السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"نص كيس رصاص" محاكة للواقع.. بروح الماضي

2014-12-23 01:37:06 AM
صورة ارشيفية
 
الحدث –ياسمين أسعد
 
من عمق ذاكرة التاريخ وبألم الواقع الفلسطيني المحبط، تأتي بصفعة أملٍ لحاضر متقاعس قد حان موعد صحوته، ليجول محطات نضالٍ وحدويٍ أُنهك بخيبات القومية العربية، وبات يأخذ العبرة أخيراً من حماة أرضٍ، ظن محتليها أن "أحفاد النكسة" سلموها وعايشوهم، لكن صراخ حناجرهم ما يزال يقول: بـ" نص كيس رصاص" آخر، سنحمي القدس ونعيد الأرض. 
"نص كيس رصاص" سرد مسرحي يحاكي الواقع الفلسطيني المحمّل بانتهاكات الاحتلال اليومية ضد الفلسطينين من محاولات طمس للفكر النضالي والهوية والتراث الفلسطيني الشاهد على الوجود، من خلال العودة بالذاكرة إلى المفاصل المحورية بالتاريخ كمعركة القسطل واستشهاد عبد القادر الحسيني وربطها بتفشي الاستيطان الإسرائيلي واستيلائه على الأراضي والبيوت في القدس المحتلة، وصولاً لواقع المجتمع الفلسطيني المتجزء والمحبط.. التي تحاول البطلة "كاميليا" تجديد أمله بالحرية بإرجاعه إلى الحس النضالي، والدعوة للتكافل والوحدة الوطنية لحماية الأرض.
وحول أبرز محاور العمل، قال كاتب المسرحية كامل الباشا أن الهدف من المسرحية يكمن في ربط ماضي القدس بحاضرها، من خلال الحديث عن مفصل أساسي في تاريخ القضية الفلسطينية وتاريخ القدس تحديداً، وهي معركة القسطل التي تعد المحطة الأساسية التي أفقدتنا القدس عام 1948 وعنوان من عناوين النضال الفلسطيني.
وأضاف الباشا لـ"الحدث" أنه تم ربط المعركة في السرد المسرحي من خلال محورين، أولهما سياسات الاحتلال في مصادرة البيوت في البلدة القديمة في القدس، والثاني "مسرح خيال الظل" الذي يعبر عن تاريخ مسرحي نحاول إعادة إحياءه كجزء من تاريخ القدس.
بدورها أوضحت بطلة المسرحية ريم تلحمي، أن دور "كاميليا" هي المرأة الفلسطينية التي تحاول منع مصادرة الإحتلال لمقهى "الحج صالح"، الشاهد على قصص التاريخ والذكريات، من خلال دعوة الناس عليه لإحياءه وإثبات وجودهم، لكنها تصدم بحال من حولها وتَدخل في الصراع الحاد بين إعادة إحياء النضال الثوري الماضي وتقاعس الجيل الجديد وفقدانه للأمل بالنصر ومحاولاته الرامية للتعايش مع الوجود الصهيوني، وتغير أفكاره  باتجاه السلام ومغرياته الكاذبة.
 
وتضيف الفنانة أنه "المسرحية عبر القصة التاريخية تريد تنبيه وإيقاظ الجيل الجديد بأكمله بمخاطر التعايش مع الاحتلال، وكيفية الرجوع للتاريخ لتجديد الأمل، وهذا ما يظهر عبر شخصية "الإبن" التي تبرز ملامح وطنيته بعد تعرفه على التاريخ النضالي الفلسطيني وصراع الوجود، وهنا تكمن بوادر الأمل".
وعن البناء الهيكلي للمسرحية، أكدت التلحمي أن المسرحية تحاكي الحياة الفلسطينية بلغتها البسيطة، وهذا ما ميّز المسرحية من خلال النص والشخوص ومشاعر الفرح و الحزن  المختلطة ، فالحديث عن التهديد بمصادرة "قهوة الحج صالح" تجسيد لقصة يومية يعيشها الفلسطينين في العديد من الأراضي والبيوت التي يسرقها الاحتلال بأبسط الطرق وبتزوير الأوراق الملكية.
"فعبر إحياء مسرح خيال الظل، على مستوى الشكل المسرحي من خلال شخصيتي "كاركوز وعواظ" نعرض واقع الحال الفلسطيني عبر السخرية، ولكنه تنبيه للفلسطينيين من أجل التكافل للحفاظ على  الأماكن الفلسطينية من مصادرة المستوطنين، فالتجمع يفشل التخطيطات الصهيونية".
ونوهت الفنانة الى أن "العمل سلط الضوء على الشعب الفلسطيني في أراضي الـ48، للتأكيد على رمزية الوحدة الشعبية وإلغاء التقسيمات الفصائيلية التي تحول دون تحقيق الحرية.
وحول فكرة المسرحية، قال الباشا إن القصة جاءت من مخزون ذاكرتي، ففي طفولتي كان هناك حكواتي مقعد يدعى "الحج صالح"، وكان يروي لنا القصص التاريخية في المسجد الأقصى ويعلق عليها و يربطها في القدس، من هنا انطلقت لربط الثلاث محاور، وتخيلت أن الحج صالح في شبابه كان كاركوزاتي وفاتح مقهى هو يملكه، ويقدم في الليل الأمسيات الضاحكة عبر "كاركوز وعواظ" ولكنه خلال النهار كان يعمل مع المجاهدين المناضلين من أجل تحرير فلسطين .
 
