الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أين " داعش" من فلسطين؟!

2015-01-27 12:37:59 AM
أين
صورة ارشيفية

 

 رام الله - محمود الفطافطة
 
أحدث بروز وتمدد الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام، والمعروفة اختصاراً بــ" داعش" جدلاً وغموضاً كبيرين لما سببه هذا التنظيم من تداعيات واسعة في المنطقة نجم عنها أزمة اقليمية تهدد بتحطيم بنى سياسية واجتماعية في بعض البلدان، وتنذر بالتمدد الفكري والأيديولوجي في بلدان أخرى. هذا التنظيم قد قلب الموازين، وأربك الحسابات، وغير من مواقع بؤر التوتر، وأخل بالمعادلات السياسية في المنطقة، إلى جانب إحداث تحولات في إحياء مفاهيم قديمة/ جديدة على الساحة تتعلق بالعلاقة بين الاسلام الجهادي والتقليدي، وبين التنمية والديمقراطية، وتتصل في نفس الوقت بدور الروابط العابرة للقارات والدول والخلل في بنية وتصورات الخطاب العربي والإسلامي.
هذا التنظيم الذي لم يتجاوز عمره الفعلي السنة يختلف عما سبقه من تنظيمات غسلامية مسلحة من حيث قدرته على التوسع والتجنيد والتحول إلى " خيار جماهيري" ؛ إذ أنه يجند مؤيديه من الشوارع والساحات والعشائر والأحزاب وليس المساجد . ويسعى إلى استثمار كل ما أنتجته المنازعات في المنطقة في نفوس الناس من قابلية للعنف والثأر والاستئصال. كما أنه امتاز إلى حد الابداع في استعمال وسائط الاعلام الجديدة لاثبات منجزاته العملية و" انتصاراته " الميدانية ونشرها في اللحظة التي تتم فيها وليس عبر الأدبيات والمقولات والدعوات الخطابية.  هذا الأمر هو الذي يفسر جاذبيته لدى الشباب المسلم حتى من خارج دائرة المنطقة العربية.
 
استثمار لا محاربة!!
وبالرغم من أن الحملة على " داعش" تأخذ طابعاً شمولياً من خلال ما يسمى " بالتحالف الدولي" ضده، الا أن ما يستلفت النظر هو المحاولات الدائبة للقوى الدولية والاقليمية المؤثرة في المنطقة لاستثمار هذه الأحداث لخدمة أهدافها وتحقيق أجندتها الخاصة.
وفي هذا السياق تأتي القضية الفلسطينية، بما لها من ارتباطات معقدة، وتأثيرات غير محدودة، لتُسقط بظلالها على المسار العام للأحداث المتصلة بــ" داعش" ومواجهتها. وفق ذلك، فإن هذا التقرير سيركز على جزئية محددة تتعلق بتداعيات الصراع في المنطقة ارتباطا بتنظيم داعش وتأثيراته على القضية الفلسطينية والأطراف المؤثرة فيها. ولتقريب الصورة وتوضيحها فإن هناك جملة من التساؤلات التي تطرح في هذا الشأن، أبرزها: كيف  ينظر الفلسطينيين إلى " داعش" ، وهل هو تنظيم يمثل الإسلام ويسعى إلى تحقيق دولة إسلامية أم أنه تنظيم يسيء إلى الإسلام ؟. وكذلك، هل  يمكن القول بوجود أثر لداعش في فلسطين، وفي حال تواجده، ما مستقبله فيها؟.. وإلى جانب ذلك، هل لإسرائيل دور في محاربة داعش، أم أنها تغذيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟.
بداية، يقول المتخصص في الحركات الاسلامية الباحث منذر مشاقي:" هناك فرق بين داعش الفكر وداعش التنظيم، فداعش التنظيم تلتقي في القراءة المتطرفة للإسلام مع تنظيم القاعدة، بل هي قراءة أكثر تطرفاً من القاعدة. ولكن التنظيم هو أمر مختلف متشابك، ناتج عن تعقيدات المرحلة السياسية الراهنة، بمعنى أن التنظيم قد لا يعكس رؤية التنظيم بالضرورة، بل قد يخضع الفكر لأغراض سياسية لجهات غير إسلامية".
ويضيف:" لا تعدو داعش أن تكون ردة فعل من مسلمين راكمتها عهود الاستعمار والظلم والاستبداد، وهي لا تمثل لكثير من المسلمين أكثر من مخرج لمواجهة كل تلك التحديات" . ويشير إلى أن " الدولة الناتجة من جهود داعش لن تكون دولة تمثل الإسلام بل سوف تخرج صورة مشوهة عن الإسلام، فالإسلام لم يكن يوماً مجموعة من الحدود والعقوبات، ولم يكن يوماً إعلان حرب على غير المسلمين، بل هو رسالة رحمة لغير المسلمين".
 
