الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يمكن تعديل الاتفاقية الاقتصادية بهدف الانفكاك التدريجي عن التبعية الاقتصادية لإسرائيل؟

2019-12-18 06:44:18 PM
كيف يمكن تعديل الاتفاقية الاقتصادية بهدف الانفكاك التدريجي عن التبعية الاقتصادية لإسرائيل؟

الحدث الاقتصادي

عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) الأربعاء 18 كانون الأول 2019 في مقره برام الله لقاء طاولة مستديرة بعنوان "كيف يمكن تعديل الاتفاق الاقتصادي لعام 1994 بهدف الانفكاك التدريجي عن التبعية الاقتصادية لإسرائيل؟"، وتأتي هذه الجلسة استكمالا لمتابعة معهد ماس لما هو جديد في التوجهات الاقتصادية التي تقتضيها المرحلة، سواء كانت توجهات رسمية أو تداعيات اقتصادية وتجارية لامست الواقع الاقتصادي والتجاري الحالي وأثرت عليه (مثل احتجاز أموال المقاصة، واحتجاز البضائع الفلسطينية). ويبقى موضوع إعادة النظر بالعلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل وكيفية تحقيق الانفكاك التدريجي على رأس جدول أعمال المعهد. لذلك تأتي هذه الورقة لتناقش هذا الموضوع انطلاقاً من الاتفاق الاقتصادي والسبل القانونية المتاحة كحلقة أولى من حلقات الانفكاك التدريجي. وشارك في الجلسة مدعوون من القطاعين العام والخاص ومن ذوي الاختصاص والخبرة، وقياديين سياسيين.

افتتح الجلسة السيد رجا الخالدي، المدير العام للمعهد، بكلمة ترحيبية تطرق فيها إلى خلفية لقاءات الطاولة المستديرة وأهميتها في مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الهامة وذات الأولوية لصانع القرار الفلسطيني. وأشار الخالدي الى أن المشاركة النوعية تشير الى أهمية الموضوع وأيضا الى كون ماس منبر للتحاور الاقتصادي المستند للمعلومة الدقيقة والتحليل العلمي المتزن. أضاف أن هذه الجلسة الثامنة التي تعقد هذا العام.

وأعد المعهد بالتعاون مع المستشارة القانونية السيدة هبه الحسيني ورقة خلفية حول الموضوع، قامت الحسيني بعرضها. فيما قدم المداخلات الرئيسية في الجلسة كل من الدكتور باسم خوري رئيس مجلس إدارة شركة دار الشفاء لصناعة الأدوية ومواد التجميل، والسيد سمير حليلة الخبير الاقتصادي، والسيد عزمي عبد الرحمن، مدير عام السياسات والدراسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الوطني.

وذكرت الحسيني أن منظومة الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ابتداء بإعلان المبادئ في العام 1993، الاتفاق الاقتصادي لعام 1994، والاتفاقية الفلسطينية الإسرائيلية المرحلية لعام 1995 وما لحقها من اتفاقيات ("اتفاقيات أوسلو")، لا تعدو عن كونها التزامات غير قابلة لتحقيق المصالح الوطنية والسياسية والاقتصادية الفلسطينية، كونها مؤقتة ومرحلية ودون سقف السيادة الفلسطيني. ويقوم "بروتوكول العلاقات الاقتصادية" (كما يعرف بالاتفاق الاقتصادي)، والملحق بالاتفاقية المرحلية لعام 1995، على تنظيم العلاقة الاقتصادية بين الجانبين وتحديد الحيز السياساتي الاقتصادي الفلسطيني المستقل على نطاق ضيق وذلك خلال الفترة الانتقالية (٥ سنوات). وفي ظل انسداد الآفاق السياسية المحددة بإطار اتفاقيات أوسلو، ومع كل ما حملته قيود الاتفاق الاقتصادي من آثار ضارة للتنمية الاقتصادية الفلسطينية في تصميمه، وخاصة بعد 25 سنة من سريانه وتطبيقه أحادي الجانب من قبل الطرف الإسرائيلي، تعالت أصوات تطالب بمراجعة الاتفاق، أو تعديله، أو استبداله تماماً. وفي آب من عام 2017 تبنى المجلس المركزي الفلسطيني قرارات دعت صراحة الى "الانفكاك الاقتصادي" عن إسرائيل، ولكن دون تحديد كيفية إنجاز ذلك، سواء من خلال تنفيذ برنامج قطاعي وزمني أو تحديد الجوانب المتعلقة بالانفكاك.

