الثلاثاء  01 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل تتعلم إسرائيل من دروس الماضي في لبنان؟

2024-12-02 09:13:16 AM
هل تتعلم إسرائيل من دروس الماضي في لبنان؟
حيفا المحتلة في أعقاب غارة شنها حزب الله سابقاً

ترجمة الحدث 

اعتبر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أنه نظراً لطبيعة العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، والتي هي بالأساس ليست عملية للقضاء على حزب الله - لا تستطيع تحقيق ذلك - وفي ضوء أن امتدادها إلى الخط الثالث من القرى في جنوب لبنان لن يغير الوضع جذرياً، فإنه كانت هناك حاجة أكيدة لإنهاء الحرب باتفاق سياسي. ومع ذلك، فإن الأسئلة الرئيسية هي تحت أي ظروف، من وجهة النظر العسكرية، وهل سيكون من الممكن تحقيق الهدف المعلن للحرب وإقناع مستوطني الشمال بأنهم يستطيعون العودة بأمان إلى منازلهم، وما هو المطلوب لتحقيق ذلك؟ لكي يتم ضمان الأمن الكافي لهم مع مرور الوقت. ومن أجل تحقيق هذه الظروف سواء في الاتفاق نفسه أو في سياسة اليوم التالي، من الضروري أن تتعلم "إسرائيل" من إخفاقات الماضي والأخطاء التي ارتكبتها  في فشلها في تطبيق الاتفاقات السابقة.

وفق المعهد، حتى لا تعود الأوضاع إلى ما كان سائداً على الحدود الشمالية في 6 أكتوبر 2023، لا بد من اتباع الخطوات التالية: أولا: التأكيد على جملة من "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية في القرار الدولي 1701، والتي تشمل تنفيذا أكثر فعالية على الجانب اللبناني من الحدود، ومراقبة استخباراتية إسرائيلية وثيقة، وقبل كل شيء، سياسة حازمة من شأنها إحباط أي محاولة من جانب حزب الله "للتمركز" مرة أخرى على الحدود، وتأهيل البنية التحتية التي دمرتها عملية الجيش الإسرائيلي على الحدود. ثانيا: تطبيق مفهوم دفاعي جديد على الحدود، وفق العقيدة العسكرية، مع استخلاص العبر من الفشل الدفاعي على الجبهة الجنوبية في 7 أكتوبر. ثالثا: استعادة شعور المستوطنين بالأمان من خلال زيادة التواجد العسكري خاصة في السنة الأولى بعد عودتهم.

وبيّن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب أنه في الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال على عدة جبهات منيت إسرائيل بعدد من الإخفاقات الاستراتيجية غير المسبوقة. تمت السيطرة لعدة ساعات على مساحة كبيرة من المستوطنات من قبل حركة حماس؛ فالحرب تجري على نحو يتعارض مع مفهوم الأمن القومي وبناء القوة الذي سبقها، وقد أصبحت الأطول في تاريخ إسرائيل؛ ومساحة كبيرة من الأراضي في الشمال تُخلى من مستوطنيها، ولم يعودوا بعد إلى مستوطناتهم.

وأوضح المعهد أنه منذ بداية الحرب، كانت هناك العديد من الإنجازات التكتيكية: التعافي من الفشل الذي مني به جيش الاحتلال في غلاف غزة والسيطرة على مناطق واسعة من قطاع غزة، ومعركة دفاعية ناجحة في الشمال ضد حزب الله، ومنع تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، والتعامل الفعال مع هجمات إيران وحلفائها من دوائر بعيدة، واغتيال قيادة حزب الله، وإلحاق الضرر بقدرات الحزب الاستراتيجية، وإحباط خطة سيطرة قوة الرضوان على الجليل. لكن إسرائيل تجد صعوبة في ترجمة هذه الإنجازات إلى تحقيق أهداف الحرب كما حددها المستوى السياسي في 16 أكتوبر 2023، وهي إسقاط حكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية والحكومية؛ وإزالة أي تهديد من القطاع لإسرائيل؛ وتهيئة الظروف لعودة المختطفين وتعزيز الردع الإسرائيلي في المنطقة وإحساس الإسرائيليين بالأمن.

