الأربعاء  08 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل سينفذ الاحتلال خطة الضم يوم غد؟

2020-06-30 08:20:02 PM
هل سينفذ الاحتلال خطة الضم يوم غد؟

الحدث - جنى حسان

ما تزال الرؤية ضبابية حول مجريات تنفيذ خطة ضم الأغوار المقرة غداً الأربعاء، وهي الخطة التي تعهد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذها عقب نجاحه في تشكيل الحكومة في مطلع شهر أيلول المنصرم.

 وحول هذا، قال المفكر والمحلل السياسي عبدالستار قاسم لـ"الحدث"، إن الضم لن يكون يوم غد، وذلك لوجود خلافات داخل الاحتلال الإسرائيلي حول مسألة الضم، خاصة وأن الجهات العسكرية والأمنية الإسرائيلية تحذر من اندلاع هبة جماهيرية فلسطينية واسعة في حال الإقدام على تنفيذ المخطط، بالإضافة إلى التخوف من هجمات صاروخية تنفذها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وأشار قاسم إلى أن الاحتلال يعي بأن هذه الخطوة لن تكون من مصلحته في الوقت الراهن، إذ يواجه نتنياهو باعتباره المؤيد الوحيد لهذه الخطوة، رفضا أوروبيا وعالمياً للضم، بالإضافة إلى رفض شريكه في الحكومة لتنفيذ الضم،  في حين تطالب أمريكا الاحتلال بالتريث وتأجيل تنفيذ مخطط الضم إلى وقت لاحق، لذلك فإن الضم لن يلغى ولكن سيتم تأجيله.

وأوضح المحلل السياسي قاسم، أن البيئة والظروف الراهنة في الضفة الغربية غير صالحة لمواجهة الاحتلال، نظراً لطغيان الهموم الشخصية والخاصة على الهم العام الفلسطيني، واهتمام المعظم بتوفير لقمة العيش لأسرته، ويأتي هذا نتيجة لاتباع السلطة الفلسطينية لسياسة الاعتماد على الآخرين منذ اتفاقية أوسلو، مما شل الإرادة السياسية عند الأغلب من أبناء الشعب الفلسطيني، منوهاً إلى أن هذه الحالة عاشتها القضية الفلسطينية مسبقاً عند نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ولم يكن هناك سوى تصريحات فارغة، على حد قوله.

وتابع قاسم "لو كنا (نحن الفلسطينيين) جادين في الحفاظ على الوطن والمواطن، لأعددنا أنفسنا منذ سنوات عديدة لحالات طارئة مشابهة لما نعيشه الآن، ولأعددنا أرضية وبنية تحتية مناسبة للانفكاك من الارتباط بالاحتلال". مشيراً إلى صعوبة تحقيق الانفكاك حالياً، نظراً لتورط السلطة الفلسطينية بالارتباط مع الاحتلال في كافة مجالات الحياة، فشبكات الإنترنت وشركات الكهرباء والماء، وحتى القضايا الصحية والمدنية ورخص السياقة، جميعها مرتبطة بالاحتلال، معتبراً أن الخروج من ما اسمه بـ"مأزق أوسلو" لن يكون سهلاً أبداً.

أما في ما يتعلق بغزة، بين قاسم أن غزة مسلحة ومدربة عسكرياً وجاهزة للمقاومة، ولكنها لن تبادر بالهجمات الصاروخية، فهي تستطيع الدفاع عن نفسها، وصد جيش الاحتلال الإسرائيلي عنها، إلا أنها لا تزال في موقف دفاعي إلى الآن ولم تصل لمرحلة الهجوم، معزياً ذلك إلى الحصار المفروض على القطاع، وتحديداً الحصار الذي تفرضه جمهورية مصر العربية ومنعها إدخال السلاح والمال إلى حماس، "لهذا فحماس لا تمتلك المقومات التي تدفعها إلى خوض حرب مع الاحتلال، فالحرب الدفاعية في غزة تحت الأرض، وإذا أرادت المقاومة الهجوم، فهذا يعني أنها بحاجة لأن تكون فوق الأرض، وبحاجة إلى مضادات صواريخ وطائرات حربية، وهي أدوات لا تمتلكها المقاومة".

وبحسب قاسم، فإن الحالة التي تعيشها غزة، وتضييق الخناق المستمر على الغزيين، تجعل المقاومة وحماس تحديداً حذرة في اتخاذ قرار للبدء في حرب مع الاحتلال، وقد تكتفي بإطلاق رشقات صاروخية بغرض توتير الأوضاع السياسية لدى الاحتلال.

