موجود، ورغم عدم تواجد جهة تثبت رسمية البيان حتى الآن، إلا أن الاحتمالية لا تزال متساوية حول صحة البيان وتزويره".
 
وأضاف جمعة لمراسلة الـ"الحدث":" انها ليست المرة الأول التي يتم فيها مراقبة كتاباتي، حيث إن الأمن الداخلي في غزة وخلال استدعائه العديد من الأصدقاء كانت تسأل وبصورة مباشرة عن اسمي  بوصف "الملحد" وكذلك نشاطاتي وهذا ما يقلق أكثر في الوقت التي لم يوجه لي طلب للتحقيق".
 
وحول وصفه المتكرر بـ"الملحد" أكد الكاتب أن "مقالاتي تناقش الدين الإسلامي من خلال التفسيرات القرآنية والأحاديث النبوية وهذا لا يعني الإلحاد، ولو صحت تلك الاتهامات لن أخشى الاعتراف بذلك".
 
وبسؤاله عن الجهة المعنية بالعقم الفكري للكتّاب والشعراء في غزة، أكد جمعة أن في غزة من يحاول التعريف بنفسه والاختباء تحت غطاء الآخر الأسوء، فقبل التهديد الصادر تحت مسمى "داعش"، هناك العديد من الأطراف الحكومية التي باتت تقمع الحرية الفكرية في غزة، فوجود هذا التهديد الأعنف من الممكن قد يظهر تسامح تلك الاطراف ومنطقيتها رغم احتمالية أن يكون المصدر من الجهة ذاتها". 
 
وطالب جمعة الجهات المسؤولة بما فيها وزارة الثقافة وإتحاد الكتّاب والمؤسسات الثقافية بتوفير الحماية للأدباء والمثقفين خاصة المتواجدين في غزة والمدرجة أسماؤهم في البيان التهديدي.
 
وبعيداً عن حالة الغليان التي تعتري المهددين جاءت تصريحات الأطراف الحكومية المسيطرة على الضفة والقطاع، ليعلن الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم، انكاره لوجود عناصر لتنظيم "داعش" في غزة.
 
وفي الجهة الأخرى أدانت حكومة الوفاق الوطني برئاسة د.رامي الحمدالله البيان الصادر، باسم 'تنظيم الدولة الإسلامية، ولاية غزة'، والذي يتوعد ثمانية عشر كاتبا وكاتبة من غزة بتطبيق حد الردة إذا لم 'يتوبوا' خلال ثلاثة أيام.  مؤكدة في بيانها "'إننا ننظر بالكثير من الخطورة إلى البيان، فمن غير المقبول على الإطلاق أن يتم تهديد المواطنين الفلسطينيين وإرهابهم، وإن ما حدث في غزة من إطلاق بيانات تنتهك حقوق المرأة الفلسطينية أو تهديد الكتّاب إنما يضع الجهات الفاعلة في غزة أمام مسؤولية جدية في الوصول إلى الفاعلين ومحاسبتهم.


مرفق صورة عن البيان