وتابع المعهد: في شهر سبتمبر، بعد عام من حرب الاستنزاف ضد حزب الله، أضيف هدف سادس إلى الأهداف التي حددتها الحكومة في بداية الحرب: العودة الآمنة لمستوطني الشمال إلى بيوتهم. ولتحقيق هذه الغاية، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية "سهام الشمال": بالإضافة إلى ضربات سلاح الجو لاغتيال كبار مسؤولي حزب الله وتدمير قوته النارية، شنت القوات البرية غارات برية محدودة في القرى القريبة من الحدود من أجل تدمير البنى التحتية التي وضعها حزب الله هناك استعداداً للهجوم البري الذي كانت تخطط له قوة الرضوان، من جهة أخرى، تجري المفاوضات بين إسرائيل ولبنان منذ بداية الحرب بوساطة أميركية بهدف إنهاء الحرب في الشمال. وكان على حزب الله أيضاً أن يكسر العلاقة التي أنشأها حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، بين وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان.

وبحسب المعهد: قبل العملية البرية، كان لدى الجيش الإسرائيلي عدد من الخيارات لتحقيق هدف الحرب السادسة: القرار المتمثل في تجنب هزيمة حزب الله كمنظمة عسكرية، أو بدلاً من ذلك احتلال الأراضي حتى نهر الليطاني والاحتفاظ بها كشريط أمني. كان البديل الذي تم اختياره هو الأكثر محدودية؛ الغارات التي اقتصرت على تدمير البنية التحتية، والتي من شأنها إزالة التهديد بشن هجوم بري من قبل حزب الله على المستوطنات الشمالية، ومن الضروري أن يعرف الجمهور الإسرائيلي، وخاصة مستوطني الشمال، أنه بما أنه تم اختيار خطة محدودة، فإن هناك قدرة محدودة على ترجمة الإنجازات التكتيكية إلى وضع أمني مستقر دائم.

ويشير المعهد إلى أن القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي تقول صراحة، حتى لو لم يكن علنا، إن هذه العملية البرية استنفدت أهدافها وتم تحقيق هدف تدمير البنية التحتية لقوة الرضوان في الخط الأمامي للحدود، ولكن في ظل عدم وجود اتفاق، سيضطر الجيش لتمديد العملية إلى خط القرى الثالث في التلال المؤدية إلى الليطاني ولن يكون لهذه العملية أي تأثير حقيقي على التسوية المقترحة، بل إن حزب الله يظهر تعافيا من الضربات، حيث يرد على الغارات الجوية والعمليات البرية بإطلاق الصواريخ والنار ويضرب في العمق ويظهر تعافيا في إطلاقه للصواريخ سواء من حيث الكمّ أو المدى، ويشير إلى أنه قادر على الاستمرار في ذلك على الرغم من الأضرار التي لحقت به. وفي الخلفية، هناك تنبؤ أن الإدارة القادمة في الولايات المتحدة ستفرض إنهاء الحرب في الشمال مع تنصيب الرئيس دونالد ترامب في يناير، ومن الواضح أن إسرائيل غير مهتمة بالاحتكاك مع الرئيس القديم الجديد في بداية ولايته. وثمة قيد آخر يدفع للاتفاق هو تراجع كفاءة الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بالأفراد والأسلحة بعد أكثر من عام من القتال.

