الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غاز شرق المتوسط.. أين الحقوق الفلسطينية؟

2022-12-09 08:48:51 AM
غاز شرق المتوسط.. أين الحقوق الفلسطينية؟
أرشيفية

 

خاص الحدث

صادقت السلطة الفلسطينية في 30 حزيران 2020 على انضمامها إلى منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم مصر واليونان وإيطاليا وقبرص والاحتلال الإسرائيلي والأردن وفلسطين والإمارات كعضو مراقب، والذي أعلن عن تأسيسه في يناير 2019، لكنها تغيبت عن المشاركة في حفل توقيع اتفاقية إطلاقه كمنظمة إقليمية تهدف لإنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية، حسب ما جاء في وثائق التأسيس.

حركة مقاطعة إسرائيل "BDS"، طالبت السلطة والحكومة الفلسطينية في أكثر من مرة، بإلغاء عضويتها في المنتدى والانسحاب منه بسبب ما وصف في حينه "إعطاء الشرعية للاحتلال الإسرائيلي لسرقة الغاز الطبيعي قبالة البحر الأبيض المتوسط" والذي أكد منسق حركة المقاطعة محمود نواجعة أن انضمام فلسطين للمنتدى أعطى إسرائيلي فرصة لتوسيع عمليات التطبيع مع الدول العربية.

وتشير التقديرات إلى أن حقل الغاز الفلسطيني مقابل غزة والحقول الأخرى في الضفة تكفي لسد حاجة الفلسطينيين للطاقة في فلسطين على حدود 1967، ويمكن كذلك رصد مخزون إضافي فيما لو استغلت بالطريقة المثلى.

واعتبر انضمام السلطة الفلسطينية للمنتدى كذلك على أنه إعطاء فرصة لإسرائيل لتصبح مركزا إقليميا للطاقة، وكذلك سرقة مقدرات الفلسطينيين في قطاع الطاقة، وسط مطالبات لفضح ممارسات الاحتلال أمام الدول وشركات الطاقة عالميا.

بحسب حركة المقاطعة، فإن وثائق "منتدى غاز شرق المتوسط"، تؤكد خلوّها تماماً من أي ذكر لحقوق الفلسطينيين في الغاز الخاص به، كما تخلو الوثائق من الاعتراف بـ “المنطقة الاقتصادية الخالصة/الحصرية" الفلسطينية بموجب القانون الدولي. واعتبرت أن هذا المنتدى "يعزز محاولات نظام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي بأن يصبح مركزاً للطاقة في منطقتنا من خلال إبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية التطبيعية مع الدول العربية، تمهد له الطريق للمنافسة في السوق الأوروبية، والذي تحوّل لاحقاً إلى منظمة إقليمية تضمّ مصر والأردن وقبرص واليونان وإيطاليا والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، بالإضافة مؤخرا إلى الإمارات كعضو مراقب".

وأكدت BDS، على أن هناك فروقات بين استيراد السلطة للوقود من الاحتلال أو من خلاله وبين استيراد الغاز بشكل محدد، مما يقوض الحقوق الفلسطينية في المواد الطبيعية بشكل استراتيجي ويساهم في توفير تغطية للاحتلال في النهب المستمر للغاز الفلسطيني في البحر المتوسط.

يذكر، أن كون الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي يجبرهم على شراء بعض المواد من الاحتلال، رغم أن بروتوكول باريس الاقتصادي يمكن السلطة الفلسطينية من استيراد الوقود من دول أخرى، وإلى جانب ذلك فإن استخراج الغاز من المتوسط ذو جدوى اقتصادية.

وبحسب تحليل مستشار الطاقة لدى رئيس وزراء بريطانيا السابق نِك بتلر، فإن " أي اتفاق لاستيراد الغاز من الاحتلال يشكل إنقاذاً لمشروع توريد الغاز المسال الإسرائيلي، الذي لن تتمكن إسرائيل من تصديره بأسعار منافسة للأسواق العالمية، ولذا فهي مضطرة لتصديره إقليمياً لضمان جدواه الاقتصادية، وبالتالي تقوم إسرائيل ببيعه لمصر وتقوم الأخيرة بإسالته وبيعه للسوق الأوروبي". 

