الخميس  09 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وقف العمل بالاتفاقات يعني عدم التعامل مع تقسيمات " أوسلو" " أ،ب،ج" و..

2019-07-28 01:56:39 PM
   وقف العمل بالاتفاقات يعني عدم التعامل مع تقسيمات

 

   الحدث - إبراهيم أبو صفية 

أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع دولة الاحتلال، وتشكيل لجنة لتنفيذ القرار عملا بما صدر عن المجلس المركزي الفلسطيني.

وجاء القرار بعد اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية برام الله الخميس الماضي 25 يوليو/تموز، لمناقشة هدم الاحتلال مبان فلسطينية في بلدة صورباهر بالقدس المحتلة، الأمر الذي وصفه الكثيرون بأنه انتهاك للاتفاقات الموقعة بين السلطة و"إسرائيل"، إضافة  تنصّل الأخيرة من كل الاتفاقيات وسعيها للتوسع والضم.

جدير بالذكر، أن هذا القرار اتخذ سابقا في عدة اجتماعات عقدتها القيادة الفلسطينية والمجلس المركزي، إلا أن التساؤل بات ملحا حول "ماهي هذه الاتفاقات؟، وفي أي جانب سيكون  تطبيق هذا القرار، هل هي اقتصادية أم سياسية أم أمنية أم ماذا؟، إضافة إلى أن في ظل تنصل الاحتلال لكافة الاتفاقات وخصوصا تجاوزه اتفاق " أوسلو" لماذا لم يشمل القرار الخروج منه بشكل كامل والانفصال نهائياً عن دولة الاحتلال. وبالرغم من اتخاذ هذا القرار تكرارا إلا أن العمل به معلق، وخصوصا لا توجد معلومات واضحة عن ماهية اللجان التي وُكلت لمتابعة هذا القرار.

ما هي الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال؟

قبل 26 سنة وتحديدا في عام 1993، وبعد مفاوضات سرية في العاصمة النرويجية " أوسلو"، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية و"اسرائيل" اتفاق سلام في البيت الأبيض، ونص الاتفاق آنذاك على إقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي (السلطة الفلسطينية) لفترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات، فكان هذا الاتفاق عباءة  لعدة اتفاقيات بين الطرفين، منها اتفاقيات تتعلق بالمياه والكهرباء والتنسيق الأمني والنواحي الاقتصادية، وأيضا إجراء انتخابات لاختيار رئيس للسلطة الفلسطينية ومجلس تشريعي، ويشكل التنسيق الأمني أبرز وأهم هذه الاتفاقيات.

 

مع انتهاء الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام فشلت محاولات الرئيس الأميركي بيل كلينتون في العام 2000 في التوصل لاتفاق جديد، فاندلعت انتفاضة مسلحة في الاراضي الفلسطينية، وقام الجيش " الإسرائيلي" باقتحام المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وتم تدمير العديد من المؤسسات الأمنية الفلسطينية.

وشكل انهيار السلام عام الـ2000 واندلاع الانتفاضة الفلسطينية، تنصل " إسرائيل" من اتفاق " أوسلو" وهدمه والتوغل في الاستيطان والتهويد والقتل. مما دفع السلطة لاتخاذ قرارات مصيرية رغم عدم تنفيذها.

عودة على ما سبق،   قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بسام الصالحي، إن الانشغال في النقاش حول معنى قرار الرئيس هو غير مجدي، والأهم هو أن هناك قرار وأصبح حقيقي.

وأوضح الصالحي لـ " الحدث": " أن القرار يعني لنا تصعيد كافة الأنشطة والفعاليات الوطنية وتعزيز المقاطعة الإجراءات التي تؤدي لتصعيد النضال في الأراضي الفلسطينية".

وأشار إلى أن الإتفاقيات التي تولدت بعد اتفاق " أوسلو" لم تنجح في قيادة الشعب الفلسطيني إلى التحرر؛ بسبب التنصل " الإسرائيلي" منها، وأصبحت هناك حقيقة دامغة بأن الاحتلال غاشم ومستمر في بطشه، والتخلص منه هو عبر توسيع رقعة المقاومة وتعزيز الصمود الوطني، لذلك لا بد من البناء على هذا القرار.

وبين، أن الفرق بين قرارات المجلس المركزي وقرار الرئيس، أن الأولى كان مضمونها إعادة النظر في الاتفاقيات الموقع مع " إسرائيل"، ولكن قرار الرئيس هو موقف واضح وصريح عن وقف العمل بالاتفاقيات.

ولفت إلى أن القرار حرر كل الأطر والمؤسسات من عبئ القيود التي تحملها هذه الاتفاقيات، مما يفسح المجال لتنفيذ ذلك.

واردف، أنه ينهي التعامل برؤية التمييز بين مناطق "أ" و"ب" و "ج" التي أنتجتها اتفاقية " أوسلو".

بدوره، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح د عبدالله عبدالله، إن وقف العمل بالاتفاقات مع الاحتلال يشمل الجوانب الثلاث، الاقتصادية والسياسية والأمنية.

وأوضح عبد الله لـ " الحدث" أن هذه الاتفاقيات، تُلزم الجانبين الفلسطيني و" الإسرائيلي"، إلا أن الاحتلال لم يلتزم لذلك جاء قرار الرئيس، مشيرا إلى أن تشكيل اللجنة ستتابع الجوانب الثلاث وآلية عمل وتطبيق وتنفيذ القرار.