هذه العقبات أو القيود، من وجهة نظر المعهد، تدفع باتجاه ضرورة التوصل إلى نهاية للحرب في الشمال من خلال اتفاق سياسي، وهي مصلحة مشتركة بين جميع الأطراف وحتى إيران. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيتم تحقيق الهدف المعلن للحرب، وهو إعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم. وفي الجانب العسكري: ما هي الشروط المسبقة، في الاتفاق نفسه وفي طرق تنفيذه مع مرور الوقت، التي ستسمح لمستوطني الشمال ليس فقط بالعودة لمستوطناتهم، بل أيضاً بالعيش فيها بأمان؟. 

ومن أجل تحقيق هدف شعور المستوطنين في الشمال بالأمن، يرى المعهد أنه لا بدّ من استخلاص دروس الماضي وتجنب الإخفاقات التي أدت إلى الوضع الصعب الذي ساد على الحدود الشمالية في 6 أكتوبر 2023 - والذي كان من الممكن أن يجلب كارثة مزدوجة لإسرائيل لو نفذ حزب الله خطة "احتلال الجليل" بالتزامن مع هجوم حماس في الجنوب. وعلى وجه التحديد، في السياق العسكري، يلزم ما يلي: التعلم من الإخفاقات الماضية في التعامل مع حزب الله بعد الانسحاب من لبنان وحرب لبنان الثانية، وتصميم "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية لتجديد اتفاقية 1701، والتعلم من فشل 7 أكتوبر من أجل تحصين الحدود الشمالية وتنفيذ مفهوم جديد للدفاع عن الحدود، وإعادة الشعور بالأمان للمستوطنين.

وفق المعهد، أتيحت لإسرائيل فرصتان لهندسة الوضع على الحدود الشمالية مع لبنان: بعد الانسحاب من المنطقة الأمنية في عام 2000، وبعد حرب لبنان الثانية في عام 2006. لقد فشلت في كليهما. في مايو 2000، انسحبت إسرائيل من المنطقة الأمنية في لبنان بعد 18 عاما. وهذه الخطوة تتوافق مع قرار الأمم المتحدة رقم 425 لمجلس الأمن، لكن من دون اتفاق مع دولة لبنان، وقد حذر إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، حزب الله من أن أي هجوم على إسرائيل، "أي انتهاك من هذا القبيل قد يكون بمثابة إعلان حرب، وسيتم التعامل معه على هذا الأساس. ولا أنصح أحداً بتجربتنا منذ تواجدنا داخل إسرائيل". وقد تم انتهاك هذه التحذيرات، خاصة بعد أسر ثلاثة جنود في مزارع شبعا في أكتوبر/تشرين الأول 2000. ففي الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2000 إلى يوليو/تموز 2006، قُتل 15 جندياً وخمسة مستوطنين في حوادث حدودية مختلفة، ومع ذلك فقد اختارت إسرائيل سياسة الذعر من الانتقام.

وتابع المعهد: في يوليو/تموز 2006، هاجم حزب الله دورية راجلة للجيش الإسرائيلي بالقرب من مستوطنة زرعيت. وانتهت المعركة بمقتل ثمانية جنود إسرائيليين وأسر جنديين. وتطور الرد الإسرائيلي إلى حملة عرفت فيما بعد باسم "حرب لبنان الثانية". خلال ذلك، تم الكشف عن أنه بصرف النظر عن سنوات من الهجمات على إسرائيل، استغل حزب الله الذعر الإسرائيلي لبناء القوة. وعلى طول الحدود الشمالية وفي عمق المنطقة حتى نهر الليطاني، تم بناء نظام دفاعي، في مناطق عمرانية ومعقدة، مشبعة بأسلحة قوية وصواريخ مضادة للدبابات ومتفجرات.

واعتبرت حرب لبنان الثانية فشلاً عملياتياً في إسرائيل، وفق المعهد الأمني الإسرائيلي، وعندما بدأت عملية برية حقيقية واجهت القوات البرية للجيش الإسرائيلي صعوبة في تنفيذها وأنهى الجيش الإسرائيلي الحرب بإحساس بالفشل. وظل إطلاق آلاف الصواريخ على العمق الإسرائيلي دون رد، مما أدى إلى مقتل 44 شخصًا وإصابة آلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وفي الوقت نفسه، كانت الحرب أيضاً مدمرة جداً لحزب الله.