وأشارت حركة المقاطعة في ورقة تقدير موقف صدرت عنها، إلى أن فحص وثائق "منظمة غاز شرق المتوسط"، يؤكد خلوّها تماماً من أي ذكر لحقوق الشعب الفلسطيني السياديّة في الغاز والنفط الخاص به، بالذات حقول الغاز قبالة شواطئ قطاع غزة، كما تخلو من الاعتراف بـ “المنطقة الاقتصادية الخالصة/الحصرية" الفلسطينية بموجب القانون الدولي.

واعتبرت أن وجود السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي في منظمة غاز شرق المتوسط لا يشرعن الاحتلال فقط، بل يقوّض حقوق شعبنا في موارده الطبيعية، التي يقوم الاحتلال بنهبها، ويقدّم غطاءً فلسطينياً لتعميق العلاقات التطبيعية الإسرائيلية مع أنظمة عربية ولتأسيس تحالفات عسكرية تكون إسرائيل في محورها مع دول أوروبية ودولة الإمارات.

يذكر، أنه في نهاية ديسمبر 2014، أكّد الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، حين هرتسوغ، الذي عمل مستشارا لشركتي "ديليك" و"نوبل إنرجي"، المشغلتين لحقلي الغاز الإسرائيليين "لفيتان"  و"تمار"  أن الصفقة  التي عقدت مع شركة الكهرباء الفلسطينية منحت شرعية لعقد صفقات غاز مع الدول العربية بحسب ما نقلت صحيفة ذا ماركر الاقتصادية الإسرائيلية.

واعتبر هرتسوغ، أن اكتشاف الغاز في المتوسط ينطوي على أهمية اقتصادية واستراتيجية لها علاقة بتطوير العلاقات (التطبيع) مع الدول العربية.

وفي تقرير نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي في أغسطس 2019، جاء فيه أن عددا من التطورات خُلقت خلال السنوات الأخيرة بشأن إمكانية وجود وجود ديناميكية جديدة فيما يتعلق بالإمكانات الاقتصادية في موارد الغاز الطبيعي في حوض شرق المتوسط، وهو ما سيحدث تغييرا في الوضع الجيوسياسي في المنطقة.

وقال كاتب التقرير "أوديد إيران"، إن من بين أهداف منتدى شرق المتوسط التأكيد على الفائدة المتأصلة للأعضاء من استخدام البنية التحتية الحالية لنقل الغاز الطبيعي، وتطوير البنى التحتية البديلة استجابة للاكتشافات المستقبلية للغاز الطبيعي.

وذكر، أن محاولات دولية عديدة لتأسيس إطار للتعاون الاقتصادي المتوسطي، مثل مجموعة العمل الاقتصادية التي تم تأسيسها في مؤتمر مدريد في أواخر عام 1991، أو محاولة أخرى مشابهة في عام 1995 بهدف إنشاء إطار سياسي اقتصادي انتهت بالفشل، ويعزى هذا الفشل جزئياً إلى اشتراط التعاون الإقليمي بإحراز تقدم في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين والتداعيات السلبية لما سمي بـ"الربيع العربي" على القدرة على الشروع في التعاون الإقليمي.

ونوه إلى أن اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط أظهرت ​​بوضوح الضرر الاقتصادي الناجم عن عدم وجود إطار لتنسيق المواقف تجاه الدول من خارج المنطقة، وعدم القدرة على استغلال البنية التحتية للنقل المشترك بكفاءة. معتبرا أن مشاركة ثلاثة أعضاء من الاتحاد الأوروبي في منتدى الغاز الإقليمي هو في الأساس استمرار للحوار الذي بدأته إسرائيل مع اليونان وقبرص، وأن هذا الحوار يقوم على عنصرين؛ الأول هو فكرة إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من شرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا، والثاني هو إنشاء إطار للتواصل والتنسيق في مواجهة السياسة الإقليمية لتركيا التي اتخذت موقفا مناهضا للاحتلال الإسرائيلي في حينه، لأكثر من عقد من الزمان منذ اكتشاف احتياطيات الغاز الطبيعي، وتجنب الاتحاد الأوروبي التدخل المباشر السياسي أو المالي في مسألة التعاون الإقليمي في مجال الطاقة. ومع ذلك، وبضغط من اليونان وقبرص وإيطاليا، وافق الاتحاد الأوروبي على المشاركة في تمويل دراسة جدوى لخط أنابيب الغاز البحري.

