الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

يجب على الصين والولايات المتحدة الاستعداد لعصر التعاون

2019-11-08 03:17:24 PM
يجب على الصين والولايات المتحدة الاستعداد لعصر التعاون
صورة توضيحية

 

الحدث - جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية مقالاً لنائبة وزير الخارجية الصيني فو يونغ ، دعت فيه كلاً من الصين والولايات المتحدة للحفاظ على تعاون متبادل المنفعة أثناء إدارة التنافس "الحميد".

ترى يونغ أن: "الانحدار السريع للعلاقات الصينية الأمريكية تجاوز توقعات الجميع، حتى أنا التي كنت متشائمة للغاية، لم أتوقع  النحدار في العلاقات بين البلدين، وإذا صرح أحد في بكين أو واشنطن فمن الأفضل وصف هذه الأجواء بجنون العظمة".

تضيف يونغ أنه بعد أقل من عام من تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، أعلنت واشنطن أن الولايات المتحدة دخلت حقبة من "منافسة القوة العظمى" حيث أصبحت الصين منافسها الاستراتيجي الأول.

وقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات كبيرة وصغيرة لسحق الصين في التبادلات التجارية والتكنولوجية والطلابية. كما حولت الموارد العسكرية نحو غرب المحيط الهادئ، مستهدفة الصين، وقد ضغطت على حلفائها للوقوف بجانبها ضد الصين وهو ما يثير التوتر. وبالنسبة للصين، على الرغم من أنها لم تتخلَ عن سياسة التعاون التي انتهجتها منذ أمد بعيد، إلا أنها يجب أن تقاوم "قبضة البلطجة".

وترى يونغ أنه منذ نهاية الحرب الباردة، تسير الصين والولايات المتحدة في اتجاهات مختلفة، وتعتقد الصين أن العالم بعد أن عانى حربين عالميتين وحرب باردة طويلة، يتجه نحو التنمية في بيئة سلمية. وقد اتبعت الصين هذا الاتجاه؛ وقامت بإصلاح اقتصادها وفتح أبوابه وتركزت على النمو. وهي الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولديها شبكة عالمية من الشركاء. وازدادت أيضا مشاركتها ونفوذها في الشؤون الدولية.

وعلى النقيض من ذلك، سعت الولايات المتحدة إلى الحفاظ على الهيمنة الأمريكية وسعت إلى تشكيل بلدان أخرى بالطرق التي تفضلها. وقد شنت سلسلة من الحروب التي أثقلت كاهلها، كما وأدت الأزمة المالية العالمية عام 2008 إلى تفاقم مشاكلها المحلية وتسببت بتدهور نوعية الحياة لطبقتها الوسطى، والتي لم تسترد عافيتها بعد. كما أن المجتمع الأمريكي في خضم البحث عن الذات، ولكن البعض يسلكون الطريق الأسهل المتمثل في جعل الصين كبش الفداء، كما أن المحاولات الأمريكية لكبح نهضة الصين قد تسبب عدم استقرار عالمي.

ووفقاً ليونغ فإن التحدي الآن بالنسبة للصين والولايات المتحدة يتمثل في معالجة الشرخ في العلاقة بينهما ضمن النظام الدولي القائم، وتعتقد يونغ أن خيارات البلدين ستحدد مستقبل البشرية في القرن الحادي والعشرين. ولتحقيق نتيجة مربحة للجانبين، يجب أن يقبل الطرفان أنه لا يمكن لأي منهما أن يكسب كل شيء ويجب أن يكون هناك أخذ وعطاء.

 تتساءل يونغ كيف تأمل بكين تشكيل علاقتها مع واشنطن؟

ترى يونغ أن الصين تحاول الحفاظ على علاقاتها التعاونية مع الولايات المتحدة الامريكية. وبفضل اقتراح الصين، أكد الرئيسان ترامب وشي جينبينغ مجدداً العلاقات الثنائية التي تركز على الاستقرار والتنسيق والتعاون بعد اجتماعهما في اوساكا في يونيو. وقد استؤنفت المحادثات التجارية.

 تضع يونغ ثلاث سيناريوهات لمستقبل العلاقة بين بكين وواشنطن:

السيناريو الأول: بعد تسوية العقبات ، يتعين على الصين والولايات المتحدة إيجاد نموذج جديد للتفاعل والذي سأطلق عليه "التعاون المشترك": الحفاظ على التعاون الضروري والمفيد للطرفين مع أدارة المنافسة "الحميدة" والتي لا مفر منها.

هذا السيناريو المثالي نسبياً يتطلب الكثير من الجهد من كلا الجانبين. كما يقول المثل الصيني "الأشجار تفضل الهدوء، لكن الرياح لن تتوقف".

 السيناريو الثاني: يتمثل في المواجهة الكاملة. هناك قوى في دوائر السياسة الأمريكية مصممة على الدفع في هذا الاتجاه. فقدرتها على التأثير في السياسة والرأي العام تزداد قوة. وهم يحاولون بالفعل فصل الدول كمقدمة للمواجهة.

السيناريو الثالث: الانجراف، وهي الحالة التي نحن فيه الآن، وهذا يتيح لكل بلد بتأخير خيارها الاستراتيجي النهائي، ويعطيه الوقت لمراقبة الجانب الآخر والحكم عليه بمزيد من الهدوء. ويكمن التحدي في ضمان معالجة المشاكل الناشئة بطريقة مدروسه.

يبدو أن الولايات المتحدة تؤمن إيمانا مطلقاً بأن الصين تسعى إلى الهيمنة العالمية، وترى أن منافستها معركة لا يمكن تحمل خسارتها. وهذا سوء فهم خطير، وفي الصين يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة تعتزم وقف التنمية في الصين ومنع شعبها من تحقيق آماله في حياة أفضل. وفي هذا الرأي، يتعين على الصين أن تقاوم بحزم لأنها لا تستطيع أن تسمح لأحد بأن يعرقل سعي شعبها لتحقيق السعادة وسبل العيش الكريم والرخاء الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن الصين لم تقل قط أن سياساتها تسعى للهيمنة العالمية، أو أنها تريد تولي دور الولايات المتحدة. طريقنا كان طريق التنمية السلمية. وكفاحنا من أجل الحق المشروع والمساوي في التنمية.

حدي الذي يواجه مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية في ما إذا كان بإمكان الطرفين إيجاد طرق للتعايش في نفس النظام الدولي وحل خلافاتهما. وإذا تحركوا نحو المواجهة، فإن ذلك قد يؤدي إلى تمزيق العالم. وللحيلولة دون الوصول لهذا الاحتمال، فإن للبلدان الأخرى أيضاً دوراً هاماً يمكن أن تؤديه.

        وقد اقترح الرئيس الصيني "بناء مجتمع بمستقبل مشترك" وتعزيز العلاقات الدولية التي تتميز بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون. وهذه الفكرة متجذرة في الحكمة السياسية والثقافية الصينية وتتسق مع الاتجاه العالمي والمصالح المشتركة للجميع. وهي أيضا الاتجاه الصحيح للعلاقات الصينية الامريكية.