الجمعة  17 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما هو الثمن؟

2014-07-08 11:31:47 AM
ما هو الثمن؟
صورة ارشيفية

الكشف عن صفقة شركة كهرباء إسرائيل لشطب الديون المتراكمة على شركة كهرباء القدس

شركات توزيع الكهرباء في محافظات الضفة ترفض إقرار تعرفة موحدة

الحكومة تسحب دعمها لسلعة الكهرباء وتوقع ارتفاع جنوني في أسعارها


 

رام الله ـ خاص بالحدث 

أعلنت شركات توزيع الكهرباء في محافظات الضفة الغربية عن رفضها الشديد إقرار تعرفة تسعيرة جديدة موحدة لفاتورة الكهرباء، وسط أنباء عن سحب الحكومة دعمها لتسعيرة الكهرباء، وارتفاع جنوني لأسعار التيار الكهربائي، كل ذلك يجري في ظل محاولات شركة كهرباء إسرائيل فرض صفقة شطب الديون المتراكمة على شركة كهرباء محافظة القدس، والثمن هو التنازل عن منطقة امتياز الأخيرة في البلدة القديمة وراس العمود وسلوان.   

ويؤيد ممثلو شركات التوزيع إعداد منهجية موحدة للتعرفة، ولكنهم أعلنوا رفضهم لتوحيد التسعيرة أو التعرفة، لاختلاف وتباين نوع الاستهلاك وطبيعته من منطقة لأخرى، في حين أن الدعم الحكومي يسجل دفترياً فقط، وهناك مقترحات بإيقافه حالياً، والسؤال: كيف يمكن تخفيضه من التكاليف وهو متوقف، ولا يجوز احتسابه من إيرادات الشركات؟

وعندما كافأت الحكومة غير الملتزمين بالدفع، بحسم 50% من ديونهم، انعكس سلباً على مواطنة وشعور الملتزمين بالدفع وكأنه الضعيف، بعد أن يتم إعفاء السارق وبنسب معينة من الحسم، وبالتالي يجب إيجاد آلية لتشجيع الملتزم بالدفع، وبالتوازي مع توعية المواطن، يجب أن يكون هناك رقابة على شركات التوزيع، والتعاون المشترك معها، ومراجعة كلفة الإنتاج والتوزيع، وكلفة كل شركة من حيث كوادرها وآليات عملها وكلفة إنشاء الشبكات وصولاً إلى الارتقاء بعمل وخدمة أجود وكلفة أقل.

وطالبت الشركات، بإعادة النظر بتعرفة الكهرباء على أن تكون عادلة لجميع الشرائح  وداعمة للفئات ذات الدخل المحدود. مؤكدة على الأطراف ذات العلاقة في المشاركة برسم السياسة العامة لمنهجية التعرفة، بدءاً من الحكومة وانتهاءً بالمواطن.

التقيد بأي تعرفة يغرق الشركة أكثر

وكشف علي حمودة، مساعد مدير عام شركة الكهرباء، أن أسعار الكهرباء سترتفع بشكل جنوني، متوقعاً أن يرتفع كيلو الواط الواحد من 52,55 أغورة إلى 70 أغورة، إثر توقف الدعم الحكومي لتسعيرة الكهرباء، منوهاً إلى أن الحكومة أبلغتهم أنها ستسحب دعمها للكهرباء، معرباً في الوقت نفسه عن رفضه رفع أسعار الكهرباء، لكنه قال: «بلغونا أنهم سيصدرون تعرفة جديدة دون دعم حكومي».

وقال حمودة: «لن نتقيد بأي تعرفة قد تغرق الشركة أكثر، ونعيش وضعاً حرجاً لأن ديوننا وصلت إلى مليار شيقل، لذلك لن نتقيد بأي تعرفة قد تدمر الشركة، فهذه وطنية، علينا أن ندرس كيف يمكن أن ننقذها ونحافظ عليها، لا يجوز لما يحدث معنا أن يحدث، ويجب أن تتعدل الأمور، والتسعيرة لن تمر ولن نمررها».

