الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل كان الهدف من اغتيال زاده الحد من خيارات بايدن؟

2020-12-01 10:31:33 AM
هل كان الهدف من اغتيال زاده الحد من خيارات بايدن؟
جو بايدن

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية للمتخصص في الأمن القومي ديفيد إي سانجر، وتناول فيه أنه من المرجح أن يؤدي اغتيال أكبر عالم نووي في إيران إلى عرقلة الطموحات العسكرية للبلاد. وربما كان الغرض الحقيقي من ذلك هو منع الرئيس المنتخب جو بايدن من استئناف المفاوضات مع طهران.

يرى الخبير الأمني أن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة والذي قاد سعي إيران للحصول على سلاح نووي على مدى العقدين الماضيين يهدد بشل جهود الرئيس المنتخب بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني قبل أن يتمكن حتى من بدء دبلوماسيته مع طهران. وربما كان هذا هو الهدف الرئيس من عملية الاغتيال.

واستناداً لقول مسؤول في المخابرات الأمريكية، فإنه ليس هناك شك في أن "إسرائيل" تقف خلف عملية الاغتيال – حيث تحمل كل السمات المميزة لعملية تم تحديد توقيتها بدقة من قبل الموساد، وهو جهاز التجسس "الإسرائيلي". ولم يفعل "الإسرائيليون" شيئاً لتبديد هذا الرأي. ولطالما وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إيران بأنها تهديد وجودي، ووصف العالم المغتال، محسن فخري زاده، بأنه العدو الوطني رقم 1، القادر على بناء سلاح يمكن أن يهدد بلداً يبلغ عدد سكانه ثمانية ملايين نسمة في انفجار واحد.

يلفت الخبير الأمني أن السيد نتنياهو لديه أيضاً جدول أعمال ثان.

وقد أعلن بعد وقت قصير من انتصار السيد بايدن الواضح في الانتخابات الأمريكية أن: "يجب ألا تكون هناك عودة إلى الاتفاق النووي السابق".

ويعتقد السيد نتنياهو أن البرنامج النووي العسكري السري لإيران مستمر، حتى يوم أمس تحت قيادة السيد فخري زاده، وسيكون غير مقيد بعد عام 2030، عندما تنتهي مدة القيود المفروضة على قدرة طهران على إنتاج أكبر قدر من الوقود النووي الذي تريده. ولهذا فإن هذا هو عيبها القاتل لمن ينتقدون الصفقة.

وكتب مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق عن حظر انتشار الأسلحة النووية في وزارة الخارجية الأميركية، على تويتر يوم الجمعة "لم يكن سبب اغتيال فخري زاده عرقلة قدرة إيران على الحرب، بل عرقلة الدبلوماسية".

يقول الكاتب: مهما كان مزيج الدوافع، يجب على السيد بايدن "التقاط القطع" في غضون سبعة أسابيع فقط. والسؤال هو ما إذا كان الاتفاق الذي حدده الرئيس المنتخب – والذي يقوم على إسقاط العقوبات المتعلقة بالمجال النووي التي فرضها السيد ترامب على مدى العامين الماضيين، إذا عادت إيران بدقة إلى الالتزام بالقيود النووية في اتفاق عام 2015 – ولكن تم تدمير الاتفاقية مع تدمير سيارة السيد فخري زاده في بلدة أبسارد الجبلية، شرق طهران.

يتابع الكاتب: ويكمن الجواب إلى حد كبير في رد فعل إيران في الأسابيع القليلة المقبلة. وكانت إيران، على مدار ثلاث مرات منذ بداية العام، الجانب المتألق في شن هجمات شديدة الضرر وشديدة الوضوح.

كانت البداية باغتيال اللواء قاسم سليماني، القائد الإيراني الذي كان يدير فيلق القدس النخبوي التابعة للحرس الثوري الإسلامي، في غارة بطائرة بدون طيار في العراق، حيث قالت إدارة ترامب إنه كان يخطط لشن هجمات على القوات الأمريكية.