وانتهت الحرب في 2006 باعتماد القرار 1701 في الأمم المتحدة. وبحسب القرار، انتشرت قوات اليونيفيل إلى جانب الجيش اللبناني في جنوب لبنان لضمان عدم القيام بأي نشاط عسكري من أي نوع، ومنع إدخال أسلحة لحزب الله، وإنفاذ حظر الأسلحة على الحزب. كما دعا القرار إلى إطلاق سراح الأسرى وتنفيذ القرار 1559 الخاص بحل التنظيمات المسلحة في لبنان. بحسب المعهد، القرار 1701 لم ينفذ قط، ورغم نزول الجيش اللبناني إلى الجنوب وتعزيز قوة اليونيفيل، إلا أن حزب الله انتهك بنود القرار بشكل منهجي، وأعاد بنيته التحتية، وبنى منظومة دفاعية وهجومية جديدة وأكثر قوة في ضوء الدروس المستفادة من التحقيق في الحرب.

ولتوضيح ذلك، يقول معدّ المقالة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: سأستعين بخبرتي كضابط في فرقة الجليل في الأسابيع الأولى بعد حرب لبنان الثانية، وفي غرفة مناقشة الفرقة في بيرنيت، عُرض على قائد قوات اليونيفيل الانتهاكات الأولى لحزب الله للقرار 1701. في كل لقاء كان يومئ برأسه بوجه صارم، لكن في الميدان كان رجاله يخافون من حزب الله ولم يفعلوا شيئاً. وكان هذا هو الحال أيضاً بالنسبة للقيادة العليا في الجيش والمستوى السياسي في إسرائيل. وفي كل زيارة، تم عرض النتائج الاستخباراتية التي تؤكد على أن حزب الله يعيد بناء قوته. أومأ القادة في الرتب السياسية والعسكرية العليا برؤوسهم في استنكار شديد ولم يفعلوا شيئًا. ولو أصرت إسرائيل على استخدام القوة لمنع حزب الله من البدء في إعادة بناء قوته في عام 2007، لكان من الممكن تجنب التهديد غير المسبوق الذي تواجهه إسرائيل من لبنان.

وأضاف المعهد أنه في عام 2011، قدم نصر الله لأول مرة استراتيجية التنظيم لاحتلال الجليل "أقول لمقاتلي المقاومة الإسلامية: استعدوا لليوم الذي، إذا فُرضت الحرب على لبنان، ستطلب منكم قيادة المقاومة اتخاذ قرار السيطرة على الجليل". ومنذ ذلك الحين، بدأ حزب الله بتعزيز قوة الرضوان لسنوات عديدة لاحتلال الجليل بنفس المخطط الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وتابع المعهد: إسرائيل، التي على الرغم من الانتهاكات الصارخة للقرار 1701 لم تمنع حزب الله من إعادة بناء قوته في جنوب لبنان، وبدأت في تلك السنوات بهجمات كجزء من الحملة بين الحروب على الأراضي السورية، والتي كانت تهدف إلى منع نقل أسلحة متقدمة لحزب الله. كل هذه الهجمات الإسرائيلية في سوريا كانت لتجنب "الخطوط الحمراء" التي وضعها نصر الله والتي تتمثل بمهاجمة لبنان وقتل عناصر حزب الله في أماكن أخرى أيضاً، وعندما تم انتهاك ذلك من قبل إسرائيل، لم يتردد حزب الله في الهجوم، ومن الأمثلة البارزة على ذلك أحداث "شمس الشتاء" في كانون الثاني/يناير 2015، بعد اغتيال جهاد مغنية في هضبة الجولان، وهجوم حزب الله على "دورية للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا ومقتل جنديين إسرائيليين. وكان الرد الإسرائيلي ضعيفاً ودليلاً على على الرغبة في "إغلاق الحدث".

