الجمعة  30 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مسار اخر للسلام العادل ممكن!| بقلم: عصام بكر

2025-05-29 10:58:44 AM
مسار اخر للسلام العادل ممكن!|  بقلم: عصام بكر
عصام بكر

عضو المجلس الوطني الفلسطيني تمثل القرارات الاخيرة التي تضاف الى مجموعة قرارات اخرى ارتباطا " بقانون القومية " الذي يعطي الصورة الحقيقية لحقيقة مألات الصراع من وجهة نظر الحركة الصهيونية ملخصها فلسطين نظيفة من سكانها ولا وجود فيها الا لدولة الاحتلال، القرار القاضي بالغاء تسوية الاراضي في مناطق "ج" ووضع اليد على هذه المناطق هو تطور هام بالغ الخطورة ينبغي ان يراه الكل الفلسطيني بدقة وقراءة معمقة لما سيتبعه من تداعيات سياسية وديموغرافية على واقع الحال في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ومن اجراءات على مستوى الحياة اليومية في هذه المناطق المستهدفة .

اسرائيل اطلقت رصاصة الرحمة على ما كان يعرف بعملية السلام ليس اليوم فمنذ اقتحام شارون للمسجد الاقصى واندلاع الانتفاضة الثانية نهاية ايلول من العام 2000 ثم بناء الجدار العنصري، وتدمير مقرات السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وضعت قواعد السلام الذي يريده الاحتلال وهو بالضبط ما عبر عنه الوزير في حكومة الحرب سمورترتيش بدون مواربة او لبس حين قال الفلسطيني (اما مقتولا او راحلا عن ارضه او عبدا) هذا العنوان الاهم وهذا ما يجري على الارض ليس منذ تشكيل هذه الحكومة باقطابها التي توصف بانها الاكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل اضافة الى ما يربطها من تحالف وثيق مع اليمين المحافظ في الولايات المتحدة واطراف دولية اخرى مؤثرة وقوى اقتصادية عالمية فاعلة وانما قبل ذلك بكثير ومع بداية مشروعهم الاحلالي على ارض فلسطين .

اليوم الحقيقة الساطعة على مدار السنوات القليلة الماضية ليس احدى محطاتها الاهم اعلان الرئيس ترمب في فترة ولايته الاولى ما سمي في حينه بصفقة القرن التي تستمر تطبيقاتها بكل قوة وبخطة واجراءات ملموسة دون توقف – من تفكيك الوكالة "الانروا" والسعي لتصفيتها وما نراه في غزة والمخيمات شمال الضفة هو تطبيق عملي لها الى القدس التي باتت محاصرة معزولة عن محيطها يتكرس واقع استيطاني غير مسبوق فيها وسياسات اسرلة الى فصل الضفة وغزة التي يريدها ترمب "عقارا مستأجرا" له لتنفيذ مشاريعه فيها بعد ان يتم اخلاء سكانها وترحيلهم ثم الواقع في الضفة الغربية التي يتم قضمها – قضايا الوضع النهائي الارض، القدس، اللاجئين، الحدود، حتى قضية الاسرى كلها في مراحل حسمها النهائية وطريق المفاوضات او اي تسوية حولها لم تعد قائمة هذا الاستنتاج ليس بالجديد والبحث عن مخارج لانسداد الافق السياسي لم يعد على اجندة الدول الكبرى التى يرى العديد منها ان القضية الفلسطينية اليوم هي مجرد مساعدات انسانية او محاولات لتحسين بعض الشروط الحياتية للناس في ظل واقع الاحتلال، ليس من السهل الحديث عن مستقبل التسوية دون ذكر هذه الخطوط العريضة لما جرى والتعنت الاسرائيلي طوال السنوات الماضية لافشال اي مساعي لاحياء عملية السلام لانهم بالاساس يدركون ان السلام يتعارض مع توجهاتهم – السلام من وجهة نظر صهيونية هو بترحيل اصحاب الارض والقضاء على احلامهم – هذا ايضا بوضوح يتطلب العمل على ايجاد ادوات جديدة لا سلام مع الاستيطان ولا سلام دون القدس واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني في العودة ، تقرير المصير، الاستقلال الوطني في دولة مستقلة عاصمتها القدس هذه المواقف او الشعارات والثوابت التي ما زالت تمثل اطارا مقبولا لدى الاغلبية فيما يعرف بالبرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية والكل يدرك ان هذا يجب التمسك به بكل قوة من جهة لكن في ذات الوقت اصبح صعب المنال ويبدو امام ما تقوم دولة الاحتلال بتنفيذه على الارض غير واقعي وغير قابل للتطبيق .

