الأربعاء  14 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 42| مع استمرار السحب لأغراض البناء.. هل تُصبح غزة بلا رمال؟!

عماد الباز: اضطررنا لرفع أسعار الرمال للتقليل من كميات السحب للرمال في القطاع

2015-06-30 01:24:33 AM
العدد 42| مع استمرار السحب لأغراض البناء.. هل تُصبح غزة بلا رمال؟!
صورة ارشيفية
علاء مطر: نضوب الرمال من القطاع يُدمر البيئة ويسمح بتآكل التربة وخفض خصوبتها
حسن السرحي: معدل استهلاك القطاع من الرمال المستخدمة للبناء قرابة 12 مليون متر مكعب سنوياً.. ومن المتوقع أن تزداد في حال بدء الإعمار فعلياً
 
غزة - محاسن أُصرف
على الرغم من بطء عملية الإعمار بسبب إغلاق المعابر، إلا أن العمل في مقالع الرمال على امتداد الشريط الساحلي للمنطقة الوسطى بقطاع غزة، لا يتوقف. فبين حينٍ وآخر تقوم جرافات بنقل الرمال من المقالع إلى حيث يُريد السكان في إطار تلبية حاجتهم للتوسع العمراني.
ويرى خبراء أن استمرار استخدام الرمال في أعمال البناء من شأنه أن يُؤثر سلباً على إمكانية توافرها وفقاً للحاجة السكانية في غضون السنوات القليلة القادمة، خاصة إذا ما فُتحت المعابر وأدخلت مواد البناء التي مُنع وصولها إلى القطاع على مدار سنوات الحصار التسع الماضية، ويقول الباحث في مركز الميزان لحقوق الإنسان، علاء مطر، في سطور ورقة أعدها مركزه حول مقالع الرمال، أن الاستخدام المتواصل للرمال من شأنه أن يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية واختلاطها بمياه البحر، مؤكداً أن الرمال بمثابة "فلتر" يمنع وصول الملوثات إلى الخزان الجوفي.
 
نضوب
وتساءلت "الحدث" عن أسباب محدودية ونضوب كميات الرمال في قطاع غزة، وكانت الإجابة على لسان الباحث مطر الذي أوضح أنها لا تبعد محدودية مساحة أراضي القطاع، في ظل الارتفاع المستمر في الزيادة السكانية والحاجة المُلحة للتوسع العمراني، بالإضافة إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي قبل انسحابه من القطاع تجاه الرمال، ناهيك عن إمعان الاحتلال في سرقة رمال غزة لصالح مشاريعه، وحرمانه قطاع غزة من الاستفادة من مقالع الرمال في المنطقة الشرقية للمحافظات الوسطى وبيت حانون، فيما يُضيف الوكيل المساعد بالوزارة سبب آخر أدى إلى نضوب الرمال في القطاع، وهو إنشاء بعض المشاريع الترفيهية والجامعية في قطاع غزة دونما سحب كميات الرمال، لافتاً إلى مدينة أصداء الترفيهية أُقيمت على مساحة 1000 دونم تقريباً مما قلل إمكانية الاستفادة من الرمال هناك، وقال لنا إن: "تلك الممارسات قضت باستغلال جائر للرمال باتت تُنذر في الآونة الأخيرة بنضوبها خاصة إذا فُتحت المعابر واشتدت عجلة الإعمار في الدوران".
 
تأثيرات خطيرة
وفي سياق متصل يُحذر الباحث مطر، من خطورة نضوب الرمال من قطاع غزة، مؤكداً أنها تُدمر البيئة وتسمح بتآكل سطح التربة وخفض خصوبتها مما يُؤثر سلباً على التنوع الحيوي والنباتي، وبيّن أنها تُؤثر سلباً على الخزان الجوفي كون الكثبان الرملية، وفق تقديره، بمثابة مصائد لمياه الأمطار، واستكمل قائلاً: "اقتلاعها يُسهل وصول الملوثات إلى المياه الجوفية أيضاً واقترابها من سطح الأرض وجعلها معرضة للتبخر"، داعياً إلى ضرورة أن يتنبه صُناع القرار الفلسطيني إلى مشكلة نضوب الرمال، خاصة مع البدء بإدخال كميات وفيرة من مواد الإعمار إلى القطاع، وأهاب بهم بضرورة العمل على إيجاد بدائل فورية.
 
12 مليون متر مكعب سنوياً
ويبلغ معدل استهلاك القطاع من الرمال المستخدمة للبناء قرابة 12 مليون متر مكعب سنوياً، ومن المتوقع أن تزداد الكميات في حال بدء الإعمار فعلياً في القطاع، مما يؤدي، وفق خبراء، إلى تناقص كميات الرمال في القطاع في أقل من خمس سنوات ويفتح المجال أمام البحث عن بدائل قد تكون باستيرادها من سيناء.
وفي هذا السياق يؤكد مدير عام مديرية المصادر والموارد الطبيعية في وزارة الاقتصاد، حسن السرحي، أن إغلاق المعابر وعدم إدخال مواد الإعمار إلى القطاع وفقاً لسياسة التعنت الإسرائيلي قضت بتراجع كميات السحب من الرمال الموجودة في القطاع والمستخدمة لصالح البناء، وأضاف أنه في حال العكس فإن القطاع سيُعاني من نقص متزايد في الرمال يُهدد وجوده خاصة وأن الرمال ثروة طبيعية غير متجددة، وفق قوله، ونبّه في مقابلة مع "الحدث" إلى ضرورة الاستفادة من كميات الرمال خاصة في المناطق التي تُغطيها الكثبان الرملية وذلك عبر تخفيض منسوب الرمال قبل البدء بالبناء، مُشدداً على أهمية التنسيق بين وزارة الاقتصاد وسلطة الأراضي ووزارة الإسكان والبلديات من أجل إنجاح المهمة وتحقيق أكبر استفادة من الكثبان الرملية التي تُغطيها المباني السكنية ومشاريع الإسكان.
 
