الحدث ـــ محمد بدر
يكثر الحديث منذ فترة عن خليفة الرئيس محمود عباس، وتكثر التحليلات حول الآلية التي يمكن أن يصل بها الخليفة المفترض للحكم، وفي تصنيف الأشخاص والقيادات الذين قد يصبحوا الخلفاء، يذكر أحيانا هذا مرضي عنه أمريكيا وإسرائيليا وهذا غير مرضي عنه أمريكيا وإسرائيليا.
الانطباع الأولي أن شخص غير مرضي عنه إسرائيليا أو أمريكيا لا يمكن أن يكون رئيسا للشعب الفلسطيني، هذا الانطباع خلقته لدينا هالة "الإله الإسرائيلي" الذي يسير خلايا الدم الفلسطيني بخباثته، ذلك مع كون أن نظرية المؤامرة هي إحدى أهم الأسس التي نفسر فيها العلاقات السياسية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية ..الخ.
إسرائيل بعد تجربة حكم حماس في قطاع غزة وبعد عدة حروب على غزة، وصلت لنتيجة مفادها أن إسقاط حكم وإحياء حكم هي مسألة معقدة وغاية في الصعوبة، ذلك أن من تستهدفه إسرائيليا تتشكل حوله حاضنة شعبية تمنع من سقوطه، ومن تتقرب منه إسرائيل تتفك من حوله الحاضنة الشعبية وتحوله لظاهرة أمنية يسهل تغييرها وسقوطها.
قبل الظهور العلني للسلاح الإسرائيلي على ساحة الأزمة السورية، كان قادة إسرائيل ومفكروها يمنعون التصريح في الشأن السوري، كانت قاعدتهم الأساس أن التحريض على بشار يعني بقاءه ومحاولة الاصطفاف لصالح طرف يعني نزع الشرعية الشعبية والقومية والدينية عنه، وهو ذات الأمر الذي حذرت منه المعارضة السورية على لسان أحد قادتها في مقابلة مع وسيلة إعلام إسرائيلية حينها قال: "إن تصريحكم ضد الأسد يعني تكثيف الأسد لضرباته لنا تحت شعارات قومية".
إذا فمسألة تغيير الأشخاص، أو تصنيعهم أو تغييرهم أو تنصيبهم، هي مسألة غير ناجحة وغير ناجعة ولا تؤدي المطلوب بالنسبة لإسرائيل، وتحولت إسرائيل إلى فكرة أكثر أهمية من اغتيال الشخص ليحل مكانه من هو أكثر مرونة، أو تصنيع قيادة تحت أعينها، إلى مسألة التحكم بالانطباعات حول حكم س أو ص وفي تكريس ذلك مثلا لا تسعى إسرائيل لتغيير حكم حماس عسكريا، لكنها قادت حصارا أعطى انطباعا قاسيا عن طبيعة الحياة في ظل حكم تنظيم كحماس، وتحاول تغيير حماس نفسها ورؤيتها واحتياجات الغزيين، وإذا ما جاء للسلطة من لا يعجبها خطه السياسي فإنها ستسعى لخلق انطباع يأس تجاهه من خلال سياسة اقتصادية أمنية.
هذه السياسة الاقتصادية الأمنية تحقق لإسرائيل شرطين أو واحد من شرطين:
إسرائيل ليست بشخص يتوافق معها أو لا يتوافق معها، ما دامت تملك التحكم في الواقع المعاش فإنها تسيّر الحالة والانطباع والحاجة والولاء بطرق أكثر ذكية وغير فجة ومكشوفة، بل بالعكس فإنها يمكن أن تستفيد من بعض الشرعيات الثورية لتمرير مشاريع سياسية على المدى الأبعد.