الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حرب مستوطنين في الضفة

2023-07-12 08:46:30 AM
حرب مستوطنين في الضفة

 

وليد عساف: يجب على الحكومة وفصائل المنظمة العمل كأولوية على حماية القرى

يونس عرار: نحتاج إلى حراك شعبي شامل ضد التصعيد الاستيطاني وضد منظومة الاحتلال

 

 

خاص الحدث

هجمات مروعة شنها المستوطنون في الأسابيع الأخيرة على مناطق متفرقة في الضفة الغربية بحماية قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تمثلت ذروتها في قرية ترمسعيا قرب رام الله التي استشهد فيها الشاب الفلسطيني عمر قطين، والتي مثلت فصلا جديدا من همجية ووحشية المستوطنين.

إدانات رسمية وشعبية وفصائلية، لاعتداءات المستوطنين خاصة الاعتداءات على المساجد وحرق المصحف في بلدة عوريف في نابلس، حيث اعتبر هجوم واعتداءات المستوطنين جريمة بشعة، وتصعيد خطير للحرب الدينية التي تشنها المؤسسات الصهيونية بما يشكّل استفزازاً لمشاعر كل أبناء شعبنا وأمتنا، واستهتار غير مسبوق بمقدساتها، وشددت على أن تدنيس قطعان المستوطنين المساجد وحرق المصاحف في الضفة الغربية سلوك عنصري بغيض، يتطلب موقفاً واضحاً من مكوّنات الأمة الإسلامية الرسمية والشعبية والمؤسسات الدينية.

وحملت الفصائل الفلسطينية، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال واستهداف المساجد وحرق المصحف وتمزيقه، وقالت إن هذا التصعيد الإجرامي الخطير يعكس رغبة الاحتلال المجنونة في إشعال حرب دينية، تستهدف رأس عقيدتنا وديننا والذي لا يمكن السكوت عنه أو تجاوزه، وأن هتك الحرمات المقدسة امتداد للعدوان بحق شعبنا، وسيزيد من لهيب المقاومة.

عن تصاعد هجمات المستوطنين

يرى الرئيس السابق لهيئة الجدار والاستيطان وعضو المجلس المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية، وليد عساف، أن الهجمة الاستيطانية المتصاعدة بسبب حكومة اليمين المتطرف لدى الاحتلال الإسرائيلي، التي أصبح قادة وشبيبة "فتية التلال" وزراء فيها وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، وهذا جزء مهم من أسباب تصاعد الهجمات بصورة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، وهو ما اتفق عليه مدير عام العلاقات الدولية والعامة والإعلام في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان يونس عرار، الذي قال، إن "ما يجري خطة ممنهجة من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست الإسرائيليين، التي هي الراعية الرسمية لهجمات المستوطنين وتجهيزها وحمايتها، واستهداف المناطق الفلسطينية بحسب مخططات معدة مسبقا، وما يجري حقيقة إرهاب دولة منظم".

وقال عساف في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن الإرادة الدولية "غابت بالكامل عن القضية الفلسطينية والتطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي جعل إسرائيل تزداد وقاحة في تنفيذ سياساتها في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني وما تبعه من تخلخل الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه، وكذلك عدم وجود رادع أو أي عقوبات تفرض على الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، كلها عوامل ساهمت في توسع وتصاعد هجمات المستوطنين".

وشدد عساف، على أهمية التصدي للمستوطنين عند مهاجمتهم القرى والشوارع ومركبات الفلسطينيين، وقال: أعتقد أننا كفلسطينيين قادرين على التصدي بأجسادنا لهجمات المستوطنين، وأنا لا أعفي أحدا من المسؤولية في ذلك، وأعتقد أن الذي يجب أن ينظم عملية التصدي؛ قوى منظمة التحرير وفصائلها وعلى رأسها حركة فتح، وكذلك الفصائل الفلسطينية كافة، ولا يمكن إعفاء منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية والسلطة من مسؤولياتها بالخصوص، ولكن فصائل منظمة التحرير هي التي يجب أن تتصدى وتنظم عملية التصدي لاعتداءات المستوطنين، وأن لا تترك عملية التصدي عشوائية وعفوية.

وأضاف عساف: لدينا نماذج لا يجرؤ المستوطنون على المرور منها، مثل عزون وكفر قدوم وبيتا وقصرة سابقا وغيرها، وأصبح اليوم المستوطنون يهاجمون بعض القرى ويحرقون المنازل والسيارات بالعشرات، وهذا لأن بعض القرى أخذت على حين غرّة وبشكل مفاجئ، وأحيانا لأن عملية التصدي للمستوطنين غير منظمة، وأرى أن لجان الحراسة والحماية قادرة على التصدي إذا نظمت وإذا وجدت من ينظمها ومن يرعاها ولكن حتى الآن هذه اللجان عفوية وشعبية وغير منظمة وغير متواصلة مع بعضها البعض، ولا بد كذلك من الوحدة الداخلية في كل قرية وتنظيم عملية الحراسة والتصدي، ويجب تلقين المستوطنين درسا في أي بلدة أو قرية فلسطينين يتم الدخول والاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم فيها.