وقبل سنوات، بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بدأت الولايات المتحدة تظهر اهتمامًا صريحًا بتنمية موارد الغاز الطبيعي والأنشطة ذات الصلة في شرق البحر الأبيض المتوسط، كما تشهد على ذلك زيارات للمنطقة قام بها وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري ومساعد وزير الخارجية لموارد الطاقة فرانسيس فانون، وكلاهما كان حاضرا في الاجتماع الثاني لمنتدى الغاز الطبيعي في 24 يوليو 2019 في القاهرة.

وأكد، أن الاهتمام الأمريكي بالمنطقة ليس لأسباب اقتصادية، على عكس الشركات الأوروبية الكبيرة مثل توتال أوف فرانس أو إيني الإيطالية، التي تنشط في مصر ولبنان، وأن شركات الطاقة الأمريكية الكبيرة ليست منخرطة حتى الآن في شرق البحر المتوسط. نوبل إنرجي، التي تنشط في إسرائيل وقبرص، وتحاول الولايات المتحدة المحافظة على وجودها في البحر الأبيض المتوسط ​​بشكل أساسي لاعتبارات عالمية لمنع الاختراق الروسي في المنطقة.

واعتبر معهد الأمن القومي الإسرائيلي، أن المشاركة الأوروبية والأمريكية في نشاط الغاز الطبيعي الإقليمي أمر مهم اقتصاديا وسياسيًا ، لأنه يوفر رعاية دولية ويسهل على حكومات المنطقة التي تسعى جاهدة للتعاون الإقليمي لدفع تنمية الموارد. ومع ذلك، فإنه يجعل من الصعب أيضًا مقاومة الجهات السياسية المحلية التي تعارض التعاون مع إسرائيل أو مع الولايات المتحدة وأوروبا.

أما التطور الثاني فيتعلق بجهود حل الخلاف الذي كان قائما بين لبنان وإسرائيل على الحدود، ولا سيما الحدود البحرية، والصراعات بين القوى المتصارعة.

واعتبرت ورقة بحثية للائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة "أمان"، إن الغاز المستكشف مورد هام للفلسطينيين في ظل شح الموارد والثروات في فلسطين، إذ يشمل حقل الغاز (غزة مارين) على سبيل المثال على احتياطي يقدر بـ1 تريليون قـدم مكعـب مـن الغـاز الطبيعـي، أي حوالي 31 مليـار متـر مكعب، وقد تـم اكتشـافه فـي عـام 1999 مـن قبـل شركة بريتيش غاز (BG)، ويعتبـر تطويـر "غـزة ماريـن" دعامـة مركزيـة لأمـن الطاقـة فـي فلسـطين، ويسـاهم فـي تحقيـق الاكتفاء الذاتي فـي توليد الطاقة واستخداماتها المختلفة وتقليـل الاعتماد علـى مصـادر الطاقـة المستوردة، وتقـدر تكاليـف تطويـر "غـزة ماريـن" بحوالـي 1 مليـار دولار، الأمر الذي يستوجب ضرورة حماية مقدرات الدولة ومواردها، وإدارتها واستغلالها بالشكل الأمثل.