وأشار المعهد إلى أن إسرائيل كانت تركز على سلاح الجو وتفتخر بإنجازاتها الاستخباراتية ومنظومات النيران الجوية، لكنها كانت تلتزم بصرامة بـ "الخطوط الحمراء" التي وضعها نصر الله مما أدى إلى تآكل الردع الإسرائيلي بشكل كامل والتجاوز الفعلي لبنود القرار 1701. الأمثلة كثيرة: على الرغم من اكتشاف شبكة أنفاق تخترق الحدود في عام 2018، لم تتحرك إسرائيل ضد التهديد بغارة على حزب الله واكتفت بتدمير البنية التحتية للأنفاق فقط، مع الحرص على عدم العبور إلى الأراضي اللبنانية؛ وأيضا إطلاق النار على القناصة الإسرائيليين في مزارع شبعا لكن لم يقصد قتلهم، وأطلق حزب الله طائرات مسيرة على منصة كاريش وقد وقعت إسرائيل اتفاقية الغاز مع لبنان بعدها؛ عملية نفذها أحد المقاتلين أرسله حزب الله إلى الشمال وقام بتفجير عبوة ناسفة عند مفترق مجدو لم يتم الرد عليه، وفي يونيو 2023 انتهك حزب الله الخطوط الحمراء بإقامة مجمع عسكري (خيمة) على الجانب الفلسطيني من الحدود عند مزارع شبعا ووقعت إسرائيل في ورطة مرة أخرى.

ويبين تحليل الفترتين (2000-2006، 2006-2023) أنه من وجهة نظر حزب الله وإيران لا قيمة لقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات التي رعتها الأمم المتحدة، بحسب المعهد، وفي الفترتين لم تستخدم إسرائيل القوة العسكرية لمنع تسليح حزب الله وقد شكل تهديدا غير مسبوق للجبهة الداخلية الإسرائيلية ومستوطني الشمال وتآكل الردع الإسرائيلي. ولذلك، يرى المعهد الأمني الإسرائيلي أن الاستنتاجات بشأن طبيعة الاتفاق الجديد واضحة: أولاً، لا بد من ضمان رقابة دولية أكثر صرامة على تنفيذ الاتفاق ومنع نشاطات حزب الله. ثانياً، يتعين على إسرائيل أن تستثمر الكثير من الموارد في جمع معلومات استخباراتية مفصلة عن محاولات حزب الله القيام بنشاطات. وثالثاً، بغض النظر عن محتوى الاتفاق، يجب على إسرائيل أن تحافظ على حرية العمل العسكري من أجل إحباط تعزيز حزب الله وتجديد قوته، والرد الإسرائيلي يجب أن يكون فوريا، على كل نشاط كبير أو صغير.

وفق المعهد، في 7 أكتوبر، تمكن 1500 من قوات "النخبة القسامية" من هزيمة فرقة غزة في جيش الاحتلال في مدة لم تتجاوز الساعة. وكانت الموجة الثانية التي ضمت 1500 عنصر إضافي من القضاء على فرقة غزة. إن السهولة غير المتوقعة التي تغلب بها جيش صغير لا تقارن إمكانياته بإمكانيات الجيش الإسرائيلي ترجع أولاً إلى أن إسرائيل سمحت لفرقتي كوماندوز (الرضوان في الشمال، والنخبة في الجنوب) بالتواجد على الحدود من خلال آلاف المقاتلين والمعدات العسكرية المتطورة والاستعداد من الانتقال من الروتين إلى الطوارئ في ثلاث ساعات فقط. وبالتالي، منذ اللحظة التي اكتمل فيها بناء قوة الرضوان جنوب الليطاني وامتنعت إسرائيل عن تنفيذ هجوم وقائي لإزالة التهديد، أصبحت القوة مثل سكين على رقبتها، كانت الكارثة حتمية، لأن المخابرات الإسرائيلية لم تكن لديها القدرة على المدى الطويل على منع شن غارة مفاجئة على المستوطنات القريبة من الحدود.

