الحدث - جهاد الدين البدوي
منذ خمسينيات القرن المنصرم تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية حاملات الطائرات رمزاً للهيمنة البحرية العالمية، على الرغم من أن حاملات الطائرات العملاقة شاركت في كل نزاع عسكري تقريبًا منذ بدء تشغيل فورستال في عام 1955، لم تتعرض أي حاملة طائرات لهجوم من خصم قوي. ويعزى ذلك جزئيًا إلى أن حاملات الطائرات الفائقة يصعب مهاجمتها، ولكن العظمة الرمزية لحاملات الطائرات تلعب أيضًا دورًا؛ لا أحد يريد أن يعرف ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة إذا تعرضت إحدى حاملات طائراتها للهجوم.
ووفقاً لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، سيكون التأثير العسكري لضربة ناجحة ضد حاملة طائرات عبر قصفها بصاروخ قد يدمرها أو يخرجها من الخدمة عميقاً على العمليات العسكرية الأمريكية ويؤدي لاحقا لردع أمريكا عن نشر حاملات طائرات أخرى إلى المنطقة.
وتضيف المجلة أن حاملات الطائرات هي أسلحة حرب في النهاية وهي معرضة للهجوم مثل أي سلاح آخر. ولكن كما أشار المنظرين العسكريين على مدى قرنين على الأقل، تختار الدول مستويات تصعيدها بعناية شديدة. معظم الحروب هي حروب محدودة، وفي حروب محدودة، يعي الجنرالات والسياسيون الأهمية السياسية للأهداف التي يختارونها. وبالتالي، تبقى بعض الأهداف خارج حدود الدول التي ترغب في إبقاء الحرب محدودة، حتى لو كانت هذه الأهداف تقدم مساهمة مادية في إدارة النزاع.
وتضيف المجلة أن الهجوم على حاملة طائرات أمريكية ليست بالمهمة المتوسطة، فقد حاول الاتحاد السوفييتي منذ عقود تطوير أسلحة تمكنها من اغراق وتدمير حاملات الطائرات، وهو ما تنبهت له الصين الآن، لكن حاملات الطائرات الأمريكية تحمل رمزية أسطورية سواء من قبل الرأي العام أو التصور الذاتي للبحرية الأمريكية، وعليه لم تقم أي دولة بمحاولة استهداف أي حاملة طائرات أمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ومن الجدير بالذكر أن روسيا والصين تمتلك اليوم أسلحة فرط صوتية مخصصة لتدمير حاملات الطائرات، وهو ما يرجح أن أي مواجهة مهما كانت محدودة ربما ستشعل فتيل حرب كبرى في العالم ان تم اغراق حاملة طائرات أمريكية.
وتؤكد المجلة العسكرية أن التفويض بشن هجوم على حلاملة طائرات أمريكية يتطلب قراراً سياسياً ثقيلاً، قد تفضل السلطات السياسية والعسكرية العليا ببساطة إلحاق الضرر بحاملة طائرات، والتي من شأنها أن تبعث برسالة بالغة التأثير إلى أمريكا، ولكن ذلك لن يؤدي بالضرورة إلى مقتل أعداد كبيرة من البحرية الأمريكية. ومع ذلك، سيكون من الصعب على أي شخص ضمان حدود الضرر، لأن "الضربة الموفقة" قد تدمر حاملة الطائرات. إن منح السلطة مهاجمة حاملة الطائرات قد تعرض بالضرورة حاملة الطائرات لخطر الغرق. ومن المعروف أن حاملة الطائرات من فئة "نيمتز" تحمل ما يقارب من 6000 عسكري أمريكي، وتعريض هذا الكم من العسكريين لخطر القتل، هو احتمال محفوف بالمخاطر بالفعل. قد يؤدي غرق حاملة طائرات أمريكية إلى خسائر تتعدى الخسائر الكلية لحرب العراق خلال دقائق معدودة. عندما تغرق السفن الرأسمالية، فإنها تأخذ في بعض الأحيان تقريبًا كل فرد من أفراد الطاقم.
وحسب المجلة فإن اغراق حاملة طائرات أمريكية يمكن أن يكون له تأثير كبير على التوازن العسكري، ويخلق شعوراً بالضعف بين صفوف الشعب الأمريكي، وهو ما يضع صانع القرار في البيت الأبيض بين خيارين إما الذهاب باتجاه انهاء الصراع، أو الذهاب إلى تصعيد حجم الرد ان ترتب على اغراق حاملة الطائرات خسائر بشرية كبيرة، وهو ما يضع صانعي القرار في موقف حرج وامام مطالبات بالانتقام.
وحسب المجلة، فإن اغراق حاملات الطائرات الأمريكية ربما سيكون سبباً رئيساً في اندلاع الحرب العالمية الثالثة التي سيكون اندلاعها في مثل هذه الحالات أسهل مما يعتقده البعض.