الإثنين  26 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترامب يبدأ زيارته إلى الخليج وسط تهميش واضح لإسرائيل وتصاعد ملف صفقات الأسلحة والنفط

2025-05-13 11:11:19 AM
ترامب يبدأ زيارته إلى الخليج وسط تهميش واضح لإسرائيل وتصاعد ملف صفقات الأسلحة والنفط
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصل للسعودية

الحدث العربي الدولي

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب صباح الثلاثاء إلى العاصمة السعودية الرياض، في مستهل أول زيارة رسمية خارجية له منذ بدء ولايته الثانية، وسط مراسم استقبال حافلة تؤكد على عمق التقدير السعودي. فقد رافقت مقاتلات سعودية طائرة "إير فورس وان" حتى لحظة هبوطها، وكان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، في مقدمة مستقبليه بابتسامات ومصافحات حارة. ويُعدّ هذا الاستقبال الباذخ تمييزًا واضحًا عن الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمملكة عام 2022، والتي خلت من هذا المستوى من الحفاوة.

تأتي هذه الزيارة بعد شهر من مشاركة ترامب في جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان، وتشمل جولة في قطر والإمارات، مع تركيز أساسي على ملفات اقتصادية، يأمل ترامب خلالها بإبرام صفقات ضخمة تعزز الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة.

ورغم أن إسرائيل لم تُدرج في جدول زيارته، فإنها ستكون حاضرة بقوة في المحادثات، خصوصًا في ظل الضغوط العربية لوقف الحرب في غزة. ووفق تقرير لوكالة "رويترز"، فإن ترامب لن يطرح خلال الزيارة هدف التطبيع مع إسرائيل، بعد أن أزال إدارته هذا الشرط من قائمة متطلبات الدعم الأميركي لبرنامج نووي مدني سعودي.

زيارة ترامب تتزامن مع الإفراج عن الجندي الأميركي-الإسرائيلي عِيدان ألكسندر، فيما وصفته الحركة بـ"بادرة حسن نية" تجاه الرئيس الأميركي، بهدف الدفع نحو هدنة.

وبينما تسود توترات في العلاقة بين ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصًا بسبب الخطط العسكرية الإسرائيلية في غزة، أعلنت إسرائيل عن إرسال وفد إلى الدوحة للتفاوض، في الوقت نفسه الذي سيتواجد فيه ترامب هناك. وعلى الرغم من تقارير أشارت إلى احتمال لقاء ترامب بالجندي المفرج ألكسندر في قطر، أكدت عائلة الأخير صباح اليوم أنه لن يسافر إلى هناك.

عدم زيارة ترامب لإسرائيل اعتبره مراقبون دلالة على تغيير واضح في أولوياته، خصوصًا بعد سلسلة من القرارات التي اتخذتها إدارته من دون تنسيق مع نتنياهو: بدءًا من المفاوضات غير المباشرة مع حماس، مرورًا بالضغط لاستئناف المساعدات الإنسانية لغزة، ووقف إطلاق النار مع الحوثيين، ووصولًا إلى استئناف المحادثات النووية مع إيران، التي فاجأت نتنياهو وأثارت قلقًا في القدس من إمكانية التوصل لاتفاق يتيح لطهران استئناف التسلح النووي مقابل رفع العقوبات.

وفي هذا السياق، قال ويليام وِتشسلر من "المجلس الأطلسي" لوكالة "AP": "الرسالة الأساسية من هذه الجولة، وفق الترتيبات الحالية، أن حكومات الخليج باتت اليوم حليفًا أقوى لترامب من الحكومة الإسرائيلية الحالية".

كما في ولايته الأولى عام 2017، اختار ترامب أن تكون السعودية محطته الأولى، وسط توقعات باستقبالات مبهرة تكرّس مكانته في المنطقة. وكانت السعودية قد أعلنت في يناير الماضي نيتها استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة، لكن ترامب صرّح أنه يسعى لرفع هذا الرقم إلى تريليون دولار.

صفقات تسلح ومطالب نفطية

وبحسب مصادر تحدثت لوكالة "رويترز"، فإن ترامب سيعرض على الرياض صفقات تسليح تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وتشمل أنظمة عسكرية متقدمة مثل طائرات الشحن C-130. وكان قد أُعلن مؤخرًا عن صفقة إضافية بقيمة 3.5 مليار دولار لشراء صواريخ جو-جو للقوات الجوية السعودية.

