الإثنين  12 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أزمة الغاز في إسرائيل.. كيف نقرأها نحن الفلسطينيون؟

2025-05-11 09:02:02 AM
أزمة الغاز في إسرائيل.. كيف نقرأها نحن الفلسطينيون؟
غاز الاحتلال

الحدث الإسرائيلي

تشهد إسرائيل في الآونة الأخيرة نقاشًا داخليًا حادًا حول مستقبل قطاع الطاقة، بعد تحذيرات رسمية من خطر نفاد الغاز الطبيعي خلال العقود المقبلة، وفق ما كشفته القناة 12 العبرية استنادًا إلى وثائق صادرة عن وزارة المالية. هذا التحذير لا يعكس فقط أزمة داخلية إسرائيلية، بل يشكل أيضًا نافذة استراتيجية للفلسطينيين لإعادة النظر في تبعيتهم في مجال الطاقة لإسرائيل، والسعي نحو بناء اقتصاد مستقل يقوم على الطاقة المتجددة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية.

فالمسألة لم تعد بيئية أو فنية فحسب، بل باتت جزءًا من مشروع التحرر الوطني والتنمية السيادية.

تُظهر الوثائق الرسمية الإسرائيلية، التي تسربت إلى الإعلام، أن إسرائيل قد دخلت مرحلة جديدة من القلق الاستراتيجي على أمن الطاقة، بسبب مجموعة من العوامل: الاعتماد شبه الكلي على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء (نحو 70% من الإنتاج)، البطء في تطوير مصادر بديلة للطاقة مثل الطاقة الشمسية والرياح، ضعف بنية التخزين والاستيراد والتركّز في السوق، إذ تهيمن شركة “شيفرون” الأميركية على عدة حقول رئيسية.

يشير رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية، يوغيف غردوس، في رسالته الرسمية، إلى أن إسرائيل لم تعد قادرة على ضمان الاستهلاك الداخلي من الغاز على المدى البعيد، وهو ما يتطلب تقييد التصدير وإعادة ترتيب الأولويات. وقد حذر من تأثير مباشر على تعرفة الكهرباء، بل وتوقع صدامات بين الوزارات بسبب تضارب المصالح حول "مخطط الغاز الجديد".

في المقابل، يعيش الفلسطينيون تحت نظام تبعية لإسرائيل في مجال الطاقة، حيث تستورد السلطة الفلسطينية نحو 90% من احتياجاتها الكهربائية من إسرائيل، وتبلغ فاتورة الكهرباء السنوية التي تُحوّلها السلطة لشركة كهرباء إسرائيل قرابة 500–600 مليون دولار، وتعاني بعض المناطق، خصوصًا في الريف والمخيمات، من انقطاعات متكررة، فضلًا عن عدم قدرة السلطة على التحكم في شبكات النقل والتوزيع. هذه التبعية تمنح الاحتلال ورقة ضغط حيوية، ليس فقط اقتصاديًا، بل سياسيًا وأمنيًا، إذ يمكن لإسرائيل قطع الكهرباء أو التلاعب بالأسعار وفقًا لحساباتها الاستراتيجية.

في ظل هذه المعطيات، تصبح الطاقة الشمسية خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه. يشار إلى أن فلسطين تتمتع بإشعاع شمسي وفير يصل إلى أكثر من 300 يوم مشمس سنويًا، ووفقًا للبنك الدولي، يمكن لفلسطين توليد أكثر من 300 ميغاواط من الطاقة الشمسية، ما يغطي نسبة معتبرة من احتياجاتها الحالية. وبالتالي، هذه الطاقة ليست مجرد تقنية نظيفة، بل أداة تمكين سيادي: تمكّن الفلسطينيين من خفض فاتورة الكهرباء، وإنشاء بنية تحتية مستقلة، وتقليل التبعية لإسرائيل، وخلق فرص عمل محلية.

الانقسامات داخل الوزارات الإسرائيلية حول مستقبل الغاز — خصوصًا بين وزارة الطاقة ووزارة المالية والخارجية ومجلس الأمن القومي — تشير إلى هشاشة منظومة الطاقة الإسرائيلية. إذ بدأ بعض الساسة الإسرائيليين ينظرون إلى الغاز كمورد دبلوماسي لا يجب استنزافه، وهذا سينعكس بكل تأكيد على الفلسطينيين.

أزمة الغاز في إسرائيل ليست شأناً داخلياً معزولاً، بل تنعكس مباشرة على الواقع الفلسطيني بحكم التبعية في مجال الطاقة. ومع تراجع قدرة إسرائيل على تأمين استقرار طويل الأمد لمنظومة الطاقة، تصبح الطاقة الشمسية خيارًا وطنيًا استراتيجيًا للفلسطينيين، ليس فقط لتوفير الكهرباء، بل كجزء من مشروع الانفكاك الاقتصادي والسياسي عن إسرائيل.