في هذه المرحلة، وإلى أن تتضح تفاصيل برنامج الانفكاك الاقتصادي ومداه، أعلن وزير الشؤون المدنية الفلسطيني في شهر أيلول 2019، ضمن التفاهمات الجديدة مع إسرائيل بخصوص حل إشكالية احتجازها لأموال المقاصة، أن الجانب الإسرائيلي وافق على دراسة مطالب فلسطينية بشأن تعديل بنود معينة في الاتفاق الاقتصادي في إطار اللجان الفنية المتفرعة عن اللجنة الاقتصادية المشتركة، التي عقدت في كانون أول 2019 اجتماعاتها لأول مرة منذ 2000. بغض النظر عن مدى الاستعداد الإسرائيلي الفعلي للتعامل مع مطالب فلسطينية مالية أو تجارية أو غيرها، تتطلب تعديلات في شروط العلاقة الاقتصادية، فإن إمكانية التعديل تعتمد بالدرجة الأولى على الوسائل القانونية المتاحة لذلك. وبعبارة أخرى، مهما كانت الرؤية والأهداف الفلسطينية المستقبلية من تحسين شروط الاتحاد الجمركي مروراً بتحويله إلى منطقة تجارة حرة أو وصولاً إلى الانفصال عن الغلاف الجمركي المشترك وإنشاء نظام تجاري فلسطيني مستقل، فإن الخيار الفلسطيني يجب أن يستند إلى أسس وإستراتيجية قانونية سليمة وواقعية. وذكرت الحسيني أن هذه الورقة، لا تتطرق إلى التحدي الإستراتيجي الكامن في استبدال الاتحاد الجمركي القائم بنظام تجاري بديل (تجارة حرة أو نظام تجاري منفصل)، بل تستعرض الطرق والمداخل القانونية المختلفة لتعديل أو تغيير تلك البنود في الاتفاق الاقتصادي التي تفرض على فلسطين التبعية الاقتصادية الاستعمارية، والتي من شأن تعديلها تعزيز التوجه الحالي نحو الانفكاك الاقتصادي التدريجي وتقوية أسس الاقتصاد الفلسطيني المنتج والمستقل.

وخلصت الورقة إلى أن السبل الثنائية المباشرة لتعديل الاتفاق الاقتصادي أو لحل النزاعات المتعلقة به هي الأسرع والأنجع، في حال توفرت، وأن الانتظار لانضمام فلسطين لمنظمات عالمية مثل منظمة التجارة العالمية ومن بعدها التفاوض مع دول مجاورة وإقليمية، يفترض فرض السيادة الفلسطينية على المعابر والحدود أو موافقة إسرائيلية لاستغلال موانئها أو معابرها الدولية، ولا يستطيع الاقتصاد الفلسطيني الصمود أمام عامل الزمن لمثل هذه الخطوات. وخلصت الورقة أيضاً إلى أن غياب بنود صريحة بخصوص حل النزاعات والتحكيم يجعل مساءلة إسرائيل أو مطالبتها بتنفيذ أو تعديل الاتفاق الاقتصادي من خلال محافل دولية للتحكيم شبه مستحيل. وأن مطالبة إسرائيل بتنفيذ وتعديل الاتفاق الاقتصادي من خلال ضغط إقليمي ودولي قد يحقق مساعي فلسطين، من خلال إحراجها أمام الرأي العام الدولي والذي يدفع تكلفة الاحتلال. وأن قبول فلسطيني بتقديم الشق الاقتصادي على السياسي أولاً (وهو مقترح إسرائيل) محفوف بالمخاطر ولا ينسجم مع المواقف الفلسطينية الرسمية المعلنة في رفض "السلام الاقتصادي". كما يعد الانفصال من طرف واحد أو التوجه نحو بلورة نظام اقتصادي بديل (بعيد عن نموذج الاتحاد الجمركي غير المتكافئ والمقيد للتنمية، يتيح الحد الأدنى من السيادة على المعابر والحدود والاستيراد والتصدير وغيرها من السياسات القانونية) مستبعد اليوم وغير واقعي دون حل سياسي. لذلك يأتي البديل الأكثر واقعية في الوقت الحالي وهو الانفكاك التدريجي.

