الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فترة إجازة الأمومة في فلسطين وتأثيرها على الأم والطفل

2019-07-10 08:14:37 AM
فترة إجازة الأمومة في فلسطين وتأثيرها على الأم والطفل
امرأة حامل

 الحدث - رولا حسنين

لا شك أن انتاجية المرأة في عملها وفق غالبية التقارير التنموية، تشير الى تفوقها، ولم يعد عمل المرأة مقتصر على أنماط محددة، بل فُتحت لها الميادين في كافة التخصصات بعد اثبات جدارتها وأهليتها في العمل، والتخلص من قوقعتها داخل جدران المنزل. ولكن المرأة التي يقع على عاتقها العمل خارج المنزل تبعاً للظروف الاقتصادية وكذلك لاثبات حضورها مجتمعياً، تقع عليها أيضاً الأعمال المنزلية وكذلك الطبيعة البيولوجية التي تختص بها، تحديداً أمر الانجاب. ما يزيد من الأعباء على المرأة خاصة مع تعدد حالات الانجاب. سؤال طرقنا بابه حول اجازة الأمومة المستحقة للمرأة في القانون الأساسي الفلسطيني وقوامها 70 يوماً مدفوعة الأجر. هل هذه الفترة الزمنية مناسبة لعودة المرأة لممارسة عملها بشكل طبيعي من الناحية الجسدية والنفسية ؟ وماذا عن اجازات الأمومة لدى الدول الأخرى؟.

اجازة الأمومة في القانون الفلسطيني

بحثنا عن اجازة الأمومة في القانون الأساسي الفلسطيني، وجدناها بالنص التالي: "‏يرسل إلى ديوان الموظفين العام بواسطة الدائرة الحكومية التي تعمل بها ‏الموظفة التقرير الطبي الخاص بالولادة وبموجبه تمنح الموظفة الحامل إجازة براتب ‏كامل لمدة (70) يوماً متصلة قبل الوضع وبعده.‏‏وللموظفة المرضع الحق في الانصراف من العمل قبل موعد انتهائه بساعة ‏واحدة ولمدة سنة من تاريخ مولد الطفل ولها الحق في الحصول على إجازة دون راتب ‏لمدة سنة لرعايته".

وفي طور مقارنة ذات القانون بين الدول الأخرى، وجدنا أن الأم في بولندا تبدأ إجازتها قبل 7 أسابيع من تاريخ الاستحقاق. وتمنح إجازة مدتها 16 أسبوعا مدفوعة الأجر. وتقدم الحكومة للأب إجازة مدتها 8 أسابيع. وبعد أن يبلغ الطفل عامه الثالث يسمح للوالدين بإجازة رعاية جزئية حتى يبدأ الطفل عامه الثاني من الدراسة. أما الدنمارك فتمنح الأم إجماليا 18 أسبوعا لإجازة الأمومة مدفوعة الأجر: 4 أسابيع قبل الولادة و14 أسبوعا بعد الولادة. وخلال هذه المدة يسمح للأب بإجازة لمدة أسبوعين متواصلين. بعدها يسمح للوالدين بإجازة منفصلة لمدة 32 أسبوعاظً إضافياً، حسبما يراه الأبوان مناسبًا.

أما أستونيا، فتحصل الأم على 140 أسبوعاً مدفوعة، وتبدأ قبل الولادة بنحو 70 يوماً. كما يحصل الأب على إجازة مدتها أسبوع. ويتاح لهما الخيار في الحصول على إجازة لشهرين قبل الولادة. وبعد انقضاء إجازة الأمومة يحصل الأبوان على 435 يوما كإجازة مقسمة بينهما. بينما ليتوانيا فتمنح الأم إجازة مدتها 18 أسبوعا والأب 4 أسابيع مدفوعة الأجر بالكامل. كما يحصلان معا على 156 أسبوعا إضافية. ويترك الخيار للأبوين في طريقة تقسيم الإجازة: مدفوعة الأجر بنسبة 100% لأول 52 أسبوعاً أو مدفوعة الأجر بنسبة 70% لأول 104 أسابيع .

فارق كبير بين اجازة الأمومة في فلسطين وبين الدول المذكورة أعلاه وغيرها، وفلماذا لا تعتمد فلسطين إحدى هذه النماذج؟ وما هو الوقت الطبيعي لتعود الأم لممارسة عملها بشكل طبيعي؟

اخصائية نسائية: 70 يوماً غير كافية على المدى النفسي للام والطفل

تحدثت الحدث مع أخصائية النسائية والتوليد ميمونة حسام الدين، والتي قالت بدورها إن المرأة حديثة الانجاب في الغالب تبدأ كافة التغييرات الجسدية خلال مرحلة الحمل والولادة بالعودة الى حالتها الطبيعية خلال الـ 40 يوماً، ما يعني أن هذه الفترة تكون حساسة جداً على حياة الأم وكذلك الطفل.