بيئة مضادة!!
ويبين مشاقي " أن فلسطين لا تخلو من مسلمين يتبنون تلك القراءة المتطرفة للإسلام والتي تتبناها داعش ومن قبلها القاعدة، ولكن حتما لن يكون لداعش ولا لفكرها وتنظيمها مستقبل في فلسطين، فالبيئة المناسبة لنمو هذا الفكر هي تلك البيئة التي تنعدم فيها الردود على التحديات، أو تقف القوى السياسية أو حتى الإسلامية عاجزة امام التحديات، عندها يكون الحل في اللجوء إلى داعش".
ويوضح" في فلسطين فإن التحدي الأكبر الذي نواجهه فهو الاحتلال الصهيوني، حيث يلقى الاحتلال مقاومة ضارية من قوى فلسطينية إسلامية وغير إسلامية، ولن تضيف داعش شيئاً الى الفعل المقاوم في فلسطين ضد الاحتلال، بمعنى أن لا حاجة لتنظيم داعش، أو أنه ليس هناك من نقص يمكن أن تسده داعش في فلسطين ".
 الكاتب صلاح حميده يؤكد أن داعش تعبير عن حالة انتقامية من ظلم وقع على مجموعات بشرية لم تجد أمامها سوى حمل السلاح، وهي ردة فعل يائسة من الانقلابات على خيارات الشعوب الانتخابية، ومن يدرس حالتها بشكل جيد يكتشف أن الكثيرين من أفرادها خلفيتهم الدينية ضحلة، وبعضهم انتقل من حالة اجرامية أو لا دينية الى حالة دينية صورية نمطية تظن انها الاسلام.
ويذكرحميدة أن داعش غير موجودة في فلسطين وإن كان هناك من يتبنى أفكارها وهم نوعان، نوع يحركه ما يجري في العراق وسوريا واليمن،والآخر يحركه اليأس من التغيير بوسائل سلمية، وهذا النوع متأثر بارتدادات الانقلاب على خيارات الشعوب. ولكن هذه الحركات لا مستقبل لها بشكل عام، فهي خارج سياق الحضارة والتاريخ ولا تقع فلسطين ضمن أجندتهم، وقرأت لبعضهم بأنهم اذا جاؤوا لغزة فاﻷولوية لقتال حماس وليس لقتال اسرائيل؟!
تشتت ومناكفة!!
بدوره يقول د. سعيد عياد استاذ الإعلام في جامعة بيت لحم : " أعتقد أننا نواجه حالة فوضوية في الفكر والتأويل والتشتت السياسي، وداعش ليست فقط بالبشر والتنظيم إنما هي بالفكر" . ويضيف" أرى أن " داعش" مجرد فكرة تتجاوز نطاق أفرادها أُنتجت في زمن تقرر فيه هدم كل ما هو عربي ..المهم من يقف وراء داعش أينما كانت . ومن المستفيد من وجودها.إنها بداية إنتاج تاريخ جديد للبشرية بعدما بشر فوكوياما بنهاية التاريخ ".
الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو علان يقول:" تشكيل هذا التنظيم يعتبر فرصة للدول العربية والغربية للتخلص من المتطرفين الإسلاميين الذين يعيشون على أراضيهم، وتسرب آلاف العرب والأجانب لسوريا والعرا ق خير دليل وأفضل شاهد على هذا الهدف غير المعلن. ويضيف:" ما يشاع عن سعي الغرب القضاء على تنظيم داعش مجرد أكذوبة ليست أكثر ولو كان هذا الإدعاء صحيح لتم وقف تهريب الأسلحة والعناصر لهذا التنظيم وحينها سيموت التنظيم موت بطيء وخلال أشهر عدة، ولا يحتاج لهذا الاستعراض من الهجمات الجوية الوهمية التي تتم في العراق وسوريا".
 
وفيما يتعلق بداعش وفلسطين، يبين أبو علان " أنه على الرغم من التظاهرة التي كانت في غزة  قبل أيام، وقيل عنها تظاهرة سلمية لداعش أمام المركز الثقافي الفرنسي، إلا أنني اعتقد أن لا وجود لداعش في فلسطين، ومحاولة بعض الجهات إظهار وجود داعش في فلسطين ما هي إلا لعبة في إطار المناكفة السياسية الداخلية".
 
