السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

محمد رسول الله وليس قاطع طريق بقلم: فارس الصرفندي

2015-05-08 04:09:43 PM
محمد رسول الله وليس قاطع طريق
بقلم: فارس الصرفندي
صورة ارشيفية

 إن أكبر كارثة تصيب الفقه الإسلامي والتراث الإسلامي هي تحوُّل بعض علماء الدين إلى علماء في كل نواحي الحياة  وإصرارهم على الإجابة عن أي مسألة تطرح عليهم، سواء أكانت في الدين أو في مناحي الحياة الأخرى... وإجاباتهم دائماً ما تأتي خاطئة لأنهم يجيبون بغير علم أو هدى.

خلال متابعتي لأحد شيوخ السلفية تفاجأت بطرحه حلاً للأزمة الاقتصادية التي تصيب العالم الإسلامي، ولأنني دائماً وأبداً يعتصرني الألم على ما وصلت إليه الأمة، قررت الاستماع إلى عبقرية هذا الشيخ، الذي تتجاوز لحيته منتصف البطن، وقلت لعله بالفعل وجد حلاً لهذه الأزمة من الناحية النظرية، وقد تصبح يوماً واقعاً… الرجل قال حرفياً ((إن ابتعاد المسلمين عن الجهاد والغزو هو الذي أدى إلى هذه الأزمة، ولو أن المسلمين يغزون في العام ثلاث مرات لعاد كل منهم بجيوب مليئة ونساء وغلمان... فأما النساء فللمتعة والبيع وكذلك الغلمان... وساعتها ستنتهي الأزمة الاقتصادية)). حاولت الضحك لكني بكيت لأنني دققت فيما قال فوجدته يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقاطع الطريق الذي يخرج على الناس هو وعصابته ليسرقوا وينهبوا ويعودوا بما غنموه... ومن هنا وبجهل هذا الشيخ الذي له مريدون ومستمعون ومتابعون وفضائيات أقل ما يقال عنه إنها مشبوهة، تنقل ما يقول، ليصبح لدينا جيل من قاطعي الطريق والمرتزقة الذين نراهم اليوم في سوريا وليبيا والعراق، يقاتلون تحت ما يظنون أنها راية الإسلام والهدف هو الحصول على الغنائم التي وعدهم بها شيوخهم أمثال صاحبنا... فترى هؤلاء يقتلون دون حساب وينهبون دون رقيب ويعتمدون فيما يقومون به على الفتاوى، ويظنون أنهم فيما يقومون به يقيمون دولة الإسلام ويرفعون عمادها الاقتصادي... الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخرج يوماً في حرب هدفها الغنائم والعودة بربح وفير كما قال صاحبنا... أما فكرة الغزو فهي الكارثة وفق تفسيرهم... والرسول صلى الله وسلم لم يكن يهدف من الحروب سوى الحفاظ على دعوته التي كان يحيط بها الأعداء ويريدون التخلص منها... وفي غزوات الرسول الأولى، وأقصد بدر وأحد والخندق، لم يبادر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دخول المعركة ومحاولة اعتراض طريق أبي سفيان، كان الهدف منها استعادة حقوق الصحابة التي سلبت منهم في مكة، ولولا خروج قريش يومها إلى حرب، ما كان الرسول قد أقدم عليها... أما في أحد والخندق، فكان الرسول في موقف الدفاع عن الدعوة التي جاءت قريش بجيوشها كي تنهيها، حتى فكرة نشر الدعوة فيما بعد لم تأتِ بالسيف كما يحاول بعض شيوخ السلفية ترويجه، وإنما الدعوة كانت بالفكرة والمحاججة والأدلة كثيرة على ذلك... في كل الأحوال إن محاولة بعض الشيوخ الدخول على باقي العلوم وإصدار الفتاوى ومحاولة إيجاد حلول يؤدي إلى أمرين هامين: أولاً إلى ابتعاد أصحاب العقل والفكر والعلم عن الإسلام لأن صاحب العقل لن يقبل بتفسيرات تخالفه وأفكار تتناقض مع الحقائق العلمية، وثانياً إلى ظهور جيل جاهل لا يحرك العقل، بل يعتمد الفتاوى التي تصدر ممن هم أجلّ منه، وهؤلاء هم من نراهم اليوم يدمرون كل شيء بناء على فتاوى ونصوص تختلف تماماً مع القرآن الكريم.