الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القدس... بالنار أم بالورد؟

2021-04-27 10:01:41 AM
القدس... بالنار أم بالورد؟
رولا سرحان

دائماً ما يُصفي المقدسيون حساباتهم مع من يتعدى عليهم ومع من يخذلهم، هكذا تقول كل الأحداث القريبة وتلك التاريخية البعيدة، يظلُ في القدس أهلها وأسوارها وأبوابها تُعلِنُ خرابَ كل مخطط، وهزيمة كل مؤامرة. القدسُ هي رقمٌ فاعلٌ صعبٌ، لا يُضافُ إليه ولا يُنتقصُ منه عدد، فتكون دائماً في المعادلةِ غير قابلة للتفاوضِ عليها، ولا تكونُ موضعَ المفعولِ به لأنها الجملةُ كلها، الاسم والفعل، والضمير المخاطب والضمير المتكلِّم. وهي ليست ديناً بل أدياناً، لأنها جمعٌ ومفرد في مسيرة وصيرورة، ووقوف متأمل في خشوعٍ وفي ثورة. كل ذلك لا يستسيغُه الناظرُ إليها بعين الغنيمة أو عين الذريعة، لأنها تفقأُ عينه. أما الغنيمةُ فهي الحيازةُ بالقوة، وأما الذريعةُ فتحويلها إلى مطيةٍ يُحمَّلُ عليها الفشلُ والإفشال؛ فشلُ الفلسطيني، وإفشالُ الصهيوني، فحين توضع القدس على الطاولة لا يمكن تحريك الطاولة، ولا يمكن الاستدارة حولها. إن مجرد استحضارها لفظاً، يعطي ناطق اللفظ "جلالة إلهية" و"معصومية"، فلا يصبح الناطقُ بشرياً بل يصبح "فيضاً إلهيا"، "نوراً" أو "روحاً قدساً"، لا يمكنُ الاعتراضُ عليه، ولا يمكنُ تجاوزُ قداسةِ حُجَّتِهِ، فهي تُؤلِّه الناطق وتُقدِّسُ المنطوق. هكذا نُساقُ كي نقفَ مشدوهين أمام بلاغة "القدس" وتحويل أي شيء آخر إلى سخف، فصاحة القدس تغلبُ ركاكةَ الفصائل والمرشحين والمقترعين، والعملية الانتخابية، والتشكيلة السياسية الفلسطينية. هنا تتحولُ القدس إلى عصا سحرية، يُمكنها أن تزيلَ هالة الدهشة عن أي مدهش، وأن تتحول إلى تنينٍ بقلب عصفور الشمس، فكيف يمكن التعاملُ معها بالنار أم برحيق الورد؟