الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إنتكاســة... ولكن إلى حيـن. بقلم: تيسير الزّبري

2015-04-09 03:59:47 PM
إنتكاســة... ولكن إلى حيـن. بقلم:  تيسير الزّبري
صورة ارشيفية

 صريح العبارة

الحدث  

 ليس ممكناً المرور على ما يدور فوق أرض اليمن مروراً سريعاً والتلهي بأمور أخرى أقل أهمية، ذلك أن أسباب ما جرى وتداعيات ما يجري سوف تؤثر على أوضاع المنطقة العربية، وبشكل خاص على القضية الفلسطينية من جوانب عدة نبدؤها بالإشارة إلى المحطات التالية:

*لقد فهم الفلسطينيون وتفهموا الحالة التي مرت بها المنطقة العربية منذ انتفاضة الشعب التونسي وبعدها ثورة الشعب المصري والحركات الجماهيرية في أكثر من قطر عربي في الأشهر والسنوات الماضية، واعتبر الفلسطينيون أن الانشغال بالهم الوطني في كل قطر على حساب الهم القومي (الخاص بالموقف من الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي) هو أمر مؤقت وطبيعي وبأن نتائج تلك الانتفاضات الشعبية سوف تترك آثارها على الوضع العربي عموماً والوضع الفلسطيني بشكل خاص.

*بالمقابل، فإن النظرة التشاؤمية هي التي تسود الحالة العربية والفلسطينية راهناً، بسبب الحرب الدائرة الآن في اليمن والتي تديرها وتمولها الدول العربية الخليجية بدعم إقليمي ودولي بادعاء وجود عدو إقليمي يهدد بابتلاع دول الخليج وهم يقصدون بذلك دولة إيران الإسلامية، وفي سبيل مواجهة الهدف الموهوم هذا يتم كل ما نراه من عمليات عسكرية، ومن أجل ذلك الهدف تبدد الثروات (وهي من حق شعوبها)، والأكثر من ذلك ما قامت به الجامعة العربية (بأكثرية أعضائها) بتوفير الغطاء السياسي للعمل العسكري، بل أن أمين عام الجامعة يقول إن الدول العربية تواجه خطراً لأول مرة يقتضي بناء قوة أمن عربي مشتركة. يبدو أن أمين الجامعة العربية بحاجة إلى من يذكره بالأخطار التي مرت بها الشعوب والأقطار العربية منذ ما يزيد عن ستين عاماً وشملت فلسطين ولبنان ومصر وسوريا، وآخرها الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ العام 2009 وحتى العام الماضي. كل تلك المحطات المؤلمة لم تؤدِّ إلى إقامة هذه القوة الأمنية، ولكن الآن، وفي اليمن؟!

*من السابق لأوانه التنبؤ بالنتائج الكارثية لما جرى ويجري على أرض اليمن، ولكن يمكن أن نحصي مجموعة من المؤشرات على مخاطر ما جرى وأهمها التقاء المصالح لعدد من الأنظمة العربية مع إسرائيل في عدوانها على إيران وعلى التحول الموضوعي في العلاقة مع عدو محتل لأرض عربية فلسطينية وعاصمتها القدس إلى كونه داعماً سياسياً وربما إلى أمور أخطر في حال تطور الصراع وتوسعه في منطقة استراتيجية مثل باب المندب وخليج عمان، وفي ظل تحريض واسع إسرائيلي لضرب إيران عسكرياً..! كما لا نستطيع إغماض العين عن المخاطر الكامنة وراء تدمير وتبديد الثروات العربية البترولية لصالح إمبراطوريات صناعات الأسلحة، كل ذلك من أجل حرب كان يمكن تجنبها، إضافة إلى ما تلحقه هذه الحرب من خسائر بشرية ومادية للشعب اليمني بعد سنوات من المعاناة السياسية ومن الحكم الفاسد والفقر والبطالة..إلخ.

*لكن الخطر الأكبر من وراء كل ذلك هو إعادة فتح جرح كنا نعتقد أنه قد أغلق بوقف الحرب العراقية الإيرانية، تلك الحرب التي استنزفت طاقات هائلة لدى البلدين ووضعت العراق والمنطقة على أبواب نزيف لم يتوقف حتى الآن. أن يحاول البعض فتح هذا الجرح مرة ثانية فإن ذلك سوف يتخطى ما كان محصوراً في ذلك الوقت إلى صراع أشمل لا يمكن تقدير مدى النتائج التي سوف يسفر عنها، خاصة وأن مواجهة إيران وبعد الاتفاق المبدئي وما يسمى باتفاق 5+1 بخصوص رفع الحصار الاقتصادي عن إيران والسماح لها بمواصلة عملية التخصيب النووي السلمي سوف يعيد وضع إيران على الخارطة السياسية لاعباً رئيسياً وقوة اقتصادية وعسكرية وبشرية سيكون لها آثار هائلة على الصعيد الإقليمي لا يجب الاستهانة بها أو معاداتها، بل العمل على تحسين الموقف العربي والفلسطيني بسبب هذه القوة الصاعدة.. فهل هذا ممكن!؟