الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حق تقرير المصير بشكل عام وحق الشعب الفلسطيني فيه بشكل خاص 2-2 *بقلم : رهام ظاهر

2015-01-14 09:54:09 PM
حق تقرير المصير بشكل عام وحق الشعب الفلسطيني فيه بشكل خاص 2-2
*بقلم : رهام ظاهر
صورة ارشيفية

  الحدث.

حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بشكل خاص

ذكرنا في الجزء الأول من المقال ان وسيلة حق تقرير المصير هي الاستفتاء، وان الامم المتحده لم تمارس مع الشعب الفلسطيني هذه الوسيلة عندما اتخذت بتاريخ 29 نوفمبر 1947 قرارها بتقسيم فلسطين إلى دولتين بموجب القرار 181 وذلك خلافا لما فعلت في دول عديدة كانت خاضعة لنظام الوصاية وذلك بقصد إتاحة حق تقرير المصير للشعوب...، وهي بذلك قد حجبت هذا الحق عن الشعب الفلسطيني! مما أدى إلى حرمانه من وطنه بالعنف وبالاعمال الارهابية التي مارستها الجيش والقوى الصهيونية سواء في داخل فلسطين أو خارجها. فقرار التقسيم قد قضى بتقسيم أراضي فلسطين إلى قسمين وإنشاء دولتين مختلفتين (الأولى عربية والثانية يهودية) في كل قسم دون استفتاء الشعب بل وضد رغبة أكثرية السكان ورغما عن إرادتهم

ولكن على الرغم من أن قرار التقسيم لم يعكس رغبات غالبية السكان الفلسطينيين إلا أنه ومع كل ذلك فانه لم ينزع هذا الحق عن الشعب الفلسطيني، بل جاء فيه ما يؤكد ويكرس السيادة وتقرير المصير له في بعض بنود قرار 181 ومما جاء فيه: هو ان على كل دولة الناشئة من قرار التقسيم أن تنشئ حكومة ديمقراطية وأن تضمن حقوقاً متساوية لا تمييز فيها لجميع الأشخاص في المسائل المدنية والسياسية والدينية، والتمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

هذا اضافه إلى انه في العاشر من ديسمبر عام1969 م أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 2535، ونص القرار على الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وأن الجمعية العامة تلفت نظر مجلس الأمن إلى السياسة الإسرائيلية التي تنتهجها ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك قرار الجمعية العامة 2628 الذي أكدت فيه ضرورة انسحاب الصهاينة من الأراضي التي احتلوها عام 1967 مع مراعاة حق اللاجئين في العودة.

وفى الثامن من ديسمبر عام 1970م أصدرت الجمعية القرار رقم 2649 ونص هذا القرار على الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وفقا لميثاق الأمم المتحدة، وأن احترام هذا الحق الثابت لا غنى عنه من أجل إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وأدان القرار كل من ينكر حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة. وبهذا نجد أن الجمعية العامة تعترف بالشعب الفلسطيني باعتباره شعبًا له الحق في تقرير مصيره.

وتابعت الجمعية العامة إصدار قراراتها بشأن الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره؛ ففي عام 1971 أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 2672 والذي نص القرار على أن الجمعية العامة تعبر عن قلقها لعدم السماح لشعب فلسطين بالتمتع بحقوقه الثابتة، وبحقه في تقرير المصير .

وفي عام 1972  أصدرت الجمعية القرار رقم 2993 وفيه تكرر موقف الجمعية العامة، وزادت الجمعية العامة الأمر وضوحا في القرار رقم 3089 الصادر في1973  واكدت فيه الامم المتحدة من جديد على أن للشعب الفلسطيني حقوقا متساوية،  وأن له الحق في تقرير مصيره على أساس ميثاق الأمم المتحدة.

وقد يكون القرار رقم 3210 لعام 1974 م هو من اكثر القرارت أهمية في تجسيد وإبراز حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، لأن القرار نص على أن الشعب الفلسطيني هو الطرف الأساسي بقضية فلسطين، وعلى أثر ذلك دعيت منظمة التحرير الفلسطينية للمشاركة في مناقشات الجمعية العمومية أو العامة للأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية.

وفي عام 1974 قامت الجمعية العامة بخطوة هامة حيث أصدرت القرار رقم 3236 في  22نوفمبر عام 1974م والذي حمل عنوان "قرار حقوق الشعب الفلسطيني"، ومنذ صدوره أصبح يعد الوثيقة السياسية والقانونية والتاريخية للقضية الفلسطينية وأصبح الأساس الذي تنطلق منه الجمعية لمعالجة القضية الفلسطينية، خاصة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونص القرار على العديد من النقاط البالغة الأهمية؛ فكان أهمها أن منظمة التحرير الفلسطينية قد منحت صفة عضو مراقب دائم في الجمعية العامة، وهذا سمح للمنظمة من حضور جميع المؤتمرات والوكالات المتخصصة التي تشرف عليها الجمعية العامة. ومن المعروف أن هذه الصفة لم يسبق أن منحت لأي حركة تحرر في تاريخ الأمم المتحدة، وفيه ايضا تم الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني شعب كامل ومتكامل، وأن له قضية عادلة، وان من حقه الدفاع عنها وأنه ليس مجموعة من اللاجئين.