ثم، في أوائل تموز/يوليو، جاء الانفجار الغامض في مركز الأبحاث والتطوير للطرد المركزي في منشأة نطنز، على بعد بضع مئات من الياردات من مركز إنتاج الوقود تحت الأرض الذي هاجمته الولايات المتحدة و "إسرائيل" قبل أكثر من عقد من الزمان باستخدام أسلحة إلكترونية متطورة.

والآن تم اغتيال السيد فخري زاده، وهو شخصية غامضة غالباً ما يوصف بأنه المثيل الإيراني لروبرت أوبنهايمر، العالم الذي أشرف على مشروع مانهاتن قبل أكثر من 75 عاماً في السباق من أجل تطوير الولايات المتحدة لأول سلاح نووي في العالم.

ووصف رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، مقتل السيد فخري زاده بأنه "ضربة مريرة وقاسية للنظام الدفاعي في البلاد" وقال إنه سيكون هناك "انتقام شديد".

وقال القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي: "إن اغتيال علمائنا النوويين هو حرب واضحة وعنيفة ضد قدرتنا على تحقيق العلوم الحديثة ".

يقول الكاتب بأن اللواء سلامي وتجنب بعناية الإشارة إلى الأدلة الدامغة على أن السيد فخري زاده كان يدرس الفيزياء مرة واحدة في الأسبوع في جامعة الحرس الثوري، لكنه أمضى بقية وقته في الحفاظ على خيار بناء رأس حربي نووي يمكن أن يصلح لأن يكون جزء من تسليح أسطول الصواريخ المتنامي في إيران.

يشير الكاتب إلى أن "الإسرائيليين" ربما يراهنون على أنه يمكن لهم الفوز في احدى الخيارين.

يتابع الكاتب: إذا امتنعت إيران عن الانتقام الكبير، فإن هذا يعنى أن الخطوة الجريئة للقضاء على رئيس البرنامج النووي قد آتت أكلها، حتى لو دفعت عملية الاغتيال البرنامج النووي إلى مزيد من السرية.

وإذا انتقم الإيرانيون، ومنحوا ترامب ذريعة أخرى لشن ضربة عسكرية قبل مغادرته لمنصبه في يناير، فإن السيد بايدن سيرث مشاكل أكبر من حطام وثيقة دبلوماسية عمرها خمس سنوات.

يؤكد الكاتب أن هذين الخيارين جيدان بالنسبة لفريق السياسة الخارجية للسيد ترامب.

وقال روبرت مالي، الذي يقود مجموعة الأزمات الدولية وكان مفاوضاً للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015: يبدو هدف إدارة ترامب واضحاً.

وأضاف: إن خطة الإدارة الأمريكية هي الاستفادة من الوقت المتبقي لها قبل انتهاء ولاية ترامب لترسيخ إرثها وجعل من الصعب على خليفتها استئناف الدبلوماسية مع إيران والانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي.

وأعرب السيد مالي عن شكوكه في أن تنجح هذه الخطة في قتل الدبلوماسية أو الاتفاق النووي.

يرى السيد مالي أنه "لا يزال مركز الثقل في إيران مع أولئك الذين يريدون الانتظار حتى يصبح بايدن رئيساً".

لقد أوضح السيد بايدن والسيد أنتوني بلينكن المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكية أن العودة إلى الاتفاق الذي انسحب منه السيد ترامب هو أحد أول أهدافهما في الشرق الأوسط.

يشير جيك سوليفان، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن، والذي عمل كأحد المبعوثين السريين لبدء المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق: "هذا أمر متروك حقاً لإيران".

وأضاف سوليفان: إذا عادت إيران إلى الامتثال، لما كانت تنتهكه من الالتزامات، وقالت انها مستعدة لدفع المفاوضات بحسن نية، فإن بايدن مستعد لفعل الشيء نفسه.