تباين كميات السحب
ويُشير المسؤول في وزارة الاقتصاد، السرحي، إلى أن كميات السحب من الرمال الخاصة لأغراض البناء تتباين وفقاً للنمو السكاني ووجود مواد الإنشاءات في السوق، وفي حديث الأرقام أوضح السرحي أن الطفرة في سحب الرمال كانت خلال العام 2011، و2012 نتيجة تزايد  الحركة العمرانية بسبب وصول مواد الإنشاء والبناء عبر الأنفاق مع جمهورية مصر العربية، لافتاً أن كمية السحب على التوالي بلغت 2 مليون كوب، و3 مليون كوب، وأضاف أن الكمية بدأت تتراجع في الأعوام الأخيرة نتيجة إغلاق الأنفاق وتشديد الحصار والتعنت في إدخال مواد البناء إلا للمشاريع الدولية في القطاع،
 
خطوات تنفيذية
ولجأت وزارة الاقتصاد منذ إبريل الماضي إلى رفع سعر الرمال المستخدم للبناء بنسبة 15% في إطار المُحافظة عليها من النضوب جراء الاستغلال الجائر من قبل السكان والمقاولين، وقال الوكيل المساعد بالوزارة عماد الباز: "اضطررنا لرفع أسعار الرمال للتقليل من كميات السحب للرمال في القطاع".
لكن هذا الأمر أزعج العديد من التُجار والمقاولين، وعبروا لـ "الحدث" عن استيائهم من القرار، وقال أحد المقاولين فضل عدم ذكر اسمه: "إن الوزارة أجبرت المقاولين في الآونة الأخيرة بعد رفعها لأسعار الرمال على دفع قيمة الفروقات في أسعار الرمال التي اشتروها سابقاً بدفاتر قديمة"، لافتاً إلى أن ذلك كبّد التُجار خسائر كبيرة كون الأموال التي يُنفقونها لا تقتصر على سعر الرمال من المقلع، وإنما تتعداه إلى أعباء مادية جديدة منها أجرة سيارات وآلات النقل التي تُحمل من المقلع إلى المستهلك مباشرة، فيما ردت الوزارة في بيان لها، وصل الحدث، أن سعر الرمال بعد رفعه ما زال معقولاً ويتم وفق معايير معينة، وأضاف أن الوزارة تُقدم أسعاراً منخفضة للمؤسسات الخاصة، ولا تتلقى مالاً عنه في حال طلب البلديات له أو المؤسسات الخيرية لتنفيذ مشاريع إنسانية، وتابع أن الوزارة لا تُقدم على أي قرار دون التواصل مع التُجار والمقاولين والتوافق معهم على قراراتها وتوجهاتها.
وتُقدر مقالع الرمال التابعة للحكومة بحوالي 6 مقالع، فيما تنتشر بين محافظات القطاع 10 مقالع خاصة بمواطنين.
 
الاستيراد بديل
ولا يستبعد الباز أن يتم استيراد الرمل من دول مجاورة مستقبلاً، بسبب حالة التناقص المتزايدة للرمل المستخدم في البناء ومحدودية مساحة الأراضي في القطاع، وقال لـ"الحدث": "إن الاستهلاك الدوري والمتواصل للرمال في القطاع من شأنه أن يجعلها في غضون السنوات القليلة القادمة سلعة نادرة، نسعى لتوفيرها بالاستيراد من مصر مثلاً".
وحسب إحصائية رسمية للوزارة فقد بلغ استهلاك القطاع من الرمل المخصص للبناء خلال الأعوام الماضية حوالي 12 مليون متر مكعب سنوياً.
وشدد الباز على أن استيراد الرمال يبقى بديلاً طارئاً لدى الجهات الرسمية في القطاع، مطالباً المواطنين بتجافيه عبر المحافظة على الرمال وعدم إهدارها كونها مصدر طبيعي غير متجدد، وحذر في الوقت ذاته المعتدين من عقوبات طائلة تصل إلى السجن والغرامة المالية مؤكداً أن القانون رقم (1) لعام 1999 الخاص بالمصادر الطبيعية وضع عقوبات حازمة وصارمة لكل من يتعدى على الرمال، كما دعا سلطة الأراضي إلى عدم توزيع أو فرز أي قطعة أرض دون مراجعتها من أجل القيام بسحب الرمال ومن ثم التصرف بالأرض، قائلاً: "إن بيع الأراضي مع الرمال بمثابة إهدار لملايين الشواكل على الدولة".