الأربعاء  09 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأسرى يهددون بحل التنظيمات في السجون.. فما الذي تعنيه هذه الخطوة؟

2019-03-01 07:18:51 AM
الأسرى يهددون بحل التنظيمات في السجون.. فما الذي تعنيه هذه الخطوة؟
الأسرى في سجون الاحتلال

الحدث ــ إبراهيم أبو صفية

في ظل الهجمة غير المسبوقة على الأسرى في سجون الاحتلال، قررت الحركة الأسيرة حلّ التنظيمات داخل معتقلات الاحتلال، كخطوة احتجاجية لمواجهة الإجراءات التنكيلية التي تنفذها إدارة السجون بحقهم خاصة مع تسلم وزير " جلعاد أردان" وزارة الأمن الداخلي وهو صاحب الوعودات بالتنكيل بالأسرى.

وفي سبيل تحقيق المطالب والدفاع عن حقوقهم، يلجأ الأسرى في سجون الاحتلال لاتخاذ خطوات عدة، من بينها ما يعرف بخطوة "حل التنظيم"، فماذا يحمل هذا القرار من تبعات وما دور قيادات التنظيمات؟. ولماذا يسعى الاحتلال لبقاء ممثلين عن التنظيمات في السجون؟.


تشكل التنظيمات في السجون

جاءت فكرة تشكيل هيئات تنظيمية في السجون، في ضوء تزايد أعداد الأسرى والذي شكل عائقا أمام إدارات السجون في تعاملها مع هذه الأعداد الكبيرة، وكذلك بروز ظاهرة الإضرابات، وبعد نجاح هذه التجربة، شكل الأسرى لجان مشتركة ساهمت إلى حد ما في ضبط العلاقة بينهم.
وقال مدير مركز الأسرى للدراسات الأسير المحرر رأفت حمدونة، إنه منذ البداية تعاملت إدارة السجون مع الأسرى بشكل فردي ومنعت التشكل الجماعي أو أن يكون لهم تمثيل، إضافة الجمع بين الأسرى الأمنيين الفلسطينيين والأسرى الجنائيين اليهود وكثيرا ما حدثت مشاكل. وأوضح لـ" الحدث "  أن إدارة السجون قامت بتشغيل الأسرى الفلسطينيين في الصناعات، حتى شعر الأسرى أن هذا الوضع لا يليق بهم كأسرى  أمنيين أسروا من أجل حريتهم وكرامتهم، ونظروا إلى هذه الممارسات على أنها شكل من العبودية.

وأضاف أن بعدما تعرضوا للاضطهاد والمضايقات، تشكلت حالة الوعي لردع مماراسات " مصلحة السجون"، حتى ارتقى الشهداء، مثل الشهيد أحمد الشلبي الذي قام بتكسير منجرة أثناء العمل، وصرخ الأسرى " لم نسجن لنقوم بخدمتكم". وأشار إلى بدء الإضرابات المفتوحة في السجون في نهاية الستينات وبداية السبعينيات حتى حققوا النصر بالحصول على شكل تنظيمي يدافع عن مطالبهم.

وبيّن حمدونة في دراسته " البنى التنظيمية والمؤسسات الاعتقالية للأسرى فى السجون"، إلى أن فى عام 1975م تقريباً مر التنظيم بمرحلة (قيادة النخبة)، حيث أخذ يتبلور في تلك المرحلة الزمنية التفكير بوجود قيادة جماعية، و هذا التوجه ظهر في معتقل عسقلان حيث كان يضم عدداً من الشخصيات ذات التجربة العميقة و القدرة على القيادة، في هذه المرحلة تبلورت هياكل تنظيمية في معتقل بيت ليد، مرورا بتطورات حصلت على بنية التشكل التنظيمي، وإعداد لوائح لتنظيم حياة الأسرى وضبطها  التي تفصل ما هو مسموح به للفرد عن ما هو ممنوع عليه، كما تم عقد الكثير من الجلسات التربوية التى تعزز قيم الطاعة والانضباط الحزبي، وتعزز الضوابط التى عوملت كمقياس لأخلاقيات الفرد، وبنى عليها الكثير من التقييمات التى تتعلق بالفرد وتطوره داخل التنظيم.
 

ولفت إلى أن  العام 2007 تطور عمل الأسرى فى العمل للأطر التنظيمية بشكل داخلي، واتسعت رقعة التنسيق المشترك لتصل لكافة السجون ، واستطاع الأسرى أن يخطوا خطوات متقدمة إلى الأمام ، فأنشأت التنظيمات الهيئات القيادية العليا للأسرى فى السجون، والقيادة الموحدة للأطر الأخرى، ليشمل مجلسها الأعلى بالانتخابات العامة لكل عناصر التنظيم فى السجون أعضاءاً متواجدين فى عدد من قلاع الأسرى ، تلك القيادة والهيئات تقوم برسم السياسات العامة لأسرى فصيلها فى القضايا المشتركة على مستوى السجون، و التى تحسم الخلافات وتتخذ القرارات الكبرى من خلالها.

