الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حوادث الجرارات الزراعية الأخطر من حيث النتائج

عدم وجود مظلة حماية للسائق ونظام تعليق فاعل في الجرار الزراعي، وشراء المزارعين لجرارات زراعية مشطوبة متهالكة من المستوطنات الإسرائيلية، وقيادتها من قبل غير المؤهلين، وترخيص الجرارات الزراعية مهما كان عمرها من قبل سلطة الترخيص، وعدم وجود رقابة فاعلة من الس

2014-12-09 12:50:27 AM
حوادث الجرارات الزراعية الأخطر من حيث النتائج
صورة ارشيفية
 50% من حوادث الجرارات الزراعية أدت إلى القتل
أكثر من 50% من الحوادث المثبتة تبين فيها أن سائق الجرار الزراعي لا يحمل رخصة قيادة
رغم خطورته العالية فإن التراكتور أو الجرار الزراعي العائلي يتم التعامل معه كما الدابة، حيث تقوده الزوجة والإبن..وكل من في البيت!!
 
تحقيق- هيثم الشريف
لا يمر شهر أو حتى اسبوع دون أن نسمع عبر وسائل الإعلام المختلفة عن العديد من حالات الوفاة أو الإصابة جراء انقلاب الجرارات الزراعية لمزارعين في هذه المحافظة أو تلك، فما أسباب ذلك، وعلى من تقع مسؤولية تلك الحوادث، هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التحقيق.
عضو الأمانة العامة لاتحاد الفلاحين، ورئيس اتحاد الفلاحين في أريحا جوده سعيد، أقر أن معظم الجرارات الزراعية المستخدمة غير مرخصة وغير مؤمنة ولا تخضع لشروط السلامة العامة، وقد أعطى مثالاً على ذلك "80 % من الجرارات الزراعية في أريحا على سبيل المثال غير مرخصة، فكل مزارع لديه جرار أو جرارين، حيث أعرف شخصياً أحد المزارعين والذي يملك 3 جرارات زراعية  قديمة تعود لسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهي بدون أي أوراق ثبوتية، نظراً لشراء تلك الجرارات من "كيبوتسات" إسرائيلية، وبالتالي هي غير مرخصة أو مؤمنة".
وعن  الأسباب التي تدفع بالمزارعين لاقتناء جرارات زراعية إسرائيلية مستخدمة يزيد عمرها عن 30 و40 عاما قال عضو الأمانة العامة لاتحاد الفلاحين: "نظراً لضعف القوة الشرائية لدى المزارعين، وارتفاع أسعار الجرارات الزراعية التي لا يقل سعر الواحد منها عن 120 ألف شيقل، فهم يتوجهون لشراء التراكتورات والجرارات القديمة من المستوطنات الإسرائيلية، والتي لا يزيد سعرها عن 20-30 ألف شيقل، وبالتالي هذه الآليات المشطوبة غير متماسكة،  ومن يشترونها لا يقومون بعمل أي صيانة دورية لها، الأمر الذي يساهم في الحد من حوادث الجرارات الزراعية، لذا فإننا نطالب الجهات المختصة بتقديم الدعم الحكومي للمزارعين من خلال استيراد جرارات زراعية تكون معفاة من الجمارك، على أن تباع للمزارعين بالتقسيط، ليتمكن المزارع من مجاراة التطور الزراعي".
جودة سعيد عضو الأمانة العامة لاتحاد الفلاحين، ورئيس اتحاد الفلاحين في أريحا قال في ختام حديثه للحـدث أن الجرارات التي تقوم بالترخيص فعلاً، يقوم مالكها باستئجار (مظلة حماية) فقط من أجل الترخيص!"هذه الظاهرة موجودة بكل أسف، حيث أن أغلب الجرارات الزراعية تفتقر لوجود (المظلة) التي تشكل نوعاً من الأمان في حالة انقلاب الجرارات الزراعية، خاصة في المناطق الجبلية والوعرة، كما أن من الظواهر الأخرى أن السائق  يضع أبنته أو زوجته على أرداف الجرار الزراعي أثناء قيادته، ناهيك عن أن التراكتور في العائلة الزراعية للأسف يقوده الولد الصغير والبنت والكهل لسهولة قيادته رغم خطورته الكبيرة، بالتالي فإن غالبية المزارعين ليست لديهم رخصة، لذلك فإن نسبة كبيرة من المسؤولية تقع على عاتق المزارع، لكن في نفس الوقت أستغرب  قيام وزارة النقل بترخيص جرارات زراعية قديمة عمرها 30-40 سنة، وعمرها الافتراضي منتهي و لا تصلح إلا لأن توضع في متحف زراعي!".
وقد رد نائب مديرعام سلطة الترخيص في وزارة النقل والمواصلات المهندس ابراهيم العتر قائلا: "أي جرار زراعي صالح فنياً للعمل في الدينموميتر (محطة فحص المركبات فنياً)، فإنه يمكن ترخيصه حتى لو كان موديله يعود للعام50، حيث لا قيود لدينا على ذلك، ومن الأمثلة على ذلك أن لدينا جرار زراعي مسجل ومرخص يعود موديله لعام1962، وحسب الإحصائيات التي لدينا فإن الجرارات المرخصة لدينا لما بعد 1-1-2014  في المحافظات الشمالية (745) جراراً زراعياً، أما عدد الجرارات الزراعية المسجلة (رخصتها غير سارية المفعول ويمكن ترخيصها) (1444) جراراً".
(جدول1)
جدول يوضح عدد الجرارات والتراكتورات الزراعية والصناعية المرخصة والمسجلة أو الملغاة إدارياً حتى حزيران 2014، حسب وزارة النقل والمواصلات.
 
