الحدث- محمد غفري
قبل ثلاث سنوات، شرع محمد جياب بالبحث عن قطعة أرض يقيم عليها مزرعة، بعدما علق داخل أراضي الضفة الغربية، ولم يستطع بسبب سياسات الاحتلال العودة إلى قطاع غزة قادماً من أمريكيا.
عثر جياب إلى جانب المقدسي محمد العلمي على قطعة أرض في قرية بلعين، لا تبعد سوى مئات الأمتار عن جدار الفصل العنصري، ومن هناك بدأت حكاية أم سليمان.
ما يميز مزرعة أم سليمان غرب مدينة رام الله، أنها أقيمت على أراض محررة، وتتم الزراعة فيها بطريقة بيئية نظيفة، ومن ثم تسوق منتجاتها إلى المشتركين وفق آلية مدعومة مجتمعياً.
"تأسست مزرعة أم سليمان قبل ثلاث سنوات، على يد محمد جياب ومهاب العلمي، وقد اختارا هذه الأرض، وهي جزء من الأراضي المحررة التي تم استرجاعها على يد المقاومة الشعبية في بلعين، صاحب الأرض تبرع باستعمالها لمدة خمس سنوات دون مقابل"، قالت لـ"الحدث" يارا دواني وهي من القائمين على المزرعة هذه الأيام.
داخل المزرعة، تقوم يارا مع عدد من المتطوعين بقطف الخضار الشتوية "حالياً نزرع في الموسم الشتوي، البازيلاء الفول والزهرة البروكيلي والخس والجرجير والسبانخ، ولدينا العديد من الأعشاب".
زراعة بيئية
تقول يارا دواني، إن الزراعة تتم بالطريقة البيئية الخالية من المواد الكيميائية، وما يتسخدم فقط هو السماد الطبيعي (زبل الحيوانات).
هنا تدخل المختص بالزراعة البئية سعد داغر، وأوضح لـ"الحدث"، أن الزراعة البيئية عبارة عن فلسفة وتطبيقات زراعية طبيعية.
وتابع "تعتمد الزراعة البيئية على الوسائل الطبيعية في الإنتاج، وذلك بهدف التعاون مع الأرض بطريقة أكثر بيئية، دون وجود أي ضرر للتنوع الحيوي ولا للتربة أو الكائنات الحية، مع إنتاج عالي للمحاصيل".
وأكد داغر، أن الزراعة البيئية لا تستخدم المبيدات والمواد الكيماوية، التي تدخل إلينا من قبل الاحتلال، وبالتالي نحن نقلل من الاعتماد على الاحتلال ونقاطع منتجاته، عندما نزرع بطريقة بيئية.
الزراعة المدعومة مجتمعياً
كان لطعم الشاي نكهة خاصة، فقد حضر بأعشاب طبيعية من داخل مزرعة أم سليمان، دون أن يخلو الجو من مداعبات الكلبة الأليفة "ليلي".
شرعت يارا بتحضير السلات الغذائية، وفي هذه الأثناء أشارت إلى أن مزرعة أم سليمان تقوم على الزراعة المدعومة مجتمعياً، التي تجعل العلاقة مباشرة بين المشتركين بالمزرعة والمزارع نفسه، دون أي وساطة من تاجر أو خضرجي، وبذلك يكون الدفع بشكل مباشر للمزارع قبل بداية الموسم، ويعرف المستهلك من أين تأتي الخضار إليه.
هنا أوضحت دواني، أن المستهلك يدفع للمزارع قبل بداية الموسم حتى يستطيع المزارع الزراعة، ومعرفة الكمية التي يجب عليه زراعتها.
بدأت مزرعة أم سليمان بثمانية مشتركين، ولديهم الان 36 مشترك من مدينة رام الله، عدا عن الطلب المتزايد.
وحول أسعار الخضار، تقول دواني أن الأسعار في بعض الأحيان أقل من سعر السوق، وترتفع عن سعر السوق أحيانا إلى ما يزيد عن 10%.
وتبرر هذا الارتفاع، لأن المزرعة تقوم على اشتراكات الأعضاء، وجزء كبير من المشتركين يدفع إليهم بهدف دعم المزرعة، عدا عن الاهتمام بصحته فهو يحصل على خضار بيئية نظيفة.
الاحتلال يلوث المشهد
بداية الألفية الجديدة شرع الاحتلال الإسرائيلي بتمزيق أراضي الضفة الغربية بجدار الفصل العنصري، وكانت بلعين من القرى التي استهدفها الجدار.
نتيجة لمصادر الاحتلال ألاف الدونمات شرع أهالي بلعين بالمقاومة الشعبية رفضاً لمصادرة أراضيهم، وبالفعل نجحوا باسترداد جزءاً منها.
لا يفصل بين مزرعة أم سليمان ومستوطنة "كريات سيفر" سوى الجدار الفاصل، وأراضي مهددة بالمصادرة.
وحول انتهاكات الاحتلال، تقول يارا دواني "لا نستطيع البناء في المزرعة لأنها ضمن الأراضي المصنفة C، أو حفر بئر لتجميع المياه، وهناك قرار من قبل الاحتلال بهدم الحمام والخيمة والبيت البلاستيكي والسياج".
وأضافت، أن مظاهرات تجري كل يوم جمعة احتجاجاً على بناء الجدار، عدا عن وجود هذا المنظر الاستيطاني البشع "فهو أكبر انتهاك" على حد وصفها.
وختمت دواني "نحن نتواجد في هذه الأرض بالتحديد، لأن مناطق C إذا لم تتواجد فيها بشكل شبه يومي من المحتمل أن تصادر، لهذا السبب اخترنا هذه المنطقة الملاصقة للجدار، والمهددة بالمصادرة".