الأحد  20 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ساجد مزهر: المسعفُ الشهيد لا مُسْعِفَ لجراحهِ

2019-03-29 08:38:29 AM
ساجد مزهر: المسعفُ الشهيد لا مُسْعِفَ لجراحهِ
الشهيد المسعف ساجد مزهر

 

  الحدث- إبراهيم أبو صفية

فجر أول أمس الأربعاء، السابع والعشرون من آذار، سمع ساجد عبد الحكيم حلمي مزهر في مخيم الدهيشة أصوات الرصاص والقنابل الصوتية والغازية، وصراخ العائلات وهتافات وتكبير الشباب المتصدي لقوات الاحتلال المقتحمة، فسار مسرعا إلى خزانته مرتديا البزة الرسمية لعمل المتطوعين المسعفين في الإغاثة الطبية.

خرج مزهر من بيته باحثا عن أصوات الصراخ في أزقة المخيم، حاملا أدوات الإسعاف الأولية، وأخذ يوزع "الشاش المبلل" بمادة "الكحول والسبيرتو" الذي يقي من حرقة الغاز الملبد في سماء المخيم. ويسابق الرصاص المتناثر، ويضمد جراح المصابين، ويتنقل بين الأزقة يطارد ملك الموت.

ندًا للرصاص المخترق للأجساد، ثائرا بأدوات الإسعاف الأولية، (شريط لاصق، ضمادات لاصقة، قطع ضمادات متفرقة، وشاش معقم، وصابون مطهر وغيرها) يقاتل الموت بل عدوه الموت، موت الثائرين وموت الأصلانيين.

رصد أحد جنود الاحتلال "الإسرائيلي" تحركات مزهر، أثناء المواجهات التي اندلعت عند الشارع الرئيسي (القدس - الخليل) بين الشبان وقوات الاحتلال، بعد اقتحامها المخيم بحثا عن مطارد.

وخلال قيام ساجد بإسعاف الإصابات بين الشبان، اتخذ الجندي قرار الإعدام، وفي لحظات سريعة، أطلق صوب بطنه أسفل الصدر رصاصة حاقدة، قافزا عن القوانين الدولية في منع التعرض للمسعفيين والصحفيين، مشبعا رغباته بالقتل، إلا أن مزهر لم تحمِه بدلته رغم اعتقاده بذلك، فنشوة الاستعمار وعقيدة المستعمر في اقتلاع الأصلاني رابضة في عقول جنوده.

نقل أهالي المخيم جريحهم المسعف إلى مستشفى الجمعية العربية في بيت جالا، واستقر في غرفة العمليات ما يقارب 5 ساعات، حتى أعلن عن استشهاده في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحا.

قال ثائر مزهر عم الشهيد ساجد، ووالد الشهيد أركان مزهر، أن ابن شقيقه اختار التطوع في أن يكون مسعفا في جمعية الإغاثة، مهنة الشهادة في سبيل إحياء الثائرين والوطن، اختار أن يكون ملكا رحيما في تضميد جراح المصابين.

وأوضح مزهر لـ "الحدث" أن ساجد "التحق منذ عامين بالإغاثة الطبية، وأتم مرحلة الإعداد والتدريب، حتى أصبح متطوعا في صفوفها، وصار يخرج للميادين لمعالجة الجرحى". لافتا إلى أن ساجد كان جريئاً وشجاعاً ومقداماً، لا يخاف الجنود، مقدما عمله الإنساني وواجبه الوطني على حياته.

وأضاف مزهر أن الشهيد ساجد (18 عاما) في مرحلة الثانوية العامة، يدرس التوجيهي الصناعي، مشيرا إلى أن ساجد من عائلة مكونة من ستة أفراد.

كما أن نشاط الشهيد ساجد لم يقتصر على التطوع في الإغاثة، وإنما هو أحد أعضاء فرقة الدبكة التابعة لمؤسسة إبداع، متقنا فن الدبكة الشعبية، مساهما في الحفاظ على الفلكلور الشعبي الفلسطيني، كما أوضح ابن عمه يزن مزهر.

يشهد أهالي مخيم الدهيشة للشهيد المسعف كيف كان يتنقل بين البيوت، ويقدم العلاج والإسعافات الأولية في كل اقتحام يشهده المخيم، وكذلك المساعدة في أي مهمة يحتاجه المخيم فيها.

الشهيد المسعف ساجد، هو ابن عم الشهيد الطفل أركان ثائر مزهر (15 عاما)، الذي استشهد بتاريخ 23/7/2018، خلال مواجهات اندلعت في مخيم الدهيشة.

نشر الشهيد ساجد على حسابه في "الفيسبوك" نعيا لابن عمه أركان قائلا:

"أركان.. سيفقدك المخيم

فلا قيمة للعرين إذا خلا منه الأسد

وستبقى روحك فيه خالدة وإن رحل الجسد".

تعود جذور عائلة مزهر إلى قرية خلدة في مدينة الرملة المحتلة، هُجروا منها أثناء النكبة الفلسطينية عام 1948، وسكنوا في عدة مخيمات فلسطينية أنشئت آنذاك، وأبرزها مخيم الدهيشة الواقع في جنوب مدينة بيت لحم.

استشهد مسعف الجرحى، فهم يحاولون قتل كل من يسعف جراح الوطن، ولا يريدون للقضية الإنسانية في العالم أن تشفى من سرطان احتلالهم.

بدورها، أدانت جمعية الإغاثة الطبية استهداف قوات الاحتلال "الإسرائيلي" الشهيد المسعف المتطوع في الجمعية الشهيد ساجد مزهر.

وأكدت الجمعية في بيان صدر عنها صباح الأربعاء، أن الاستهداف يشكل مخالفة واضحة لأحكام القانون الدولي والإنساني، الذي نص على احترام الطواقم الطبية وتوفير الحماية الخاصة لهم، حتى يقوموا بتأدية واجبهم الانساني بأمان ودون خطر يتهدد حياتهم، وإيصال خدماتهم الإسعافية والإغاثية للضحايا المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، علما أن الاستهداف المباشر والمتعمد للمدنيين وطواقم الإسعاف يشكل جريمة حرب.

وأوضحت أن هذه الجريمة تأتي في سياق الإعتداءات المتكررة على المهام الطبية، من خلال الاعتداء المباشر على طواقم الإسعاف ومركبات الإسعاف، أو منع وصولهم الى المصابين وإعاقة وصولهم إلى المستشفيات.