محافظة
بيت لحم
طوباس
رام الله
قلقيلية
 طولكرم
  سلفيت
نابلس
اريحا
الخليل
 جنين
غير محدد
المجموع
 
مرخص في  2014 
   29
   20
   130
  53
   53
   2
   88
   38
   144
   174
   14
745
 
المسجلة بغض النظر عن الترخيص
   164
   31
447
  155
    323
   3
  575
    228
   1235
  1347
   337
  4845
6289
 
المسجلة أوالملغاة اداريا
(الغاء إداري)
   5 
    -
   20
   1
   10
    -
   19
   12
   32
   28
  1317
1444 
 
·        عدد الجرارات الزراعية المرخصة لما بعد1-1-2014 (745)جرار زراعي في المحافظات الشمالية، وليس هناك معلومات عن الجرارات في المحافظات الجنوبية.
·        أكبر عدد للجرارات الزراعية المرخصة أو المسجلة في محافظة جنين، 174، 1347 على التوالي.
·        عدد الجرارات الملغاة إدارياً احتياطاً (1444)،  والتي من الممكن أن تكون موجودة، وقد يتم ترخيصها في أي وقت.
·        معظم الجرارات مصدرها إسرائيل تم تحويلها من خلال وزارة النقل والمواصلات.
·        لايوجد إحصائية للجرارات الزراعية الإسرائيلية التي لا أوراق فيها، والتي لم تدخل قانونياً عبر وزارة النقل والمواصلات.
 
