الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ورشة البحرين وهشاشة النظام العربي/ بقلم: سامي سرحان

2019-06-25 09:02:54 AM
ورشة البحرين وهشاشة النظام العربي/ بقلم: سامي سرحان
العلاقات الإسرائيلية البحرينية

 

انطلقت ورشة البحرين على غير ما كنا نأمل كفلسطينيين من اعتذار مملكة البحرين وحكومتها عن استضافة هذه الورشة المؤامرة على قضية فلسطين. وكشفت استضافة البحرين للورشة هشاشة النظام العربي وهزال القرارات الصادرة عن القمم العربية والإسلامية والخليجية واجتماعات جامعة الدول العربية، وأن هذه القرارات ليست سوى "حبر على ورق" وذر للرماد في العيون وضحك على الشارع العربي الذي ما زال يرى في قضية فلسطين قضية العرب الأولى، فلم يكن بإمكان القمم العربية الثلاث الأخيرة التي عقدت في الظهران وتونس ومكة المكرمة وقبلها قمة بيروت التي أخرجت لنا المبادرة العربية وكذلك القمة الخليجية والقمة الإسلامية بمكة؛ أن تثني مملكة البحرين وهي الأصغر بين الدول العربية وأكثرها هشاشة من استضافة الورشة في عاصمتها المنامة وتقول للملك وحكومته قف عند حدك، وتذكر بأن قرارات القمم العربية المتعاقبة تقول بأن تقبل الدول العربية والإسلامية بما يقبل به الفلسطينيون وممثلهم الشرعي م. ت. ف، وقد رفض الفلسطينيون بشكل قاطع لا مجال معه للتأويل قيادة وشعبا وفصائل وقوى ورشة البحرين وأكدت مقاطعتها لها وسعت بكل جهدها لعدم عقد الورشة التي تندرج في إطار صفقة القرن وتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف والمتمثلة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف في حدود الرابع من حزيران 1967.

يعتقد ملك البحرين وحكومته أن استضافة ورشة المنامة تعزز العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتضمن بقاء الأسرة المالكة حاكمة للبحرين الذي يشهد حراكا شعبيا متناميا مناهضا لنظام الحكم. وقد يكون نظام الحكم في البحرين مخطئا في تقديره وستكون الورشة انطلاقة لحراك شعبي بحريني جديد يرى في الملك وعائلته عملاء لإسرائيل وخونة للقضية الفلسطينية.

لم تتوقف ورشة المنامة عند استضافة البحرين لها، وكان الرهان يتركز على مقاطعة الدول العربية الرئيسية لهذه الورشة، غير أنه للأسف لم يحدث ذلك وشاركت دول وازنة في الورشة مبررة مشاركتها بأنها لا تعرف جدول أعمال الورشة ولا تريد إغضاب الإدارة الأمريكية الداعية لهذه الورشة لارتباط مصالحها بالمصالح الأمريكية في المنطقة ولحساسية الأوضاع في المنطقة ونذر الحرب التي تهدد منطقة الخليج.

وربما نجح الجانب الفلسطيني في حملته لإفشال ورشة البحرين؛ بتخفيض مستوى تمثيل الدول العربية في الورشة وتواضع نتائج الورشة. 

لكن ما يجب التوقف عنده في ظل مقاطعة الجانب الفلسطيني للورشة، هو لماذا لم تتم دعوة إسرائيل رسميا للمشاركة في الورشة واقتصار المشاركة على مسؤول الإدارة المدنية للأراضي المحتلة السابق. 

يقول محللون، إن المسؤول الإسرائيلي السابق هو شخصية مهمة ولديه دراية واسعة في شؤون الأراضي الفلسطينية المحتلة بحكم منصبه السابق، ووجوده في الورشة أقل إحراجا للبحرين والمشاركين في الورشة ودفع تهمة التطبيع بين إسرائيل والمشاركين، رغم أن المطبعين من العرب لم يعودوا بحاجة لمثل هذه الورشات للإعلان عن علاقاتهم العلنية عبر شاشات التلفزة المحلية والفضائية، واليوم يعلن دبلوماسي سعودي لوسيلة إعلام إسرائيلية أن مسألة تبادل الزيارات العلنية بين إسرائيل والسعودية ليست سوى مسألة وقت، وتعتقد دول الخليج ودول عربية أخرى أن خيانة القضية الفلسطينية والتماهي مع الاحتلال الإسرائيلي؛ أسهل الطرق لحماية أنظمة هذه الدول، غير أن الصراع الدائر في المنطقة اليوم يشير إلى أن إسرائيل غير مؤهلة للدفاع عن هذه الأنظمة ولا حتى عن نفسها، كما أن إدارة ترامب تدير ظهرها لأتباعها وتتجنب الدخول في حروب في المنطقة دفاعا عن أتباعها أو مصالحها، وليقلع هؤلاء الأتباع أشواكهم بأيديهم، فلديهم أحدث الأسلحة ولكن لا يجيدون استخدامها.

ويظل أملنا لمواجهة صفقة القرن وذيولها وإفشال هذه الصفقة؛ في وحدة الموقف الفلسطيني والالتفاف حول القيادة التي أدارت التصدي لصفقة القرن بكل وضوح وجرأة وثبات على الثوابت الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها عام 1948.

كما يظل الأمل معقودا على الشعب العربي والشعوب الإسلامية التي تعاني من جبروت حكامها وطغيانهم، على الرغم مما تشهده العديد من الدول العربية من حراك شعبي ربما يقود إلى حكم ديمقراطي رشيد يطلق إمكانيات شعوب هذه الدول وتأهيلها لمواجهة المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية للاستحواذ على ثروات المنطقة وإرادتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر صفقة القرن وتواطؤ الأنظمة الحاكمة.