ولكن المعضلة الأكبر التي تواجه المرأة بعد انتهاء اجازة الأمومة البالغة 40 يوماً، هي معضلة نفسية وعاطفية، إذ تبقى الأم حبيسة القلق تجاه طفلها الذي ما زال بحاجتها كطرف أساسي له في أولى مراحل حياته، مع ضرورة النظر الى أن الطفل حديث الولادة يعتمد بشكل أساسي على الرضاعة من والدته، الأمر الذي يشكل عبء على الأم عندما تغادره الى العمل.

وأوضحت الدكتورة ميمونة أن هذه المتغيرات النفسية تؤثر بالتأكيد على المرأة خلال عملها، إذ ستعيش حالة من التفكير الأكبر تجاه رضيعها، ما يعني أنه قد يؤثر سلباً على عملها، وهذه متغيرات نفسية طبيعية، لذلك فأنه من الأفضل أن تكون اجازة الأمومة مدة أطول من المقررة في فلسطين ومن المستحسن أن تصل لمدة عام.

وتطرقت الى تكرار حالات الانجاب وفق الثقافة الفلسطينية، معتبرة ان هذا شأن خاص بالعائلة وتحديداً المرأة، إذ لا يحق لأحد التدخل في هذا الشأن، مضيفة أن طبيعة المؤسسات الفلسطينية دائماً ما تتجنب توظيف السيدات المتزوجات أو الحوامل، وذلك بسبب اجازة الأمومة.

أبوطعيمة: المشرع الفلسطيني لا يأخذ مصلحة المجتمع بعين الاعتبار

بدورها قالت ناهد أبو طعيمة استاذة الاعلام، ومنسقة النوع الإجتماعي في مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت إن إجازة الأمومةفي فلسطين كانت مقررة 90 يوماً، ولكنه تم التراجع عنها والاكتفاء باعطاء الأم المنجبة 70 يوماً، وهذا يدل على أن الأرادة السياسية لا تملك الارادة الحقيقية للمساواة بين الرجال والنساء.

وأضافت: بعض الدول العربية ووكذلك الغربية تنحى باتجاه اعتماد اجازة أبوّة لأحقية الأب في المشاكلة بهذا الدور الانجابي الرائع الذي تشترك فيه كل العائلة، ولكن في فلسطين الأمر مختلف، ويدلل على مؤشر غير جيد للدور الانجابي التي تأخذه المرأة على عاتقها.

وشددت ابو طيعمة الى أن الاطفال بحاجة الى الامهات خاصة في اول 4 أشهر، وذلك وفق تقارير منظمة الصحة العالمية، ولكن القانون المعمول به في فلسطين يتنافى مع حق المرأة بالحصول على رعاية صحية جيدة ومعايير الصحة الجسدية والنفسية للأم ومولودها.

وحول طبيعة ما استند عليه المشرع الفلسطيني للاكتفاء بـ 70 يوماً.. أشارت الى أن غبن في الكثير من القوانين التي تتعلق بالنساء في فلسطين، فالمشرع الفلسطيني لم يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المجتمع والأطفال، وهذه المصلحة تتحقق عندما تمنحا اجازة أمومة حقيقية للنساء وكذلك اجازة ابوّة.

واوضحت أن المشكلة تكمن في ارادة المشرع الفلسطيني الذي يجب ان يؤامن بضرورة تعديل هذه القوانين.

وأضافت: أن المرأة التي تتقدم لها رعاية صحية في العمل والامهات اللواتي يجلبن أطفالهن للعمل، تكون انتاجيتهنّ أعلى بكثير من الاخريات اللواتي يحرمن من هذا الأمر، لأن المرأة تبقى مرهونة التفكير بطفلها.

وتساءلت أبو طعيمة ما اذا كانت فلسطين معنية بالدور الانجابي أم أنها تسعى الى وقف الانجاب، من خلال هذه التشريعات، وعدم تقديم دور حقيقي للعائلة التي تنجب الأطفال، على العكس إنما تترك الأسرة الفلسطينية تدفع ثمن قرار انجابها إما بترك المرأة لعملها، أو بالاضطرار لأخذ اجازات دون مرتّب. وهذا ما يؤثر سلباً على العائلة ككل.