وليست كبرى المشاكل تتعلق بملف الجرارات الزراعية المسجلة (غير المفعلة) حسب ما يقول نائب مديرعام سلطة الترخيص في وزارة النقل والمواصلات، فالمشكلة الأكبر تتمثل بظاهرة الجرارات الغير مسجلة أوالغير مرخصة على الإطلاق: "تلك الجرارات يتم إحضارها من إسرائيل بطرق خاصة بعيداً عن معاملات وزارة المواصلات، والتي لا يوجد معلومات لدينا حولها، لأن تقدير عددها يحتاج لمسح ميداني واقعي على الأرض".
الأمر الذي دفعنا للتوجه للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، لمعرفة إن كانت بحوزتهم أيه إحصائيات تتعلق بأعداد الجرارات الزراعية في الأراضي الفلسطينية، وبغض النظر أكانت مرخصة أو غير مرخصة، حيث أفادتنا بأنه وبحسب الإحصاءات الزراعية 2007/2008 فإن عدد الآلات والمعدات الزراعية في الضفة الغربية (27993) آلة وجرار، من بينها (7001) جرار عَجل.
وحول شروط الترخيص قال المهندس إبراهيم العتر قال نائب مديرعام سلطة الترخيص في وزارة النقل والمواصلات: "يطلب من المزارع في أول مرة إحضار كتاب من وزارة الزراعة يثبت فيه ملكيته للجرار،  ومن أن له نشاط زراعي، وبأن يتعهد بأن لا يستخدم الجرار إلا للأغراض الزراعية، إضافة إلى  تأمين الجرار الزراعي، على أن توفر مظلة حماية للسائق (والتي تعد كحزام الأمان)، وبناءً على ذلك تتم عملية الترخيص، حيث تحتسب قيمة الترخيص (صفر) حسب القانون، إذ لا يلزم المزارع إلا بدفع رسوم فحص (الدينموميتر) الذي تتراوح قيمته ما بين 50-60 شيقل، ورغم ذلك فإن غالبية المزارعين لا يقدمون على ترخيص جراراتهم، إما لعدم رغبتهم في التأمين، أو لأنهم لا يحتاجون للعمل على الجرار الزراعي طوال العام، وإنما في أوقات موسمية عموماً".
من جانبه قال مدير عام العلاقات العامة والإعلام والتوعيه المرورية في المجلس الأعلى للمرور المهندس ناصر أبوشربك إن نسبة ضئيلة من الجرارات الزراعية المنتشرة في المحافظات مستوردة، نظراً لسعرها الذي يفوق الـ25 ألف دولار على أقل تقدير، والتي إن توفرت فهي تأتي من خلال المنح أو المشاريع وفق عطاء حكومي، بحيث تصرف على الجمعيات التعاونية وغيرها من باب دعم قطاع الزراعة، بينما النسبة الكبرى من الجرارات المنتشرة في الأسواق، مصدرها إسرائيل، وبالتالي: "ومن واقع متابعاتنا فإن أغلب الحوادث المتعلقة بالجرارات الزراعية تكون لجرارات معظمها إسرائيلية قديمة، والتي لا يكون فيها نظام حماية وسلامة، سواء كانت جرارات مسموح بتحويلها رسمياً، أو جرارات  تدخل للسوق الفلسطيني دون تحويل، والتي لا يكترث المزارع  لا لترخيصها ولا لتأمينها، لاعتقاده أن الترخيص يكون هاماً فقط في حالة سير المركبة على الشارع، أو إذا ما كان في منطقة فيها سيطرة أمنية فلسطينية".
وأضاف مدير عام العلاقات العامة والإعلام والتوعية المرورية في المجلس الأعلى للمرور: "مع ذلك، فليست كل الحوادث التي تتم بمركبات غير قانونية يتم التبليغ عنها، حيث أن الحوادث التي لا تشمل إصابات بليغة أو موتاً، من الممكن ألا تسجل، وأنا أعرف بعض تلك الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها لعدم وجود ترخيص وتأمين، حيث يقوم المزارع  بتغطية الأضرار على حسابه الشخصي، دون أن يسجل على نفسه أنه تعرض أو كان هناك حادث".
وفيما يتعلق بأبرز أسباب تلك الحوادث قال المهندس ناصر أبوشربك: "معظم حوادث السير التي تنتج عنها حالات وفاة، سببها الرئيسي عدم وجود مظلة حماية، كما أن من المسببات الأخرى عدم وجود نظام تعليق هيدروليكي في تلك الجرارات، والذي يفترض أن يراعي النقل والظروف الميدانية للطريق، إذ أن أنظمة  التعليق الموجودة في الجرارات بسيطة إن لم تكن بدائية، ناهيك عن أن طبيعة عمل الجرار الزراعي لا تسمح بأن يكون هناك إمكانية لتزويد تلك الجرارات بأنظمة تعليق تكون قادرة على التعامل مع الظروف الصعبة للطريق".
وحول مدى تحمل وزارة النقل مسؤولية تلك الحوادث نظراً لأن عدداً كبيراً من تلك الجرارات غير مرخصة عقب قائلاً: "المسؤولية تقع على الجهات التنفيذية على الشارع، وتقع على من يحرر المخالفات، ورغم ذلك يجب أن لا ننسى أن  تواجد الجرارات الزراعية يكون في المناطق الزراعية (المصنفة C)، والتي غالباً ما تكون خارج سيطرة السلطة الفلسطينية أمنياً".
مفتش حوادث الطرق في الشرطة الفلسطينية المقدم ثابت السعدي، قال إن حوادث الجرارات الزراعية تعتبر الأخطر من حيث نتائجها بالنسبة لحوادث المرور بشكل عام، وأضاف" بغض النظر عن العام، فإن النسبة العظمى من حوادث السير الي تتعلق بالجرارات الزراعية مصدرها إسرائيل (مشطوبة)، وتفتقر لوسائل السلامة العامة، والتي من بينها عدم وجود مظلة حماية أو فرامل صالحة، فعلى سبيل المثال عام 2013 كان هناك 9 حالات وفاة، وتبين أن 7 من تلك الحوادث كان الجرار الزراعي فيها غير قانوني، بمعنى أنها غير مرخصة وغير مؤمنة على الإطلاق، إضافة إلى أن 3 منها ليس فيها قفص حماية. كما أن الإحصائيات التي لدينا تشير أيضاً إلى أن 50% ممن يقودون تلك الجرارات لا يحملون رخصة قيادة، كما ننوه إلى أن ما يجب الالتفات له أيضاً إشكالية أن معظم  شركات التأمين ترفض أن تؤمن الجرارات الزراعية بسبب مخاطرها العالية، وقد رفعنا عدة كتب بهذا الخصوص، حيث يجب أن تكون هناك جهة إلزام لشركات التأمين من أجل تأمين الجرارات الزراعية".
 
