الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قمة النقب: رمزية المكان| بقلم: نبهان خريشة

2022-03-30 11:07:46 AM
قمة النقب: رمزية المكان| بقلم: نبهان خريشة
قمة النقب

 

كان بإمكان إسرائيل، عقد  قمة وزراء خارجية الدول العربية المطبعه معها، في تل ابيب او القدس او في اي مكان آخرفي اسرائيل، ولكن لماذا اختارت كيبوتس "سديه بوكر" في صحراء النقب، حيث يقع قبر ديفيد بن غورويون، الذي يسميه الاسرائيليون "أبو الأمه" ؟

وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية الاسرائيلي يئير لبيد، بأن قمة "سديه بوكر"،   تهدف لتعميق التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة، والدول عربية المطبعه مع اسرائيل، "لإرهاب وردع" إيران، الا ان ما تمخض عنها من نتائج لم تكن هامه، وانما تكمن اهميتها في رمزية المكان الذي عقدت به !!

لا حاجة لنا هنا للتعريف بأصل وفصل بن غوريون، ولكنه يعد من اهم القيادات الصهيونية، إن لم يكن أهمها على الاطلاق، فهو واضع الخطة الصهيونية لسياسة التطهير العرقي في فلسطين في العام 1948، وهو الذي اعطى اوامر صريحه لوحدات الهجاناه، باستخدام شتى الاساليب لتنفيذ الخطة  بإثارة الرعب بين الفلسطينيين، وقصف قراهم ومراكزهم السكنية، وحرق منازلهم وهدمها، وزرع الالغام في أنقاض بيوتهم لمنعهم من العوده. وخطة بن غوريون هذه استغرق تنفيذها ستة اشهر، وبنهايتها أرغم اكثر من 800 الف فلسطيني على الهجرة وتم تدمير 531 قرية وبلدة..

الرسالة الاولى التي ارادت اسرائيل ايصالها، من مكان عقد القمة في سديه بوكر "أضرب القوي يستكن الضعيف" .. اسرائيل أرادت ان تقول للعرب، من خلال المطبعين معها انه قوية، ولا يمكن هزيمتها كما ارسى بن غوريون قواعد هذه القوة، وأن قوتها ليست عسكرية فقط وانما إقتصادية ايضا ، كما انها بوابتهم للعلاقات مع الغرب وتحديدا مع الولايات المتحدة..

الرسالة الثانية، أن بن غوريون اختار الاقامة في سديه بوكر بعد استقالته عام 1963 ، لتشجيع الاستيطان اليهودي في صحراء النقب لجعلها تزدهر.. فبعقد القمة في مكان مدفن مؤسسها ، ارادت اسرائيل القول لعرب "الخليج والمحيط" ، أنها ترغب في الإستثمار في صحاريهم، لتحقيق اسطورتها التوراتيه "اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات".. ولان الاستثمار هو واحد من اساليب الاستعمار، فاسرائيل ليس  بمقدورها السيطرة العسكرية المباشرةعلى رقعه جغراقية واسعه من بلاد العرب، وانما بامكانها السيطرة بمزاوجتها بين رأس مال النفط مع التكنولوجيا والـ "هاي تيك" الاسرئيلي.  

أما الرسالة الاسرائيلية الثالثة من رمزية المكان، أن كيبوتس سديه بوكر ليس بعيدا عن مفاعل ديمونا النووي، الذي بنته اسرائيل بمساعدة فرنسا في العام 1964، والهدف منه كما اعلنت اسرائيل آنذاك، توفير الطاقة لمنشئات تعمل على استصلاح صحراء النقب ، الا ان التقني الاسرائيلي الذي كان يعمل في المفاعل مردخاي فعنونو ،كشف بعض الاسرار النوويه الاسرائيلية للاعلام ، كصناعة الرؤوس النووية، ووضعها في صواريخ باليستية وطائرات حربية وغواصات. رسالة اسرئيل هنا ، ان لها الحق بامتلاك قدرات نووية، وليس لايران نفس الحق، وعلى الامارات والبحرين ومن سيطبع معها في قادم الايام، الاصطفاف خلفها في جهودها ايا كانت، لمنع ايران من امتلاك قدرات نووية حتى لو كانت سلمية .   .

الرسالة الرابعه، والموجهه تحديدا لأبو ظبي، بإن عليها العوده لبيت الطاعة الامريكي، فإحتجاجها على وقف واشنطن صفقة طائرات الـ ، F 35 لا يكون بعودة علاقات الامارات مع سوريا حليفة ايران، ولا بإستضافتها للرئيس السوري بشار الاسد، وانما باصطفافها خلف اسرائيل التي ارسى بن غوريون دعائم قوتها..