الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المنصّات العربيّة| بقلم: سليم بشير العابد

2021-04-09 10:24:07 PM
المنصّات العربيّة| بقلم: سليم بشير العابد
سليم بشير العابد

أثرت جائحة كورونا في مختلف تفاصيل الحياة اليومية حول العالم، وفرضت نمط حياة مغايرا في مختلف المجالات، ومنها المجال التعليمي والتربوي. وفرض التعليم عن بعد أو التعليم الهجين نفسه على جميع المدارس والكليات حول العالم. ممّا ساهم في ظهور العديد من التطبيقات الإلكترونية حول العالم لتيسير عملية التواصل أو التعليم الافتراضي ومن بينها تطبيق زووم وتيمز وغوغل ميت.

بالإضافة إلى هذه التطبيقات شهد العالم العربي طفرة في ظهور المنصات العربية في مختلف البلدان. وتنقسم هذه المنصات العربية التعليمية إلى أقسام ثلاثة:

- قسم منها حكومي ومجاني: حاولت من خلاله بعض الدول تحويل مناهجها إلى دروس إلكترونية يسهل الوصول إليها عبر منصة مجانية يطلع من خلالها الطالب على أهم دروسه ويقوم بواجباته من خلالها ويطلع على تعليق مدرسيه عليها وتغطي هذه المنصات مختلف المهارات في جميع المواد الدراسية ومنها على سبيل المثال لا الحصر منصّة مدرستي في السعوديّة ومنصّة مدرسة في الإمارات. 

- قسم منها مؤسسي قامت به بعض المؤسسات العربية لتكريس الدراسة عن بعد مثل منصة فكر ٢١ والتي أسستها مؤسسة الفكر العربي وبها بعض القصص العربية التربوية للمرحلة الابتدائية وكذلك بعض النصوص للمرحلة المتوسّطة. وكذلك منصة إدراك بمبادرة من مؤسسة الملكة رانيا. 

- والقسم الثالث والأكثر انتشارا هو المنصّات الخاصّة ومنها مثلا منصّة جنى القراءة ومنصّة نهلة وناهل ومنصّة أ، ب، ت ومنصّة دلّني ومنصّة أبجديّات ومنصّة بالعربي ومنصّة كتبي ومنصة قدرات للتدريب عن بعد وغيرها.

 

وهذه المنصّات تختلف في الشكل والمضمون ولكن لا تحيد عن هذا التوصيف فهي منصّات تقوم على دعم المواد المدروسة بمقاربات مختلفة وتغطي مهارات متنوعة ولها مخرجات قد تكون محلية أو دولية أو مخرجات تتناسب مع المستوى الدراسي الذي يقدره القائمون عليها.

  كما أن بعض هذه المنصات قد اقترح مناهج بديلة مثلا لمنهج اللغة العربية ووضع كتبا تقوم على تدريبات تفاعلية مستغلا ما تتيحه التكنولوجيا من دقة صورة ومؤثرات صوتية تساهم في تعميق فهم الطالب للمواد المدروسة.

إنّ جميع المنصّات التي كانت وليدة الجائحة أو التي نشطت في هذه الفترة تعدّ إضافة طيّبة إلى لغة الضاد أوّلا ولدعم المدرّسين والأولياء والطلاب ثانيا. وقد بدت نتائجها الإيجابية واضحة على الطلاب في مختلف المهارات وخاصة في مهارة القراءة للمرحلة الابتدائية ومهارة الاستماع والمشاهدة لمرحلة رياض الأطفال، حيث اطلع طلاب مدرسة خاصة من الروضة إلى الصف الرابع بدولة الكويت على ٤٠٠ ألف ورقة مقروءة من ١٠٦٦ قصة من أدب الطفل في هذه السنة الجارية ولا يزيد عدد طلاب هذه المدرسة في هذه المرحلة عن ألف طالب. وهو ما يدحض الرأي القائل بعدم إقدام طلاب اللغة العربية على المطالعة. مع العلم أن هذه المنصة لا تحتسب القراءة الفورية للنص.    