وأردف: بدون التصدي المنظم سيدفع الفلسطينيون ثمنا باهظا في الأيام القادمة، لأن الاحتلال لن يقوم بمنع المستوطنين من شنّ هجماتهم بل يقوم بحراستهم وحمايتهم وتوفير السلاح والتدريب، وجزء كبير من المستوطنين هم جنود في جيش الاحتلال، وشبيبة التلال تنظمها الشاباك ويرعاها جيش الاحتلال، وغياب المحاسبة القانونية أيضا لها دور كبير في تصاعد الهجمات، والحكومة الإسرائيلية وفرت حماية لهؤلاء المستوطنين، والحكومة الإسرائيلية كاذبة في تصريحاتها لانها بالكامل تدعم الاستيطان وتطرف المستوطنين، وبالأساس مشروع البؤر الاستيطانية الرعوية هو مشروع حكومي إسرائيلي تموله حكومة الاحتلال بوزاراتها المختلفة، وعبر هيئات لها علاقة بدعم الاستيطان تمول من الحكومة بشكل غير معلن، يتم تدريب المستوطنين من خلالها وتجهيزهم وتوفير الحماية لهم، وهناك شبكة اتصالات متكاملة بينهم مع جيش الاحتلال ويتم تقديم التمويل الكامل لهم لفتح مزارع تهدف للسيطرة على أراضي المواطنين الفلسطينيين، والحكومة جزء من نشاط المستوطنين سواء بشكل معلن أو غير معلن.

أين دور السلطة والحكومة الفلسطينة؟

سجلت مقاطع فيديو تداولها نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي لرجل فلسطيني يطالب رئيس الحكومة محمد اشتية بحماية المواطنين أو تسليحهم لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم تفاعلات واسعة، وخلقت تساؤلات كبيرة عن دور الحكومة في حماية الفلسطينيين من هجمات المستوطنين المتكررة والتي تتخللها خسائر مادية كبيرة في الممتلكات وإصابات وكذلك شهداء، وهو ما أصدرت على خلفيته بعض الفصائل الفلسطينية بيانات رسمية طالبت فيها السلطة الفلسطينية بالوقوف عند مسؤولياتها بالخصوص.

بعض الفصائل الفلسطينية، قالت إن هناك ضرورة في التزام الحكومة الفلسطينية بمبدأ اختيار أحد الحلّين؛ إما تسليح الفلسطينيين أو حماية أمنهم، "وهذا ما يؤكد على ضرورة وقف التنسيق الأمني والتمسك بخيار المقاومة، في ظل تصاعد الإجرام الإسرائيلي في الضفة".

ويرى الرئيس السابق لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان في لقائه مع "صحيفة الحدث"، أنه من غير الممكن وغير متاح ولا تستطيع الحكومة الفلسطينية أن ترسل عناصر من الأجهزة الأمنية لمناطق هجمات المستوطنين تتم محاصرتهم من قبل جيش الاحتلال أو اعتقالهم بعد دقائق، كونها مناطق ج، بسبب النطاق الذي يمكن أن تتدخل فيه الأجهزة الأمنية.

وقال: عناصر الأجهزة الأمنية وطنيون ولديهم الرغبة في الدفاع والتصدي لهجمات المستوطنين، ولكن حدود الاتفاقيات وحدود قوتهم العسكرية، ومسؤولية التصدي لهجمات المستوطنين ليست مسؤولية الأمن الفلسطيني وإنما مسؤولية الحكومة وفصائل منظمة التحرير التي يجب أن تعمل "كأولوية" على حماية القرى والبلدات الفلسطينية.

وردا على تساؤلات المواطنين بشأن تدخل الأجهزة الأمنية لحمايتهم من هجمات المستوطنين قال عساف: في الخان الأحمر جاء عناصر من الأجهزة الأمنية بدون سلاح وتعرضوا للاعتقال والاعتداء كما تعرضنا له وفرصة النضال في المناطق ج لا يمكن أن تكون مسلحة معلنة لأن التسليح المعلن لا يمكن الدفاع عنه، ولكن يمكن اللجوء إلى خيار الدفاع بالمقاومة الشعبية وتقوية ودعم الناس ولجان الحراسة والإنذارات المبكرة وفصائل منظمة التحرير بدورها المعلن وغير المعلن، أمر مهم جربناه في كثير من الأماكن، ووجود السلاح في ترمسعيا على سبيل المثال سيسحق ترمسعيا وسيسحق الأجهزة الأمنية، ورغم ذلك لا يجب إعفاء أحد من مسؤوليته، والمسؤولية تقع بشكل أساسي على عاتق فصائل وقوى منظمة التحرير وعلى رأسها حركة فتح.

