السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قطار التطبيع/ بقلم: نبيل عمرو

2020-10-27 10:32:59 AM
قطار التطبيع/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

السودان لا يطبّع فقط بل يدعو قادته الجدد إسرائيل إلى استعماره، هكذا يبرر سدنة التطبيع الرسمي سياساتهم واندفاعهم باسم الدولة التي كانت تتميز بقوة التعددية السياسية فيها، إلا أنها الآن وقعت تحت طائلة حكم عسكرها الذين مثلهم في الماضي نميري الفلاشا، والجنرال البشير الذي ليس له إلا ما عليه... جمود لثلاثة عقود، مغامرات أورثت السودان فقراً وتخلفا وبعد انسلاخ جنوبه عن شماله صارت وحدته الباقية في مهب الريح.

وبعد أن سئم السأم ذاته من عهد البشير، ولأن العسكر يؤمنون بالقول المأثور لا يفل الحديد إلا الحديد، فقد قاموا بما يفل عهد الجنرال البشير بانقلاب عليه، وكأن العسكر في عالمنا هم المبتدأ والخبر هم المشكلة والحل هم رسل القضاء والقدر.

حين يتجمد بلد تحت حكم عسكري وتتجمد التنمية تحت أولويات جوهرها كل مقدرات البلاد والعباد توجه نحو المحافظة على النظام، ونحو الحروب التي يعرف الجنرالات كيف يبدأونها ولا يعرفون كيف ينهونها، حين يحدث ذلك لا يجد من فعلوا ما فعلوه ببلادهم سوى استيراد الترياق وهذه المرة من إسرائيل ولم يبقَ على عسكر السودان إلا أن يقولوا صراحة يا إسرائيل نتوسل إليك أن تستعمرينا.

السودان تاريخيا هي عاصمة لاءات عبد الناصر الثلاثة التي أجمع العرب عليها كرد على هزيمة حزيران، هذه العاصمة ليست محطة معزولة عن واقع عربي شامل كله إن لم يجاهر بالتطبيع فهو يمارسه دون إعلان ومن لم يحصل على حصته من ثمن أو إيجار التطبيع يقف في الطابور بينما مبعوثوه السريون يفاوضون على الثمن وقادته الرسميون ينتظرون الظرف المواتي للإعلان.

حين كان نتنياهو الفاشل في كل مكان والناجح في بلدان العرب يتحدث عن انقلاب حققه في معادلة العلاقات، ويبشر جمهوره في إسرائيل بأن أعداء الأمس صاروا أصدقاء بل وحلفاء اليوم لم نكن نصدقه، كنا ننسب أقواله إلى مناوراته في تسويق نفسه لناخبيه، إلى أن دقت ساعة الحقيقة فإذا به كان يعلن مسبقا عما أنجز وسينجز، فإذا بلقاء مصالحه مع مصالح ترامب الانتخابية لا تترك متسعا من الوقت للتمويه والتحايل والتأجيل فتم إخراج القطار من المصنع ومدت قضبانه من العاصمة العربية الأولى قاصدا الأخيرة وامتلأت خزاناته بالوقود الأمريكي وكلف نتنياهو بلعب دور السائق.

المحطة الأخيرة هي الفلسطينية ومثلما كانت صعبة منذ انطلاق أول رحلة للقطار قبل عقود ستكون أكثر صعوبة، لماذا؟

دعونا نفترض أن ما تبقى من محطات سوف يطبع بعضها بعد الانتخابات الأمريكية كما يشاع والبعض الآخر حين تنضج الظروف كما يقال، لا بد وأن يقف القطار أمام أكثر المحطات اكتظاظا بالناس والمطالب والإشكالات، أي المحطة الفلسطينية.

إذا كان أهل هذه المحطة غير قادرين على وقف القطار وكذلك غير قادرين على تحقيق مطالبهم المحقة والمجمع عليها، فلا جدال على أنهم يمتلكون موضوعيا القدرة على إبقاء مكامن القلق والاضطراب قائمة بل ومتنامية ولا ضمان من أن لا تكون متسعة، لهذا ولأننا نتحدث عن أهل المحطة الأخيرة الذين يعدون بالملايين فلا خوف من أن يحدث فيها ما حدث في السودان مثلا.