 إنّ معاليم الاشتراك في هذه المنصّات مختلفة لكنها تتراوح بين ١٠ إلى ١٥ دولارا للمؤسسات ومن٣٠ إلى٣٥ دولارا للاشتراكات الفردية. ولئن بدت هذه المعاليم السنويّة زهيدة إلا أنّ أعداد المشتركين في هذه المنصّات بالآلاف حول العالم.

غير أنّ هذه المنصات مازالت تعاني وبتفاوت من العديد من الثغرات ألخّصها في النقاط الآتية:

- أغلب هذه المنصّات تكتفي بمرحلة رياض الأطفال والروضة والمرحلة الابتدائية ونادرا ما تغطّي جميع المراحل التعليمية.

- لا تخلو هذه المنصّات من صبغة تجارية متدثّرة بدثار علمي وهذا لا يعيبها في شيء إن قام بها أصحاب الاختصاص وتم التأكّد من سلامة المضمون الّذي تقدّمه على المستوى العلمي وكذلك بالحفاظ على الحقوق الفكريّة للصور والفيديوهات والمواد المستخدمة فيها.

- تستوجب هذه المنصات مختصّين في التدريس والتقنية والتسويق وهو ما سيوفر مواطن شغل جديدة ولكن قد لا ينتدب القائمون على هذه المنصات مدرّسين مختصين وإنما يتم التعاقد معهم ظرفيا فقط لسدّ ثغرة من ثغرات المنصّة.

- من نتائج هذه المنصّات إقبال الطلاب على قراءة الكتاب الإلكتروني أو القصة الإلكترونية والعزوف عن شراء القصص الورقية.

- كذلك ستؤثر هذه المنصات على طول مدة تعرض الدارسين للدراسة من خلال الشاشة وما لذلك من آثار صحيّة سلبية.

- وممّا لا شك فيه أيضا أن هذه المنصات التي تعرض قصصا للقراءة قدْ أوجدت صيغة للتعاقد مع دور النشر التي تعرض منشوراتها ولكن في هذه الصيغة كيف سيتم حفظ حق الكتّاب والمؤلفينَ؟ فالقصة الواحدة قد يقرؤُها ألف طالب مثلا في السنة ولكنَّ كاتبَ القصّةِ لا يعلم عن هذا العدد شيئا وإنما يبقى عدد القرّاء في طيّات تقارير إلكترونية لا تطالها يد المؤلفين.

- ومن المهمّ أيضا تفعيل قوانين واضحة تحمي حقوق الكتاب والناشرين ومستخدمي مثل هذه المنصات وطريقة واضحة لاحتساب الضرائب على الأرباح.

- ومما لا يجب أن نغفل عنه دور وزارات التربية والإعلام في متابعة هذه المنصات والمصادقة على مهمتها وقبول مضمونها.

- لئن استخدمت بعض المنصات مبادرات واضحة في تقسيم الطلاب إلى مستويات قرائية من خلال مبادرة "مبادرة" أو "تصنيف عربي ٢١" فإن منصات أخرى مازالت تتلمس طريقها نحو بناء مقاربة علمية ومعرفية متينة لما تقدمه للطلاب.

- تستخدم بعض المنصات مجموعة من الامتحانات التشخيصية والتكوينية وكذلك التحصيلية الجزائية مستعينة بشبكة تقييم لمختلف المهارات ولكن ما ينقصها عدم ذكر مصادرها فيما اختارت من مخرجات أو فيما حددت من شبكات تقييم. وهل تتناسب مع جميع الطلاب بمختلف مستوياتهم وفي جميع البلدان؟

- من الضّروريّ أن يكون لأصحاب الإرادة اعتبار في هذه المنصات وتكون لهم تدريبات خاصة تدمج مع بقية التدريبات.

هذه بعض التحديات والأسئلة التي تستوجب نظر القائمين على هذه المنصات لتنافس منصات دولية أخرى مشهورة مثل راسكيدز ولنقويج نات وغيرها. وتكون حقيقة إضافة معرفية للطلاب الناطقين باللغة العربية وبغيرها.