بدوره أشار الدكتور باسم خوري في مداخلته إلى أن ممارسات إسرائيل على الأرض أنهت العمل ببروتوكول باريس من خلال تفريغه من مضمونه، حيث أن جوهر هذا الاتفاق هو اتحاد جمركي بشروط استيراد وتصدير موحدة وتبادل حر للسلع والخدمات، ورأس المال، والعمالة لكن التطبيق على الأرض بعيد كل البعد عن ذلك. والحقيقة أن اتفاقية باريس لم تتح للفلسطينيين امتياز "شراء الوقت" حيث أنه ومنذ العام 1996 وفي ظل أول حكومة تشكلت برئاسة الراحل أبو عمار، قامت حكومة نتنياهو بإصدار تعليمات بأن على المستورد الفلسطيني توقيع تعهد بعدم بيع ما يستورده في إسرائيل وأن يقتصر بيعه في الأراضي الفلسطينية فقط. لم يقابل هذا المنع، منع السلع الإسرائيلية من دخول السوق الفلسطينية، كذلك الحال في سوق العمل حيث وضعت إسرائيل قيود كبيرة على تدفق العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل وصلت بذروة الانتفاضة إلى منعها بالكامل، وما السماح بها الآن إلا استجابة إلى ضروراتها الاقتصادية في إسرائيل.

أضاف خوري أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عملت جميعها على مبدأ واحد، وهو سلب أي مظهر من مظاهر السيادة الاقتصادية للفلسطينيين، لأن السيادة الاقتصادية ستنعكس حتماً على السيادة السياسية. وبهذا حرصت إسرائيل على عدم تحقيق أي انجازات اقتصادية تشعر المواطن الفلسطيني بتحسن حقيقي في حياته. المشكلة الرئيسية من وجهة نظر خوري، أننا ما زلنا نعيش الوهم وهنالك غياب للوعي والاستراتيجية التي قد تساهم في تغيير الواقع، والعمل برأيه ممكن في إطارين. الإطار الأول، هو العمل الدولي، من خلال تفعيل جهودنا للانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، لأن هذا الانضمام قد يساعدنا بالضغط على إسرائيل لتغيير سياستها التجارية والاقتصادية مع فلسطين. كما أن هنالك صعود لقوى اقتصادية مختلفة في العالم ولا بد لنا من النظر لهذه التغيرات وكيف سنكون لاعبين مع هذه القوى في العالم، لا بد من العمل عليها وعمل اتفاقيات جديدة وعدم الاقتصار على الاهتمام بتنفيذ بروتوكول باريس. الإطار الثاني يأتي على المستوى المحلي المتاح أمامنا وهو السيطرة على ما يباع محلياً ووضع معايير محددة لهذه السلع تتناسب ومواصفات المنتجات الفلسطينية وتحد من السلع الأخرى المستوردة بمبدأ المعاملة بالمثل والذي لا يتناقض مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.