ويتابع قائلاً:" دولة الاحتلال الإسرائيلي هي الأخرى تحاول الترويج لوجود داعش داخل فلسطين المحتلة من أجل مزيد من الاستعداء الدولي للشعب الفلسطيني ولمحاولة تبرير استمرار الحصار على قطاع غزة، بالإضافة لسعي الاحتلال الإسرائيلي إلصاق صفة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية من خلال ترديد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي لعبارته المشهورة " حماس هي داعش، وداعش هي حماس"، وللأسف وجد من يردد خلفه هذه العبارة بلغة عربية ولهجة فلسطينية".
 
الكاتب والباحث في الشؤون السياسية سري سمور يقول " أن  نظرتي إلى داعش أو نظرة غيري لن تكون بمستوى دقيق وعلمي، ذلك أن الإعلام يعطينا صورة معينة عن داعش لا ندري ما مدى صحتها". ويبين"  أنه بعد القاعدة وداعش زاد عدد معتنقي الإسلام ولم ينقصوا، وأن داعش معرضة كأي تنظيم للاختراق والتوجيه الخفي، لكن هذا لا ينفي أن لديهم نوايا لإقامة ما يعتبرونه دولة خلافة إسلامية".
 
صور غامضة!!
وبخصوص الوضع الفلسطيني يذكر سمور " إن الوضع معقد، فقد ترى معتنقين لفكر داعش ولكن ما معنى هذا؟ لا شيء، لأن الأهم هو الإمكانيات المادية والعسكرية وليس أفراداً يعتنقون فكرة، ففلسطين لها خصوصيتها؛ وإذا وجدت داعش فيها فهي على التوزيعات التالية:افراد تابعين لتنظيمات فلسطينية انشقوا عنها متأثرين بعواطف وناقمين، أو أفراد توجههم تنظيماتهم لرفع شعارات داعش والظهور كأعضاء منتمين فيها لأهداف مختلفة ترفع عن هذه التنظيمات حرج القيام بما لا تستطيع القيام به علناً، أو اختراق من أجهزة مخابرات الاحتلال، وهذا لا يعني أن الأفراد جواسيس بالضرورة، ولكن التوجيه الخفي البعيد كذلك، يستغل تعاطف مجموعة مع داعش ويوهمهم ويجندهم ويوجههم وهم يحسبون أنهم يتبعون داعش الأصلية، والصنف الأخير أفراد يتعاطفون مع داعش ويدافعون عنها سرا أو علانية  وذلك لا يقومون بأي شيء يفيد وجودها مادياً.  وينوه سمور إلى أن كل ما سبق يظل في إطار الاحتمالات، ولكن داعش لن تتمكن من الحلول مكان تنظيمات فلسطينية قائمة منذ زمن، فالأمر ليس سهلاً عليها.
أما الاعلامي والكاتب خالد الكردي فيقول:" تنظيم داعش هو تنظيم مشبوه ويسيء إلى الاسلام والمسلمين في بقاع الأرض . فهذا التنظيم الذي يذبح الاسرى والمدنيين والنساء والطبيبات واْناس يشاهدون لعبة الكره يمثل مخالفات واضحة إلى الدين الاسلامي ". ويذكر الكردي " إذا وجد هذا التنظيم في فلسطين المحتله فهذا ما لا نتمناة لانهم سيجلبون لنا المزيد من الويلات والاساءه لنا ولقضيتنا وهذا ما تتمناه اسرائيل لتبرير جرائمها بحق النساء والاطفال والشيوخ العزل".
وفي  مقال للكاتب جمال كامل قال فيه :" يكفي إلقاء نظرة سريعة الى خطابات "داعش" حتى نتأكد أن فلسطين والقدس والاحتلال الصهيوني وامريكا والغرب لا مكان لهم في قاموس "داعش" ، وبدا ذلك واضحا من الكلمة التي القاها ابو بكر البغدادي في جامع الموصل، عندما ذكر كل مكان حتى أفريقيا الوسطى وبورما وتوعد أن يثأر للمسلمين هناك، ولكنه لم يكلف نفسه عناء الاشارة الى فلسطين أو الاحتلال الاسرائيلي".
 