وبحسب عساف، فإن هناك قضية أخرى أخطر من هجمات المستوطنين هي طرد الفلسطينيين من تجمعاتهم في الأغوار والسيطرة على أراضيهم، وهو ما يجب أن يدق ناقوس الخطر أكثر بكثير من حرق المنازل والمركبات، ففي عين سامية تم تفكيك عشرات المنازل والبركسات وترحيل السكان تحت التهديد، دون أي تدخل لوقف الترحيل أو تقديم الدعم اللازم معنويا وماليا وهناك تجارب كثيرة أوقفت مشاريع التهجير القسري، ولكن اليوم ينفذ مشروع التهجير القسري دون أن تتدخل أي قوة أو أي جهة لأخذ دورها في وقف التهجير القسري لنجد أنفسنا بعد أعواد دون أي فلسطيني في الأغوار ليتحقق مشروع الضم.

وعن الجهود الدولية؛ قال عساف: على المستوى الدبلوماسي الدولي؛ أعتقد أن السلطة الفلسطينية تقوم بجهود كبيرة على هذا المستوى، ولكن هذه الجهود لم تثمر حتى الآن في نتائج حقيقية في توفير الحماية للفلسطينيين في المناطق ج و ب، ولم تثمر بشكل حقيقي في توفير دعم للحماية من مجلس الأمن الدولي ولا من دول كبرى بهذا الخصوص، وتتصاعد الاعتداءات دون أن نتمكن من إصدار قرار من المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن يدين أو يرفض أو يعتبر هجمات المستوطنين جريمة حرب، لأن ما يقوم به المستوطنون بشكل فعلي جريمة حرب.

وأوضح عساف، أن تجربة الخان الأحمر تمكنت من استصدار البيان الوحيد عن المحكمة الجنائية بإدانة إسرائيل ومنعها من تهجير سكان الخان الأحمر واعتبار ذلك جريمة حرب. مضيفا: حتى تم صدور هذا القرار كانت هناك  أشهر من الصمود والتصدي والحراك الدولي والجهود الإعلامية، ولم نسجل أي نجاح آخر بهذا الخصوص.

وأشار إلى الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الأمم المتحدة وبعض الدول الأخرى، ويجب أن نقوم بحملة واسعة النطاق والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لاستصدار قرار بهذا الخصوص، والتي يمكن أن تكون سندا لنا إن استطعنا أن نؤثر في في موقفها، وغير ذلك التحركات الفلسطينية لم تستطع حتى الآن من تحقيق نتائج حقيقية في توفير الحماية للفلسطينيين في مناطق ج.

وشدد عساف على أن المستوطنين ليسوا وحدهم وإنما يخططون وينفذون هجماتهم بمشاركة وحماية جيش الاحتلال، ولذلك لا بد من اتخاذ موقف رسمي فلسطيني يستطيع أن يعمل توازن على المستوى الشعبي بتوفير سند وحماية ورفع معنويات للفلسطينيين ليقوموا بالدفاع عن أنفسهم.

أما عرار فأكد في لقاء خاص لـ "صحيفة الحدث": "أبناء الأجهزة الأمنية هم أبناء الشعب الفلسطيني وبالتالي هم من الحالة الوطنية المناهضة للاحتلال ويساندون الأهالي في التصدي للهجمات في بعض القرى، ولكن لا علم لنا بوجود خطة رسمية بخصوص مساندة الأجهزة الأمنية للأهالي".

مدير عام العلاقات الدولية والعامة والإعلام في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، رأى أن التصدي لهجمات المستوطنين على المستوى المحلي يكون من خلال تشكيل لجان الحراسة في كل المناطق وخاصة المناطق المهددة والمتاخمة للمستوطنات، بالإضافة إلى وجود حراك شعبي شامل على كافة الأراضي الفلسطينية ليس فقط ضد التصعيد الاستيطاني الذي لم يتوقف بل ضد منظومة الاحتلال بشكل كامل التي تدعم استمرار الاستيطان.

وعلى المستوى الدولي، قال عرار، إن الدبلوماسية الفلسطينية تقوم بجهودها ولكن "هناك كيل بمكيالين في دول العالم خاصة بشأن القضية الفلسطينية ودول الغرب هي من صنعت دولة الاحتلال، ويكتفي بالتعبير عن الغضب والقلق دون أن يمارس أي خطوة من شأنها الضغط الفعلي على حكومة الاحتلال لوقف هذه الجرائم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، ولم يقم بأي خطوة جدية باتجاه إنهاء هذا الاحتلال وبالتالي فإن الغرب هو راعي لهذا الاحتلال.

وأضاف: الدبلوماسية الفلسطينية تعمل وتتواصل مع كل المؤسسات الدولية ولكن تبقى المسألة في ازدواجية المعايير بشأن القضية الفلسطينية. وعلى المستوى العربي والإسلامي فإن "الصمت العربي والإسلامي مريب وغريب، وهو صمت يشجع الاحتلال على المضي قدما".