الثلاثاء  15 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مبادرة مجتمعية تكسر جمود عادات الزواج في فلسطين

2019-07-07 03:18:45 PM
مبادرة مجتمعية تكسر جمود عادات الزواج في فلسطين
الزواج في فلسطين

رولا حسنين 

من بين عدة مبادرات لم يكتب لها الشيوع الإعلامي، انتشرت أمس مبادرة التيسير عن العروسين تكاليف الزواج، بما لا يرهقهما ديوناً طائلة، تضطر العروس عقب زواجها التنازل عن مصاغها الذهبي في سبيل التخلص من الديون، فقط لأن تكاليف الزواج كانت وفق العادات والتقاليد المجتمعية السائدة، وغالباً ما لا تهتم هذه العادات بأوضاع الناس الاقتصادية. ويخشى الانسان بطبيعته تحدي عادات عامة للمجتمع، الى أن يأتي أحد ويطرق الباب بقوّة.

الأستاذ عقل ربيع، بادر بطرق هذا الباب قبل سنوات قليلة بالتيسير على أزواج فتياته وتخفيف تكاليف حفل الزفاف، ولكن هذه المرة كانت المبادرة بالحاح من ابنته إباء، والتي طلبت من والدها الغاء حفل الزفاف والاقتصار على حفل صغير في منزل والدها، تجمع فيه الأقارب والصديقات فقط، دون الحاجة الى تكاليف زفاف مرهقة.

شهد يوم الجمعة، حفل زفاف بسيط انتقلت فيه العروس إباء ربيع من بيت والدها الى بيت زوجها، معلنة وزوجها أسد الدين بني مفلح وعائلتهما كسر قاعدة المجتمع عامة باقامة حفلات صاخبة يتبعها تكاليف أكثر تعقيداً، لا تعود على الزوجين إلا بالديون المرهقة وطويلة الأمدفي سدادها.

وما أن نشر والد العروس عقل ربيع على صفحته الفيسبوك منشوراً يشير فيه الى المبادرة التي جرت في منزله يوم الجمعة، حتى تناقلها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لافت، مع تأييد كبير جداً ولافت.

وجاء منشور ربيع كالتالي:

الحدث حاورت عقل ربيع والذي قال إن المبادرة التي أطلقها تمثل نقلاً لحديث الناس وهمومهم واحتجاجاتهم وكوامنهم من دائرة التنظير إلى دائرة الفعل. ومن المعلوم أن الفكرة لا تتضح للناس إلا إذا تحولت إلى واقع.

وأضاف: هذه الخطوة اختراق لجدار العادات الثقيلة، وكسر لجليد التردد،  وهي صيحة عالية في واد عميق ولكنها صيحة قوية، مؤكداً الى أنه لا يدعو لإلغاء فرحة العروسين وذويهما بل إلى البساطة والاختصار، وعدم الإسراف، لأن نفقات الزواج المرعبة عطلت زواج جيل من الشباب وهجرته.

وأوضح ربيع أن الفرحة بالنسبة لهم تمت في منزل والد العروس لمدة ساعة في حفل بسيط وجميل للنساء، ولقاء بسيط ومؤثر للرجال ايضاً، وفق ما اقترحته العروس ووافقها العريس في ذلك، مشيراً الى أن الهدف من ذلك تقديم نموذج إنما رسالة، فسقف النموذج الذي تم في منزله عالٍ وصعب، ولكن الرسالة واضحة بضرورة التخفيف والتيسير وعدم الخضوع للعادات والتقاليد، وليس مطلوب من الناس التقليد حرفياً إنما استلهام روح المبادرة، مؤكداً على أنه لكل عرس طريقته في التيسير بعد ذلك.

وحول تفاعل الناس مع منشوره على صفحته "الفيسبوك"، قال الأستاذ عقل ربيع: أذهلني حجم التأييد للمبادرة فقد تجاوز آلاف المشاركين في التعليق والاعحاب والمشاركات، وجميعها بالتأكيد تعبر عن فرح شديد وذلك يعزي أن الناس يعانون من صغط ولهم رغبة في التغيير ولكن يصطدمون بالعادات، ولا يبادرون في كسرها.

وأردف: أما معارضو الفكرة فلم يزيدوا عن ثلاثة من بين الآلاف وحجحهم واهية حيث ظنوا أن العروس كانت مجبرة على ذلك وأرادوا الدفاع عنها، وما علموا أنها صاحبة الفكرة منذ البداية والمتحمسة لها بشغف. ولستُ بجابر ابنتي على شيء لا تريده، ولكن ذلك خيارها وأنا بطبيعتي أترك لفتياتي أن يفعلن ما يخترنه لأنها حياتهنّ.

وعن إمكانية أن يعتمد المجتمع مبادرته وتقليدها، أشار أن السير على هذا النمط بحذافيره صعب، ولكنه بالتأكيد سيحدث اختراق تدريجي بسيط واذا لقي من يتابعه سيتطور ولو الى سقف أدنى، يصون فكرة التخفيف والتيسير، موضخاً أنه حرص على إحداث هزة قوية فوق العادة لتحدث اثراً. وتوقظ النائمين. فقد بلغ السيل الزبى. وصار الشاب بحاجة لكي يتزوج الى عشرين عاماً من الديون، وهذه جريمة.

علماً أن عقل ربيع كان قد ألغى بطلب من ابنته العروس اباء –طالبة الماجستير في جامعة بيرزيت- كافة طقوس الزفاف، والاكتفاء بحفل بسيط في بيته، وطلب مهرها دينار واحد، ضمن ثقافة إسلامية مستقاة من حديث الرسول محمد صلّ الله عليه وسلم "أقلّهن مهراً أكثرهنّ بركة"، وذلك أيضاً تقديراً لزوج ابنته الأسير المحرر والمهندس أسد الدين بني مفلح نجل الشهيد محمد بني مفلح.