الحدث العربي والدولي- جهاد الدين البدوي
كتبت الصحيفة الفرنسية "أتلنتيكو" أن ما قامت به الصين يعتبر مفاجأة وانقلاب بعد إعادة اطلاق التصعيد التجاري مع الولايات المتحدة فريد، وهو ما سيوفر وسائل إضافية للحفاظ أو تعزيز الفائض التجاري السنوي الضخم للصين الشعبية.
قيام الصين أيضا بخفض قيمة اليوان إلى حدود 7.09 يوان مقابل الدولار الأمريكي، يعتبر من جملة الأسباب التي أدت إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية بنسبة 2.5%، مما زاد من انعكاس منحنى العائد في الولايات المتحدة، وساهم في قفز سعر الذهب متجاوزا عتبة 1500 دولار، حسب ما كتبه الخبير في الاقتصاد أنطوان برونية.
ووفقا للصحيفة فإنه من خلال هذه التدابير، تمنح الصين نفسها وسائل إضافية للحفاظ على أو حتى تعزيز الفائض التجاري السنوي الضخم (500 مليار دولار).
وفي سياق متصل ردت الولايات المتحدة وخلال اجتماع الدول الصناعية السبع على الصين بفرض رسوم جمركية بقيمة 25-30% على الصادرات الصينية التي تبلغ قيمتها 250 مليار دولار، وفرضت أيضا رسوم جمركية 10-15% على الصادرات الصينية التي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار.
أعربت الدول الأوروبية عن تحفظها على الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، نظرا لخطورتها على الاقتصاد العالمي برمته.
يحمل الكاتب ضعف النمو الاقتصادي للدول الصناعية بين عامي 200-2008 إلى الصين التي أطلقت استراتيجيتها المناهضة للتعاون، ما مكنها حسب رأي الكاتب من الحصول على حصة أكبر من السوق العالمية للسلع المصنعة.
يرى الكاتب أن هناك أسباب كامنة خلف ضعف الانتعاش الاقتصادي الغربي وتراجع النمو الاقتصادي ككل، وهي تتعلق بأن الصين سعت ونجحت إلى حد كبير في الاستيلاء على جميع الأنشطة الإنتاجية العالمية من جهة. ومن جهة أخرى زيادة استهلاك وزيادة طلب الأسر في الدول الغربية للمنتوجات الصينية التي تتوافق من حيث الجودة والرخص مع احتياجاتها الأساسية.
يوصي الكاتب أنه على الاوروبيين أن يقتنعوا بحقيقة أن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن هي في الواقع ضرورة كبرى، لأنها تساهم إلى حد ما في كسر استراتيجية الصين التجارية.
ويرى الكاتب ان الحرب التجارة الامريكية على الصين ستجبر الأخيرة على اتخاذ ثلاثة قرارات. فيما يتعلق بفائضها التجارية المتجددة، ستعمل الصين على إلغاء التصنيع عن معظم البلدان الأخرى مما سيتسبب في تجدد عجزها التجاري.
وستحافظ هذه الحكومات على صورة الرفاهية الاقتصادية عبر اعتمادها على المديونية الخارجية أكثر فأكثر. وفي الواقع، تسيطر الصين على سوق رأس المال العالمي بفضل الفوائض التجارية المتكررة.
ونوه الكاتب بأن مستويات ديون البلدان، الأكثر اضطرابا اقتصاديا، أضحت مرتفعة إلى درجة تجعل الصين، دائنها الرئيس، مترددة في إقراضها المزيد. وعلى هذا النحو، تعمل هذه البلدان على الخروج من قبضة العجز التجاري المتواصل، بينما ليس أمامها خيار آخر سوى عزل سيادتها تدريجيا عن الصين.
وللحد من مديونيتها تجاه بكين، انطلقت هذه الدول في بيع جزء هام من شركاتها وأراضيها الزراعية ومواقعها السياحية.
ويرى الكاتب إن السبب الكامن وراء تمكن الصين من تحقيق أرباح من خلال هذه الاستراتيجية الاقتصادية في أنها تعد جزءا من ديناميكية تهدف إلى تمكين الصين من تحقيق تفوق اقتصادي عالمي أو إلى شراء الكوكب بأكمله.
وفي الختام، قال أنطوان برونيه أن السلبية تجاه الصين واستراتيجيتها محفوفة بعواقب وخيمة. فالحاجة للتجارة مع الصين لا غنى عناها اليوم.