وفي عام 1980 اكدت الجمعية العامة من جديد على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة خاصة حقه في تقرير المصير، وقد طلبت الجمعية العامة من مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد إسرائيل في حال عدم تنفيذها قرار الجمعية العامة إلا أن مجلس الأمن لم يستجب لطلب الجمعيه العامة.

وفى 15 ديسمبر عام1980م أصدرت القرار رقم 35/169 وأشارت فيه الجمعية العامة إلى جميع قراراتها السابقة التي تحدثت فيها عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وعبرت عن قلقها الشديد من عدم امتثال إسرائيل لهذه القرارات وإلى عدم تحقيق حل عادل لمشكلة فلسطين.

هذا بالإضافة إلى تأكيد لجنه حقوق الإنسان في اجتماعها الثامن والعشرين لعام 1987 على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وبدون تدخل خارجي وأقامه دولته المستقلة.

وقد أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات تؤكد فيها حق الشعوب في الكفاح، وفى استخدام القوة بما يتناسب مع ميثاق الأمم المتحدة من أجل الحصول على تقرير مصيرها، من هذه القرارات:

-قرار رقم 2621  والصادر في 12 أكتوبر عام1970 م، الذي ينص على التأكيد من جديد على حق الشعوب المستعمرة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها. ونص القرار ايضا على ان كافة الشعوب تملك خلال النضال من أجل تقرير المصير طلب المساعدة وتلقى الدعم وفقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بغية التصدي لكافة الأعمال الموجهة لحرمان الشعوب من حقها في تقرير المصير والحرية والاستقلال وان المقاومة المسلحة المستخدمة ضد رفض السلطة المستعمرة حق تقرير المصير مشروعة.

فمن حق الشعوب المطالبة بتقرير المصير أن تستخدم جميع الوسائل السلمية والعسكرية لتطبيق القانون واسترداد هذا الحق وإذا كان لا بد من استخدام القوة فهو أمر مشروع، لأن الدولة التي تنكر حق تقرير المصير تنتهك القانون الدولي، وحسب دستور/قانون  مجلس الأمن فإن من حق مجلس الأمن نفسه استخدام القوة ضد الدولة التي لا تنفذ قراراته، من هذا المنطلق فإن كل حركات التحرر التي تكافح من أجل تقرير المصير مشروعة، وقد ذكرنا سابقا كيف ان الأمم المتحدة في قراراها عام    1974 قد اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية،ومنحتها عضو مراقب دائم في الجمعية العامة.

وفي القرار رقم 2787  لعام1971 م أشارت فيه الجمعية العامة بكل وضوح إلى شرعية كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تقرير مصيره. وفي القرار رقم 3070 والصادر لعام 1973قد أدانت الدول التي لا تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، خاصة الشعوب الإفريقية والشعب الفلسطيني. وأكد القرار على حق الشعوب في استخدام القوة وكافة الوسائل المتاحة من أجل التحرير.

وفي العام 1974  كانت قد أكدت الجمعية على “الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في فلسطين” بما فيها حق الاستقلال دون أي تدخل أجنبي والاستقلال الوطني والسيادة.

ومن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هو القرار رقم 202/65  الذي يعيد التأكيد على “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك حقه في الحصول على دولة فلسطينية مستقلة.” وقد حث القرار أيضاً جميع الدول والوكالات المتخصصة والمنظمات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقهم في تقرير المصير، وقد تمّ اعتماد هذا القرار بأغلبية تضمنت177  دولة.

• ان قرارات الأمم المتحدة أكدت الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وحقه في الكفاح المسلح لنيلها، وبالتالي فإن هذا الحق هو حق دولي، وأن الدولة التي تنكر حق الشعب في تقرير مصيره ليس لها الحق في إنكار حقه في استخدام القوة للحصول على هذا الحق. والأمم المتحدة أيضا قد طالبت دول العالم بتقديم المساعدات المالية والمعنوية للشعوب من أجل تقرير مصيرها وكما الأمم المتحدة هي التي خلقت دولة إسرائيل، فهي باعترافها بفلسطين دولة مراقب بالامم المتحدة في 29/12/2012 فإنها قد خلقت دولة فلسطين .