فيما أكد السيد سمير حليلة، أنه قبل توقيع بروتوكول باريس بقليل، نجح الطرف الفلسطيني المفاوض في إضافة بند يشير إلى أن النزاعات تحال إلى اللجنة المشتركة، أي أنها المكان لإعادة النظر في هذا الاتفاق. ويشير إلى أن قرار تحويل اتفاق باريس إلى بروتوكول، ترك التحكيم في النزاعات إلى الاتفاقية الأساسية. وبالتالي فالاتفاق السياسي والأمني هو البنية الرئيسية، أما تعديل بروتوكول باريس وحده ليس كافي في ظل الخروقات في الاتفاق الأساسي. في العام 1995، تم إجراء تعديل من طرف واحد على موضوع الجمارك والضرائب من خلال التفاوض مع إسرائيل والقبول بنسبة ال 3% المتعارف عليها اليوم، وتشير الوثائق الإسرائيلية إلى أن هذا التعديل كان لاحقا لاتفاق باريس وأجري ضمن اتفاقيات أخرى. أدركت إسرائيل في حينه أنه يمكنها التراجع عن كثير من بنود الاتفاق الذي لم يكن مرضي بشكل كامل لها، فاستغلوا إمكانية تشكيل لجان فنية فرعية بديلة عن اللجنة المشتركة. تتابعت الأخطاء حيث لم يطالب أحد باجتماع اللجنة المشتركة رسمياً تقريباً طوال الوقت، أي بحسب حليلة فإن عدم عقد اجتماعات اللجنة المشتركة كان بسبب تقصير فلسطيني وليس رفض إسرائيلي. كما أن فكرة الاتحاد الجمركي، باستثناء قوائم الاستيراد (أ وب) كانت قائمة في ذلك الوقت بحكم عدم وجود سيطرة على حدود فلسطينية، والتي لم توافق إسرائيل عليها إلى الآن. لذلك يرى حليلة أن نقاش إمكانية نقض اتفاق باريس يجب أن تنطلق من فضح الخروقات الإسرائيلية للاتفاقية الأساسية وذكر منها: الإغلاق الأمني الذي فرض على مناطق السلطة بعد اتفاق أوسلو؛ منع السيارات الفلسطينية من الدخول إلى إسرائيل بقرار أحادي من قبل وزير النقل الإسرائيلي؛ عدم عقد اللجنة المشتركة، بالأخص أن الاتفاق ينص على أن إسرائيل ملزمة بإبلاغ السلطة مسبقاً بكافة التعديلات التي تنوي عملها في نظامها التجاري؛ التشغيل حسب الاتفاقية يجب أن يتم من خلال مكاتب العمل الفلسطينية لكن التشغيل يتم من خلال وسطاء؛ عدم التزام إسرائيل بالبند الذي ينص على أنه لا يجوز لأي طرف تدمير أو التأثير سلباً على صناعة الطرف الآخر من خلال إغراق السوق الفلسطيني بسلع ذات جودة منخفضة وأسعار رخيصة؛ مصادرة المواقع السياحية التي كانت ترتيباتها محددة في الاتفاق (سبسطية، قبر يوسف، قبة راحيل)؛ ومنع الباصات السياحية الفلسطينية من الدخول إلى إسرائيل.

كما لم يتم استكمال التفاوض، كما أشارت الاتفاقيات، حول العلامات التجارية وتسجيلها وتسوية حسابات جهات أخرى لدى كل طرف كالشركات، بالإضافة لوضع عوائق أمام التجارة وعدم إعادة النظر في الكميات المستوردة من خلال القوائم السلعية الثلاث والتي بقيت مقدرة على استهلاك الفلسطينيين وقت توقيع الاتفاقية والذي كان غير دقيق بحكم غياب الإحصائيات في حينه. أضاف حليلة أنه يجب أن يكون لدينا ميناء بري في جنين وميناء بري في الخليل تصل إليه البضاعة المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية بدل من مكوثها في ميناء حيفا أو أشدود ويحاسب عليها الجمارك الفلسطينية وانتهاء ذلك يخلصنا من مشكلة المقاصة، وأخيرا القوائم السلعية (أ وب) وضعت نصاً يسمح لفلسطين بتبادل تجاري مع الدول العربية والإسلامية ووافقت عليه إسرائيل لكننا لم نحدثها أو نعدلها. اقترح حليلة مبادرة فلسطينية لعقد لجنة تجارة حرة مع الدول العربية والإسلامية، وخاصة تلك التي لها علاقة تجارية مع إسرائيل، من أجل دراسة إمكانية الاستيراد منهم حسب القوائم والاستفادة من الضغط من قبلهم بحكم مصالحهم في تصدير منتجاتهم إلى فلسطين.