 

في ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، غسان الخطيب، إن الإجابة على ماذ يعني وقف العمل بالاتفاقات، صعبة وتحديدها يكون من جانب الرئيس والقيادة التي اتخذت القرار، كون أن هذه العبارة عامة جدا.

وأوضح الخطيب لـ " الحدث" بإن هل وقف العمل سيشمل جميع البنود أو سيتم انتقاء بعضها وخصوصا التي تترك أثر على الاحتلال؟.

وأشار إلى أنه وقف العمل بالاتفاقات يبدأ بتغيير جواز السفر الذي هو أحد أوجه العلاقة مع الاحتلال مرورا بكثير من أوجه الحياة كالاستيراد والتصدير.

وبين أن اتخاذ مثل هذا القرار والبدء بتطبيقه يحتاج إلى بدائل مباشرة تسد الثغرات التي قد يتركها وقف العمل بهذا الاتفاق.

وأضاف، إلى أن وقف العمل بالاتفاق غير واقعي، مستشرفا، بأنه لن يحدث شيء.

وأردف، أنه في حال أرادوا تطبيق ذلك فعلا عليهم أن يلجأوا إلى دراسة الاتفاقات الموقع، والعمل بمبدأ الإنتقاء، أي الاتفاقات التي تضر مصلحة الشعب الفلسطيني، ينسحبوا منها، والحفاظ على الاتفاقات التي تحفظ بعض الحقوق الفلسطينية.

وأكد على أن السلطة تسعى إلى التحلل من التبعية الاقتصادية، وأن خطة رئيس الوزراء محمد اشتية، تتضمن تقليل الاعتماد على الاحتلال.

 

ومن جانبه، قال الكاتب الفلسطيني، خليل شاهين، إن الرئيس ذكر 4 كلمات فقط عند استصدار القرار، وهي  ( وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال"، وهذا التعبير إما يهدف لتغيير مسار القيادة الفلسطينية الذي تسير عليه منذ ربع قرن، أو الحفاظ على الوضع الراهن، لذلك هذا القرار يطوقه الغموض.

وأوضح شاهين لـ " الحدث": " أننا لسنا أمام قرار بإلغاء الاتفاقيات، وأن القرار يؤكد على تجميد وليس إلغاء، وهو طرح  بصيغة غامضة ومفتوحة، تحددها اللجنة التي من المفترض أن تجتمع وتبت بذلك".

وأشار إلى أن ثمة الكثير العمل بها تحرر الفلسطيني من القيود المجحفة التي فرضتها هذه الاتفاقيات، بدءا باتفاق باريس وملاحقه الـ3، التي تتمحور حول( البروتوكول الاقتصادي، وبرتكول الترتيبات الأمنية، وبرتكول الترتيبات المدنية)، لذلك تستطيع اللجنة نقاش هذه البروتوكولات واتخاذ قرارات العمل بوقف ما يكبد " إسرائيل" بالخسائر.

وبين أن صيغة تشكيل اللجان التي اتبعها المجلس الوطني والمركزي ومن ثم القيادة الفلسطينية، تهدف إلى إيجاد مخارج، كون أن هذه القرارات منذ عام 2015 لا تتعدى كونها قرار بهدف الضغط على " إسرائيل" وأمريكا".

ولفت إلى أن السلطة تستطيع تغيير العلاقة مع الاحتلال، من خلال ما نصت عليه وزارة  الاقتصاد الوطني التي تدعم المنتج الفلسطيني وتقليص التبعية للاحتلال، إضافة إلى إلغاء برتكول الترتيبات الأمنية أو وقف جزئية التنسيق الاستخباراتي الذي يقدم خدمة مجانية للاحتلال.

 

فيما أوضح الكاتب والمحلل السياسي عادل شديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن قرار الرئيس ابو مازن وقف العمل في اتفاقيات أوسلو يعتبر مهم جدا، حتى وان حصل تباطؤ بالتنفيذ؛ لأن القرار يعبر عن اعتراف الرئيس أن بقاء الالتزام الفلسطيني بها يلحق الضرر الكبير بالقضية الوطنية الفلسطينية، ويصب في مصلحة "اسرائيل"، وطالما ان القرار جاء من الرئيس أبو مازن الذي عمل الكثير لإنجاح المشروع السياسي، بالتالي لن نجد من ينتقد القرار، لا بل ان الكثيرين يعتبرونه متأخر .

 

إن وقف عمل بالاتفاقيات يتطلب تحضيرات كثيرة، أولها صياغة برنامج وطني فلسطيني جديد، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والعربي المحيط، إضافة إلى صياغة خطة مستقبلية تفصيلية يقف خلفها جمهور منظم وحاضنة اقتصادية وسياسية، وإن من أبرز مظاهر العلاقة مع الاحتلال ووقف العمل، وقف كل أشكال التنسيق مع الاحتلال بما فيه التنسيق الأمني، وإلغاء وزارة الشؤون المدنية، إضافة إلى تحمل رجال الأعمال  والشركات الكبيرة لسحب امتيازات بطاقة BMC، وإنهاء التبعية الاقتصادية.