جدلية اللامعرفة!
ويضيف" إن موقف "داعش" ازاء فلسطين، أثار ردود فعل مستهجنة لدى جمهور "داعش" نفسه ، الأمر الذي دعا الآلة الاعلامية لهذا التنظيم ، لتبرير موقفه من فلسطين والاحتلال بطرق واساليب كشفت اكثر حقيقة هذا التنظيم التكفيري والجهات التي تقف وراءه، حيث تذرعت أنه يجب القضاء على العدو القريب أولاً ومن ثم التوجه إلى العدو البعيد!!.
الكاتب عامر أبو هليل يستبعد وجود داعش كتنظيمٍ على الأرض، " فرُبما تكون كفكرة موجودة لكن كتنظيم على أرض الواقع أستبعد ذلك رغم مزاعم الإحتلال والأجهزة الأمنية بإعتقال أفرادٍ يوالون لهذا التنظيم" .
 الاعلامي خالد معالي يقول:" داعش سواء أساءت أم لم تسيء للاسلام يبقى الاسلام إسلاما وداعش لها ما لها ولها ما عليها، وهي نتاج حالة القهر العربي، وفلسطين جزء من العامل العربي ، ومن الطبيعي جداً أن تظهر فيه داعش الآن أو لاحقاً بحسب الظروف القاسية في فلسطين".
 وفي السياق ذاته يقول الاعلامي محمد اللحام في مقال له:" أن هنالك خيم كاملة في معتقل النقب لجماعة داعش، ولها ممثل باسمها لوحدها رغم أن الجماعة تعيش في أقسام محسوبة على حركة سياسية دينية فلسطينية"، مضيفا أنه وفق مصدر أمني فلسطيني رفيع هنالك رقم قريب على 25 شخص في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية يحسبون على داعش وبعضهم عائد من القتال في سوريا". ويشير إلى أنهنالك العشرات في غزة رغم نفي حماس لذلك .
 وفي مقابل ذلك أعلن الناطق باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري في تصريحات له أن الأمن الفلسطيني لم يضبط حتى الآن أية عناصر تابعة لـ"داعش" في فلسطين، وأنه يتعقب رواد المواقع التابعة لمثل هذا التنظيم لحمايتهم وتوعيتهم بخطر هذا الفكر المتطرف. وأشار إلى أن فكرة "داعش" خارجة عن النص الفلسطيني، لأن توجه هذا التنظيم لا يحمل في اجندته تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي استطلاع للرأي نشره "المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي" أجري في آب 2014، ويشمل عينة عشوائية مكونة من 1000 شخص يمثلون نماذج سكانية من قطاع غزة، أعمارهم 18 عاماً فما فوق، جاء فيه أن (85.2%) من الجمهور الفلسطيني يعارضون "داعش".
 

 
هل يوجد " داعش" في القطاع؟!

 

حركة حماس ترفض  وجود داعش في غزة، حيث قال المتحدث باسمها سامي أبو زهري" لا يوجد شيء اسمه داعش في غزة، ولا يوجد أي مؤشر على وجود هذا التنظيم هنا". ويؤكد الخبير في الجماعات الاسلامية محمد حجازي أن داعش مرتبطة بشكل أساسي بدولة العراق ثم سوريا لذلك يستبعد وجودها كتنظيم في القطاع . وأضاف "الناطق الرسمي باسم داعش في سوريا رجع مؤخراً إلى عائلته ومنزله جنوب قطاع غزة، لكن هذا لا يعني ظهور داعش في القطاع، وهناك أعداد من سلفي غزة ذهب جزء منها للقتال مع داعش وجزء آخر مع جبهة النصرة، ولكن هذا لا يعني أن من رجع منهم يريد أن يكوّن تنظيم داعش بغزة".
ويرجع حجازي صعوبة ذلك إلى أن "حركة حماس لن تسمح بذلك باعتبار أنهم يمثلون الاسلام السياسي في القطاع، والسبب الآخر أن داعش هدفها الأساسي اقامة دولة في العراق والشام وجميعنا نتذكر ماذا حدث لعبد اللطيف موسى حين أعلن امارته الاسلامية في مدينة رفح، فلم تمهله الحكومة 24 ساعة على قيد الحياة". ويرجح حجازي وجود أفراد في غزة ينتمون لداعش ولكن ليس كتنظيم مضيفاً "الفكرة تنتقل عبر الانترنت والفيديوهات وتعجب بعض الشباب وخاصة مع انتشار البطالة وازدياد الحصار وبالتالي يعلنون تعاطفهم وانتمائهم ولكن أعدادهم لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة، وظهورهم كتنظيم خطير لأنه يعني الصراع مع الحكومة الحالية على الدولة والسلطة".