ووفقا للورقة البحثية التي أعدها أمان، فإنه "ما زالت مسألة استغلال وتشغيل واستخراج الغاز معطلة عملياً، حيث تواجه دولة فلسطين عدة إشكاليات وتحديات على عدة أصعدة منها؛ ما زالت تعاني من سياسات الاحتلال المجحفة بحق الشعب الفلسطيني في استغلال موارده وثرواته الطبيعية وتعطيل استخراج الغاز الطبيعي من الحقل في المياه الإقليمية الفلسطينية ووضع اشتراطات تمنع استفادة الفلسطينيين من هذا المورد الهام والحيوي، إضافة إلى عدم وضوح السياسة العامة التي بنيت عليها إدارة الموارد الطبيعية وتحديدًا الغاز منها؛ والقصور القانوني الذي يعتري عملية تنظيم إدارة ملف الغاز بما فيه تنظيم عقود الامتياز التي تمنح للقطاع الخاص، وكذلك ضعف الشفافية المتعلقة ببنود الاتفاقيات والقرارات ذات العلاقة.

وخلصت الورقة التي اطلعت عليها صحيفة الحدث إلى أن الجهود التي تم بذلها داخليا في سبيل تحقيق التنمية والارتقاء بحياة الفلسطينيين من خلال الاتفاقيات التي تم توقيعها بشأن الغاز، والانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط وغيرها من الإجراءات لم تحقق الهدف المرجو في استثمار فلسطيني للغاز الطبيعي المكتشف منذ أكثر من عشرين عاماً. كما أظهرت الورقة ضعف في الشفافية في إدارة ملف الغاز، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات لدى أطراف مجتمعية مختلفة حول طبيعة إدارة هذا الملف في المنظومة الفلسطينية.

وخلصت كذلك، إلى أن الجهود التي تبذلها السلطة في سبيل تحقيق التنمية والارتقاء بحياة الفلسطينيين من خلال الاتفاقيات التي تم توقيعها بشأن الغاز والانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط لم تساهم على أرض الواقع في تحقيق التنمية المستدامة.

وأشارت الورقة البحثية، إلى أن السلطة التنفيذية استخدمت الحق الممنوح لها بموجب القانون الأساسي في إدارة ملف حقل الغاز "غزة مارين" بمعزل عن سياق وهدف ومفهوم هذه الصلاحية التي أتيحت لها، في ظل غياب إطار قانوني خاص بتنظيم إدارة الموارد والثروات الطبيعية ومنح عقود الامتياز الخاصة بها، والتي ترافقت مع عدم توفر سياسة وطنية متعمدة وواضحة في إدارة ملف الثروات الطبيعية وفقا لمعايير النزاهة والشفافية.

وأشار عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد إلى حالة الفوضى التي تكتنف إدارة ملف الغاز، والتي تتيح فرصاً لحدوث تضارب مصالح بين الأطراف التي تدير ملف الغاز والمطورين له. ونوّه إلى أن شركة الغاز التي أصدرت الحكومة قراراً بإنشائها لم تنشأ بعد، وهي غير مسجلة في وزارة الاقتصاد، مشيرا في الوقت ذاته أنه لم يصدر حتى اللحظة قانون عام لمنح الامتياز.

من جانبها أكدت الخارجية الفلسطينية أن انضمام فلسطين لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار مهم كونه يمنحنا إمكانية ترسيم حدودنا البحرية وفق مرجعية القانون الدولي لحماية حقوقنا المائية والموارد الطبيعية وفق خرائط بحرية يتم إيداعها في الأمم المتحدة، ما يعطيها صفة قانونية، كون قانون البحار أصبح عرفا بمفهوم القانون الدولي، أي ملزما، حتى ولو لم تكن اسرائيل طرفا في الاتفاقية، خاصة أن اسرائيل تمعن في سرقة ونهب مواردنا الفلسطينية الطبيعية، إضافة إلى عمل وزارة الخارجية على التحذير العلني لكل الشركات الأوروبية التي تتقدم بعطاءات، كونها ترتكب بذلك جريمة بمفهوم القانون الدولي. وأكمل حجازي أنه جاري العمل في الخارجية الفلسطينية على تبويب رقمي للموارد الطبيعية إلكترونيا لنتمكن من تحديد حجم النهب الإسرائيلي والسرقة للموارد بالأرقام من أجل استخدامها في المطالبات الفلسطينية مستقبلا.