خاص الحدث- رام الله
تبدأ حكومة التوافق الفلسطينية، مطلع الشهر القادم، تنفيذ موازنة طواريء قامت بإعدادها، وطرحتها نهاية الأسبوع الماضي للنقاش على رؤساء الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي.
ورغم ضبابية الموزانة العامة "المتقشفة"، وعدم نشر أرقامها الأولية على الأقل، فإن الموازنة التطويرية البالغ إجمالي قيمتها نحو 1.1 مليار دولار أمريكي، تعتمد بشكل كبير على أموال الدول المانحة.
وبالنظر إلى أرقام ميزانيات السنوات الأربع الماضية، فإن تراجعاً ملحوظاً في قيمة الدعم والمنح المالية الخارجية للحكومات الفلسطينية المتعاقبة، لأسباب وصفها اقتصاديون، بتدويل السلطة الفلسطينية لقضيتها، الأمر الذي لم يعجب المانحين، بينما ربط آخرون التراجع، بعدم وجود أي نتائج عملية لهذا الدعم المقدم أساساً لتحقيق أهداف سياسية.
يقول الخبير في التنمية الاقتصادية، رجا الخالدي في حوار خاص مع "الحدث"، إن الحكومة الفلسطينية الحالية تواجه عدة عقبات، من شأنها إضافة مزيد من الصعوبات والعقبات، أمام تنفيذ موازنة تقشف خلال الشهور القادمة للسنة المالية الجارية 2015.
الاقتراض من البنوك
واعتبر أن استمرار اعتماد الحكومة على الاقتراض من البنوك، أصبح غير مجد، بسبب عدم قدرة هذه المصارف على إقراض الحكومة أكثر خلال الفترة المقبلة، بسبب وصولها إلى سقف الإقراض للحكومة.
ووفق أرقام وزارة المالية، فقد اقترضت الحكومة من البنوك خلال شهري يناير كانون ثاني وفبراير شباط الماضيين، نحو 290 مليون شيكل، بينما بلغ إجمالي ديون الحكومة لصالح البنوك حتى نهاية 2014، نحو 1.234 مليار دولار.
وتبلغ نسبة التركز الائتماني (القروض المصرفية الموجهة لمؤسسة واحدة)، في قروض الحكومة من إجمالي القروض المصرفية خلال 2014، نحو 25٪، أي أن ربع القروض المصرفية مستحقة على الحكومة.
وأشار إلى أن استمرار الاقتراض من البنوك، يعني مزيداً من الفوائد التي ستتحملها الخزينة الفلسطينية، "ونحن نريد أن نخفض النفقات لا أن نزيدها، وهذا يشير إلى أن الحكومة تؤجل الأزمة ولا تحلها".
وخلال أول شهرين من العام الجاري، دفعت الحكومة للدائنين (وغالبيتهم البنوك العاملة في فلسطين)، نحو 23.5 مليون شيكل، فوائد على الديون المستحقة، بينما بلغت الفوائد المدفوعة خلال 2014، قرابة 171.2 مليون شيكل.
تراجع أموال المانحين
ومن الصعوبات التي تواجهها الحكومة في التعامل مع الأزمة المالية الحالية، بحسب الخالدي، التراجع المستمر في أموال المانحين، مشيراً إلى أن ذلك يزيد الضغوط على الحكومة، ويدفعها للبحث عن بدائل لتوفير السيولة المالية.
وقدمت الدول المانحة ما نسبته 75٪ من الأموال التي تنبأت بها الحكومة في إعداد موازنة العام الماضي، حيث بلغت قيمة المساعدات الفعلية 4.4 مليار شيكل، بينما توقعت الحكومة في مشروع موازنتها أن تبلغ قيمة المساعدات المالية 5.8 مليار شيكل.
وخلال أول شهرين من السنة المالية الحالية، بلغ إجمالي الدعم المالي الخارجي للحكومة الفلسطينية (للموازنتني العامة والتطويرية)، قرابة 428 مليون شيكل، بحسب أرقام وزارة المالية.
زيادة النفقات الجارية
ورغم توقعات الخالدي بنجاح الحكومة ولو جزئياً في تنفيذ موازنة طواريء ومتقشفة خلال العام الجاري، إلا أن النفقات الجارية في ازدياد مستمر، خاصة النفقات التشغيلية، والاستمرار في التوظيف.
وبلغت النفقات الجارية خلال السنة المالية الماضية 14.5 مليار شيكل، بينما بلغت خلال العام 2013، قرابة 13.3 مليار شيكل، بارتفاع بلغ 1.2 مليار شيكل.
وأشار الخالدي إلى أن واحداً من الحلول التي تؤدي إلى تعظيم الإيرادات، هو الزيادة في الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، والارتفاع الفعلي خلال السنة الماضية في إيرادات المقاصة (المحتجزة حالياً).
وقال إن إيرادات المقاصة ارتفعت خلال العام الماضي 2014، بنحو 100 مليون شيكل شهرياً مقارنة مع أرقام 2013، إضافة إلى الزيادة في الإيرادات الضريبية المحلية (ضريبة الدخل والقيمة المضافة والأملاك).
وبلغ إجمالي إيرادات المقاصة خلال عام 2014، قرابة 7.3 مليار شيكل، وبنسبة ارتفاع بلغت 12٪ عما تنبأت به الحكومة في مشروع موازنتها الماضية، بينما بلغت إيرادات المقاصة خلال 2013، نحو 6.1 مليار شيكل.
واقترح الخبير في التنمية الاقتصادية، أن تعيد الحكومة النظر في إمكانية طرح سندات حكومية قصيرة الأجل، لتوفير السيولة اللازمة لنفقاتها خلال العام الجاري، وهذا أحد الحلول الذي قد يمنح الحكومة الاقتراض بنسبة فائدة أقل.
وختم حديثه، بأن المواطنين الفلسطينيين عليهم مسؤولية في نجاح الحكومة بخطة الطواريء، "التجارب الماضية أثبتت بأن المواطن الفلسطيني قادر على تحمل صرف أنصاف الرواتب، ومن الضرورة أن تتكرر التجربة اليوم أيضاً".
وقال إن الحكومة والمواطن معاً عليهما أن ينفذا خطة طواريء لمصروفاتهما، حتى تمر هذه المرحلة، والتي سيعقبها عدة التزامات مالية على الحكومة، لتسديد الديون وصرف ما تبقى من رواتب الموظفين، إضافة إلى مصروفات تشغيلية أخرى.