وأوضح المعهد أنه في لبنان وقطاع غزة، عملت قوات الجيش الإسرائيلي دون منطقة أمنية، ودون إنشاء مواقع عسكرية محصنة، ودون قوة نيران مستقلة كبيرة للتقسيم المكاني (المروحيات والمدفعية)، ودون الاحتفاظ باحتياطي متنقل كبير في مقر الكتيبة. وفي غياب البنية التحتية الجديرة بالدفاع ونظام مناسب للقوة، لم يكن لدى جنود الجيش الإسرائيلي في النقب الغربي أي فرصة للتصدي لخطة حماس وقدراتها. وكان الهجوم على الجليل من قبل قوة الرضوان سيؤدي إلى فشل مماثل في القيادة الشمالية مع عواقب أكثر خطورة.

وفق المعهد، فإن القرار بوضع مقر قيادة وسيطرة القوات في الجبهة وفي معسكر واحد كان قراراً غير مسؤول. استغلت حماس حقيقة أن "كل البيض تم وضعه في سلة واحدة"، وأخرجت فرقة غزة عن الخدمة، وسرعان ما دمرت قدرات القيادة والسيطرة، التي كانت تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأنظمة التجميع المتقدمة، من خلال تدمير 37 موقعًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة المحيطة والتي لم تكن محمية بشكل صحيح، والسيطرة على مقرات الفرقة. ومن دون قدرات قيادة وسيطرة، قاتل الجنود في المنطقة دون تنسيق، ودون سلاح جوي، ودون احتياطي لتوجيهه إلى الأماكن الصحيحة.

ومع ذلك، لفت المعهد إلى أن وجود ثقافة عملياتية مختلفة كان من الممكن أن يؤدي أيضاً إلى الحد من النتائج والخسائر الكبيرة. كان عدد قوات الجيش الإسرائيلي قليلا وكان الافتقار إلى الانضباط وضعف الثقافة العملياتية يعني أن بعض الوحدات لم تكن في حالة "تأهب" وقت الهجوم، وفقط نصف جنود فرقة غزة كانوا موجودين بعد قرار تسريح الجنود لقضاء إجازة في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد وفقًا لسياسة 11:3 (11 يومًا في الخدمة، 3 أيام في المنزل).

وتتمتع حماس بميزة أخرى، بحسب المعهد، وهي حصولها على معلومات استخباراتية نوعية ودقيقة حول قوات الجيش الإسرائيلي في الغلاف، وقد استفادت الحركة من عدم التغيير في الروتين على مر السنين في طريقة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة، والممارسات غير المتغيرة وثقافة أمن المعلومات الضعيفة؛ فلم تكن هناك حاجة لجواسيس، لأن الجنود زودوها بمعلومات جيدة وقوية على شبكات التواصل الاجتماعي، وكانت تنشر مقاطع الفيديو والصور من معسكرات الجيش الإسرائيلي والمستوطنات المحيطة بها، والتي قام الجنود والمستوطنون بتحميلها على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد استخدمتها الحركة في الهجوم بشكل فعال.

وعلى الرغم من مرور أكثر من عام، فإن تحليل فشل الجيش الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/أكتوبر لا يزال غير مثبت في تحقيق عسكري شامل من أجل تحصين الحدود الشمالية في نهاية الحرب في الشمال وتجديدها ونظراً لثقة المستوطنين في قدرته على حمايتهم، فإن الجيش الإسرائيلي مطالب بالتحقيق في هذه الأحداث في أسرع وقت ممكن ونشر الاستنتاجات والدروس الأساسية، وفق المعهد، ومطلوب أيضًا مفهوم جديد ومختلف جذريًا للدفاع.

