الحدث- محمد غفري
داخل مجموعة للمحادثة عبر إحدى مواقع التواصل الاجتماعي، اقترح الشاب سليمان على أقاربه وأصدقائه، تنظيم مسار سياحي يوم غد الجمعة. يبدأ المسار المقترح مشياً على الأقدام من منطقة عين الفوار وحتى وادي القلط، ويعتبر من أشهر المسارات البيئية المعروفة، التي تقع في الأغوار الفلسطينية شرق القدس المحتلة.
أما إذا تصفحت موقع "الفيسبوك" هذه الأيام، لابد أن تلاحظ حجم الانتشار الواسع لإعلانات عن مسارات سياحية تنظمها مجموعات شبابية أطلقت على نفسها مسميات مختلفة، منها: تجوال سفر، إمشي واتعرف على بلدك، مسار، فرسان الأرض، رحال، الحق في الحركة، درب الزيتون، وغيرها من المجموعات التي تنشط في تنظيم المسارات السياحية.
أدى التنوع البيئي والمناخي في فلسطين إلى وجود عشرات المسارات السياحية التي تنتشر في مختلف المناطق، وقد ازداد الإقبال في السنوات الأخيرة على سياحة مسارات المشي، لأسباب عدة لعل أهمها انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الترويج للمسارات ونشر الصور.
ومن الأسباب أيضاً زيادة وعي المجموعات الشبابية بأهمية المحافظة على الأرض في وجه التوسع الاستعماري الإسرائيلي، عدا عن الأسباب الترفيهية وللتعرف على المناطق والأرياف، والبعض بات يعتمد على المسارات كنمط اقتصادي مربح.
يقول مدير عام السياحة الداخلية في وزارة السياحة والأثار أحمد نعيرات، إن عدد المسارات في فلسطين غير محصور حتى الآن، لأنهم يعملون على وضع معايير محددة، حتى يتم تصنيف كل مسار على أنه مسار مرخص.
هذه المعايير التي يتم العمل بها وفق ما صرح نعيرات في لقاءٍ مع "الحدث"، تشترط في المسار أن يحتوي على مقومات الجذب السياحي، وأن يكون قريبا من التجمعات السكنية بما يخدم مفهوم التنمية المستدامة، وأن يقوم على إشراك المجتمع المحلي في إدارة السياحة الداخلية، وأيضاً أن يتوفر في المسار التنوع البيئي.
لكن نعيرات صرح أن لديهم الآن 30 مسارا معتمدا على الأرض، وتم إصدار كتاب باسم "دليل المسارات الطبيعية"، وسوف يتم إقراره والبدء بنشره قريباً، ويحتوي هذا الكتاب على تفاصيل هذه المسارات.
هذه المسارات المعتمدة تشمل المسارات الدينية والصوفية، والمسارات الطبيعية، وهي بالمجمل مسارات سياحية تدعم حركة السياحة الداخلية.
وتنتشر المسارات على مختلف أراضي السلطة الفلسطينية، ويوجد منها 29 مساراً في الضفة الغربية والقدس وفي المناطق المصنفة "ب" و"ج"، ومسار سياحي واحد في قطاع غزة وهو المسار الساحلي الوحيد في فلسطين.
وأكد نعيرات أن هذه المسارات لا تجذب فقط الوافدين المحليين، وإنما هناك جذب للسياحة من الخارج، حيث يوجد أجانب لديهم الرغبة بالمشي في هذه المسارات.
وحول وجود أدلاء على دراية وخبرة بهذه المسارات، قال نعيرات إنهم يقومون بترخيص أدلاء وخبراء سياحيين، وقاموا بتدريب مجموعة من الأدلاء السياحيين والبيئيين وتخريج دورتين، كما ويطلبون من كل المجموعات الشبابية اعتماد الدليل السياحي المحلي في كل منطقة، مثلاً إذا كان لديهم مسار إلى منطقة الرشايدة يجب التنسيق مع شخص من الرشايدة.
مؤخراً قام المغامر الفلسطيني جون عتيق بتأسيس موقع إلكتروني متخصص بالمسارات الطبيعية في فلسطين (www.palestinetrails.com)، ويحوي هذا الموقع على 63 مساراً.
يقول عتيق وهو أستاذ معتمد في جامعة بيت لحم، إن هذه المسارات هي مسارات مشي على الأقدام في مختلف المناطق، وليست معتمدة بالضرورة من قبل وزارة السياحة والآثار، إلا أنها تحتوي على المسارات الرسمية، وبإمكان أي شخص إضافة أي مسار جيد على الموقع الإلكتروني، ومن ثم تجري عملية مراجعة وتدقيق لهذا المسار قبل نشره على الموقع.
يعرف عتيق عن نفسه أنه دليل للمسارات، ومدرّب إسعاف أولي برّي، ومدرّب قادة جبال، وخبير في تطوير المسارات السياحية.
وعن فكرة الموقع الإلكتروني، الذي بادر إليه بمجهود خاص وتمويل ذاتي؛ أوضح عتيق في حوارٍ مع "الحدث"، أن الموقع جاء من احتياج المتجولين لهذا النوع من المعلومات والمواقع.
وأشار عتيق أن "لدينا في فلسطين عدة مسارات ولكنها مبعثرة وغير منظمة"، مضيفاً أن الموقع هو "دعم للبلد ولكل من يحب الطبيعة، لذلك فكر بتكوين مركز لهؤلاء للتعرف أكثر على بلدهم، والاستمتاع فيها، بالإضافة للأجانب الوافدين إلى البلد".
يقول جون عتيق إن كل مسار يوجد على الموقع الإلكتروني قد مشى به، إلا أن أجمل المسارات وفق ما ذكر لـ "الحدث"، كانت على النحو التالي: