الحدث- غزة
أوصت دراسة بتسريع الجهود الرامية لتنفيذ خطة إعادة التأهيل والاعمار مع الاخذ بعين الاعتبار التجارب والخبرات والموارد المحلية خصوصاً فيما يتعلق بإعادة تأهيل واعمار الأراضي والمنشآت وعدم اقتصار اهتمام الجهات ذات العلاقة بالاحتياجات الانية للفئات المتضررة، بل أيضا الاهتمام بقدراتهم ومصادرهم وخبراتهم ومبادراتهم المتراكمة والبناء عليها.
وطالبت دراسة حول خطط اغاثة واعادة اعمار قطاع غزة أعدها الخبير التنموي أحمد الصوراني وتم عرضها في حلقة دراسية عقدت في مكتب للأمم المتحدة في فيينا مؤخراً بتعزيز وتنمية قدرات المجتمعات المحلية المتضررة والاهتمام بقطاعات المشاريع الصغيرة وتوفير حاضنة لابتكارات ومبادرات الشباب الخريجين وللاهتمام بسد الفجوات المعرفية والبحثية فيما بين الجامعات ومراكز الابحاث والمجتمع بمؤسساته المختلفة .
ودعت الدراسة لدعم دور مؤسسات القطاع الخاص وتوفير آليات التواصل والتكامل مع برامج ومشاريع الامن الغذائي الخاصة بالقطاع الزراعي والعمل على تشجيع وتطوير مبادرات ومشاريع التكنولوجيا الزراعية الحديثة التي تناسب مع الواقع الزراعي الحضري في غزة (في مجالات استخدامات الاراضي الزراعية- تنويع المصادر والمحاصيل الربحية-البدائل الزراعية- التسويق والتصنيع الزراعي-ادارة مصادر المياه والمياه العادمة-تطوير منظومة الارشاد الزراعي- رقابة الجودة والانتاج الزراعي البيئي- البحث والتعليم الزراعي الحضري- الطاقة ومصادر الطاقة البديلة ).
وأكدت الدراسة أهمية تفعيل مبادرات التشبيك والتنسيق في مجال تبادل الخبرات والتعاون الاقليمي والعالمي عبر شبكات وملتقيات واتحادات الزراعة والامن الغذائي وتسهيل دعم وانشاء الصندوق الوطني السيادي الفلسطيني للتخفيف من حدة الازمات بفعل الطبيعة والانسان والاهتمام بتعزيز دور المرأة المزارعة والمنتجة ودمجها في منظومة برامج ومشاريع الامن الغذائي.
وأشارت الدراسة في سياق تقييمها لأوضاع قطاع غزة ما بعد الحرب الاخيرة الى ما يواجه عملية اعادة الاعمار من تحديات وخيارات صعبة تأتي في مقدمتها اعادة تأهيل وبناء القطاعات الاقتصادية واعمار البيوت والمنشآت المدمرة وتوفير سبل العيش لمتضرري الحرب.
وتطرقت في هذا السياق لأهمية تفكيك منظومة السيطرة على حركة المعابر والحدود ومناطق العزل و حركة البضائع ومواد وادوات الاعمار المطلوبة على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وعلاقة هذا الامر بمجمل تطورات واثار العملية السياسية ومساراتها المعقدة ، ومدى فاعلية الضغط والمناصرة اقليميا ودوليا لتعديل تلك المسارات بما يخدم عملية اعادة الاعمار ومصالح الفئات المتضررة بفعل الحرب، وخاصة تلك التي مازالت تعاني درجات عالية من حالات العوز والانكشاف الاقتصادي لسبل العيش.
وبينت الدراسة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، أن نسبة العاملين في الضفة الغربية في منتصف العام الماضي 2014 بلغت 81% مقابل نسبة بطالة لا تزيد عن 19% ما يعادل 148333 متعطل عن العمل، اما في قطاع غزة ،فقد استمرت نسبة العاملين فيه حتى منتصف عام 2014 أو بداية الحرب عند نسبة 67.4% عاملين ما يعادل 274720 عامل، مقابل نسبة 32.6% متعطلين عن العمل، ما يعادل 132876 عاطل عن العمل في قطاع غزة حتى منتصف عام 2014.
ونوهت الى أنه في ضوء نتائج الحرب الاخيرة على القطاع التي تم خلالها تدمير أكثر من 150 مصنعاً تدميراً كلياً وجزئياً وأكثر من 200 منشأة زراعية وأكثر من عشرة ألاف منزل ومنشأة سكنية ومحلات تجارية وورش صغيرة، الأمر ما ادى إلى شلل الحياة الاقتصادية ، وهذا بدوره أدى لارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة منذ اول آب 2014 لنحو 50% من مجموع القوى العاملة البالغة 427 ألف شخص، ما يعادل 213,500 عاطل عن العمل ينتظرون انهاء الحصار واستعادة النشاط الاقتصادي بكل قطاعاته الانتاجية والخدمية ارتباطاً بعملية اعادة الاعمار المرهونة بالدعم المالي من المانحين.
