الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف وصل لقلق مدغشقر الى سلفيت؟

2014-07-03 12:57:37 PM
كيف وصل لقلق مدغشقر الى سلفيت؟
صورة ارشيفية
 
 
 
خاص الحدث- جميل عليان
 
بينما كان ثلاثة من الباحثين الفلسطينيين يتجولون على بعد عدة كيلومترات من مدينة سلفيت وسط الضفة الغربية نهاية حزيران المنصرم، شاهدوا ما لم يتوقعه علماء الطيور الذين يمضون اياما طويله في الرصد والتسجيل.
 
انه لقلق مدغشقر اصفر المنقار.
 
ولم يتوقعالباحثون الذي يعملون منذ سنوات على تسجيل الطيور وتحجيلها في الأراضي الفلسطينية، وجود طير يتيم قادم من جنوب الصحراء في أعماق الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا.
 
"لكنه هو. هو اللقلق أصفر المنقار" قال عماد الأطرش، وهو واحد من أشهر علماء الطيور في الشرق الأوسط، ويقود مؤسسة تعنى بالحياة البرية وتتخذ من بيت ساحور جنوب الضفة الغربية مقرا لها.
 
وتفيد تقارير رسمية لدى جمعية الحياة البرية، أن السنوات العشر الماضية شهدت وصول ثلاثة طيور إلى الأراضي الفلسطينية بطريقة نادرة ويعتبر لقلق مدغشقر واحداً منها.
وقال الأطرش "بعد وصول هذا الطائر اليتيم إلى الأراضي الفلسطينية، يمكن القول إن منطقة وادي قانا شهدت أهم حدث  يتعلق بالطيور خلال السنوات الماضية".
 
وقد تم تسجيل هذا الطائر في منطقة وادي قانا، وهي منطقة تعتبر واحدة من المناطق المائية في وسط الضفة الغربية، تكثر فيها الينابيع والأودية والأشجار، وطالما شهدت خلال السنوات الثلاث الماضية صدامات بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يسيطرون على أجزاء منها.
 
وتفيد دراسات جمعية الحياة البرية، أن وجود هذا الطائر في الأراضي الفلسطيني أمر غير محسوب، لكن الأطرش يشير إلى أن الطير وصل إلى البلاد قادما من مدغشقر بينما وجد نفسه طائراً مع مجموعات كبيره من اللقالق الاخرى التي تعبر سماء المنطقة خلال رحلة الهجرة الربيعة إلى أوروبا.
 
ويبدو أن طائر مدغشقر فضل الاستقرار في منطقة غير مستقرة أمنيا وسياسيا، شهدت من قبل صراعاً محموماً في أروقة المؤسسات الدولية حول تسمية الطيور والزهور التي حاولت إسرائيل وضعها ضمن قوائمها الطبيعية في السجلات العالمية.
 
وتعتبر الأراضي الفلسطينية ممراً لنحو 500 مليون طائر تهاجر سنويا خلال الخريف من أوروبا الباردة نحو أفريقيا الدافئة وتعود مرة أخرى في ذروة الربيع.
 
وقال الأطرش أن سجلات التسجيل الرسمية للباحثين تشير الى تسجيل 3 طيور فريدة منذ العام 2005 حتى حزيران من هذا العالم وهي: عصفور الشوك الايراني القادم من صقيع سيبيريا، والنسر الأسود الذي سجل قبل اشهر قرب الجامعة الامريكية شرق جنين، واللقلق اصفر اللون.
 
ورغم ان ثمة ملايين من الطيور تعبر منطقة الغور للوصول الى افريقيا مستغلة الطيارات الهوائية الدافئة فيها التي تساعد على الطيران بجهد اقل، الا ان الطيور الثلاثة الغريبة التي وصلت بشكل فردي خلال عقد ونصف، شكلت محور بحث لدى الباحثين في الحياة البرية.
 
وقال الاطرش" نحن نتابع هذه الطيور ونبذل جهودا كبيرة للوصول الى خصائصها بعدما وصلت الى فلسطين (..) تابعنا النسر الاسود بعد ان سجله د. وليد الباشا لنحو شهر ظل خلالها مقيما في منطقة حرشية قريبة من قرية ام التوت القريبة من جنين."
 
عندما تم تسجيل اللقلق المدغشقري في وادي قانا، كان الوقت صباحا، وحسب الباحثين، كان الطائر يبحث عن مصبات الماء كي يشرب." يبدو ان وفرة الغذاء والماء والطقس أوصلته إلى هذه المنطقة تحديدا دون غيرها من مناطق الضفة الغربية" قال الأطرش.
 
يردد المعني ذاته باحثون آخرون.
 
وان كان هذا الطير اليتيم من هذه السلالة التي تعيش على بعد عشرات الاف الاميال من فلسطين، وصل الى وسط الضفة الغربية، وبات واحداً من علامات تغير مشهد خارطة الطيور في المنطقة الا ان بضعة الاف من اللقالق البيضاء غير الناضجة جنسيا حطت رحالها ايضا شمال الضفة الغربية وهي من الطيور المحلقة.
 
وقال الأطرش "هذه ظاهرة جديدة وجديرة بالبحث ايضا". وبعد تسجيل لقلق مدغشقر أصبحت الأراضي الفلسطينية تحفل بثلاثة أصناف من اللقالق هي إضافة إلى اللقلق اصفر المنقار، اللقالق البيضاء واللقالق السوداء.
 
بالنسبة للباحثين، فان اختفاء اصناف من الطيور وظهور اخرى يقع ضمن الحسابات العلمية. وقال الاطرش هناك اصناف طيور تتعرض للمطاردة من قبل المواطنين او من قبل اجهزة حكومية وامنية في بعض الدول المجاورة.
 
قبل سنتين سجل باحثون فلسطينيون ظهوراً مفاجئاً للعقاب المخطط على ارتفاع 50 مترا، بعد غياب عن الانظار لمدة عشر سنوات.
 
فقدناه في إعادة رؤيته  يحلق في الضفة الغربية. كانت سنوات صعبة على الباحثين الذين يتتبعون أثر هذا الطائر من أقصى شمال الضفة الغربية إلى جنوبها" قال ابراهيم سلمان وهو واحد من باحثي الحياة البرية.
 
وقد سجل ظهور الطائر في اودية  قرب البحر الميت، بعدما سجل لآخر مره عام  2002' في منطقة جبل القرنطل. وفي كل فلسطين التاريخية لا يتجاوز عدد هذا الصنف من العقبان الـ(15زوجا). وهو الأمر ذاته بالنسبة لنسر فلسطين الذهبي الذي أصبح هناك خوف حقيقي من اختفائه بشكل نهائي، بعدما سجل منه خلال القرن الماضي نحو 55 زوجا تعيش في مناطق الجولان ونابلس والسفوح الشرقية والبحر الميت وصحراء النقب.
 
في فلسطين صنف العلماء والباحثون نحو 450 صنفا من الطيور، 400 منها تهاجر والبقية تقيم وتفرخ. لكن ليس معروفا حتى الان مصير الطائر اليتيم الجديد الواصل قبل اشهر قليلة الى الارض الفلسطينية. هل تعجبه الإقامة هنا. هل يعود الى مدغشقر. لا نعرف. نحن نراقب هذا الوافد كيف وصل وظهر وكيف سيختفي" قال الاطرش.