 
وحول الإجراءات الرقابية التي تقوم بها الشرطة بهدف الحد من حوادث المرور بشكل عام، وحوادث الجرارات الزراعية بشكل خاص قال المقدم ثابت السعدي مفتش حوادث الطرق في الشرطة الفلسطينية: "رغم وجود بعض القيود جراء تقسيم المناطق الفلسطينية، فإننا نقوم من فترة لأخرى ببعض الحملات في المناطق المصنفة (C) والمناطق الريفية التي تكثر فيها المركبات غير القانونية بشكل عام والتي من بينها الجرارات الزراعية، أما في مناطق انتشارنا الطبيعي، فهناك رقابة دائمة وحثيثة على جميع المركبات، لكن يجب أن يرافق ذلك إجراءات توعوية من قبل الجهات الأخرى، تستهدف من خلالها المزارع وتوعيته حول ضرورة استخدام وسائل الحماية الخاصة بالجرارات الزراعية، نظراً لأن طبيعة عمل تلك الجرارات في الجبال والمنحدرات الخطرة، إضافة لضرورة أن يكون السائق مؤهلاً للقيادة، حيث أن العرف السائد أن الأب يسمح لأبنه القاصر بقيادة المركبة وهذا أمر خطير، وندلل على ذلك من واقع المؤشرات الإحصائية التي بينت أن 50% من الحوادث الخاصة بالجرارات الزراعية لا يكون السائق فيها يحمل رخصة قيادة".
بدوره ربط مديرعام الإدارة العامة للمرور في الشرطة الفلسطينية المقدم زنيد أبو زنيد ظاهرة انقلاب الجرارات الزراعية بوجود الاحتلال: "الاحتلال يمنع شق الطرق الزراعية سواء في الجبال أو السهول، كما أنه يمنع المزارعين من الوصول إلى مناطقهم ومزارعهم من خلال الطرق المعبدة، بهدف منعهم من الوصول إلى مزارعهم أو عرقلتهم وإعاقتهم على الأقل، مما يدفع المزارعين لسلوك طرق غير مستوية ووعرة جداً للوصول إلى أراضيهم من أجل القيام بالأعمال الزراعية كنقل الخضار أو الفواكه أو الحصاد أو حرث الأرض، فالعديد من الحوادث المميته وقعت في المناطق القريبة من العيزرية وأبوديس والتي تحوي حواجز إسمنتيه على جنبات الطرق، أو في والشوارع الالتفافية المحيطة بالخليل كما في منطقة حلحول، والمغلقة بالكامل أمام الجرارات الزراعية، بالتالي فإن جغرافية الأرض لها دور رئيسي في انقلاب الجرارات الزراعية، حيث تزداد وتكثر في المناطق الجبلية والوعرة، كأن يفقد المزارع السيطرة على التراكتور، الذي قد ينزلق أو يميل باتجاه معين خاصة إذا كان به حمولة، علماً أن الإحصائيات التي لدينا تشير إلى أن أكثر من 50% من الحوادث التي أدت للوفاة والمثبتة لدينا كان سببها عدم وجود (مظلة حماية) تحمي المزارع في حال انقلاب الجرار الزراعي رأساً على عقب".