وأمام لبنان (وكذلك أمام قطاع غزة)، يجب أن يركز المفهوم الجديد ليس فقط على المستوطنات، بل على الطرق أيضاً، بحسب المعهد الأمني الإسرائيلي، مع التركيز على التقاطعات المركزية باعتبارها مناطق حيوية. يجب أن يكون لدى الجيش الإسرائيلي خطة دفاعية لحالات الطوارئ والحرب ضمن حدود القتال، بما في ذلك خطة تتدرب عليها قواته بانتظام، وتطبق على الفور، في أي تصعيد، وفق المعهد.

وتابع المعهد: بدلاً من إعادة بناء الجدران التي يتمكن العدو من هدمها في لحظة، يجب على الجيش الإسرائيلي الاستثمار في نظام من المواقع العسكرية، والبنية التحتية الدفاعية المحمية والمحصنة، ومقار الألوية الخلفية والمحصنة ومقرات تحت الأرض، والتدرب على إغلاق جميع المناطق القريبة من السياج والتي تستخدم كممرات تسلل، بالإضافة إلى حاجة الفرقة المكانية المسؤولة عن الحدود إلى قدرات إطلاق نار ذاتية يتم تفعيلها تحت سلطة قائد الفرقة وفي فترات زمنية قصيرة.

وأشار المعهد إلى أنه من أجل الحفاظ على احتياطيات متنقلة كبيرة في أي قطاع، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى العودة إلى ثقافة اليقظة التي كانت تمارس في مرتفعات الجولان في السنوات التي تلت حرب تشرين 1973. بالإضافة إلى القوات النظامية، احتفظ الجيش الإسرائيلي في الجولان المرتفعات بمعسكرات تدريب وقوات احتياط، وهذا يعني أنه يتعين على الجيش الإسرائيلي الاستثمار في بناء معسكرات ومناطق تدريب في خط الدفاع الثاني عن الحدود. وبحسب المعهد، يتعين على الجيش الإسرائيلي أيضًا تغيير الثقافة العملياتية وأمن المعلومات بين القوات على الحدود مع لبنان، بما يضمن اليقظة والكفاءة وانتشار مكثف للجنود طوال أيام الأسبوع مع زيادة عددهم وتشديد إجراءات أمن المعلومات وحظر أي استخدام للتصوير والتوثيق بالهواتف المحمولة.

وشدد المعهد على أن انهيار الجيش الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وهروب مستوطني الشمال أدى إلى خلق أزمة ثقة حادة بين الإسرائيليين والجيش الإسرائيلي ومؤسسات الدولة. وقال إن عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم لا تعتمد فقط على انتهاء الحرب، بل قبل كل شيء على إعادة بناء الثقة، ومن أجل استعادة الثقة، لا بد من تلبية الشرطين اللذين تم تقديمهما بالكامل: سياسة رد فورية على أي انتهاك ومنع إعادة بناء قدرات حزب الله، واستعداد دفاعي قوي. ومع ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كان حتى التنفيذ الكامل لهذه المعايير سيعيد مستوطني الشمال إلى منازلهم، إذا لم تتحرك إسرائيل، من خلال مؤسسات الدولة والجيش الإسرائيلي، لمنح المستوطنين ليس الأمن فحسب، بل أيضًا الشعور بالأمان. وفي هذا السياق، أوضح المعهد أن مستوطني الشمال لديهم مطالب غير واقعية من الجيش الإسرائيلي، وتقييم مبالغ فيه للإنجاز العسكري المحتمل في الشمال مثل منع سكان القرى الجنوبية في لبنان من العودة إلى منازلهم، أو تواجد جنود الجيش الإسرائيلي في الشريط الأمني ​​عبر الحدود، أو تدمير قدرات حزب الله حتى آخر قاذفة وعنصر، وهذه مطالب كلها غير واقعية.