الثلاثاء  14 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"دلالات حكومة نتنياهو الرَّابعة الَّتي تشكَّلت في التِّسعين دقيقة الأخيرة". بقلم: رائد دحبور.

2015-05-19 01:31:00 PM
صورة ارشيفية

 روىً في الفكر والسياسة

هذه إذنْ ستكون حكومة بنيامين نتنياهو الرَّابعة منذ تشكيل حكومته الأولى عام 1997، حيث تمكَّن نتنياهو – وبشِقِّ الأنفُس هذه المرَّة - من توليف حكومته الرَّابعة الضَّيِّقة التي ستستند إلى إحدى وستين عضو كنيست، وذلك من خلال التَّحالف مع أربعة أحزاب تتوزَّع على خارطة أقصى اليمين الإسرائيلي وعلى خارطة أحزاب المتدينين، وهذه الأحزاب هي حزبي البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينت وحزب كولانو بزعامة موشيه كحلون المنشق عن الليكود في الإنتخابات الأخيرة من أحزاب اليمين، وحزبي شاس ويهوديت ها توراه من أحزاب المتدينين – وستستند هذه الحكومة إلى أغلبيَّة برلمانيَّة ضئيلة ومن المرجح أن تكون عرضةً للإهتزاز وعدم الإستقرار البرلماني.

في التِّسعين دقيقة الأخيرة من المهلة التي كانت ممنوحة له من قبل رئيس الدَّولة – رؤوبين ريفلين – وذلك وفق الأعراف والقوانين المعمول بها في إسرائيل ، تمكَّن نتنياهو ومن خلال اتِّصالٍ هاتفي أجراهُ مع زعيم حزب البيت اليهودي  - نفتالي بينت - من إبرامِ صفقةٍ مع الأخير سمحت لهذه التوليفة الحكوميَّة بأن ترى النُّور وذلك من خلال التصويت عليها في الكنيست قبل أيَّام، وبمقتضى هذا الإتِّفاق ستتولَّى – أييليت شاكيد – من حزب البيت اليهودي حقيبة العدل مع كامل صلاحيات هذا المنصب باستثناءِ رئاسة اللَّجنة المعنيَّة بتعيين قضاة المحاكم الشَّرعيَّة اليهوديَّة، وذك نزولاً عند مطالب الأحزاب الدِّينيَّة بذلك، أمَّا نفتالي بينت فسيتولَّى حقيبة التربية والتعليم إلى جانب احتفاظه بحقيبة يهود الشَّتات، كما سيُمنَح حزب البيت اليهودي حقيبة الزِّراعة الَّتي ستكون من نصيب أوري أرئيل وكذلك سيُمنح الحزب منصب نائب وزير الدِّفاع المسؤول عن الإدارة المدنية في الضِّفة الغربيَّة !!. و سيُمنَح حزب البيت اليهودي كذلك رئاسة لجنة الدُّستور والقانون والقضايا البرلمانيَّة.

وقد تمَّ صباح الخميس 07/05/2015 التوقيع على صيغة الإئتلاف الحكومي بين حزبي الليكود وحزب البيت اليهودي، ووفق هذا الإتِّفاق على تقاسم الحقائب الوزاريَّة سيحظى حزب البيت اليهودي بأربعة حقائب وزارية، فيما ستذهب أربع حقائب أخرى إلى أحزاب شاس ويهوديت هاتوراه وإلى حزب – كولانو - بزعامة موشيه كحلون، وسيحتفظ الليكود بعشرة حقائب وزارية من أصل ثمانية عشر، وفي هذا السِّياق أعرب بنيامين نتنياهو عن عزمه على تغيير القانون في الكنيست بما يسمح برفع عدد الحقائب الوزارية إلى إثنين وعشرين مقعداً بحيث يتم إرضاء بعض نواب الليكود المعترضين على منح قرابة نصف الحقائب الوزارية لأحزاب اليمين الصغيرة وعلى منح هذه المزايا التفضيلية لحزب البيت اليهودي تحديدا، وهذا ما تمَّ فعلاً برغم الإعتراضات الكثيرة والشَّديدة اللهجة على ذلك من قِبَلِ أحزاب المعارضة ومن قبل كثيرٍ من الأوساط السِّياسية والقانونيَّة بما فيهم رئيس الدَّولة نفسهً.

اللَّافت في اتفاق اللحظات الأخيرة الَّذي أبرمه نتنياهو مع نفتالي بينت - وبحسب معظم المراقبين وبحسب مصادر من الليكود ذاته - أنَّ نتنياهو وإصراراً منه على أنْ لا يفشل الليكود في قيادة الحكومة المقبلة وأن لا يفقد نتنياهو فرصته الجديدة في تولِّي منصب رئيس الوزراء؛ فقد آثر النُّزول عند مطالب نفتالي بينت وأوري أرئيل - الَّذين اشترطا لإنجاح توفير الأغلبية في التصويت على توليفة نتنياهو الحكومية أمام الكنيست - الإستئثار بحقائب ومناصب وزارية مهمَّة، ولها تأثيرها الجوهري على مستوى السياسات الدَّاخلية والخارجية الإسرائلية على حدٍّ سواء، وذلك هو مغزى تولِّي حقيبتي العدل وحقيبة التربية والتعليم ورئاسة لجنة الدُّستور والقانون والقضايا البرلمانيَّة على الصعيد الدَّاخلي، وحقيبة يهود الشَّتات ومنصب نائب وزير الدِّفاع لشؤون الإدارة المدنية في الضِّفة الغربية على صعيد السياسات الخارجية والدَّاخلية المُدمجة والمتداخلة في هذا الجانب من جوانب السياسة الإسرائلية بما يخص العلاقة ومستقبل العلاقة السياسية مع الفلسطينيين وصلة موضوع شؤون الجاليات اليهودية في الخارج مع مسألة تمويل وتشجيع وتكثيف الإستيطان من جانب وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين بما فيها الضفة الغربية والقدس من جانبٍ آخر، وهي إحدى أهم الأولويَّات في برنامج التيارات اليمينية التي يتشكل منها حزب البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينِتْ وأوري أريئيل.

على صعيد الدَّاخل الإسرائيلي علَّق زعيم حزب العمل – يتسحاق هيرتصوغ – وأثناء مؤتمرٍ صحفي عقده يوم الخميس وفي أعقاب توقيع الليكود وحزب البيت اليهودي على تشكيل هذه الحكومة بالقول: إنَّها ستكون حكومة فشل قومي على كل الصُّعد الداخلية والخارجية وفي كل مجال وسيؤثِّر ذلك على وضع ومكانة إسرائيل على الصعيد الخارجي وعلى منظومة وبُنْيَة القوانين الداخلية وعلى مستقبل الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي من خلال وسائل الإعلام.

فيما علَّقت – تسيفي ليفني – وزيرة العدل السابقة وزعيمة حزب كاديما على تولِّي – أييليت شاكيد – وزارة العدل بالقول: إنَّ هذا يثير المخاوف من محاولة إجراء تغييرات جوهرية على القوانين داخل إسرائيل.

وبالإجمال يمكننا القول وأيَّاً كانت فرص هذه الحكومة في البقاء وضمن وضعية الإستقرار البرلماني داخل الكنيست، فإنّ تشكيلها وبهذه الطَّريقة وبهذه التوليفة له دلالتان، الأولى هي ارتفاع منسوب ومستوى الفرقة والإنتهازيَّة لدى السِّياسيين والأحزاب الإسرائيلية، والثانية هي ارتفاع منسوب تأثير وقوَّة الأحزاب اليمينيَّة الإسرائيليَّة الصَّغيرة ووفق القانون الإنتخابي والبرلماني القائم منذ زمنٍ طويل في إسرائيل في رسم واقع ومستقبل ليس إسرائيل فحسب بل ومستقبل الحرب والسلام في مجمل المنطقة.