الإثنين  14 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترامب يواجه معضلة بين إيران والمملكة العربية السعودية

2019-09-24 09:28:39 AM
ترامب يواجه معضلة بين إيران والمملكة العربية السعودية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي

يرى الخبير في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية فيليب أتش غوردون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في موقف صعب يتمثل في الاختيار بين الوقوف إلى جانب حليفته السعودية عقب تعرض منشآتها النفطية الحيوية إلى هجمات قبل أسبوع، وبين تصعيد التوترات الحالية مع إيران بطرق لا يريدها الرئيس الأميركي.

وأورد الكاتب في مقالته التي نشرها مجلس العلاقات الخارجية الأميركية قول منسوب لمسؤولين أمريكيين إنهم يبنون تحالفاً لمواجهة العدوان الإيراني في الخليج عقب الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي على المنشآت النفطية السعودية. هل هذا يعني أن الحديث عن الحرب يتصاعد؟

ويشير الدبلوماسي الأمريكي غوردون أنه من الواضح أن الرئيس ترامب حريص على تجنب الانزلاق نحو صراع قد يؤدي إلى تحرك عسكري ضد إيران التي تتهمها واشنطن بالمسؤولية عن هجمات على منشآت أرامكو النفطية.

 ويقول غوردون أن الإدارة الأمريكية تدرك أن الفشل في الرد على مثل هذا الهجوم "الوقح" لن يؤدي إلا إلى تشجيع طهران على المزيد من الهجمات، ويدرك أيضا ترامب أن مهاجمة إيران عسكرياً يمكن أن يؤدي إلى صراع أوسع نطاقاً، وأزمة طاقة عالمية، وإلى ارتفاع أسعار الغاز في الولايات المتحدة، وركود في عام الانتخابات، وغضب في قاعدته السياسية التي تعتمد عليه لتجنب المزيد من الحروب في الشرق الأوسط، وهذا يفسر لماذا يبدو أن ترامب، على الرغم من كل كلامه القاسي، يتفادى من خلال التعبير عن عدم اليقين بشأن الجهة المسؤولة عن الهجمات، مشدداً على "استقلال" الطاقة الأميركية، مشيراً أن الأمر يرجع للسعودية بأن تقرر كيفية الرد على الهجمات، ثم إعلان واشنطن عن عقوبات جديدة على إيران. على الرغم من أنه كان يدعي أن الولايات المتحدة قد وصلت بالفعل إلى "أقصى قدر من الضغط". يبدو مصمماً على تجنب نزاع عسكري اذا استطاع.

 ويقول كثير من الخبراء أن الهجوم على منشآت أرامكو هو الاول من نوعه فى التهديد الذى يمثله على أمن الطاقة العالمية، وهل يتعين على المسؤولين الأمريكيين استغلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعقد بعد أيام، للدعوة إلى إجراء تحقيق في هجوم أرامكو؟

 يضيف الكاتب أن الهجوم على المنشآات النفطية التي كانت مسؤولة عن نصف الإنتاج اليومي للملكة العربية السعودية كان بالتأكيد لم يسبق له مثيل، ويشير الخبير الأميركي إنه في الظروف العادية، وفي ضوء الاهتمام العالمي بحماية الإمدادات النفطية، كان للمرء أن يتوقع إجماعا دولياً على إجراء التحقيق.

ولكن في هذه الحالة، ونظراً لأن معظم دول العالم ترى أن إدارة ترامب هي المسؤولة عن اثارة الأزمة من خلال حرمان إيران من القدرة على تصدير النفط، كما ولديها شكوك حول مصداقيتها عندما يتعلق الأمر بإسناد المسؤولية عن الهجمات، لذا سيتعين على واشنطن بذل جهد كبير لكسب تأييد دول أخرى في الأمم المتحدة.

ويرى الخبير أن الولايات المتحدة تعاقب الاقتصاد الإيراني بشدة من خلال فرض عقوبات ثانوية، ويبدو أنه من غير المرجح أن تكون العقوبات الدولية الأخرى فعالة.

ويتسائل الكاتب عما إذا كانت الجهود الرامية إلى وقف اطلاق النار واحلال عملية السلام في اليمن ممكن أن تؤدي إلى تخفيف أوسع للتوترات؟

 يجيب الخبير غوردون أن الصراع في اليمن هو نتيجة للمنافسة السعودية الإيرانية أكثر منه قضية بحد ذاتها. وبسبب هذه المنافسة الجيوسياسية والطائفية ترى إيران أن التدخل في اليمن وسيلة منخفضة التكلفة نسبياً لإثارة المتاعب لمنافسيها السعوديين الضعفاء. ومن المؤكد أن وقف إطلاق النار في اليمن سيكون مفيداً في نزع فتيل التوترات الإقليمية، ومباركة واضحة لليمنيين الذين يعانون، ولكن المنافسة الإقليمية الأوسع سوف تستمر. وما دامت طهران والرياض في مأزق، فإن السلام في اليمن، للأسف، يصعب تخيله.

ويتسائل الخبير غوردون من جديد على ما إذا هناك أي احتمالات للحفاظ على الاتفاق النووي الإيرانية؟

 يرى الخبير والدبلوماسي الأمريكي أنه لا يمكن أن يحدث ذلك دون تقديم تنازل كبير من إدارة ترامب أو إيران، ولكن ليس هناك احتمال لحدوث ذلك.

يبدو أن الرئيس ترامب كان يأمل أنه من خلال تمزيق الاتفاق النووي لعام 2015 وممارسة الضغط الاقتصادي على إيران، فإن طهران ستعود إلى طاولة المفاوضات وتوافق على صفقة "أفضل" - اتفاقية من شأنها أن تلغي برنامج تخصيب اليورانيوم، ولا تنتهي صلاحيته أبداً، وتغطي الصواريخ الباليستية، وتنهي التدخل الإيراني في المنطقة.

ويرى الخبير الأمريكي إنه أصبح واضحاً الآن بأن توقعات ترامب كانت محض خيال مستمر، وبدلاً من الرضوخ لمطالب الولايات المتحدة النووية والسعي لاتفاق نووي جديد، يبدو أن إيران تشير إلى أنه إذا لم تستطع تصدير النفط بسبب العقوبات الأمريكية، فسوف تعمل على التأكد من أن الآخرين لا يمكنهم القيام بذلك أيضًا.

ويؤكد الخبير أن ترامب يواجه الآن موقفاً صعباً، يتمثل في التراجع في مواجهة التهديدات والإجراءات الإيرانية أو تصعيد الصراع بطرق يريد بوضوح تجنبها - وهي معضلة ربما يكون قد درسها بعناية أكبر قبل الانسحاب من الاتفاق النووي في المقام الأول، ويضيف الخبير أنه بالطبع يمكنه التراجع والعودة إلى الاتفاق مقابل بعض التنازلات الإيرانية المزعومة، لكن ذلك سيكون بمثابة تحول غير عادي في السياسة الأمريكية.