ويُعد خفض أسعار النفط أحد الأهداف الرئيسية للرئيس الأميركي خلال هذه الجولة. فقد زادت السعودية ودول "أوبك" إنتاجها منذ عودة ترامب للرئاسة، مما ساهم في خفض الأسعار. لكن التساؤلات تبقى قائمة بشأن قدرة السعودية على الاستمرار بهذه الوتيرة، في ظل اعتمادها الكبير على عائدات النفط، في وقت يتراوح فيه السعر الحالي (نحو 64 دولارًا للبرميل) دون المستوى اللازم لتحقيق التوازن المالي، والذي يقدّر ما بين 96 و98 دولارًا.

الهدية القطرية المثيرة للجدل

في المحطة التالية من الجولة، من المقرر أن يصل ترامب يوم الأربعاء إلى قطر، الحليف الاستراتيجي لواشنطن والتي تستضيف أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط. وقد أثارت نية الدوحة إهداء ترامب طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747-8 بقيمة تقارب 400 مليون دولار عاصفة سياسية داخل الولايات المتحدة، حيث عبّر بعض الجمهوريين عن رفضهم الشديد للخطوة، واعتبروها تثير شبهات أخلاقية وقانونية. من جهته، نفى البيت الأبيض أن يكون هناك مقابل للهدية، مؤكدًا أنها مبادرة قطرية بحتة.

وتُضاف هذه الضجة إلى الجدل القائم بشأن المصالح التجارية الشخصية لترامب في الخليج، حيث أعلن مؤخرًا "منظمة ترامب"، التي يديرها نجلاه، عن مشروع ملعب غولف فاخر في الدوحة بشراكة مع شركة مدعومة حكوميًا. كما أن للرئيس الأميركي مشاريع عقارية أخرى في السعودية والإمارات.

قمة مجلس التعاون واحتمالات الانفتاح على سوريا

من المرتقب أن يشارك ترامب خلال زيارته في قمة "مجلس التعاون الخليجي" بالرياض، بحضور قادة السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات، حيث يتوقع أن تتركز المحادثات على الملفات الاقتصادية، إضافة إلى مفاوضات إيران والسعي العربي لإنهاء الحرب في غزة.

وفي يوم الخميس، سيتوجه الرئيس الأميركي إلى أبو ظبي، حيث أعلنت الإمارات سابقًا عن استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة بقيمة 1.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل. وتركّز الإمارات على تعميق التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطالب إدارة ترامب بإلغاء القيود التي فُرضت في نهاية عهد بايدن.

يرافق ترامب وفد رفيع يضم وزير الدفاع بيت هيغست ومساعديه، إلى جانب شخصيات اقتصادية بارزة أبرزها الملياردير إيلون ماسك.

رسائل لإيران وتغييرات في التموضع العسكري

وعلى صعيد التوازنات الإقليمية، أفادت وكالة "رويترز" بأن الولايات المتحدة سحبت قاذفات B-2 الشبحية من قاعدتها في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، والتي كانت متمركزة هناك بمدى يتيح لها ضرب إيران بسهولة. وتُفسّر هذه الخطوة بأنها إشارة تهدئة لطهران قبل بدء المحادثات النووية.

وبحسب مصادر أميركية، فإن القاذفات تم استبدالها بطائرات B-52، التي تُعد أيضًا قاذفات استراتيجية بعيدة المدى، لكن دون قدرات التخفي. وقد شاركت قاذفات B-2 سابقًا في ضربات ضد الحوثيين في اليمن، وربما انسحابها مرتبط أيضًا بالهدنة الأخيرة.

ورغم حديث ترامب عن تقدم في المفاوضات مع إيران، إلا أن الشكوك لا تزال سيدة الموقف في طهران. فقد دعا رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، في تصريحات متزامنة مع وصول ترامب إلى الرياض، دول الجوار إلى "الحياد"، مهددًا بأن "أي عدوان على إيران سيواجه برد حاسم".

وتفاقم التوتر مع إعلان متوقع من ترامب حول إطلاق تسمية "الخليج العربي" بدل "الخليج الفارسي" خلال زيارته، الأمر الذي أثار استنكار الخارجية الإيرانية، حيث صرح نائب الوزير عباس عراقجي بأن هذا التغيير "سيفجر غضب الإيرانيين حول العالم".