الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحليل أولي.. برحيل نتنياهو انتهي زمن ملوك "بني اسرائيل"| بقلم: راسم عبيدات

2021-06-14 10:18:33 AM
تحليل أولي.. برحيل نتنياهو انتهي زمن ملوك
راسم عبيدات

كل ما تباهى به نتنياهو في خطابه الوداعي أمام الكنيست من عنتريات وتضليل وخداع، بتحويل إسرائيل إلى دولة عظمى والوصول إلى شعار السلام مقابل السلام بدل السلام مقابل الأرض والتطبيع مع دول النظام الرسمي العربي والتهديدات بشن حرب منفردة على طهران، والحديث الهوليودي عن عمليات أمنية وعسكرية تفوق الخيال في قلب طهران.... كل تلك "الزعبرات" و"الهوبرات" نتائجها واضحة في معركة "سيف القدس" والتي استمرت فقط 11 يوماً، وكانت مع الطرف الأقل قدرة وإمكانيات من محور المقاومة بسبب الحصار… والتي كان من نتائجها "تهشيم" دولة الاحتلال عسكرياً وسياسياً، وكذلك إحداث فراغ أمني وعسكري وسياسي، اضطر نتنياهو إلى طلب الحماية الأمريكية، ولكي تدخل دولته مرحلة "الانتداب" الأمريكي.. فهي من توفر له الحماية تمويلاً وتسليحاً.

 معركة "سيف القدس" قالت بشكل جلي وواضح، بأن الاحتلال عاجز عن شن حرب برية ظل يلوح بها طوال فترة العدوان على قطاع غزة، حيث المقبرة لجنوده ودباباته كانت بانتظار أي عدوان بري فـ"الكورنيت" جاهز والهدف مرصود، وكذلك القبة الحديدية التي صرف عليها المليارات من الدولارات، لم تستطع حماية قلب الكيان من صواريخ المقاومة، والتي بقيت تنهمر على عمق دولة الاحتلال حتى آخر ساعة، قبل أن يعلن الاحتلال عن وقف لإطلاق النار.. وكذلك الاحتلال بات عاجزاً عن تحمل تبعات شن حرب إقليمية، وكذلك التهديدات بشن حرب عدوانية منفردة على طهران، هي فقط شكل من أشكال "البروباغندا" السياسية والعنتريات العربية الفارغة، التي تعلمها نتنياهو...

من نتائج سقوط حكومة نتنياهو، والتي هي تعني تغير في الشخوص والتكتلات وليس في السياسات، بأن ما يسمى بقطار التطبيع العربي الرسمي الصاعد والمتواصل مع دولة الاحتلال، سيصاب بالعطب ومسننات عجلاته سيعلوها الصدأ، وللتدليل على ذلك المظاهرات الشعبية العارمة التي خرجت نصرة لفلسطين وغزة والقدس في المغرب والسودان، والتي أكدت على تمرد الشعوب على قياداتها العاجزة برفضها للتطبيع مع دولة الاحتلال، ففي المغرب حتى اللحظة لم يجد سفير دولة الاحتلال من يؤجره شقة كمقر لسفارته، في حين البحرين والسودان صوتتا في مجلس الأمن الدولي لصالح القرار الفلسطيني الداعي إلى إدانة دولة الاحتلال في عدوانها على قطاع غزة.