وهذا الحق تأكّد أيضا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك في العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فنصت المادة الأولى من العهدين "أنّ جميع الشعوب تملك حق تقرير مصيرها". وعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأكدت في قرارها رقم 61/295  لعام 2007 أنه للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير.

========

وإضافة إلى ما تم ذكره من قرارات الجمعية العامة انفا، فهناك ايضا العديد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، منها القرار رقم (237) قرار رقم (242) والقرار رقم (338)، وغيرها العديد من القرارات التي أكدت الحق الفلسطيني.

-  قرار مجلس الامن رقم 237 لعام 1967: الذي دعا إسرائيل إلى تسهيل عودة الفارين من حرب حزيران 1967 .

قرار مجلس الامن رقم 242 لعام 1967: والذي دعا إسرائيل إلى التخلي عن الأراضي المحتلة في حرب حزيران 1967

قرار رقم  338 لعام 1973 الذي دعا الأطراف المعنيه أن تبدأ بعد وقف إطلاق النار بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242، وان تبدأ بالمفاوضات تحت الرعاية الملائمة بهدف بناء سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط.

- وأيضا كان هناك قرارات اتخذها مجلس الأمن ولكن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق الفيتو في سبيل إبطالها.

وقد عملت الجمعية العامة ايضا على المستوى العملي لمساعدة الشعب الفلسطيني على تجسيد حقه في تقرير مصيره وذلك من خلال:  إنشاء اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف في قرار الجمعية العامة رقم  3376 في تاريخ 10 تشرين ثاني 1975؛ إنشاء اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان لسكان الأراضي المحتلة في قرار الجمعية العامه رقم 2443 المؤرخ في 19 كانون الأول 1968؛ دعوة الجمعية العامة في قرارها رقم 36 / 120 المؤرخ في 10 كانون أول 1981 إلى عقد مؤتمر دولي خاص بالقضية الفلسطينية تحت إشراف ورعاية الأمم المتحدة وبموعد أقصاه 1984 الذي كان من أهدافه زيادة الوعي والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية ولتأييد وسائل ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير.

كل القرارات الأممية السابق ذكرها أجازت ونصت على حق الشعوب في تقرير مصيرها سواء بالقوة أو بالحوار والمفاوضات السياسية وكلها طرق شرعية بالتالي فإن حركات التحرر والتي انطلقت من أجل تقرير المصير هي حركات شرعية).

فصحيح ان القانون الدولي أكد عدم جواز استخدام الدول للقوة ضد بعضها البعض، ولكنه استثناءاً لهذا المبدأ يعترف للشعوب المستعمرة والمحتلة بالحق في المقاومة بما في ذلك استخدام القوة المسلحة للحصول على استقلالها وذلك تفسيرا واستنادا للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حق الدفاع الشرعي الذي اعتبر سنداً أساسياً لتبرير استعمال القوة  

ومن القرارات التي أشارت فيها الجمعية العامة الى حق الشعب الفلسطيني في الكفاح لاسترداد حقه في تقرير مصيره :

-قرار رقم 2778 لعام 1971  حيث أجازت فيه الجمعية العامة شرعية الكفاح من أجل تقرير المصير للشعوب الخاضعة للاستعمار والهيمنة الأجنبية بمن فيهم الشعب الفلسطيني

-قرار 3070 لعام 1973 الذي أدانت في مضمونه الحكومات التي لا تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها خاصة الشعوب الأفريقية والشعب الفلسطيني، وأكد القرار على حق استخدام هذه الشعوب القوة وكافة الوسائل المتاحة لها  من اجل التحرر من السيطرة الأجنبية

-وقرار 3236 وهو من أهم الوثائق التي أكدت الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني التي سبق وأقرتها الجمعية العامة وعلى استعادتها بكل الوسائل  وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية مد يد العون للشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد هذه الحقوق وفقاً للميثاق .

الخلاصة:

يتضح من كل ما تقدم في هذا الجزء وفي الجزء السابق ان الاختلاف الفقهي في تعريف حق تقرير المصير لا يطال بأي حال من الاحوال حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وان الاختلاف بين فقهاء القانون الدولي كان على حالات أخرى غير الحالة الفلسطينية كما أن العقبة أمام تطبيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني هي ليست في قانونية حق الشعب الفلسطيني فيه من عدمها، ولا أدل على ذلك من: الاعتراف مؤخرا بالسلطة الوطنية الفلسطينية كدولة في العديد من المنظمات الدولية والتي كان اخرها محكمة الجنايات الدولية ICC، بل أن العقبة تتمثل في سياسة الكيان الإسرائيلي الغاصب والتحيز الأمريكي لإسرائيل باستخدامها لحق الفيتو لصالح اسرائيل كلما تعلق الامر بتنفيذ القرارات الدولية والمتعلقة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره (العائق سياسي وليس قانوني).

*محامية - ماجستير في القانون