وأشارت الدراسة الى أن وجود ما يقرب من 213,500 يعملون في قطاع غزة ومثل العدد المذكور من المتعطلين عن العمل في قطاع غزة ، وأنه في حال ان كل واحد منهم يعيل اربعه اشخاص ، فهذا يعني ان هناك ما يقرب من 854,000 مواطن (49%) من اجمالي سكان قطاع غزة يعانون الفقر وانعدام الامن الغذائي ، أي انهم يعيشون تحت مستوى خط الفقر المدقع.
الزراعة والامن الغذائي
وتطرقت الدراسة لواقع القطاع الزراعي والامن الغذائي في قطاع غزة مشيرة الى انه بالرغم من زيادة نسبة الاراضي الزراعية في قطاع غزة على أثر الانسحاب الاسرائيلي من القطاع عام 2005 اذ ازدادت المساحة الزراعية من 170 ألف دونم الى 192 ألف دونم إلا أن السنوات الاخيرة شهدت تراجعا مضطردا في الرقعة الزراعية لأسباب متعددة من اهمها، تسارع النمو السكاني (3.5%) ، تفتت الملكيات الزراعية (1-3 دونمات للمزارع الواحد)، التمدد العمراني الحضري وتزايد الطلب على شراء الاراضي لبناء المساكن، الى جانب اجراءات الجيش الاسرائيلي بإقامة المنطقة العازلة على طول حدود قطاع غزة مع اسرائيل ( حوالي 17,000 دونم) ، وكل هذه الاسباب أدت لتراجع المساحة الزراعية التي وصلت الى اقل من 100 ألف دونم الان، الأمر الذي أدى الى تراجع نسبة الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية الى حوالي 50% علاوة على التراجع في الانتاج الحيواني.
وأكدت الدراسة أن غياب المشهد الزراعي الريفي كليا لصالح مشهد ونمط زراعي مشوه يتطلب تخطيطا ونهجا استراتيجيا جديدا نحو ما يعرف بنهج التنمية الزراعية الحضرية" كاستراتيجية واقعية للتكيف الايجابي في مواجهة حالات الانكشاف وانعدام الامن الغذائي وتعزيز منعة نظام السوق المحلي في منطقة تتميز بأزماتها الممتدة كقطاع غزة.
ولفتت الدراسة لواقع قطاع الصيد البحري، ومعاناة نحو 3600 صياد ما زالوا محاصرين ضمن مساحة صيد لا تزيد عن 3 اميال بحرية رغم ان اتفاق اوسلو اقر 20 ميلاً في ظل ان الانتاج السنوي لقطاع الصيد في غزة يتراوح ما بين 2000 الى 2500 طن، بينما الحاجة السنوية الفعلية تصل الى اكثر من 8000 طن سنويا.
وقدمت الدراسة لمحة عن الاوضاع المائية والبيئية المتردية في قطاع غزة ، وأثر التزايد السكاني خلال العقدين الاخيرين على زيادة معدلات الاستهلاك المائي من الخزان الجوفي بحيث باتت نسبة الاستهلاك للأغراض المنزلية والزراعية والصناعة والخدمات وغيرها لنحو 160 مليون متر مكعب سنويا مقابل 80 مليون متر مكعب تغذي الخزان الجوفي من مياه الامطار، وهي المصدر الطبيعي الوحيد، ما يعني ان قطاع غزة اصبح يعوم على خزان جوفي من مياه البحر المالحة والمياه العادمة بنسبه تزيد عن 90% منه حيث باتت مياه المخزون لا تصلح للاستخدام الادمي ، مما يهدد بمزيد من تفاقم الازمات والمخاطر الصحية وتمدد مساحة الانكشاف الاقتصادي والزراعي والبيئي.
نهج للتدخل
وخلصت الدراسة الى ان سكان قطاع غزة يتوقعون نهج استجابة يستند لمنظور تنموي استراتيجي يعزز عوامل الصمود والاعتماد على الذات والموارد ويستفيد من التجارب الموجودة ويبني عليها ويمكنها وذلك كنهج يتم التعامل فيه مع المواطن ليس بوصفه المتضرر الفقير المحتاج، اوالمنتظر للمساعدات "الاستهلاكية" ومشاريع البطالة والاغاثة المؤقتة بل عبر تدخلات برامجية متكاملة ومكملة للجهد المؤسسي المحلي تقوم على مبادئ الشراكة المؤسسية والتنموية الكاملة مع المؤسسات العربية والاقليمية والدولية التي تحترم وتعزز حقوق المواطن وسيادته على مصادره وموارده والعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي عموما والزراعي خصوصا بين قطاع غزة والضفة الغربية .