وأكد حمودة: «لن تصلح تعرفة موحدة لكل الشركات، لكننا نؤيد دعم الشرائح الضعيفة والمناطق الجغرافية مثل أريحا التي يجب أن تحصل على تعرفة خاصة، ففي السنوات الثلاث الأخيرة، نبيع للمواطنين هناك بأقل من 20%، ولكن الحكومة غير معترفة لنا بأن وصل إجمالي الدين هناك إلى 21 مليون شيقل، وطالما الحكومة غير معترفة بديننا على المواطنين، فنحن سنعيد رفع تسعيرة الكهرباء».

وأفاد حمودة، أن شركة كهرباء القدس تكبدت خسائر في عام 2013 بلغت قيمتها الإجمالية 110 مليون شيقل بسبب التعرفة الحكومية، في حين أن تراكم صافي الإقراض بلغ 7.5% مليار شيقل من المال العام لتغطية فواتير شراء غير مدفوعة لشركة كهرباء إسرائيل.

صفقة ترفضها شركة كهرباء القدس

وكشف م. حمودة أيضاً عن محاولات شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية فرض صفقة على شركة كهرباء محافظة القدس، فحواها شطب قيمة دين الشركة، والتي وصلت إلى مليار شيقل، مقابل التنازل عن منطقة امتياز الشركة في البلدة القديمة وسلوان ورأس العمود، وقال: «يريدوننا أن نبيع لهم القدس والحرم بمليار شيقل».

وأضاف: «بسبب الديون المتراكمة على مؤسسات الحكومة قمنا بتقنين وتقليص الخدمة لبعض المؤسسات الحكومية، وبدلاً من أن تقوم تلك المؤسسات بدفع ما عليها من مستحقات وديون مالية، لجأت لشراء مولدات كهرباء نقداً، فمن المسؤول عن هذا ويرى أن شركة الكهرباء عدو له؟»

ويؤكد حمودة أن الشركة تعاني من الفاقد غير الفني، والذي يعكس أداء المجتمع والقيم فيه والسلطة وسلوك الناس وكيف يتعاملون، متهماً تنظيمات سياسية، دون أن يسميها، بالتحريض على عدم دفع من مستحقات مالية للشركة، وسرقة التيار الكهربائي في قرى بكاملها أو الحصول على الكهرباء دون مقابل.

وذكر حمودة، أن إجمالي قيمة خسائر الشركة جراء تخفيض احتساب قيمة الفاقد من 26% إلى 22.5% بنحو 40 مليون شيقل، منوهاً إلى أن 80% من اقتصاد الضفة الغربية موجود في منطقة امتياز الشركة وسط الضفة «القدس ورام الله وبيت لحم» وفيها أيضاً 12 مخيم لا تدفع 10%، ويطالبوننا بعدم قطع التيار الكهربائي، لا عن المستشفيات ولا مضخات المياه والمجاري، ودعم كل القطاعات، وطبعاً هناك حساسية بالنسبة للمخيمات.

وأوضح حمودة أن مبيعات الشركة في عام 2013 كانت أقل من مشترياتها، وقال: «بلغت قيمة ما دفعناه لكهرباء إسرائيل أكثر من 18 مليون من قيمة ما بعناه»، إذ بلغت قيمة المشتريات

559 مليون شيقل.

ولم يخف حمودة، تأييده لتنظيم أسعار الكهرباء، ولكن يجب تنفيذ القانون والنظام بحيث يمكن الشركة وغيرها من شركات التوزيع على العمل، مشدداً على أن ضرورة إعادة هيكلة برؤية واستراتيجية جديدتين، في الوقت الذي أكد فيه أن البلد لا تحتمل وجود الكثير من شركات توزيع الكهرباء.

المستهلك يدفع ثمن ترهل شركة 

ويتهم رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة د. حسن ابو لبدة، شركات توزيع الكهرباء ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء وسلطة الطاقة بصناعة قنبلة للانفجار الذاتي في البلد، ستنفجر في وجه المستهلك.

ويرى أبو لبدة وجود إشكال أساسي في مدخلات العوامل المؤثرة في التسعير، غير عادلة لأنها تأخذ بالاعتبار عناصر مهمة مثل الترهل الإداري، وعدم الاستثمار الأمثل في الموارد، وعدم الاستغلال الأمثل للمتوفر منها، ولذلك فإنه يجري بناء «مودل» على معطيات غير عادلة للمستهلك، متسائلاً: «فلماذا يدفع المستهلك ثمن ترهل شركة من الشركات وتضخم كادرها والزيادة في مصروفاتها ونفقاتها؟» بينما يجب أن يصل المستهلك السعر بكلفة إنتاج وتوزيع هذه السلعة الاستراتيجية، ولذلك فإنه يؤكد على وجود إشكالية في أي تعرفة سيتم تحديدها، لأن العناصر الأساسية للتعرفة لا تجد جرأة سياسية لمعالجتها والتطرق لها.

ضعف الرقابة وغياب إرادة سياسية

وقال ابو لبدة: «لا توجد هناك إرادة سياسية حقيقية، لأن تكون هذه السلعة الاستراتيجية مسعرة بطريقة عادلة لصالح المستهلك»، معرباً عن أسفه على غياب الرقابة شبه الكلي على شركات التوزيع، متهماً بعض المناطق بسوء استغلال لمصالح المستهلكين في التسعير، وبضعف الاهتمام بأهمية وجود هذه السلعة بسعر معقول من أجل النهوض باقتصاد البلد».

إضافة إلى ضعف الرقابة وتحمل تكاليف ترهل الإدارة، وأيضاً تحمل تكاليف الفاقد، فإن د. أبو لبدة يتساءل: «لماذ يتم إلزام المواطن الملتزم بتسديد فاتورته بدفع جزء من استهلاك ملاك المصانع في الأغوار الذين يحصلون على الكهرباء مجاناً؟».

ويرى أنه: «في الوقت الذي يجري فيه حديث كثير عن التعرفة، يجب أن يؤخذ بالاعتبار أن هناك جزءاً من قيمة هذه التعرفة هو ظلم حقيقي سببه غياب الإرادة السياسية لمعالجة اختلال وفساد إداري ومالي مستشرٍ في هذا القطاع».

حرب حقيقية على محاولة تخفيف الاعتماد على إسرائيل في إنتاج الطاقة

وكان أبو لبدة أكثر جرأة حينما استثنى شركة كهرباء طوباس، وقال: «هناك حرب حقيقية على محاولة تخفيف الاعتماد على إسرائيل في إنتاج الطاقة، وهناك حرب حقيقية على محاولة أن يكون القطاع الصناعي والتجاري، وحتى المنزلي، قادر على تعويض هذه الأسعار الخيالية بأسعار أقل، من خلال الاستثمار برأس ماله الخاص لينتج احتياجاته من الكهرباء بنفسه، وتوجد هناك معيقات استراتيجية حقيقية، قد تكون مسيسة وقد تكون بدواعٍ غير مكتوبة، لها علاقة بأن هناك من يرغب أن يديم الاعتماد الكلي على الاحتلال، ما يتسبب في هروب من لديه النية في الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة».

ويستبعد أبو لبدة توفر إرادة سياسية لتحقيق ذلك، يقول: «فشركات الكهرباء من ناحية متروكة لتستفرد بالمواطن كما تريد، ومن ناحية أخرى متروكة ليستفرد بها كما يرغب الخارجون عن قانون الأخلاق الذين يسرقون الكهرباء».

تقصير في الرقابة والإشراف

ولكن المدير التنفيذي لشركة كهرباء الشمال، م.سلام الزاغة، يقول، «نحن أول من التزمنا وآخر من سيعصي في التعرفة، فنحن أكثر الناس التزاماً بتعليمات مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، سواء بالتعرفة أو بتقديم الخدمة للمشتركين، لكن هناك تقصيراً واضحاً من الحكومة، سواء سلطة الطاقة أو مجلس تنظيم الطاقة في الرقابة والإشراف على هذا القطاع».

ويبين الزاغة أن سعر الشراء من الشركة القطرية، المرتفع جداً، يشكل العمود الفقري في احتساب تعرفة الكهرباء التي تباع للمستهلكين والمشتركين، وبالتالي: «ليس بالإمكان اعتبار هذا السعر هو مرجع، ويجب أن لا نبقى ملتزمي الصمت تجاهه، فنحن في شركات التوزيع مجرد سماسرة للشركة القطرية، نشتري منها بسعر، ونبيع المشتركين بسعر آخر».

معايير الأداء على الرف

ويتهم الزاغة الجميع بوضع معايير الأداء والوثائق اللازمة على الرف، وقال: «لم يسألنا أحد عن معايير أدائنا كشركة كهرباء الشمال، وبالذات في موضوع تكاليف المصاريف التشغيلية التي انخفضت 10%، علماً بأن «الفاقد» هو جزء هام من معايير الأداء، فلا يجوز مكافأة الشركات بإعطائها تعريفات عالية من أجل التغطية على فشلها في إدارة هذا القطاع».

ويحمل الزاغة الحكومة المسؤولية الكاملة في التراجع عن مشروع الطاقة الشمسية، إلا تراجعوا وهربوا منه، وتناغم مع هذا التراجع هروب مجلس تنظيم قطاع الكهرباء.

تسعيرة غير عادلة  لصالح المتخلفين 

ويرى معتز قطيط، من شركة كهرباء الجنوب، أن التعرفة السابقة والحالية تعطي المشتركين أصحاب العدادات العادية أفضلية في التسعيرة عن أصحاب عدادات الدفع المسبق، مع أنه يجب أن يكون العكس لصالح الدفع المسبق، فلا يجوز فرض تعرفة أكثر على الملتزم بالدفع من الذي لا يدفع.

وانتقد قطيط قرار الحكومة بخصم 50% من الديون على المتخلفين عن الدفع، وقال: «لا يعقل  مكافأة من لا يدفع، وتجاهل الملتزم بالدفع. فالتباين واضح في التعامل لصالح غير الملتزمين، مطالباً بإعادة النظر في السعر، ليصبح الدفع المسبق أقل من الدفع العادي.

وقال: «لدينا سِعران في المشتريات وليس سعراً واحداً، فالسعر الأول 45,25 أغورة، والسعر الثاني 52,55 أغورة دون ضريبة، وعلينا أن نعرف كم لدينا من شبكات على الضغط المنخفض وعلى الضغط المتوسط، فإن شركات التوزيع والبلديات بتسعيرة 61 أغورة لا تغطي التكاليف الأولية».

ويؤكد قطيط أنهم في شركات توزيع الكهرباء، يواجهون عدة مشاكل في الدفع والدعم الأمني، وفي السرقات، فالأولى أن يكون هناك تكاتف للجهود من الجميع لإنجاح قطاع الكهرباء، ودون ذلك لن ينجح.

توحيد منهجية احتساب التعرفة

ويتفق عبد الله نعيرات، شركة توزيع كهرباء طوباس، مع الآخرين على إمكانية توحيد منهجية احتساب التعرفة، لكنه أكد وجود ظلم في السعر، مبيناً أن 85% من استهلاك التيار الكهربائي في منطقة طوباس يستهلكه المزارعون، في حين ينتقد مجلس تنظيم الطاقة لفرضه عليهم تسعيرة خاسرة تتراوح ما بين 57 أغورة إلى 62 أغورة دون الضريبة.

ويقول: «إن أرادت السلطة دعم آبار المزارعين، عليها أن تدعمهم من أموالها، وليس من أموال الشركات»، مقراً بالديون المستحقة على شركته، وقيمتها 30 مليون شيقل، لكنه قال إن 20 مليون شيقل من هذه الديون هي ديون مستحقة للشركة على السلطة.

معادلة أكثر خدمة وعدلاً

فيما يؤكد رئيس مجلس تنظيم الطاقة م. عماد خضر، على أهمية تعرفة الكهرباء وحساسيتها، وقال: “لا بد أن يكون هناك دور لجميع الأطراف المستهلكة للكهرباء في البحث عن الوسائل والآليات، والعمل على بلورتها بالتعاون مع المجلس والحكومة، للخروج بمعادلة أكثر خدمةً وعدلاً للاقتصاد وللشرائح المهمشة”.

 

وأوضح خضر قائلاً: “إن مجلس تنظيم قطاع الكهرباء يسعى إلى إيجاد حلولٍ للمشاكل التي تؤدي إلى رفع قيمة التعرفة على المواطنين، كالفاقد الفني وغير الفني، وضم الهيئات المحلية والبلديات إلى شركات توزيع الكهرباء”.