وهذا يقود الى السؤال التالي هل ما زال الوصول للسلام ممكنا؟ في ذروة الحرب العدوانية المتواصلة نعم البديل ليس بالانسحاب من طريق السلام العادل فهي نقطة قوة هامة بايدينا، وانما بالاعلان عن التمسك بالسلام على اساس قرارات الشرعية الدولية، وان مسلسل(التنازلات) انتهى قبول 22% من ارض فلسطين التاريخية في ظل الحديث عن مؤتمر او لقاء نيوييورك المزمع عقده في اواسط حزيران المقبل ان يتم اتخاذ القرارات بناء على ما وصلت اليه الاوضاع في الاراضي الفلسطينية خصوصا بعد السابع من اكتوبر 2023 الابادة المتواصلة، التطهير العرقي، تهويد القدس وعلى ضوء ذلك الاعلان فلسطينيا ان احياء عملية السلام يجب ان يترافق مع ضمانات دولية للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني من قبل الامم المتحدة تترافق مع قرارات عملية تقع على عاتق(القيادة الفلسطينية) من بينها التحضر للاعلان عن فلسطين دولة تحت الاحتلال، ومتابعة المسار القانوني لتجريم الاحتلال دون مواربة او تغيير مهما كانت الضغوط التي تمارس، والاعلان ايضا في ذات السياق ان مناطق "ج" هي مناطق تخضع للسيادة الشعبية بعد ان يتم الغاء التصنيفات الواردة في اوسلو أ. ب. ج نهائيا، واعلان ان السلطة بشكلها الحالي المتعارف عليه لم تعد قائمة، وانما هي سلطة الشعب الفلسطيني على ارضه بكل امكانياتها ومواردها وظيفتها هي دعم صمود المواطن فوق ارضه، والارتقاء لمستوى المعاناة وانخراط المؤسسات غير الحكومية، والقطاع الخاص لتكامل الادوار بين الجميع وصولا لتغير السياسات الاقتصادية والاجتماعية ودعم الفئات الهشة والفقيرة عبر برنامج صمود وطني يتوافق عليه الجميع لا مصلحة لأي جهة باستمرار(تكسب الاحتلال) من وجوده فوق ارضنا وانما العمل على فرض المقاطعة الشاملة على كل منتجاته وانهاء كل اشكال الاتفاقيات معه .

المسار الجديد للسلام المنشود هو الذي يعيد الحقوق لا سلام الاستجداء الذي يواصل استنزاف الارض المحتلة والشعب الواقع تحت الاحتلال بما يجب العمل عليه في هذا السياق من بناء جبهة دولية واسعة النطاق الاشارات التي تأتي من دول عديدة عبر المظاهرات الواسعة في اوروبا وامريكا ودول العالم والمواقف بتعليق او التلويح بتعليق اتفاقيات التجارة مع دولة الاحتلال هي مجرد بداية لكرة ثلج تتدحرج على غرار ما جرى مع نظام بريتوريا العنصري في جنوب افريقيا والمناخ الشعبي يستجيب لذلك والدعوات لفرض المقاطعة الشاملة وصولا الى تعليق عضوية الاحتلال في الامم المتحدة ومؤسساتها لما تمثل من خطر على الامن والسلم الدوليين، المسار الجديد للسلام يستند هنا الى قاعدة الحقوق وفق القانون الدولي وبناء مقاربات لانهاء الاحتلال الذي تصادف ذكراه في الخامس من حزيران بعد ايام يتبعه بايام قليلة انطلاق اعمال اللقاء الدولي في نيويورك .

القضية الفلسطينية ترى العديد من الاوساط انها تحتضر او انها في الربع الساعة الاخير لكن دون ان تحرك هذه الاوساط ساكنا حيث الأولوية هي لنقل المساعدات والاغذية في ظل استخدام( الطعام كسلاح) ضمن جريمة مركبة يمارسها الاحتلال وهذا يتطلب الرد بان شعب قدم كل هذه التضحيات لا يمكن ان يسمح لقضيته ان تموت وتذهب ادراج الرياح وانه موحد في تمسكه بحقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف كاملة ونضاله العادل لتحقيقها وفق ما يكفله القانون الدولي في هذا الاطار .

عملية السلام " الاكذوبة " التي انطلت على العديد من الاوساط انتهت وشيعت دولة الاحتلال جثمانها منذ زمن هي لم تعد قائمة منذ سنين طويلة وايجاد عملية اختراق حقيقية رغم بشاعة ما يجري ممكن! فقط من خلال فرض حل دولي يؤدي الى تحقيق هذه الحقوق وانجازها، لا خيار اخر اليوم بديل عما يجري الا السلام او المقابل اعادة المنطقة برمتها الى بوابة الصراع المفتوح على مصراعيه البديل ليس حلول جربت او معالجات مرحلية جزئية، وانما حل شامل عنوانه انهاء الاحتلال عن فلسطين وحرية شعبها الذي يعيش في سجن كبير باهض التكلفة، الحل والكرة اليوم هي في ملعب العالم لينتصر للعدالة والسلام والحقوق او استمرار النفاق والمعايير المزدوجة وجريمة تصفية حقوق الشعب الفلسطيني التي هي بكل الاحوال غير قابلة للتصفية ولها شعب يحميها حيث تتعاقب الاجيال الفلسطينية في التمسك بها منذ بداية القرن الماضي وحتى اليوم العبرة في وقف المزيد من التدهور وحماية وانقاذ المزيد من الضحايا .

الخلاصة لا يوجد في هذا العالم شعب يتوق لتحقيق السلام ويحلم به مثل الشعب الفلسطيني بالرغم من المجازر والويلات والابادة فنحن مؤمنون صدقا ان مسار للسلام العادل ممكن وقابل للتطبيق اذا ما توفرت ارادة دولية لتنفيذ قرارات الامم المتحدة السلام يبدأ بتحقيق العودة، وتقرير المصير والاستقلال الوطني الناجز لدولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس هذا هو معنى السلام وهذا ما يحقق الاستدامة والاستقرار للمنطقة برمتها .