مع رحيل نتنياهو، فالحكومة الإسرائيلية القادمة، لن تكون حكومة قادرة على صنع سياسات، فبينت اعترف بوجود أزمة داخلية، وهذه الأزمة في دولة الكيان تتعمق، وبالمناسبة هي ليست أزمة فرد أو قائد، بل هي أزمة نظام سياسي، وكذلك التهديدات الوجودية لدولة الاحتلال تزداد ومصيرها  بات على المحك، ونتنياهو كان يأمل بتنفيذ أكبر عملية تطهير عرقي في الداخل الفلسطيني -48- والقدس، حيث العنصرية والتطرف و"دسترة" وشرعنة" القوانين، مثل قانون أساس القومية الصهيوني، وقانون تهويد النقب، قانون "برفر"  وقانون تسريع هدم المنازل العربية، قانون "كامينتس"، لعل هذه القوانين والتشريعات تقوده إلى دولة يهودية نقية، ولكن هبات مدينة القدس الثلاثة مع بداية شهر رمضان في نيسان الماضي، باب العامود والأقصى والشيخ جراح والإسناد العسكري لها من قطاع غزة، بتدخل غزة لصالح القدس والأقصى في معركة "سيف القدس" ، وتأهب محور المقاومة للتدخل، إذا ما أحدق الخطر بقوى المقاومة، قالت بشكل بما لا يقبل الشك إن مشاريع الدمج والتذويب والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني لن تمر، لا في القدس ولا في الداخل الفلسطيني، وأن العبث بهوية القدس ومقدساتها سيجر إلى حرب إقليمية، ونتنياهو كان يحلم بأن تنكفئ دولته خلف الجدران، والآن جاء بينت، والذي قال نتنياهو بأنه لن يكون قادراً على قول لا لأمريكا.. ولأن معركة "سيف القدس" فرضت على دولة الاحتلال الدخول في زمن الوصاية والانتداب الأمريكي… بينت لن يغير سياساته العنصرية ولن يفكك المستوطنات، ولن يذهب لتسوية وفق حل الدولتين، وأمريكا لن تجبره على ذلك، أي العمل على تقديم تنازلات للفلسطينيين، بل ستستمر في إدارة الصراع ومسلسل التفاوض من أجل التفاوض مع تيار فلسطيني أدمن على ذلك ويعتاش على مشروع استثماري. فأمريكا تعرف جيداً بأن أي إضعاف للكيان أمام محور المقاومة يعني قرب نهاية الكيان.

المهم حكومة إسرائيلية قادمة تحت حماية المظلة الأمريكية. .. لتهتم بالشؤون الاقتصادية، وتبريد حدة الصراعات والتناقضات بين مكونات المجتمع الصهيوني لمنع نشوء حرب أهلية داخلية، يؤجل قيامها العامل الفلسطيني. حكومة لن تصنع سياسات، حكومة في طريقها الكثير من المطبات والألغام، حيث أولى قراراتها ستكون حول الموافقة على إقامة مسيرة الأعلام ومسارها، وفق ما اتفق عليه ما بين قيادة شرطة الاحتلال  والمستوطنين، أو تعديل هذا المسار، أو الخضوع لتوصية المستويات الأمنية والسياسية وإلغاء هذه المسيرة، التي ربما تؤدي إلى تفجير للوضع، بما يتجاوز حدود مدينة القدس، ويستتبع ذلك تدخل غزة عسكرياً مجدداً.

أمريكا تحاول أن تحتوي الوضع وتطالب دولة الكيان بعدم التصعيد في مدينة القدس، وخصوصاً بأن تهديدات محور المقاومة، بأن العبث بمصير القدس يعني حرباً إقليمية، هي تهديدات يجب أخذها على محمل الجد، وبينت  بين نارين إلغاء المسيرة  وهجمة شاملة ستشن عليه من قبل معسكر نتنياهو، وحتى من بعض حلفائه بالخضوع للمقاومة وشروطها وإملاءاتها، في قضية مفصلية تشكل عنوان الصراع، قضية السيادة على القدس، أو القبول بشروط المستوطنين، وإقامة المسيرة وما قد ينتج عنها من تداعيات، تفجير الوضع في القدس والداخل الفلسطيني، في وقت يحتاج فيه بينت للتهدئة، لكي تقلع "سفينة" حكومته، الضيقة والتي تم المصادقة عليها بصعوبة، ولأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال بأقل من 61 عضو كنيست.

مسيرة المستوطنين المتطرفين غداً المعروفة بمسيرة الأعلام، والتي دعت قوى وفصائل فلسطينية ولجنة متابعة القوى الوطنية والإسلامية، إلى أوسع استنفار ومشاركة شعبية في التصدي لها، من قبل أهلنا وشعبنا في مدينة القدس والداخل الفلسطيني- 48-، وكذلك بتسيير مسيرات ومظاهرات شعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي سوريا ولبنان، بالإضافة الى بقاء محور المقاومة على جهوزية عالية، تحسباً لأي طارئ، يضع دولة الاحتلال وأمريكا أمام خيارين، الأول التصعيد والمواجهة الشاملة الآن، أو التراجع ورسم قواعد اشتباك جديدة، تقول من اليوم الأول للحكومة، بأن القدس خط أحمر.