وفي دراسة أخرى بعنوان " عوامل ابداع الأسرى الفلسطينيين فى السجون الاسرائيلية "، قال حمدونة " لقد تمكنت الحركة الإعتقالية خلال تجربتها الطويلة من تشكيل مؤسساتها وهيئاتها الاعتقالية الوطنية، والتي اعتبرت الإطار القيادى للمعتقلات، وبدأ الإعداد للميثاق أو الدستور الاعتقالي الذى ينظم الحياة الإعتقالية في العام 1976، ووجدت التفاهمات النظرية والمراسلات المكتوبة والشفوية لتنسيق المواقف وتنظيم العلاقة بين الأطر، وتشكيل الهياكل والمؤسسات والمسميات والضوابط للأفراد والتنظيمات فى السجون، وأشكال اتخاذ القرارات ومرجعياتها، وكانت على رأس تلك المؤسسات " اللجنة الوطنية أو النضالية العامة " التى تشرف على اللجان العامة فى السجون " كاللجنة الثقافية، والأمنية، والرياضية، والصندوق المالى الإعتقالى العام .


ماذا يعني قرار حل التنظيمات ؟!

قال حمدونة إن التنظيم حالة مهمة للأسرى في سجون الاحتلال، في ذات الوقت يمثل حالة الاستقرار التي تحتاجها " مصلحة السجون"، فإن من يملك القرار هو التنظيم، وفي حال حلّت هذا التنظيم فإن الإدارة تضطر للتعامل مع كل أسير بمفرده، وهذا يشكل ضغط عليها، وقد يتخذ أي أسير قرارا بتنفيذ عمل نضالي ضد السجان بقرار منفرد، كون لا أحد مسؤول عنه.
وأشارة حمدونة إلى أن هذا القرار هو شكل مؤقت للاحتجاج وهو عبارة عن تهديد" بأن التنظيم لن يقيد أي أسير يريد أن يقوم بعمل ما"، مما يقلق " مصلحة السجون"، لافتا إلى ما حصل في سجن نفحة عندما حلّت التنظيمات، وقام أحد الأسرى بتنفيذ عملية طعن ضد السجان.

وأوضح لـ" الحدث"  أن مسألة التنظيم هي مقدسة عند الأسرى؛ لأنها وليدة مسار نضالي طويل إضافة أنها هي من حققت الكرامة والحقوق الإنسانية للأسرى. مبينا أن قرار وزير الأمن الداخلي الذي صدر عنه قبل شهر " بحل التنظيمات"، هي محاولة لتفريغ الأسرى من جلساتهم التنظيمية وحل الشكل الإداري، ولكن هذا الحل لن يعطي استقرار للسجان.

بدوره قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، إن حل التنظيم  يعني أن يصبح الأسرى في سجونهم بدون أي تمثيل وتضطر الإدارة للتعامل مع كل أسير على حدا، ما يعني سيادة حالة من الفوضى التي لا تستطيع إدارة الاحتلال تحملها أو السيطرة عليها. مثلا " في الحالة الطبيعية ممثل السجن والقسم يسهلان إجراء الفحص الأمني الذي تقوم به الإدارة يوميا، ولكن بعد حل التنظيمات يصبح الأمر صعب وقد تحدث مشاكل بين الأسرى والسجان يعيق هذا الفحص".

وأوضح فارس لـ" الحدث" أن هناك تفاهمات غير مكتوبة بين الأسرى وإدارة السجون تحولت إلى أعراف في تنظيم العلاقة بينهما، وأن للأسرى هيئات منتخبة، تختصر عليها جهدا ووقتا في بعض الإجراءات التي يمارسونها.

وأشار إلى أن حل التنظيم يعني أن تتكلف الإدارة بكل الأعمال التي كان يقوم بها الأسرى لخدمة ذاتهم مثل " توزيع الطعام" و" جمع النفايات" وغيرها من جميع المرافق، ويترتب على ذلك إما أن يتم جلب سجناء جنائيين للقيام بهذه الأمور أو أن يقوم السجانون أنفسهم بتنفيذ ذلك، وفي الحالتين هناك إرهاق لإدارة السجن، ولأن الأمر قد يترتب عليه مخاوف من قبل الإدارة من إمكانية تطور الحالة للوصول إلى المواجهة اليدوية، وإبقاء السجن في حالة من عدم استقرار وحالة من الاستنفار والترقب، بالتالي فإن الخطوة لن تبقى طويلا إذ من الممكن أن تصل ليومين أو ثلاثة، إلا إذا تطورت لمرحلة الإضراب الاستراتيجي.

كما أن حل التنظيمات نفسها مؤشر على بداية عصيان، ونهاية مرحلة الحوار للدخول في اللاحوار، ويلجأ إليها الأسرى بعد خطوات تدريجية، وصولا إلى طريق شبه مسدود،  بسبب تعنت إدارة سجون الاحتلال، والتي تشمل الوسائل العقابية بحق الأسرى.

ويعقب هذا القرار خطوات عملية تبدأ بإدخال عمال المرافق (كنتين، محلقة، مكتبة، مغسلة، عمال المردوان) وهم "أسرى قائمون على خدمة الأسرى"، بالإضافة لدخول المفوض بالحديث مع الإدارة داخل القسم، وتصل الأمور بقطع الحوار مع إدارة السجن، ويترك باب واحد فقط من خلال "ممثل المعتقل" (وهو الشخص المسؤول الفعلي والرسمي أمام إدارة السجن، والذي يمثل جميع الأسرى).

وتصاعدت إجراءات الاحتلال بحقّ الأسرى مؤخرا، عقب قيامه بنصب أجهزة تشويش في عدد من أقسام معتقل "النقب الصحراوي"، وتنفيذ عمليات قمع واقتحامات متتالية. واستبق ذلك باقتحام قسم (15) في معتقل " عوفر" واعتدائه على الأسرى.