"فالربط بين معركة القسطل و خيال الظل ومصادرة البيوت في القدس هو الذي خلق المسرحية في أجواء من خلالها تتعرف عن ماذا يحدث بالقدس و ماذا حدث عام الـ48 وما قبل ذلك، كبنوراما للقدس كمدينة وسكان.
وحول اختيار المسمى للمسرحية قال الباشا إن التسمية جاءت من رسالة موجهة من عبد القادر الحسيني عندما زار الهيئة العربية لطلب السلاح وقوبل طلبه بالسخرية والاستهتار بقدرته على تحرير فلسطين، فالروايات تقول أنه عاد يحمل تنكة صغيرة فيها بارود مُبرّد، وروايات أخرى تقول أنه عاد بنص كيس رصاص، وهذا رمز قاسي يمثل الخذلان العربي والمؤامرة.
وعن الأغاني المستخدمة في المسرحية عبر فيها الكاتب عن احساسه في تفاصيل مدينة القدس من سور القدس والأمل الساطع من ضوء نور شمسها، وحجار القدس الشاهدة على المجازر والتي أشتم فيها الياسمين والزعتر رغم كل الأسى الذي نعيشه في القدس الجميلة .هي ليست بلد الموت والقتل هي بلد الجمال و تجدد الأمل.
وفي السياق ذاته قالت التلحمي أن في كيس رصاص تم اختيار مجموعة من الأغاني التراثية من كتابة جميل السائح وكامل الباشا، والتي حملت في طويها رمزية ورسالة المسرحية، وعبرت عن حالة الحزن والأمل والوصف للمكان المتناقض.
وعن تداخل تفاصيل المسرحية لإبراز الرسالة، وصف الباشا المسرحية "بالفسيفساء الفلسطينية، تحوي المثل الشعبي والأغنية الشعبية المفرحة والمبكية، والعلاقات الاجتماعية الفلسطينية ، فالتراث لم يخلق للمتاحف بل للتوظيف والتجديد".
المسرح خلق لمتعة الناس ولكن بغض النظر عن طبيعة هذا الفن المسرحي لابد أن يربط المتعة مع واقعهم من خلال ادخال الجمهور بالقصة و محاكاة أحداثها، وهذا ترسيخ أقوى من الكتب التاريخية خاصة في خيال الأجيال الجديدة، لذلك نحن نحاول إيصال المسرحية لطلاب المدارس في فلسطين وخارجها حتى يعرفوا التاريخ ويأثر في تكوين شخصيتهم، والتعامل مع التاريخ لبناء المستقبل".
 
وعن العرض الذي تم السبت الماضي،  تقول ريم إن "حضور ما يقارب الـ150 شخص لمسرح ادوارد سعيد في مقر الإغاثة الطبية في مدينة رام الله، أمر مثلج حقاً للقلوب وأسعادنا كثيراً التفاعل الكبير للجمهور مع المسرحية، خاصةً أنه العرض الختامي للمسرحية ضمن جولة العروض المسرحية المعقودة بين رابطة المسرحيين الفلسطينين وجمعية الإغاثة الطبية لعام 2014 والتي ستجدد في العام المقبل بالتأكيد في جنين ونابلس".
وأضافت: "كيس رصاص" سوف نتنافس في" مهرجان المسرح العربي" في الرباط مع 8 أعمال أخرى على جائزة أفضل عمل عربي لهذا العام .
وعن تفاعل الجمهور مع المسرحية أكد الباشا أن المسرحية تعرض منذ عام 2010 وكل العروض في القدس والداخل المحتل والضفة الآن وخارج فلسطين، نشعر فيها بالمتعة و التفاعل الكبير للجمهور مع احداث المسرحية سواء بالفرح أو البكاء، لأن تفاصيلها مرتبطة بكل فرد فينا".