الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عن استهداف المؤسسات الأهلية الفلسطينية| بقلم: عصام بكر

2022-08-29 08:29:28 AM
عن استهداف المؤسسات الأهلية الفلسطينية| بقلم: عصام بكر
عصام بكر

الهجمة الشرسة غير المسبوقة التي تتعرض لها سبعة من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ليست وليدة اللحظة أو الصدفة وهي لا تقتصر فقط على هذه المؤسسات التي أصدر وزير جيش الاحتلال قرارا في أكتوبر الماضي يصنفها كمؤسسات "إرهابية" وإنما الهجمة تشمل جميع مؤسسات العمل الأهلي الفلسطيني، وتحديدا صاحبة التاريخ الطويل التي تأسست منذ ثمانينات القرن الماضي، ولعبت دورا أساسيا وفاعلا خلال الانتفاضة الأولى العام 1987 قبل قدوم ونشوء السلطة الوطنية، ولها مجهودات نوعية واضحة للعمل في قضايا الزراعة  والصحة، والتعليم، والثقافة والفن، والمرأة والشباب، إلى جانب الجزء الأساس المتعلق بحقوق الإنسان، وتوثيق انتهاكات الاحتلال وجرائمه بحق الأسرى بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام وهي قطاعات هامة تخدم جمهور واسع وعريض من المجتمع الفلسطيني في شتى المجالات.

ربما تمثل الإجراءات الاحتلالية الأخيرة في إعادة استهداف المؤسسات بشكل مباشر واقتحامها، ومصادرة محتوياتها وإغلاق عدد منها فرصة للتعاطي مع سياسات الاحتلال القديمة الجديدة من منظور مختلف هذه المرة كونها أي عملية الاستهداف مختلفة وأيضا قوبلت بحملات استنكار وشجب واسعة على مستوى العالم حتى أوساط مختلفة ودول معروفة بتأييدها للاحتلال عبرت بمجملها عن عدم وجود والافتقاد لأية أدلة من شأنها إدانة عمل المؤسسات المستهدفة، ورفضت هذه المواقف رواية الاحتلال تجاه المؤسسات التي كما هو معروف للجميع تعمل بشكل علني ووفق القانون الفلسطيني تعقد اجتماعاتها الدورية، وتقدم خدماتها للجمهور، ولا يوجد ما يثبت ارتباطها بحسب مزاعم الاحتلال بتنظيمات فلسطينية حتى بحسب نتائج ما توصلت إليه لجان تم تشكيلها بهذا الخصوص من دول أوروبية أو شبكات ومؤسسات دولية نشرت ما توصلت إليه من استخلاصات   بهذا الصدد مؤخرا. 

هذا الرفض الدولي الواسع يمكن تطويره لحالة واسعة النطاق من الفعل المبني على منهجية وخطة واضحة تعكس رؤية شاملة لنقل الملف إلى كافة الأوساط الفاعلة ومن خلالها تسليط الضوء على واقع الشعب الفلسطيني والمعاناة جراء استمرار الاحتلال، وتفعل أدوات المناصرة الدولية ليس فقط لأن استهداف المؤسسات مثل صفعة غاية في الأهمية للاحتلال على اهمية ذلك، وإنما كون هذا الإجراء الاحتلالي يكشف بوضوح الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي تمارسها إسرائيل في الأراضي المحتلة، وبالتالي هذه المسألة تعتبر خاصرة رخوة يمكن العمل من خلالها على العديد من المحاور لا سيما على الصعيد الدولي فما أقدم عليه الاحتلال تحد لكل المواثيق الدولية يزيل أي لبس تجاه ممارسات الفصل العنصري التي تتبعها دولة الاحتلال وتتطابق مع التقارير الدولية التي صدرت قبل فترة وجيزة وتشير بوضوح لما يجري في فلسطين.

السؤال الأهم الآن ربما هو كيف يمكن تحويل ملف اقتحام المؤسسات لحركة فاعلة محليا ودوليا؟ خصوصا مع تخبط الاحتلال إزاء الخطوة التي قام بها مؤخرا وردود الفعل الدولية لنقطة ارتكاز قوية لفضح مجمل منظومة الاستيطان الاستعماري، وإجراءات الفصل العنصري والانطلاق منها لتشكيل جبهة دولية تضم مؤسسات وحركات ولجان تضامن وتوسيع الحملات خصوصا حملات المقاطعة، وإبراز توصيف الطابع الفاشي كونه عنوان ما يجري في بلادنا، وبالتأكيد دون إغفال أو إسقاط قضايا القدس، والاستيطان، والأسيرات والأسرى وحق العودة المسألة المباشرة اليوم تحتم العمل من الجميع بطريقة متناسقة موحدة الاهداف والخطاب بالاعتماد على ما جرى للانتقال من المفهوم الدفاعي وردود الفعل الى الهجوم المنظم بأدوات قياس متفاهم عليها .

من الأهمية الادراك ان توسيع الحراك الجاري والرسائل متعددة الاتجاهات والموقف الحصين بفتح مقر م. ت . ف الرئيس لاستضافة المؤسسات في رسالة هامة الى الاطراف الدولية، وهو ما فعلته شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية قبل ذلك وتنظيم حملات واسعة، ووضع يافطات تحت عنوان "هنا المقر المؤقت للمؤسسات الضمير، الحق، بيسان، العمل الزراعي، الصحي، الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال، ولجان المراة ليتم لصقها على جدران ومداخل المقرات والمؤسسات والاندية، ومن الاهمية احتضان الجانب الرسمي لذلك لتعزيز حالة التناغم في تعبئة الرأي العام المحلي، ومن الاهمية ايضا التصميم على عدم السكوت على جريمة الاحتلال، ومخاطر عدم التصدي لها فهي نقطة تحول ينبغي التقاطها، والعمل من خلالها كي لا يتم اسكات صوت المجتمع المدني الفلسطيني او الاستفراد به تحت اي ظرف، وبالامكان اذا ما جرى العمل بشكل موحد وواسع ليس فقط الدفاع عن المؤسسات وفضح محاولات تشويهها، وانما ايضا اسقاط قرار الاحتلال الجائر بحقها، وإفشال محاولات تقويض عمل مؤسسات العمل الأهلي  الفلسطيني، وبالامكان ايضا احراز الكثير من النتائج، والعمل على المراكمة على وخلق حالة ترابط هامة بين قضايا متعددة ومتشابكة بالتدريج، وهزيمة هذه السياسة الخطيرة للاحتلال التي لن تقتصر على مؤسسات معينة بل ستصل للكل دون استثناء.