من ناحيته، أكد المحلل الاستراتيجي هيثم دراغمة أن الاحتلال لن يعلن عن ضم الأغوار غداّ، وإنما سيتم تأجيله إلى وقت لاحق، فالتقارير الأمنية الإسرائيلية تشير إلى احتمالية اندلاع  انتفاضة هي الأعمق والأقوى منذ أوسلو، لأن الشعب الفلسطيني على فوهة بركان، على حد تعبيره.

وبحسب دراغمة، فإن "إسرائيل" تتخذ من وجود الرئيس دونالد ترامب في الحكم الأمريكي استراتيجيةً لتنفيذ وتطبيق خططها الاستيطانية، إذ تعيش "إسرائيل" عصرها الذهبي في ظل وجود ترامب، الذي يعتبر نفسه أداة في يد حكومة الاحتلال لتنفيذ رغباتها وخدمتها، والحكومة الإسرائيلية تحاول استغلال وجوده بكل الطرق كما حدث مع صفقة القرن.

وذكر ضراغمة، أن الاحتلال حريص على علاقته بالمملكة الأردنية الهاشمية، لذلك ستؤجل عملية ضم الأغوار والمناطق المحاذية للضفة الشرقية، فالأردن هي صاحبة أطول حدود مع الاحتلال، وأي "فلتان أو عدم انضباط" في المملكة سيكون مردوده سلبياً على "إسرائيل"، موضحاً أن الضم سيأخذ أشكالاً أخرى تتمثل في تقليص المساحات التي أعلن نتنياهو عن ضمها في مؤتمراته، وقد تكون عملية الضم على فترات متقطعة لتجنب أي مواجهات محتملة مع أبناء الشعب الفلسطيني.

"ردة فعل السلطة الفلسطينية واضحة وصريحة، فالسلطة ستحل نفسها ولن تبقى موجودة في حال أتمت دولة الاحتلال عملية الضم، ولن تكون الخادمة لبعض الخدمات التي تقدمها للاحتلال، وقد أعلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس المملكة الأردنية أن تنفيذ خطة الضم قد يقود السلطة الفلسطينية إلى العودة إلى مربع منظمة التحرير قديماً وحل السلطة"، يتابع دراغمة.

وفي ما يتعلق بتهديد السلطة الفلسطينية بتسليم سلاحها، وأثر حل السلطة على الاحتلال، أشار المحلل الاستراتيجي إلى أن المصادر الرسمية الفلسطينية نفت نية تسليم السلاح، ولكنه أكد على أن السلطة الفلسطينية جادة في حل نفسها، الأمر الذي يظهر جلياً من خلال بعض القرارات التي اتخذتها سابقا، كقرار إيقاف الرواتب، الذي  قد يكون مرتبطاً بالوضع السياسي بشكل كبير، لإرسال رسالة  للاحتلال مفادها بأن الوضع الفلسطيني سيسوء بشكل أكبر مما هو عليه في حال تنفيذ الخطة، مشيراُ إلى أنه حتى في حال أراد الاحتلال استبدال القيادة الفلسطينية بأخرى، فإن القيادة الثانية لن تقبل بالضم، وإذا قبلت القيادة، فالشعب سيرفض هذا تماماً، على حد قوله.

وعلق دراغمة على إمكانية عودة العلاقات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال إلى سابق عهدها، أنه من غير الممكن أن تعود العلاقات كما كانت، حيث أوضح الرئيس محمود عباس أن أي ضم للأراضي الفلسطينية على حدود 67 غير مقبول، "إلا أن المقاصة هي الفيصل، فالبلاد تعيش في أزمة مالية كبيرة، لذلك فإن العلاقات الأمنية والمالية قد تمر بمرحلة فتور، ولكن في حال تأنت حكومة الاحتلال في عملية الضم، فإن الأمور قد تعود بشكل تدريجي ليتسنى للسلطة الفلسطينية تسلم أموالها، بالإضافة إلى الحاجة إلى التنسيق، فالفلسطينيين بحاجة التنسيق المدني للحالات الإنسانية، أما الاحتلال، فهو بحاجة للتنسيق الأمني".

يشار، إلى أن الأغوار تشكل 29% من مساحة الضفة الغربية، وتمتد من بيسان حتى صفد شمالًا؛ ومن عين جدي حتى النقب جنوبًا؛ ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربًا. وتشكل الأغوار رافداً مائياً وزراعياً مهماً، إذ تمثل 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة، و60% من إجمالي ناتج الخضار.والسيطرة عليها، تعني فقدان ثلث مساحة الضفة الغربية بالإضافة إلى فقدان 4 مليون متر مكعب من مياه نهر الأردن.