من جانبه أضاف السيد عزمي عبد الرحمن، أن تحديد معنى الانفكاك الاقتصادي من شأنه فرز متطلبات مختلفة بناء على المقصود. فهل المقصود من الانفكاك، رفض ما جاء في اتفاق باريس والتمرد عليها؟ التعايش مع ما جاء في اتفاق باريس مع استغلال الهوامش المتاحة؟ تعديل بنود بروتوكول باريس لنكون جاهزين لما هو قادم؟ أما عن الانضمام لمنظمة التجارة الدولية فقد أشار إلى أن طلب الانضمام إلى المنظمة درس عام 2014 بحضور جميع الشركاء وأحيل الملف الخاص بتقديم طلب الانضمام إلى الرئاسة الفلسطينية دون معرفة ما جرى لاحقاً. أضاف عبد الرحمن أن من أساسيات الانفكاك التدريجي عن بروتوكول باريس والعلاقات الاقتصادية الحالية، إيجاد سياسات موازية لدعم المنتج المحلي وتقوية أسس الاقتصاد الفلسطيني، فتوسيع القوائم (أ، وب) غير كافي لسد الاحتياجات الفلسطينية، وقد لا تشكل بديل ممكن نظراً لارتفاع سعرها في الأسواق العالمية عن سعرها في إسرائيل. كما أشار عبد الرحمن إلى أهمية تشكيل لجنة اقتصادية فنية وطنية مشتركة للنظر بسد الثغرات المقرة في الاتفاق حالياً، على أن تعمل كمظلة وطنية لهذا الغرض.

أضاف أن التعايش مع بروتوكول باريس كإحدى الخيارات، يحيلنا إلى عدة أمور يمكن عملها منها؛ توسيع القوائم (أ وب) باجتماع اللجنة الاقتصادية والفنية المشتركة والتي تحوي قوائم لم تعد مستخدمة في السوق الفلسطيني. من البنود غير المستغلة كذلك موضوع النفط والذي أدركته الحكومة الحالية وتوجهت باتجاه العراق ودول أخرى لإيجاد مصادر نفط بديل عن النفط الإسرائيلي، كما أن الضرائب على الشركات العاملة في المناطق "ج" يجب أن يعود إلى الخزينة الفلسطينية الشيء الذي يمكن استغلاله في ظل وجود اتفاق باريس. كما لا يمنع الاتفاق استخدام الموانئ الأردنية كبديل عن الموانئ الإسرائيلية، مما قد يساهم في الابتعاد عن التعقيدات التي ترفع كلفة النقل بما يزيد عن النصف. وتطرق عبد الرحمن إلى بند السلع ذات الاستخدام المزدوج والتي لها تأثيرات على صعيد زيادة الناتج الفلسطيني ولا تزال إسرائيل تمنع استيرادها إلا من خلال تقديم أوراق كثيرة، بالإضافة إلى البناء على التفاهمات التي تمت في الآونة الأخيرة حول استلام السلطة ضرائب البلو مباشرة وليس من خلال المقاصة مما يقلل التبعية.

أما عن تعزيز الانفكاك في ظل الوضع الحالي، أشار عبد الرحمن إلى أهمية التركيز على المنتج الوطني وإعطاءه الأولوية كبديل عن المنتجات المستوردة بصورة عامة والإسرائيلي بصورة خاصة، فالانفكاك يبدأ من تطوير القطاعات الإنتاجية وترابط هذه القطاعات مع بعضها، وتوعية المستهلك الفلسطيني بأهمية التوجه نحو المنتج الوطني وعدم الاستخفاف بأهمية هذا الأمر.

أجمع عدد من الحاضرين على جدوى عدد من الخطوات باتجاه الانفكاك التدريجي، من خلال تعزيز البدائل المحلية وتقوية الصناعة الوطنية، ومنع الاستيراد الذي يضر بها، أي التقليل من التبعية بشكل تدريجي وبدون مواجهة مباشرة. أكدوا كذلك على أهمية التوجه نحو القاعدة الشعبية وتوجيهها نحو الاستهلاك المحلي وتغيير ثقافة الاستهلاك القائمة فيما يتعلق بضرورة الابتعاد عن البضائع الاسرائيلية. على الرغم من أن المشاكل كثيرة إلا ان الحلول كثيرة كذلك بالتركيز على إطاري العمل الدولي والمحلي. لكن التجربة تظهر وجود مشكلة لدى صانع القرار الاقتصادي الفلسطيني، فقد كان من الممكن خلال ال 25 سنة الماضية عمل سياسة تجارية بدل المطالبة بتوسيع قوائم السلع المذكورة في الاتفاق إلا أن هذا لم يتم. إضافة إلى بنود أخرى كان يمكن استغلالها بشكل أفضل، حيث يتيح بروتوكول باريس توسيع علاقات فلسطين التجارية مع العمق العربي الأمر الذي لم يتم استغلاله أبداً.