يقول الكاتب: قبل الاغتيال، كانت هناك أدلة كبيرة على أن الإيرانيين قد تجنبوا الاستفزازات التي قد تعطي السيد ترامب حجة لتوجيه ضربة قبل أن يترك منصبه. وأوضح قادة إيران أن بقاء النظام هو هدفهم الأول، وكانوا حريصين على عدم المخاطرة التي يمكن أن تقلب آمالهم في رفع العقوبات، واستعادة الاتفاق، بعد انتهاء ولاية السيد ترامب.

بعد مقتل الجنرال سليماني، وقع هجوم صاروخي على منشأة أمريكية لم يقتل بأعجوبة أي من قوات أمريكية (على الرغم من صابة العديد من الجنود بارتجاج دماغي والتي وصفها تراب بأنها صداع). وأعقب ذلك خفض التصعيد.

يلفت الكاتب إلى أنه لم يكن هناك رد حقيقي على الانفجار الذي وقع في منشأة نطنز، الذي يُنسب أيضاً إلى "إسرائيل"، بخلاف ما أعقب ذلك من تركيب بعض أجهزة الطرد المركزي المتقدمة للإشارة إلى أن برنامج إيران سوف يمضي قدماً، ببطء ومنهجية. فيما تراجعت الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية في العراق، والتي يقوم بها جماعات مسلحة مقربة من إيران.

ووفقاً للكاتب، فإن المتشددين في إيران يشعرون بالغضب الشديد، ويخشى بعض الخبراء أن الخسارة المشتركة للجنرال قاسم سليماني الذي يحظى باحترام كبير في إيران وخسارة العالم النووي الذي يحظى هو الاخر باحترام كبير تعتبر خسارة كبيرة ومفرطة. وقد بدأت الضغوط تتصاعد بالفعل من أجل بعض الردود - إما رد محسوب، على الأرجح سيكون بأمر من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أو من قبل عنصر من الجيش الإيراني أو من قبل جماعات مسلحة تدعمها إيران.

يرى الكاتب بأن هذا الخيار هو ما يراهن عليه السيد نتنياهو والسيد ترامب ومستشاريه. ويمكن أن يؤدي أي انتقام إلى عمل عسكري أمريكي، وهو بالضبط ما كان يفكر فيه السيد ترامب، وجادل به، قبل أسبوعين عندما جاءت أنباء تفيد بأن إيران تواصل إنتاج الوقود النووي فوق حدود اتفاق عام 2015. (كانت هذه الخطوة، رداً على قرار السيد ترامب في منتصف عام 2018 بالخروج من الاتفاق النووي).

وصرح مسؤولون عسكريون أمريكيون يوم السبت الماضي أنهم يراقبون عن كثب قوات الأمن الإيرانية بعد تعهد إيران بالرد على مقتل السيد فخري زاده، لكنهم لم يكتشفوا أي تحركات معتادة للقوات أو الأسلحة الإيرانية.

يؤكد الكاتب بأن أي عمل عسكري سيجعل من المستحيل إعادة تشكيل الاتفاق النووي الإيراني، ناهيك عن التفاوض على ترتيب دبلوماسي طويل المدى.

يقول الكاتب: إذا كان الرد على مقتل السيد فخري زاده هو حلقة من حلقات الانتقام والانتقام المضاد، فإن البرنامج النووي سيدخل في أعماق الأرض، حيث لا يمكن للقنابل والمخربين الوصول إليه، وقد تكون الهجمات السيبرانية غير فعالة.

يختتم الخبير الأمني سانجر بقول آر. نيكولاس بورنس وكيل وزارة الخارجية السابق: يجب ألا نستبعد استخدام القوة، لكن الضربات العسكرية لن تجلب لنا وقفاً طويل الأمد للبرنامج". مضيفاً: هدفنا هو دحر واغلاق البرنامج النووي لعقود قادمة، وان تحقيق ذلك من خلال الدبلوماسية الصارمة لا يزال خياراً أكثر ذكاء وفاعلية من توجيه ضربة عسكرية يمكن أن تؤدي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط.