الجمعة  17 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

للعـراق أكثر من عنـوان...

2014-07-08 01:34:44 PM
للعـراق أكثر من عنـوان...
صورة ارشيفية

صريح العبارة 

 

بقلم: تيسير الزًبري

الحديث عما يجري في العراق حديث طويل له جذوره السياسية الأبعد (يمكن تأريخها من الحرب العراقية الإيرانية) والتي وصفها الصحفي العراقي سعد البزاز بأنها (حرب تلد أخرى)، كما له نتائجه التي تشمل المنطقة عموماً، ومنها بلدان شرق المتوسط وفي القلب منها القضية الفلسطينية، والمخاطر الكامنة من عدم التقدم بحل يراعي مصالح الشعب الفلسطيني فيها.

في محاولة لفهم ما أشرنا إليه، نبدأ بالقول أن حركة ما يسمى بدولة العراق والشام “داعش” وإعلاناتها الأخيرة بقيام الخلافة الإسلامية، ما هي في المحصلة سوى واجهة لسعي أطراف متعددة لإقامة دولة سنية في ما يسمى بالمثلث السني من العراق، “صلاح الدين، والأنبار، والموصل وتكريت... إلخ”، وإذا كان هذا الهدف قائماً ويجري المجاهرة به، تحديداً من بعض زعماء هذا التحالف، إلا أن مكونات الحلف “السني” متعددة المشارب حسب جهات الدعم، فمن الدعم السياسي والمالي لبعض دول الخليج، إلى بقايا حزب البعث العراقي وبعض مراكز القوى العسكرية به، إلى قوى سياسية معارضة للتحالف الوطني بزعامة نوري المالكي من قوى ذات بعد طائفي أو كردي قومي. ومن هنا فإن اعتبار “داعش” هي الواجهة الإعلامية لما يجري فهو قول لا يحمل مبالغة، وأن انتهاء هذه الظاهرة هو الأمر المحتم، ذلك أن التاريخ البشري لا يمكن أن يعود إلى الوراء! ولكن ذلك لن يخفف أمن المخاطر السياسية التي ترعاها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة.

المثير للانتباه هو الموقف الانتهازي الذي أعلنه زعيم الحزب الديمقراطي الكردي، مسعود برزاني، عن النية نحو الانفصال وإقامة دولة كردية، واتخاذه قراراً بضم كركوك إلى مناطق الحكم الكردية، وخروجه عن الدستور العراقي (المادة 140) وهي المادة التي تقسم عوائد النفط ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وفق نسب معينة. خطوة البرزاني هذه لا علاقة لها بمبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي، فهو حق معترف به من كل أنصار الحرية في العالم العربي والعالم، ولكنه حق يشمل كل الأكراد في تركيا وسوريا وإيران، وليس في الشمال العراقي ومناطق البترول فقط! الموقف البرزاني يعيدنا إلى استذكار العلاقة التاريخية بين حركة مصطفى برزاني وبين الإسرائيليين وجهازهم الأمني في الدعم والتدريب والتسليح، التي لم تنقطع حتى يومنا هذا! والإعلان الراهن يتجاوب تماماً مع الإدارة الأمريكية التي طرحت مشروعاً لتقسيم العراق، يقوم على إقامة ثلاثة دول (سنية، شيعية، كردية)!

أين نحن في فلسطين من كل هذا؟ ودون إغفال أن ما يجري في سوريا لا يبتعد إلا من حيث الشكل عما يجري في العراق، ذلك أن هدم الدولة السورية، تحت ذريعة محاربة النظام الأسدي ما هي إلاّ جزء من إحداث إخلال بموازين القوى لصالح الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وخدمة النفوذ التوسعي الإسرائيلي!

إسرائيل تحاول الآن استباق النتائج المفترضة من وراء تقسيم العراق وتفتيت سوريا وتدمير قواها، والمخاطر المحتملة على الأردن من القوى السلفية. إسرائيل بلسان وزير خارجيتها تتقدم بخطة تسوية إسرائيلية– فلسطينية– عربية، لا أحد يعرف مضامينها، ولكنها محاولة جديدة لمواجهة وتخريب الأهداف الفلسطينية المشروعة في حق تقرير المصير وبناء دولتهم المستقلة، واستبدال ذلك بإقامة إطار تحالفي ينصب في إطار المعادلة الأمريكية– الاسرائيلية للهيمنة على المنطقة، دون أن ننسى محاولات استيعاب دول الخليج العربي وتطويق وضرب إيران، واستثمار الحالة المصرية في المرحلة الانتقالية الراهنة إلى آخر مدى.

 

نحن أمام حقبة تاريخية خطيرة، وهي تحمل في ثناياها مخاطر كل الاحتمالات، وكأننا في الربع الأول من القرن العشرين!